عند ذهابنا لصالات كمال الأجسام تركيزنا ينصب على المكاسب الجسمانية غافلين الفائدة الأكبر لممارسة الرياضة التي تكون من نصيب المخ. فالرياضة لا تزيد من قوة ومرونة أجسادنا فقط؛ لكنها تزيد من قوة ومرونة المخ أيضًا، خاصةً عند كبار السن. أظهرت دراسة جديدة نُشِرت في مجلة (journal neurology) أنَّ الممارسة المتوسطة أو المكثَّفة للتمارين الرياضية تحمي المخ من الأمراض المرتبطة بالتقدم في السن التي تصيب المخ مثل مرض الزهايمر (Alzheimer’s disease)؛ حيث أنَّ معدل الوفيات يتركز في الفئة العمرية الكبيرة دون المتوسطة، فمتوسط الوفيات في الإناث ۲,۸۱ عامًا، بينما في الذكور ٧٦,٤ عامًا. وكلما طال العمر ازدادت معه تباعًا أمراض الشيخوخة.
يقول الدكتور كلينتون ب.رايت (Dr. Clinton B. Wright) -صاحب هذه الدراسة من جامعة ميامي وعضو في الأكاديمية الأمريكية للأعصاب-: «إنَّ عدد الأمريكيين فوق سن ال ٦٥ في ارتفاع مستمر؛ وهذا يعني أيضًا ارتفاع نسبة الإصابة بالأمراض التي تصيب المخ».
بعدما قام الدكتور رايت و زملاؤه بتحليل البيانات التي حصلوا عليها، والتي تعود إلى ما يزيد عن ۸۰۰ شخص اشتركوا في دراسة في شمال منهاتن؛ لملاحظة إذا كان هناك أي علاقة بين التمارين الرياضية والقدرات العقلية، وتم سؤالهم عن عدد مرات ممارستهم للرياضة في الأسبوعين السابقين لها، وبعد مرور سبع سنوات تم إعطاء المشاركين نموذجًا معياريًا لقياس القدرات العصبية، وتم تكرار هذا الاختبار بعد ٥ سنوات. وبعد الاختبار تمَّ إجراء تصوير بالرنين المغناطيسي للمخ وقد أوضحت الدراسة أنَّ ۹۰% من المشاركين كانوا قد مارسوا الرياضة بصورة ضعيفة (المشي أو اليوغا) أو لم يمارسوها على الإطلاق وأنَّ النسبة الباقية ال ۱۰% قد مارست الرياضة بصورة متوسطة أو مكثفة (الركض أو الألعاب الجمبازية)، وأظهرت الدراسة أنَّ المجموعة التي مارست نشاطًا رياضيًا ضعيفًا، أو لم تمارس أي نشاط رياضي كان لديها تراجعًا ملحوظًا في الاختبارات التي أُجريت على مدار خمس سنوات وتضمنَّت مهامًا بسيطة وأيضًا تراجع عدد الكلمات التي يستطيعون تذكرها، ووجدوا أنَّ هذا التراجع في القدرات العقلية مرتبط بتقدم عمر المخ ما يناهز العشر سنوات.
بصورة طبيعية كلما تقدمنا في العمر فإنَّ خلايا المخ تفقد التشابكات العصبية فيما بينها، ومع الوقت يتضاءل حجم المخ أو المادة الرمادية، ويتسبب كل ذلك في تعرضنا إلى العديد من المشاكل العقلية.
وقد أوضحت الدراسة أنَّ ممارسة التمارين الرياضية تمنع شيخوخة المخ؛ حيث أنَّها تؤدي إلى فوائد عديدة منها زيادة حجم المادة الرمادية في منطقة الحصين، وهذا في غاية الأهمية من أجل ذاكرة قوية. وفي دراسة أخري نشرت في عام ۲۰۱۳، قام فيها الباحثون بدراسة تأثير اللياقة البدنية في فترة منتصف العمر على العوامل المؤدية للخرف؛ ووجدوا أنَّ هؤلاء الذين يتمتعون بلياقة بدنية عالية أقل عرضة للإصابة بالخرف عن هؤلاء الذين يمارسون نشاطًا رياضيًا خفيفًا.
وقال الدكتور مورتون ترافيل (Dr. Morton Tavel) -بروفيسور في كلية الطب بجامعة إنديانا-: «لا يوجد تفسير واضح لتأثير الرياضة على القدرات العقلية»، إلَّا أنَّه أشار إلى أنَّ الدراسات السابقة قد استعانت بصور للمخ، والتي أوضحت أنَّ تضاؤل حجم المخ من الممكن تفاديه وتأخيره بممارسة الرياضة. وهي دائمًا الخيار الأول والأفضل نظرًا لأنَّها غير مكلفة كما أنَّها لا تُحدِث أي تداخلات مع الأدوية. ويعتقد مورتون أنَّ ممارسة الرياضة حتى لو كان نشاطًا بسيطًا مثل المشي أفضل وأكثر فاعلية من الأدوية والمكملات الغذائية من أجل تفادي الأمراض التي تصيب المخ.
إنَّ ممارسة الرياضة من ثلاث إلى خمس مرات في الأسبوع لمدة تتراوح من ۳۰ إلى ٦۰ دقيقة سوف تساعدنا في الحفاظ على صحتنا حيث أنَّها تزيد مِن تدفق الدم للمخ مما يساعده على أداء وظيفته بشكلٍ أفضل.
ترجمة: Mohamed Radwan
مراجعة لُغَوية وتصميم: Omnea Abd El-Aleem
المصدر: