الخداع.. ما بين محاولات للكشف وأخرى للتصالح معه!

الخداع.. ما بين محاولات للكشف وأخرى للتصالح معه!

ما هو الخداع؟

يُعرَّف (الخداع) على أنه محاولةُ جعلِ الآخرين يصدقون قولًا غير حقيقي بشكلٍ أو بآخر، لخيرٍ أو لشر، وبأيِّ طريقةٍ كانت. وتُشير الأبحاث أنه حتى وإن كان الشخص معروفًا بأمانته وصدقه بين الناس فإنه يكذب في اليوم عدة مرات، منها ما هو كذب لا يغتفر كقولك «لم أكذب عليك قط في حياتي!»، وحتى قولك مجاملًا «يبدو رداؤك رائعًا اليوم يا عزيزتي» تفاديًا لموقفٍ سيئ على وشك الحدوث أو حتى حفاظًا على علاقتكما وتجنبا لجرح مشاعرها.

وقد يخدع الناس أنفسهم لأسباب كثيرة، منها الصحي لمحافظتهم على تقديرهم لذواتهم ومنها المرض كالضلالات التي قد تُصيب الشخص وتكون خارجة عن إرادته. وبرغم أن خداع الذات يُوصَف بأنه ضررٌ وإيذاءٌ للنفس، إلَّا أنه قد يكون في أحيانٍ كثيرة أمرًا صحيًّا، كمحاولة أحدهم إقناع نفسه بإمكانيّة نيل ذلك الهدف الصعب وتحقيقه.

وفي حياتنا الاجتماعية فإن الثقة تُمَثِّل حجر أساس قوي لأي علاقة، بدءًا من العلاقة الرومانسيّة بين الزوج وزوجته، وعلاقة الأب والابن وصولًا للعلاقة بين الحاكم والمحكوم، وأي خداع من الطرفين فهو انقطاع لحبل الود والمحبة وفتور للعلاقة ومؤشر على انتهائها.

هل يمكن كشف الكذب من الحقيقة؟!

يبحث العلماء منذ أمد بعيد عن وسائل كشف الكذب، ويُعدّ اختبار كشف الكذب (Polygraph test) هو أحد أفضل وأشهر الطرق التي تُوصِّل لها. تقوم فكرة الاختبار على أنه تطرأ تغييرات نفسيّة- جسمانيّة على الشخص الكاذب، والتي يمكن كشفها بالآلات الحساسة.

وبالرغم من شهرة اختبار كشف الكذب نتيجة ظهوره في عالم السينما والدراما، إلا أنه ما زالت عليه خلافات ما بين مؤيد ومعارض في الأوساط العلميّة حيث إنه لا توجد أدلة كافية تحدد التغييرات الجسمانيّة التي تطرأ على الشخص الكاذب بالضبط.

كما تقول الأدلة بأن بعض حالات المرض النفسيّ، مثل اضطراب الشخصيّة المُعاديّة للمجتمع، تكون من الصعب الكشف عنها سواء باختبار كشف الكذب أو بغيره من وسائل الكشف الأخرى.

ويقترح العديد من الخبراء إمكانيّة كشف الكذب من خلال بعض التغييرات في لغة الجسد وتعابير الوجه، ولكن تشير الأدلة إلى أنه لا يمكن الاعتماد على ملاحظة تلك العلامات لنحكم بالكذب، وأنه حتى محاولات كشف الكذب، والتي تمت بواسطة الأطباء النفسيين، لا تتجاوز مجرد كونها محض صدف.

إن الأبحاث في مجال كشف الكذب ضرورة لتطبيق القانون، وما زال البحث مستمرًا عن طرق ووسائل يمكننا الاعتماد عليها. وتميل الأبحاث الحديثة لنقل تفكيرهم بعيدًا عن قراءة واستطلاع التغييرات الجسديّة والنفسيّة إلى استخدام أساليب إدارة الحوار (Interview techniques) للمساعدة في كشف الكذب، كما تُشير الأبحاث إلى أن عدد الكلمات ونوعها وتكرارها قد تكون عوامل مساعدة للمحاور المتدرب للكشف عن محاولات الخداع والكذب.

وأخيرًا، لماذا نكذب؟!

لقد كانت ترتكز الأبحاث قديمًا على الأخلاقيين ورجال الدين، أما اليوم فإن علماء النفس قد وجهوا انتباههم نحو الأسباب والدوافع، والظروف التي تدفع الناس للكذب.

لا يحب أحدنا أبدًا أن يُخدع، الكل ينأى بنفسه عن أن يوصف بالكاذب، وإذا ما حدث ذلك مع أحد الشخصيات العامة فإنها تكون وصمة عار في جبينه. الكل يفخر بأمانته وصدقه، والحقيقة هي أنه كلنا كاذبون، فالكل يكذب لسبب أو لآخر، ويقول الخبراء بأنه لا ضرر من بعض الكذب، كالمجاملات، لنحافظ على مجتمع صحي فعال.

المصدر

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي