العلاج الوهمي

العلاج الوهمي

يمتلك العقل تأثيرًا كبيرًا على الجسم، حتى أنه في بعض الأحيان يستطيع أن يشفي آلامه. عقلك قادرٌ على أن يخدعك بأن العلاج المزيف يؤدي إلى الشفاء، وتُعرف هذه الظاهرة بالعلاج الوهمي.
في بعض الأحيان يمتلك العلاج الوهمي “Placebo Effect” القوة الكافية لمشابهة تأثير العلاج الطبي الحقيقي. لكن العلاج الوهمي هو أكثر من مجرد تفكير إيجابي، لذا يستخدمه الأطباء والعلماء لمساعدتهم على فهم التأثير النفسي والفسيولوجي للأدوية الحديثة، ولهذا أيضًا يُستخدم في الأبحاث الطبية.

في هذا المقال سنتعرف إلى العلاج الوهمي.

ما هو العلاج الوهمي؟

هو ظاهرة تحدث عندما يتناول الشخص مادة غير فعالة وليس لها أي تأثير طبي ومع ذلك يستفيد منها. غالبًا ما يكون العلاج الوهمي على هيئة أقراص (كأقراص السكر) أو حقن (كمحلول الملح).

لكن لماذا يستطيع الشخص جني فائدة من استخدام العلاج الوهمي؟

ربما تلعب توقعات الشخص تأثيرًا مهمًا، فكلما زادت التوقعات بتأثير العلاج، تحسنت النتائج.

غالبًا ما يجهل الأشخاص أنهم يستخدمون العلاج الوهمي، بل يعتقدون أنهم يستخدمون العلاج الحقيقي الفعال، لذلك يصمم العلاج الوهمي بشكل مماثل للعلاج الحقيقي، كأقراص أو حقن أو سوائل، لكن ليس له أي تأثير فعلي على الحالة المراد علاجها.

من المهم التمييز بين مصطلحين وهما العلاج الوهمي وتأثير العلاج الوهمي، فالعلاج الوهمي هو المادة غير الفعالة، أما تأثير العلاج الوهمي فيرجع إلى الشعور بالنفع عند استخدام علاج لا يمت للمرض بأي صلة.

استخدام العلاج الوهمي في الأبحاث الطبية

يستخدم العلاج الوهمي للتأكد من فعالية العلاج الحقيقي، حيث يقُسَّم الأشخاص إلى مجموعتين؛ مجموعة تحصل على العلاج الحقيقي وأخرى على العلاج الوهمي، وبذلك يمكن ملاحظة تأثير العلاج الحقيقي عند مقارنة التطور الحادث في إحدى المجموعتين بالأخرى. وعلى الرغم من أن العلاج الوهمي ليس له أي تأثير على المرض، فإن له تأثيرًا حقيقيًّا على ما يشعر به بعض الأشخاص.

يرجع هذا التأثير إلى عدة عوامل منها:

1- طبيعة المرض.
2- مدى ثقة المريض في قوة العلاج وفعاليته.
3- نوع الاستجابة التي يتوقعها المريض.
4- قوة الرسالة الإيجابية التي يرسلها الطبيب إلى المريض عن فعالية العلاج.
5- العوامل الجينية كذلك تؤثر على الاستجابة للعلاج الوهمي.

تجعل الجينات بعض الأشخاص أكثر عرضة للاستجابة للعلاج الوهمي من غيرهم، حيث تُظهر الدراسات أن الأشخاص ذوي الاختلافات الجينية التي تتميز بمستويات عالية من الدوبامين -وهو مادة كيميائية في المخ- أكثر ميلًا للاستجابة للعلاج الوهمي من غيرهم ممن لديهم مستويات أقل من هذه المادة.

عند اختبار علاج جديد يحتاج العلماء لمعرفة مدى تأثيره وآثاره الجانبية، ومن خلال ذلك يمكن تمييزه عن العلاج المتاح بالفعل وبالتالي يعود ذلك بالنفع على المرضى، ويساعد العلاج الوهمي في ذلك حيث يُبين هل التأثير بفعل العلاج نفسه، أم يرجع إلى متغيرات أخرى مؤثرة.

فوائد استخدام العلاج الوهمي

ترجع أهمية استخدام العلاج الوهمي إلى أنه يقيّم العلاج الحديث وفعاليته، فبعض العلماء -أثناء إجراء الأبحاث- يُبين للخاضعين للتجربة طريقة التفاعل والتصرف مع العلاج حسب توقعاتهم مما يؤثر على نتائج الاختبارات.

ولتقليل هذا التأثير يلجأ العلماء إلى ما يُعرف بالدراسات مزدوجة التعمية (double blind study)، وفي هذا النوع من الدراسات لا يعرف أيٌ من الخاضعين للتجربة أو المشرفين عليها من يستخدم العلاج الحقيقي ومن يستخدم العلاج الوهمي. وذلك لتقليل الانحياز أثناء دراسة فعالية العلاج، ليستطيع الباحث تحديد فعالية العلاج بشكل محايد.

أكثر الدراسات التي تُظهر تأثير العلاج الوهمي هي الدراسات التي تهدف إلى تقليل الآلام، حيث يُظهر 30% إلى 60% من الأشخاص استجابة للعلاج الوهمي لتقليل الآلام، وعلى سبيل المثال:

عند التطوع للمشاركة في تجربة دواء لتخفيف آلام الصداع النصفي، يشعر المشارك عند استخدام الدواء باختفاء الصداع النصفي والتحسن الكبير في حالته، ثم بعد ذلك يتبين أنه كان يستخدم العلاج الوهمي وليس العلاج الحقيقي؛ فقط مجرد أقراص سكر.

تأثير العلاج الوهمي في التجارب النفسية

يُعتبر العلاج الوهمي مادة خام ليس لها أي مفعول، يستخدمها العلماء في التجارب النفسية لمقارنة تأثيرها على المجموعات المختلفة. وعلى الرغم من أن العلاج الوهمي لا يحتوي على أي مادة فعالة، وجد العلماء أن له تأثيرًا نفسيًّا وفسيولوجيًّا، فقد يتغير لدى الخاضعين للعلاج الوهمي معدل ضربات القلب، وضغط الدم ومستوى القلق والاضطراب، ومدى استقبال الألم، والإرهاق وحتى نشاط المخ. ويشير هذا التأثير إلى دور العقل في صحة الجسم.

أسباب فعالية العلاج الوهمي

على الرغم من أن العلاج الوهمي لا يحتوي على مادة فعالة، فإن تأثيره ملحوظ بشكل كبير أمام العلماء، لذا لا بد من معرفة سبب هذا التأثير. خلال البحث ظهرت أسباب تفسر هذه الظاهرة ويُعتقد أن منها ما يلي:

استجابة الهرمونات

أحد التفسيرات المقترحة هو أن استخدام العلاج الوهمي يحفز إفراز الإندورفين والذي يتشابه في تركيبه مع المورفين الذي يعمل كقاتل آلام طبيعي من إنتاج المخ، وذلك عن طريق قيام العلماء بعمل مسح على المخ لتحديد مستقبلات المواد القاتلة للآلام. لوحظ أنها تنشط عند استخدام العلاج الوهمي والحقيقي معًا. وعند استخدام مادة النالوكزون التي تعمل على تثبيط هذه المستقبلات، قلت معدلات الاستجابة للعلاج الوهمي.

التوقعات والظروف

من التفسيرات الأخرى لتأثير فعالية العلاج الوهمي: التوقعات المنتظرة منه والظروف المحيطة باستخدامه. في بعض الحالات يتم دمج العلاج الوهمي مع العلاج الحقيقي للوصول للتأثير المنشود، وبالتالي من يتوقع نتائج أفضل للعلاج يكون أكثر استجابة لتأثير العلاج الوهمي. كذلك يؤثر حماس الطبيب أثناء وصف العلاج وتنبؤه بنتائجه المبشرة على استجابة المريض له.

الوهم المرضي

على العكس، يمكن أن تزيد الأعراض المرضية والآثار الجانبية عند استخدام العلاج الوهمي فيما يُعرف بالوهم المرضي. على سبيل المثال، يشعر المريض بالغثيان والقيء والصداع بعد استخدام العلاج الوهمي.

ما مدى قوة تأثير العلاج الوهمي؟

على الرغم من تأثير العلاج الوهمي على ما يشعر به الفرد، فإنه لا يملك أي دور في الشفاء الفعلي من المرض، فقط يؤثر على استقبال الأعراض خاصة الألم والغثيان. على الرغم من ذلك، تشيد بعض الدراسات بالدور الفعال للعلاج الوهمي للتخلص من الأمراض وذلك من خلال دمجه بخطة علاجية.

 

شارك المقال:

4 Responses

  1. انا فعلا مرة كان عندى صداع واختى ادتنى كباية شاى ومفهمانى انها مدوبة فيها حباية صداع بعد اما اخدتها والصداع راح تماما اكتشفت انها كانت كباية شاى دايب فيها ملح !! لكن اعتقد ان الامر ممكن ميبقاش فى صالح المريض لو احنا اعطناه علاج وهمى ونتيجة دا اختفى احساسه بالالم لكن فى حقيقة الامر المرض لسا موجود يعنى قد تكون رحمة من ربنا لينا اننا بنحس بالام لان لو احنا عندنا مرض ومحسيناش بالالم فرصة ان المرض ينتشر فى الجسم هتكون اكبر وبالتالى يؤدى لنتايج خطيرة تنتهى بالموت — معنى دا ان الالم عرض وليس المرض الحقيقى ممكن نطلق على الالم لفظ (المنبه) اللى من غيره مش هنعرف اننا عندنا مرض وبالتالى مش هنلحق نتداركه — دى كانت فكرة استنتجتها من المقال وشكرا عالمقالات الرائعة دى ومنتظرين اكتر

  2. انا فعلا مرة كان عندى صداع واختى ادتنى كباية شاى ومفهمانى انها مدوبة فيها حباية صداع بعد اما اخدتها والصداع راح تماما اكتشفت انها كانت كباية شاى دايب فيها ملح !! لكن اعتقد ان الامر ممكن ميبقاش فى صالح المريض لو احنا اعطناه علاج وهمى ونتيجة دا اختفى احساسه بالالم لكن فى حقيقة الامر المرض لسا موجود يعنى قد تكون رحمة من ربنا لينا اننا بنحس بالام لان لو احنا عندنا مرض ومحسيناش بالالم فرصة ان المرض ينتشر فى الجسم هتكون اكبر وبالتالى يؤدى لنتايج خطيرة تنتهى بالموت — معنى دا ان الالم عرض وليس المرض الحقيقى ممكن نطلق على الالم لفظ (المنبه) اللى من غيره مش هنعرف اننا عندنا مرض وبالتالى مش هنلحق نتداركه — دى كانت فكرة استنتجتها من المقال وشكرا عالمقالات الرائعة دى ومنتظرين اكتر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي