الروشتة(6)
نقاط هامة لمواجهة ضغط الدم المرتفع
الحلقة السادسة
يجبُ عليكَ اِستخدام هذا الدواء بصورةٍ دائمة بدايةً من اليوم؛ فضغطك مرتفعٌ للغاية!
ربما قد سمعت هذه الكلمات في زيارتك لأحدِ الأطباء من قَبْل مع والدك، والدتك، صديقك، جدك أو جدتك؛ فاِرتفاع ضغطِ الدم واحدٌ من أكثر الأمراضِ المُزمنةِ شيوعًا في هذا العصر. يُعتبر ضغطُ الدم المرتفع كالطفل الذي يجب أن تتعامل معهُ بحرصٍ شديد وأن تصادقه حتى تكسب ودَّهُ؛ وإلَّا ستندم ندمًا شديدًا لما ستلقاه من عواقب.
السؤال الآن، كيف؟ وهل حقًا يستطيع المرء التغلُّب على هذه الحالة المزمنة؟ الإجابة هي نعم، فهنالك الملايين حول العالم الذين نجحوا في التعايشِ مع هذا المرض بشكلٍ سليم.
سنناقشُ في هذا المقال العديدَ من النصائحِ التي قد تحميك أنتَ وعائلتك من أخطارِ ذلك المرض، ربما تكون مُجرَّد تغييراتٍ بسيطةٍ في أسلوب معيشتك؛ لكنها حقًا مؤثِّرة.
1-المتابعة المستمرة لضغط الدم
إن متابعة ذلك المرض هي أولى أسلحتك في التغلُّبِ عليه؛ فقياس ضغط الدم بصورٍة دوريةٍ أمرٌ هامٌّ للغاية، خاصةً إذا كان تِباعًا مع تناولك للجرعات المُحدَّدَة يوميًّا لترى أثرها على ضغطك. إذا جاءت نتيجة قياس الضغط أعلى من 140/90مم زئبقي، فعليك بمراجعة الجرعات جيدًا والتأكُّد من عدمِ نسيانكَ لها. أمَّا إذا كُنتَ بالفعل قد نسيتَ تناولَ الجرعة وقد مَرَّ على ميعادها بعض الوقت، فلا تتردد أبدًا من طلب نصيحة الطبيب المختص أو الصيدلي وذلك من أجل ضبط مواعيد الجرعات مرةً أخرى.
بشكلٍ عام، إن الزيارة المُستمرة للطبيب المُعالِج هي الحل الأمثل للتغلب على كافة مشكلات ضغط الدم المُرتفع، حتى ولو كانت مرةً واحدة كل ستة أشهر فهذا كافٍ للغاية. قد يطلب منك الطبيب تكرار الزيارة في وقتٍ قريبٍ من الزيارةِ الأولى (تسمى بالاستشارة) للاطمئنان على صحتك وإحكام السيطرة على هذا المرض.
2-ما رأيك في فقدان بعض الوزن الزائد؟
تُعتبر السمنة واحدةً من أخطرِ أمراضِ العصر، خاصةً مع ضيقِ الوقت وتنوُّع مطاعم الوجبات السريعة واِنتشارها بشكلٍ كبير. ربما تكون هذه الوجبات شهيةً، لكنها بكلِّ تأكيدٍ تُمثِّلُ تهديدًا كبيرًا على صحةِ الفرد لما لها من اَثارٍ ضارةٍ على الجسم بشكلٍ عام، وعلى ضغط الدم بشكل خاص. يُمكن لمضاعفات السمنة أن تتسبَّب في حدوثِ العديد من الحالات الخطرة، كتوقف التنفس أثناء النوم فيما يعرف ب (sleeping apnea) مما يؤدِّي إلى اِرتفاع ضغطِ الدم بالتزامن مع نقصِ الأكسجين.
إذًن، ما هو حل هذه المشكلة؟ بكل تأكيد فقدان بعض الوزن هو الحل الوحيد المتاح أمامك، وذلك عن طريق وضع نظامٍ غذائيٍّ صحيٍّ مُناسبٍ لحالتك مع الطبيب المعالج أو مع الصيدلي المُختص، ففقدان الوزن هو واحدٌ من أكثرِ الطُرقِ فعاليةً في الحفاظ على ضغط الدم، خاصةً إذا كان المريض يتصف بالبدانة.
يجب عليك أن تحرص على مراقبة محيط وسطك بشكلٍ مستمر؛ فالرجال يقعون تحت دائرة الخطر إذا ما كان محيط الوسط قد تعدى الـ 102 سم، أما النساء فهن في خطرٍ أكبر إذا كان محيط الوسط أكبر من 89 سم.
*قد تختلف هذه الأرقام من شخصٍ لآخر، اِحرِص دائمًا على طلب النصيحة من طبيبك الخاص أو أحد الأطباء المتخصصين في السمنة والبدانة*
3-القيام بالتمارين الرياضية.. ربما هي الفكرة الأنسب
بالتأكيد الكلُّ يعرف قيمةَ الرياضة وما لها من اَثارٍ على الصحة، فهي وسيلة أكثر من رائعة للحفاظ على سلامة الجسد. نعلم أن بعض الناس يظنُّونَ أنَّهم لا يملكون الوقتَ الكافي لأداء التمارين الرياضية، وبعضٌ آخر يظنون أنهم لن يستطيعوا بذلَ الجهد الكافي للقيام بالرياضة نتيجة تقدم السن. أنت من ترى هذا، وهذه رؤيةٌ خاطئة، فكل هذه ليست إلا قيودًا ينسجها خيالنا ويجبرنا عليها واقعنا السيء، فنحن لا ننصحك بممارسة رياضاتٍ شاقَّة كالجودو أو المُصارعة الرومانية، لكننا ننصحك بأداء بعض التمرينات البسيطة حتى ولو كانت تلك التمرينات مُجرَّد تمارينَ منزلية بسيطة؛ فقيامك بالرياضة لمدةٍ لا تقلُّ عن 30 دقيقة باليوم قد تُقلِّل من ضغط الدم بنسبةٍ تتراوح بين 4-9 مم زئبقى (mm Hg). إذا كنت تعاني من بوادر فرط ضغط الدم – Pre-hypertension، فالتمارين الرياضية قد تحميك بصورةٍ كبيرة من خطورة حدوث اِرتفاع ضغط الدم بصورةٍ دائمة.
تشمل أفضل أنواع التمارين اللازمة لخفض الدم العديدَ من الرياضات، مما يتيح لكَ حرية الاختيار بما يناسب وقتك وجهدك كالمشي، والركض، وركوب الدراجات، والسباحة أو حتى الرقص.
*يمكنك التحدث مع طبيبك المُختصّ أو مع الصيدلي حول وضع برنامجٍ غذائيٍّ رياضيٍّ صحيٍّ يتناسب مع حالتك*
4-احرص دائمًا على تناول طعامٍ صِحيٍّ شَهيّ
إن اتباعَ نظامٍ غذائيٍّ صحيٍّ مُتنوعٍ غنيٍ بالحبوبِ الكاملة، والفواكه، والخضروات، ومنتجات الألبان قليلة الدسم، والابتعاد عن الأطعمة التي تحتوي على الدهون المشبعة والكولستيرول بأي شكلٍ من الأشكال؛ يمكن أن يؤدي إلى خفض ضغط الدم بنسبةٍ كبيرة قد تصل إلى 14 ملم زئبقي.
بالفعل إن الإقلاع عن عادات الطعام السيئة واتباع الأنظمة الغذائية أمرٌ شاق ويحتاج لمجهودٍ كبير، لما لها من اَثارٍ تُشبه اَثارَ الإدمان اللذيذ على الفرد، لكن الأمر ليس بالمستحيل. إذن، هل لهذه المشكلة من حل؟ نعم، يوجد العديد من الحلول المطروحة والتي قد تساعدك في التغلب على هذه العادات السيئة بسهولة، وذلك عن طريق اِتباع بعض النصائح التي قد تساعدك مثل:
-الحرص الدائم على تدوين كل ما يدخل فمك في مُذكِّرةٍ صغيرة لمدة أسبوع؛ وذلك من أجل معرفة ما تأكل، وما هي الكمية التي تتناولها من كل نوع، و لماذا تتناول بعض الأصناف دون غيرها، وبالتالي يُمكنك اختيار الأصناف السيئة بعناية من بين الأصناف الصحية والابتعاد عنها.
-محاولة رفع نسب البوتاسيوم بغذائك، وذلك لما له من قدرة على تقليل اَثار الصوديوم على ضغط الدم. يُمكنك أن تعتمد على الفواكه كالموز والخضروات كمصدرٍ أساسيٍّ للحصول على البوتاسيوم في هذه الحالة. لا تَقُم أبدًا بتناول المكملات الغذائية التي تحتوي على نسبٍ عالية من البوتاسيوم دون استشارة طبيبك؛ لما له من اَثارٍ أخرى قد تضر بصحتك.
-قم بالتسوق بنفسك واهتم بما هو مُدوَّن على العبوات؛ وذلك من أجل معرفة ما تحتويه من مكونات.
5-السم اللأبيض!
ملح الطعام، نعم هو تمامًا ما نقصده بما يحتويه من صوديوم وما لهُ من اَثارٍ ضارة على أجهزة الجسم المختلفة. ربما قد سمعت عن هذه المعلومة من قبل، لكن هل تعلم أن التقليل من تناول ملح المائدة قد يؤدِّي إلى خفضِ الضغط بحوالي 2-8 مم زئبقي؟ أليس هذا رائعًا؟
إن اَثار تناول الصوديوم على الجسم قد تختلف من شخصٍ لآخر. لكن في كل الأحوال، إن التقليل من نسبة الصوديوم إلى ما هو أقل من 2.3 جم يوميًا قد يكون له دورٌ جيد في الحفاظ على ضغطك.
بعض الفئات قد تحتاج إلى تقليل نسبة الصوديوم بصورةٍ أكبر إلى ما هو أقل من جرام ونصف يوميًا حتى يجدوا النتيجة المرغوبة مثل الأمريكيين الأفارقة (الأميريكيون ذوي الجذور الأفريقية)، وكل من هم فوق الخمسين عام.
لكن كيف يمكنني أن أعرف نِسَب الصوديوم بطعامي فأنا لست متخصصًا؟!
-يمكنك الاعتماد على قراءة الأوراق الملصقة على كافة المنتجات والتي تُوضِّح القيمة الغذائية لكل منتج.
-اِحرص دائمًا على الابتعاد عن الأطعمة السريعة والمُعلَّبات، فالصوديوم الموجود بها أعلى بكثيرٍ من الذي يوجد بالأطعمة الطازجة.
-حاول أن تُقلِّل من كمية الملح اليومية في الطعام، فمعلقة صغيرة للغاية قد تكفي، كما يمكنك التغلب على الطعم بوضعِ الأعشاب والتوابل.
-إذا كنت من عشاق الأطعمة المُملَّحة، يُمكنك القيام بتقليل الملح تدريجيًا حتى تصل للقدرِ المطلوب.
6-التقليل من كمية المشروبات الكحولية
– نعلم جيدًا ونحن نكتب هذا الجزء من المقال أننا قد نواجه بعض الانتقادات، لكن المقال مُقدَّم لكافَّة الفئات، ونحن نُقدِّر جيدًا أهمية وصول المعلومة إلى أي شخصٍ كان؛ فشُرب الكحول حقيقةٌ في حياةِ بعض الأشخاص، ولهم كل الحق في معرفة اَثاره على صحتهم. في هذا الجزء سنتحدث عن اَثار الكحول من الناحية الطبية بوجهةِ نظرٍ علميةٍ بحتة، ليس لها علاقة بأيِّ صورةٍ من الصور بالدين، فهذا ليس تخصصنا.
عندما نتحدث عن ضغط الدم وعلاقته بشرب الكحول فإننا سننظر لجانبين مُهمين للغاية، فشرب الكحول بنسبٍ ضئيلة قد يُساعد على خفض ضغط الدم بمقدار 2 – 4 مم زئبقي، لكن هذا التأثير سرعان ما يتغير مع تناولِ كمياتٍ كبيرةٍ منه؛ فشرب الكحول بكميات كبيرة قد يؤدِّي إلى ارتفاع ضغط الدم بصورةٍ كبيرة، كما أن للمشروبات الكحولية اَثارٌ مُختلفة على فعالية العديد من الأدوية، ومنها عائلاتٍ مُحدَّدةٍ من أدوية الضغط.
7-الإقلاع عن التدخين
إن الإقلاع عن التدخين واحدٌ من أهمِّ البنود لحياةٍ صحيةٍ وعُمرٍ أطول، الجميع يعرف ذلك، لكن هل تعلم أن سيجارةً واحدة قد تؤثر على ضغط دمك بصورةٍ كبيرة قد تستمر لعدةِ دقائقَ حتى بعد إطفاءك لها! ربما قد تحتاج إلى زيارة الصيدلي أو الطبيب الخاص بك لمعرفة الحلول المتاحة لمساعدتك في التغلب على هذه العقبة بما يتناسب مع حالتك.
8-حاول أن تُقلِّل من نسبة الكافيين اليومية
على الرغم من أن العلاقة بين الكافيين وضغط الدم لازالت تحت النقاش، إلَّا أنَّ فكرة مشاركته في رفع ضغط الدم بصورةٍ كبيرة قد تصل إلى 10 مم زئبقي لدى الأشخاص غير المعتادين على تناول المشروبات التي تحتوي على هذه المادة كالقهوة، كما أن هذا الأثر قد يكون ضعيفًا للغاية في البشر المعتادين على تناول هذه المشروبات.
لتعرف ما إذا كان الكافيين يُؤثِّر حقًا على ضغطك أم لا، قم بقياس ضغط الدم في غضون 30 دقيقة من تناولك لفِنجان القهوة خاصتك، وإذا وجدت ارتفاعًا بنسبةٍ تتراوح بين 5- 10 مم زئبقي، حاول أن تتحدث مع الطبيب الخاص بك، فقد يكون ذلك دليلًا على حساسية ضغطك لتأثير الكافيين.
9-لماذا القلق والعصبية؟
للضغوط النفسية أثرٌ كبير على ضغطِ الدم، ولعلَّ أشهرَ كلمةٍ تُقالُ في مثل هذه الظروف: «الدنيا مش مستاهلة». بالفعل للضغوط اليومية أثر كبير على حياةِ الإنسان سواءً كان رد الفعل هادئ، أو انفعالي، أو حتى إذا جاء بمواجهة الضغوط بتناول كمياتٍ كبيرة من الطعام، حرق السجائر، أو حتى بالإسراف في شرب الخمر مما قد يُؤثِّر بصورةٍ كبيرة على ضغطك.
يُمكنك أن تقوم بتوفير بعض الوقت للتحقق من أسباب هذه الضغوط وهل حقًا الأمر يستحق أم لا، فأحيانًا تكون نظرتنا للمواضيع خاطئة ونعطيها أكبر من حقها.
-حاول أن تتقبل الأمر الواقع، ربما تكون هي النقطة الأهم في هذا المقال، فهنالك العديد من الأشياء التي قد تتسبب في إحداث ضررٍ نفسيٍّ جسيم، لكنها في الواقع ليست بهذا السوء.
-اِعرف دائمًا ما هو سبب ضغطك النفسي وابتعد عنه، فبعض الأطباء قد ينصحوك بالابتعاد عن القيادة مثلًا في أوقات الذروة.
-فّكِّر في حل المشكلات بصورةٍ حكيمة، وقم بعمل الخطة المناسبة للتغلب عليها.
-خَصِّص بعض الوقت للاسترخاء والقيام بالأنشطة التي تحبها، يمكنك مثلًا أخذ 15- 20 دقيقة في اليوم للجلوس بهدوء والتنفس بعمق بأحد الأماكن التي تُحبها.
10. حاول أن تحصل على الدعم المعنوي
قد يكون لمعاونة الأهل والأصدقاء في هذه الظروف دور رائع في الحفاظ على حالتك المزاجية، فهم متواجدون بجانبك دائمًا لتحفيزك من أجل الحفاظ على نفسك. إذا كنت لا ترغب في مساعدة الأهل والأصدقاء، فعليك بالانضمام لفرق الدعم النفسي مع أناسٍ لا تعرفهم، لكنهم سيشاركونك نفس الحالة وستقدمون لبعضٍ الدعمَ المادي والمعنوي من أجل التغلب على هذه العقبة.
في النهاية نُحبُّ أن نوضِّحَ أن هذا المقال يحتوي على مجرد نصائح طبية للمعرفة العامة، فالطبيب هو الشخص الوحيد الذي يمكنه مساعدتك في مثل هذه الحالات. لا تحاول أبدًا أن تستمع للأهل والأقارب فيما يخص الدواء، ولا تجرب أبدًا أيَّ دواءٍ قد نصحك به أحد المقربين دون أن تُخبر الطبيب، فالأمر ليس بهذه البساطة. هنالك العديد من الأعراض المتشابهة، وعدة تصنيفات من الأمراض، بالإضافة إلى وجود آلاف الأدوية التي تحتاج إلى الاختيار الصحيح لتتناسب مع حالاتك، والتي تحتاج أيضًا إلى ضبط الجرعات مع مراعاة التداخلات الغذائية والدوائية. هذا الأمر ليس باليسير وقد يحتاج لعمل فريقٍ طبيٍّ كاملٍ قام بدراسة هذه الأشياء عدة سنوات من أجل راحتك أنت، لذلك اِحرص على صحتك ولا تقم بهذا مطلقًا!
إعداد: Mahmoud Ahmed
مراجعة لغوية: Mohamed Sayed Elgohary
تحرير: Sarah Abdallah
المصادر:
#الباحثون_المصريون