«الرياضيات والملاحة البحرية »

040816_1700_1

||||||||

هل كان ليتمكن أسلافنا من الذين ارتادوا البحار والمحيطات المفتوحة من رؤية العالم واكتشاف ما بقي من الأرض بدون الرياضيات ؟ إن المفكرين العظام من الرياضيين واكتشافاتهم الثورية للصيغ والمعادلات الرياضية وأجهزة القياس الهندسية لها باعٌ طويل في تطوير وتسهيل الملاحة البحرية في القرون الماضية .

يمكنك أن تتخيل درجة الصعوبة في عملية الإبحار وإرشاد السفن في المحيطات المفتوحة قبل 400 سنة .تيارات الرياح والأمواج تدفع وتجذب السفن مغيرة من مسارها بصورة مستمرة ،ولذلك وضع البحارة أسسا لكل الاتجاهات التي وصلوا إليها وعلامات كي يهتدوا بها في المرافئ التي تركوها محاولين بذلك إيجاد وسيلة لحفظ توثيقات دقيقة لاتجاهات السفن والمسافات التي قطعوها في صورة خرائط .هذه العملية كانت تعرف باسم« تقدير الموضع ــ dead reckoning ».

  1. تقدير الموضع:

وهي عملية حساب الموقع الحالي للسفينة عن طريق استخدام موضع آخر سبق تحديده من ِقبَلِ سفن أبحرت في هذا الموقع مرة أو أكثر مع معرفة كافة المعلومات التي تتعلق بسرعات وزمن الوصول إلى هذا الموقع . لك أن تتخيل مدى عدم دقة وصعوبة هذه الطريقة والوقت التي تستغرقه سفينة ما لتحديد موقعها .

وعلى الرغم من ذلك ، كانت تقديرات المواضع مهمة جدا ، وذلك لأنه إذا انحرفت السفينة نصف درجة فقط عن المسار الرئيسي سيتسبب في ابتعادها عن الوجهة المقصودة لعدة أميال على مد البصر في «الأفق المرئي ــHorizon »فقط. مما يتسبب في تراكم كبير للانحراف يمكن أن يصل إلى عشرات الأميال بانتهاء الرحلة عندئذ تكون الوجهة مختلفة تماما .كان ذلك خطؤٌ شائع في ذلك الوقت المبكر من تاريخ الملاحة ولحسن الحظ فإن ظهور ثلاث اختراعات جعلت الملاحة الحديثة ممكنة.

  1. «السُّدْسيَّة ــ sextant»

 آلة بصرية لقياس المسافة الزَّاويَّة (نسبة إلى الزاوية) بين نقطتين، مثل الشمس والأفق. وتستعمل للملاحة البحرية والمساحة. ابتكرها اسحق نيوتن وكانت تستخدم قديما في علم الفلك لقياس الزوايا مابين النجوم والأجرام السماوية وبعضها ومابين النجوم والأفق.

وتعمل وفق القانون البصري وهو: إذا شوهد جسم بفعل الانعكاس المتكرر من مرآتين عموديتين على السطح نفسه، فالمسافة الزاويّة بين الجسم وصورته تكون ضعف الزاوية بين سطحي المرآتين. ويقيس مؤشر السدسية الزاوية بين المرآتين، وتضاعف هذه القراءة لإيجاد المسافة الزاوية لجسم ما ـ كالشمس مثلا ـ فوق الأفق. ويقوم البحارة بمقارنة زاوية ميل الشمس على الأفق بنظيرتها في انجلترا في نفس التوقيت لتحديد الإحداثيات الجغرافية للسفينة في عرض البحر.


  1. « الكرونوميتر البحري ــMarine Chronometer »

هو ساعة على درجة من الدقة الكافية التي تسمح باستخدامها كمقياس زمني محمول، فيمكن بواسطتها تحديد مواقع خطوط الطول الجغرافية بدقة كبيرة.


  1. الحسابات الرياضية اللازمة لتسهيل عملية الملاحة البحرية :

ظهرت الحاجة إلى استخدام المعادلات الرياضية والقوانين الهندسية وخاصة قوانين حساب المثلثات وذلك نظرا للتكلفة الباهظة لكل من السدسية والساعات البحرية (الكرونوميتر).وكانت إسهامات العالم «جون نابيير ــJohn Napier »في اللوغاريتمات مهمة لتسهيل القياسات القمرية والحسابات الكثيفة لتحديد إحداثيات السفن.حيث أن أفكاره عن اللوغاريتمات تضمنت الثوابت (e-1) و 107 وكان لوغاريتم نابيير للواحد لا يساوي الصفر وذلك جعل الحسابات أصعب بكثير من أن تكون اللوغاريتمات للأساس 10.وكان يهدف نابيير إلى اختراع آلة حسابية تقوم على استخدام اللوغاريتمات لتسريع الحسابات البحرية.

«هنري بريغز ــ Henry Briggs » رياضي انجليزي شهير قرأ عن أعمال نابير و التقى معه 1614م. وقد اقترح عليه أن يكون لوغاريتم الواحد للأساس 10 يساوي الصفر وذلك سهل الأمور كثيرا بالنسبة لحسابات اللوغاريتمات. وتعرف اليوم باسم لوغاريتم بريغز العام.



إعداد: أحمد حسيني

المصادر:

http://sc.egyres.com/P48pT

http://sc.egyres.com/A0icL

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي