كيف يعوض الدماغ فقدان إحدى الحواس؟

1-2

يمتلك دماغ الإنسان قدرة ملحوظة على الاستجابة لفقد حاسة من الحواس عن طريق تعزيز وتقوية وظائف بقية الحواس. بواسطة آلية تعويضية في الدماغ تُعرف بـ(cross-modal plasticity)، فإن بعض الحواس يتم تحفيزها بعد فقدان المدخلات الحسية الأخرى، مثل تحسين السمع عند فاقدي البصر.

حتى الآن، تم دراسة هذه الآلية في البشر والثدييات الأخرى، وذلك تحت ضوء فرضية تقول أن وظيفة التعويض هذه تحدث في الأدمغة المعقدة التي تتكون من مليارات الخلايا كالموجودة في البشر. كشفت دراسة عالمية جديدة الآن قادها باحثون في الجامعة العبرية بالقدس عن أن آلية الدماغ التعويضية تعد سمة أساسية توجد أيضًا في الأنظمة العصبية الأقل تعقيدًا. افترضت الدراسة أيضًا أن الطريقة التي تعمل بها هذه الآلية في الدماغ هي عبر نظام الإشارات بين الحسية-( inter-sensory signaling system )

يقول دكتور (إيتاي رابينوفيتش)، والذي يرأس البحث أثناء عمله بقسم الأحياء العصبية الطبي بالجامعة العبرية: »واحدة من أكثر قدرات الدماغ روعة هي قدرته على تعويض فقدان واحدة من حواسه. نستطيع تعلم الكثير من كيف يقدر النظام العصبي البسيط نسبيًا على ممارسة وظائف المخ بطريقة متطورة ومعقدة كهذه.

قمنا في هذا البحث بكشف الحد الأعلى للتعقيد العصبي المطلوب لإحداث آلية تعويض كهذه، مما سمح لنا بفحص وفهم بطريقة أسهل للكيفية التي يعمل بها في كل الطريق التي يتخذها من المستوى الجزيئي وحتى المستوى السلوكي.«

لفهمٍ أفضل لوظائف آلية (cross-modal plasticity)، قام فريق البحث بفحص كائن حي يحمل نظامًا عصبيًا أقل تعقيدًا بكثير من الموجود في البشر وهو )دودة الربداء الرشيقة-Caenorhabditis elegans(.  يبلغ طول هذه الدودة 1 ملليمتر، وتتغذى على البكتيريا، ويحتوي جهازها العصبي على 302 خلية عصبية فقط – وذلك مقارنةً بالمائة مليار خلية في الدماغ البشري-.

فحص الباحثون العلاقة بين فقدان حاسة اللمس والتعزيز المحتمل لحاسة الشم. وللقيام بهذا قاموا بالتركيز على الديدان التي امتلكت تحول وراثي قضى على حاسة اللمس لديها.

اكتشفوا أن هذه الديدان التي تحولت وراثيًا ولا تقدر على الاستجابة للمس الجسم أظهرت حاسة متحسنة للشم. استطاع الباحثون ربط هذا التغير في الأداء الحسي بالتغير في قوة تشابك عصبي معين في الدائرة العصبية للسمع.

يوضح دكتور رابينوفيتش: »كنا قادرين على عكس هذه التأثيرات بواسطة تحفيز صناعي للخلايا العصبية الخاصة باللمس وبواسطة هندسة تشابك جديد في الدائرة العصبية للسمع. مازال لدينا طريق طويل لنمضي فيه، ولكن نستطيع التفكير بالفعل في التطبيقات المستقبلية لعلاج الآثار الجانبية غير المرغوبة المتبوعة بعد فقدان حاسة من المدخلات الحسية».

يُضاف هذا البحث إلى سلسلة من الدراسات الباحثة بشان الدور الذي تقوم به (الببتيدات العصبية*-Neuropeptides)في الإشارات بين الحسية للدماغ، والببتيدات العصبية هي سلسلة ببتيدات تقوم بدور في الرسائل العصبية بين الخلايا.

وهذه الأبحاث توسع من معرفتنا بشأن العمليات الخلوية والجزيئية التي يقوم عليها آلية (Cross-modal plasticity) . قد تشير هذه النتائج أيضًا إلى الجذور التطورية القديمة لآلية التعويض، والتي كُشفَ عنها الآن في أنظمة أقل تطورًا بكثير عن أنظمتنا العصبية.

 

ترجمة: Basant Gamal

مراجعة: Sherif M.Qamar

المصدر:http://sc.egyres.com/672TN

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي