ما هي الهندسة الطبية الحيوية (2)

1-4

||

تحدثنا في المقال السابق (http://sc.egyres.com/3rcFH) عن بعض الأمثلة للهندسة الطبية الحيوية، وفي هذا المقال سنستكمل الحديث عن أمثلة أخرى وسنوضح بعض المفاهيم الطبية المهمة التي سنحتاجها لاحقًا.

من الأمثلة التي من الممكن أن نقابلها للهندسة الطبية الحيوية هي لاصقات الدواء مثل (سكوبولامين) لدوار الحركة، وهو واحدٌ من أوائل اللاصقات والنتروجليسرين لعلاج أمراض القلب، وتُعدُّ هذه اللاصقات حقًا مثل الإسعافات الأولية لكنها محمّلة بالأدوية، مصمّمة بحيث إذا قمت بلصقها على بشرتك؛ فسيتم امتصاصها ودخول الأدوية لمجرى الدم عن طريق الجلد.

23

مثالٌ آخر هو الغرز القابلة للذوبان، لماذا تعتبر مثالًا؟ لأنه يجب أن يتم هندستها لتكون خاملة حتى تدخل الجسم بأمان. ولا يمكن اختيار أيُّ مادةٍ فحسب؛ فهي مادة تُستخدم لغلق الجروح، لذا يجب أن يكون لها خصائص ميكانيكية معينة، تخيل أنك تحتاج لمادة تذوب بعد إتمام مهمتها وبنفس الوقت تكون قويةً بما يكفي لتتمكن من إغلاق الجرح لفترة من الزمن!

وإذا فكرنا قليلًا؛ سنجد السماعات الطبية وقواقع الأذن، فقواقع الأذن لها نفس وظيفة السماعات الطبية وهي مساعدة المريض على السمع، ولكنها تعمل بطريقة مختلفة؛ فهي ليست أداةً تقوم بارتدائها في الأذن لتكبير الصوت وحسب؛ بل تحل محلّ وظيفة الأذن حرفيًا.

لدينا أيضًا المناظير، والعدسات اللاصقة، وعمليات الليزك: تعد عمليات الليزك من ضمن الهندسة الطبية بسبب الأجهزة المستخدمة؛ فأنت تريد أن تُحدث ضررًا محددًا في الأنسجة باستخدام الليزر؛ لأن الليزر يقوم بالقطع مثل السكينة، ويجب التحكم في الكمّ والكيف جيدًا.
وهناك أيضًا زراعة الأنسجة، وفي هذا المجال هناك العديد من التكنولوجيا المستخدمة، تبدأ من الأطباق التي تستخدمها في الزراعة. هذا ويعدُّ غسيل الكلى وسيلةً لاستبدال أو زيادة أداء وظيفة الكلى الخاصة بك لإزالة النفايات من الدم وهو أمر تفعله الكلى باستمرار.

ناهيكَ عن الجراحة التجميلية (البوتوكس) وشفط الدهون، وهما نوعان مختلفان من الاستراتيجيات؛ أحدهما هي استراتيجية جراحية بإزالة الأنسجة، والأخرى بالحقن، فالبوتوكس هو حقن الجزيء، قد تتسآئل لماذا يُعدُّ الحقن بالبوتوكس أمرٌ متعلقٌ بالهندسة الطبية الحيوية؟ وذلك لأنّ (الكيفية) هي مشكلة هندسية نحن بصدد الحديث عنها، نتحدثُ عن كيفية إيصال الأدوية بحيث تحصل إلى المكان المُراد بدقّة (100%) بدون سمية، فإذا أدخلنا البوتوكس في جميع أنحاء الجسم؛ فلن يكون هذا أمرًا جيدًا، فالسيطرة على الجرعة مهم جدًا وهذا ما يحدث في علاج السرطان، لأن هذه الأدوية قوية جدًا بحيث يكون لها آثار سيئة في مواقع أخرى ولذلك نحن نريد حصرها في مكان محدد.

دعونا الآن نتحدث عن توقعات استخدامات الهندسة الطبية الحيوية في المستقبل:

  • علاج للإيدز
  • جراحة عن طريق إنسان آلي
  • القلوب الاصطناعية التي يمكن أن تستخدم على المدى الطويل وهناك أمران يجب أخذهما بعين الاعتبار؛ أحدها هو المدى الطويل (ويبحث في مدى توافق هذه القلوب مع الجسم بحيث يمكن احتمالها على المدى الطويل)، والأمر الآخر هو احتمالية زراعتها إذا ما توافقت مع الجسم على المدى الطويل، تخيل مقدار الطاقة الذي يستخدمه القلب الاصطناعي! لذلك يجب وجود بطارية أو طريقة ما لتوليد الكهرباء بشكل مستمر للعمل وهذا ما يجعل من الصعب التفكير في الزرع، هذا مثال جيد حقًا على الهندسة الطبية الحيوية.
  • الإمدادات الغذائية (المواد الغذائية من الحيوانات المستنسخة)، وهذا ما سنتحدث عنه في الأسبوع المقبل، ولكن لماذا يكون الاستنساخ ميزة في إنتاج الغذاء؟
    الإجابة هي: ضبط الجودة؛ لأن الحيوانات المستنسخة كلها متطابقة وراثيًا وهذا لا يمنحنا الكثير من الخيارات، لذلك يجب اختيار حيوانات ذات لحوم بنوعية جيدة جدًا؛ لإعادة إنتاجها بنفس الجودة.
  • المسح الوراثي للتنبؤ بالمرض: تحدثنا قليلًا عن طريقة واحدة في المقال السابق لتحقيقها وذلك باستخدام رقائق الجينات، ولذا فإننا سوف نتحدث بشكل موسّع عنها في الأسبوع المقبل، وما هو أكيد أن التكنولوجيا سوف تكون متاحة، ولكن سنكون بحاجة لتطوير ووضع هذه التكنولوجيا جنبًا إلى جنب مع أسس علم الجينات، فإذا ألقينا نظرة على الـ(30000) جين المهمة لكل فرد؛ فكيف يمكنك انتقاء تلك التي تعتبر سببًا لمرض معين؟ -غالبًا لن يكون جينًا واحدًا فقط؛ بل سيكون مزيجًا من الجينات- كيف يمكن التنبؤ بمصير الفرد بناءًا على كل هذه الجينات المشاركة في تطور مرض معين؟ إذًا فالأمر ليس مجرد معرفة الجينات أو معرفة طرق النظر في التعبير الجيني؛ بل معرفة كيف يمكن لهذا التعبير من الجينات الرئيسية أن يؤثر على مصير الفرد، إنها مشكلة معقدة، وهذا هو النوع من المشاكل التي يجيد المهندسون التعامل معها.
  • آله للتواصل مع المخ: وهي وسيلة لربط النشاط في الدماغ بالعالم الخارجي، وسوف نتحدث عنها لاحقًا.
  • تجديد الحبل الشوكي
  • أعضاء نَمَتْ من خلايا مفردة.
  • تصوير أجزاء متحركة مثل مفصل أو أي جزء متحرك آخر، مثل حركة القلب، فإذا تمكنّا من تصوير كيف يتحرك القلب، يمكننا معرفة الكثير عن وظيفته، من خلال النظر إلى كيفية التحرك، وليس مجرد أخذ صورة ثابتة له، وهناك الكثير من الأجزاء التي تتحرك في أجسادنا، كالرئتين على سبيل المثال.
  • ماذا لو تمكنّا من عمل مضخة قادرة على ضخ مستمر للأنسولين؟ بمعدلات مختلفة، وتوصيله إلى جهاز استشعار يقيس مستوى السكر في الدم؟ الأنسولين مهم لتنظيم مستويات السكر في الدم، فإذا كان يمكنك قياس ومن ثم إعطاء كمية الأنسولين التي نحتاج إليها؛ فيمكننا إذًا أن نعتبر أن هذا الجهار هو بنكرياس اصطناعي، مصنوع بشكل كامل من أجزاءَ اصطناعية.
  • نهج آخر يتمثل في اتخاذ قطعة من البنكرياس التي لديها بالفعل كل تلك القدرة (الخلايا الفردية للبنكرياس قادرة على قياس الجلوكوز وإفراز الأنسولين)، ماذا لو أخذنا الخلايا من شخص سليم ووضعناها في شخص لديه مرض السكري؟ لربما تكون الخلايا الجديدة التي وُضعت بمثابة البنكرياس الاصطناعي الطبيعي تمامًا، لكن لماذا لا نقوم بفعل هذا الآن؟ لماذا لا يتم ذلك بالفعل؟ ما هي المشاكل الهندسية المانعة لحدوث هذا؟ المشكلة الرئيسية في زرع الأعضاء هي أن تتطابق تلك الأنسجة، أنسجة المتلقي مع المتبرع، ليس من السهل أن تتمكن من حماية هذه الخلايا التي تُعطى من هجوم من قبل النظام المناعي للمتلقي؟ سوف نتحدث عن طرق للتفكير في نهج الهندسة لحل هذه المشكلة.
  • السيطرة على الأوعية الدموية- angiogenesis الـ(angio) تعني الأوعية الدموية، والـ(genesis) تعني الجديدة، فنحن نتحث إذًا عن طرق لتطوير أوعية دموية جديدة -معظم الأورام تتطلب الأوعية الدموية من أجل أن تنمو- لذا إذا بدأ الورم في النمو لكن بدون إمدادات من الأوعية الدموية؛ فلن يتمكن في أن ينمو ويتفاقم في الحجم، وهناك الكثير من الأدلة من العديد من أنواع السرطان التي تُظهر أن هذا صحيح. إذن إذا كانت لدينا القدرة أن نوقف إمدادات الورم؛ نستطيع وقف نموها في مرحلة مبكرة بحيث يكون غير ضارٍ، وفي الحقيقة؛ هناك رجل يدعى يهوذا فوكمان- Judah Folkman هو الجراح الذي يعد أوّل من تكهن بهذا الأمر، ولكنه للأسف قد تُوفي، ولكنه ترك تأثيرًا كبيرًا على فهمنا لكيفية تطور السرطان، لذلك هناك بالفعل بعض الأساليب مثل هذه، ولكن هناك المزيد الذي يتعين القيام به.

 

إعداد: Katherine Mounir

مراجعة: Matalgah Hamzeh

تصميم: Ahmed Eltobshy

المصدر:  http://oyc.yale.edu/transcript/62/beng-100

#الباحثون_المصريون

شارك المقال:

فريق الإعداد

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي