السائل المُعقَّد

دم

|

قد تسمع عن شخص بَقِيَ حيًا دون طعام أو مياi لعدة أيام، أو حتى دون نوم، لكن هل سمعت يومًا عن شخص نجا وجسده خالي من الدم ولو يوم واحد؟ إنه أمرُ مستحيل؛ فالدم يحمل كل ما قد يخطر أو لا يخطُر على تفكيرك من عناصر غذائية، وإنزيمات، وهرمونات، وبالطبع غاز التنفّس (الأكسجين). لذا، فمن العبث أن تُهمل هذا السائل النفيس الذي يَجري في أصغر شعيرة وأضيق شريان لا نراه بالعين المجردة. ويبقى السؤال هنا، كيف يقوم هذا السائل الأحمر بحمل كل تلك العناصر وتأدية هذا الكم الهائل من الوظائف المتعددة؟ كيف يُبقينا أحياء في الأساس؟

 

وظائف الدم

يشغل الدم العديد من الوظائف التي بالأحرى غير مرتبطة ببعضها البعض، فهو يعمل كسفينة متحركة تعمل بدوام كامل لنقل كل ما تحتاج إليه خلايا الجسد في أي وقت وبأي مكان، يكفينا فقط ذكر أهم تلك الوظائف والتي لا يمكن أن يقوم بها سوى هذا السائل المعقّد:

1- تكوين شبكات أو جلطات دموية لتفادي حالات نقص الدم.

2- نقل الأجسام المضادة التي تدافع عن الخلايا عند حدوث عدوى أو مرض.

3- نقل العناصر الغذائية والأكسجين إلى الرئة والأنسجة.

4- نقل الفضلات من خلايا وأعضاء الجسم إلى الكلى والكبد ليتم إخراجها وتنقية مجرى الدم.

5- تنظيم درجة حرارة الجسم.

 

أرقام هامّة

يحتوي الدم الذي يسري في الشرايين، والأوردة، والشعيرات الدموية على 55% من مادة البلازما و45% خلايا دموية والتي تتضمن كرات الدم الحمراء والبيضاء. يشغل الدم من الوزن الكلي لجسم الإنسان حوالي من7-8%.

يمتلك الشخص البالغ حوالي من (4.5-5.5) لترًا من الدم، فعلى سبيل المثال إن كان شخصًا ما يزن (54 كيلوجرام) فبالتقريب يشغل الدم منهم حوالي من(4.4-5.4) كيلو جرام. وعند الطفل حديث الولادة قد لا يصل وزن الدم إلى أكثر من (2.3-3.6) أي حوالي كوب واحد من الدماء أو مايقارب (0.2) لترًا.

 

مكوّنات الدم

1-البلازما

تُعتبر البلازما المكوّن السائل في الدم، فهي خليط من الماء، والسكريّات، والأملاح، والدهون، والبروتينات. تحمل البلازما (النواقل الكيميائية – Chemical messengers) بمُختلف أنواعها، وفضلات الجسم، والأجسام المضادة، والبروتين. إذًا فالوظيفة الأساسية للبلازما هي نقل المواد والغازات إلى جميع الخلايا من خلال مجرى الدم.

2-كرات الدم الحمراء

تتميز باللون الأحمر نتيجة لوجود عنصر  (الهيموجلوبين – hemoglobin) بها، وهي الأكثر وفرة من حيث العدد فهي تحتل حوالي من (40-45%) من الحجم الكلّي للدم.

يتحكم هرمون (اريثروبويتين – erythropoietin) والذي يُفرَز من الكلى في عملية إنتاج كرات الدم الحمراء حيث تكون غير مكتملة النضج في نخاع العظم ثم على مدار 7 أيام يكتمل نضجها لتخرُج في مجرى الدم.

3-خلايا الدم البيضاء

تتميز بقلة عددها (1% من الدم) وكثرة أنواعها، ولكن تجتمع في وظيفة مشتركة وهي الدفاع عن خلايا الجسم والأعضاء الحيوية ضد العدوى أو الالتهابات. ومن أشهر أنواع كرات الدم البيضاء وأكثرها وفرة هو ال(نيوتروفيل – neutrophil) الذي يشغل المساحة العظمى من مجموع كرات الدم البيضاء (55-70%)

وهناك نوع أخر أكثر أهمية في الجهاز المناعي يُعرف بخلايا (الليمف – lymphocyte) وتنقسم لنوعين:

1-(تي – T)وهي مسؤولة عن تنظيم وظائف الجهاز المناعي في حالة حدوث عدوى أو ورم بأي عضو.

2-(بي – B) وهي مسؤولة عن تصنيع الأجسام المضادة التي تهاجم البكتيريا والفيروسات وأي مواد غريبة.

الصفائح الدموية

تعتبر الصفائح الدموية شظايا صغيرة من الخلايا وليست خلايا بالشكل المعهود، تتلخص وظيفتها الأساسية في التجمع عند مكان النزيف في الجسد وتحفيز عملية التجلّط التي تساعد على منع الفقد الشديد للدم وتكوين شبكة دموية عند مخرج الإصابة لمنع خروج الدم.

ما هي صورة الدم الكاملة؟

تعد صورة الدم الكاملة من أهم الفحوصات التي يتم إجراؤها عند تشخيص أي مرض بالجسم، وهي -بصورة مبسطة- فحص لعينة دم يتم سحبها من المريض بكمية معيّنة لمعرفة عدد كرات الدم الحمراء والبيضاء والتي تعد مؤشرًا لكثير من الاختلالات الوظيفية بالجسم، أهمها فقر الدم أو ما يُعرف بـ (الأنيميا) والتي يصاحبها إما نقص في كرات الدم الحمراء أو نقص في تركيز مادة الهيموجلوبين المسؤولة عن نقل الحديد إلى مختلف خلايا الجسم.

وعند حدوث عدوى أو التهاب يرتفع عدد كرات الدم البيضاء التي تخدم الجهاز المناعي في صد الهجمات الشرسة التي يتلقاها الجسم نتيجة الإصابة ببعض الأمراض. ويتم التحقّق أيضًا من مستويات الدهون في الدم والتي إن ارتفعت عن حد معيّن سببت العديد من المشاكل في الأوعية الدموية واعتلال في وظائف الكبد والقناة المرارية.

حينما تحل الكارثة

أقصد بالكارثة حين يتحول النهر الفياض الذي يروى كل خلية من خلايا الجسم في كل عضو من أعضائها إلى نهر كهل يعاني من أعراض الشيخوخة وفي أسوأ الأحوال ينحدر إلى الموت. وتتدرج مشاكل الدم من أنيميا ونقص بالحديد إلى لوكيميا أو ما يُعرف بسرطان الدم، وعلى قدر الخلايا المعتلّة تأتي شدة الأعراض، لكن لن يتسع الوقت لذكر كل ما قد تسببه تلك المشاكل لذلك سأكتفي بذكر أهمها تأثيرًا وأكثرها شيوعًأ:

1- إعتلال بكرات الدم الحمراء.

*الأنيميا.

حين يقل عدد كرات الدم الحمراء والذي يتبعه نقص في الحديد تظهر أعراض الأنيميا ومنها:

-الجلد الشاحب

-الشعور بالتعب عند بذل أقل مجهود

-قصر النفس أو ضيقه

وتعد أنيميا نقص الحديد من أكثر الأنواع شيوعًا وتأتي نتيجة لنقص الحديد في الوجبات الغذائية ونتيجة لفقد الدم في فترة الطمث (الدورة الشهرية).

* أمراض المناعة الذاتية.

يُعتبر الجهاز المناعي الدرع الواقي للجسم ولكن إن زاد نشاطه بشكل غير طبيعي تنقلب الفائدة لضرر والدفاع إلى هجوم فتبدأ خلايا الجهاز المناعي وكأنها تحت تأثير مخدّر بمهاجمة خلايا الدم الحمراء فتظهر أعراض الأنيميا، وفي هذه الحالة يصف الطبيب عقار للحد من نشاط الجهاز المناعي مثل (بريدنيزون – Prednisone) والذي ينتمي لمضادات الالتهاب (كورتيكوستيرويدز – sCorticosteroid).

2- اعتلال في كرات الدم البيضاء.

*(الليمفوما – Lymphoma):

هي نوع من سرطان الدم ينشأ في الجهاز الليمفاوي حيث تنقسم خلية الدم البيضاء بشكل غير طبيعي ويتم علاجها غالبًا بالعلاج الكيميائي أو بالإشعاع.

*اللوكيميا:

نوع أخر من سرطان الدم والأكثر شيوعًا وفيه تنقسم خلايا الدم البيضاء بشكل متسارع في نخاع العظم مسببة ورم خبيث.

3-اعتلال في الصفائح الدموية.

*زيادة الصفائح:

في هذه الحالة تكثُر كمية الصفائح عن الحد الطبيعي، ولأسباب غير معروفة، مما ينتج عنه اعتلال في وظيفتها والذي -بالتبعية- يسمح بفقد الدم (اعتلال في عملية التجلّط) أو كثرة الجلطات الدموية وفي بعض الأحيان كليهما.

ما يجب عليك معرفته

من المهم أن تتعرف على فصائل الدم المختلفة لأن أمرًا بتلك البساطة قد يشكّل فارق في إنقاذ حياة شخص ما إذا فقد كمية من الدم تعطّل الوظائف الحيوية لديه، وقد يكون هذا الشخص صديق، أو زوج، أو أُم، أو حتى أنت.

هناك 8 فصائل للدم معروفة إلى الأن ولكن هناك فصائل نادرة تم اكتشافها في أعداد ضئيلة جدًا من الأشخاص, ما يجب عليك معرفته هو الأتي:

B سالب

Bموجب

A سالب

A موجب

AB سالب

AB موجب

O سالب

O موجب

لكل مجموعة من تلك المجموعات (مستضدّ) و(جسم مضاد)، فلنعتبر أن المستضدّ هو الأخ المسالم الذي لا يُحدث مشاجرة (والمقصود هنا التجلط الذي نلاحظه عند نقل الدم بين فصائل مختلفة)، وأن الجسم المضاد هو الأخ المشاغب الذي يحدث المشاجرة (التجلّط) إذا واجه شخص لا ينتمي لعائلته (والمقصود فصيلة أخرى )، وفيما يلي تفصيل لما تمتلكه كل مجموعة:

*مجموعة «A» تمتلك مستضدّ «B» وجسم مضاد ل«B» (أي لا تقبل من فصيلة B)

*مجموعة «B» تمتلك مستضدّ «B» وجسم مضاد ل «A» (أي لا تقبل من فصيلة A)

*مجموعة«AB» تمتلك كلا من المستضدّ «A» والمستضدّ «B» ولا تمتلك أجسام مضادة ل «A» أو«B» (أي لا يحدث تجلط ان انتقل إليها من فصيلة A أو B)

*مجموعة «O» لا تمتلك مستضدّ «A» أو «B» ولكن تمتلك أجسام مضادة ل«A» و«ب» (أي لا تقبل من أي منهما)

 

قد يتضح الأمر لك بشكل أكبر من الصورة التالية:

أفقيًا: الفصائل التي يمكن أن تُنقل إليك

رأسيًا: فصيلة دمك

 

 

 

إعداد: سارة الشاطبي

مراجعة: Amira Esmail

المصادر:

http://sc.egyres.com/IvkMD

http://sc.egyres.com/pEb5G

http://sc.egyres.com/H0Y18

http://sc.egyres.com/2O5dq

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي