العملات البلاستيكية

العملات البلاستيكية

يدور الحديث هذه الفترة حول العملات البلاستيكية الّتي ستُطرح قريبًا في السّوق المصريّة. فما هي؟ وما مميّزاتها وعيوبها، وما اختلافها عن الورق في القيمة، نتعرّف إلى هذا سويًّا في مقالنا التّالي.

ما هي الأوراق النقدية البلاستيكية؟

تصنع الأوراق النّقديّة المعروفة بالبلاستيكيّة (Polymer banknotes) من البلاستيك (ركيزة بوليمر)، وتوفّر متانةً ومزايا أمانٍ مميّزةً مقارنةً بالأوراق النّقديّة التّقليديّة. ومن الجدير بالذّكر أنّ الأوراق النّقديّة ليست مصنوعةً من الورق على الإطلاق، ففي الواقع؛ تُصنع عادةً من مزيج القطن وهو ما يفسّر سبب بقاء الأوراق النّقديّة إذا غُسلت. لا تبدو الأوراق النّقديّة المصنوعة من البوليمر مختلفةً تمامًا عند الاحتفاظ بها فحسب، بل إنّها تسمح أيضًا بميزات تصميمٍ جديدةٍ، وأعمالٍ فنّيّةٍ، كما إنّ بعضها يصبح تذكاريًّا بالنّسبة لهواة الجمع. بالإضافة إلى ذلك هي توفّر ميزات أمانٍ غير متوفّرةٍ في الأوراق النّقديّة التّقليديّة، وبهذا تعالج مشكلة تزييف العملة.
لهذه الأسباب؛ يتحوّل المزيد والمزيد من البنوك إلى الأوراق النّقديّة المصنوعة من البوليمر اعتبارًا من عام 2017 لأنّ فوائدها تفوق التّكاليف.[1]

البداية

كان إدخال أستراليا للأوراق النّقديّة البلاستيكيّة ذات الأجهزة المتغيّرة بصريًّا (OVDs) الأوّل من نوعه في العالم، ومَثَّل تحوّلًا نموذجيًّا نحو عملةٍ آمنةٍ من التّزوير.
حيث بدأ البحث في عام 1968 عن حلٍّ علميٍّ لمكافحة تزوير العملة العشريّة الجديدة، وهذا بناءً على طلبٍ من بنك الاحتياطيّ الأستراليّ. كان حلّ هيئة البحوث الأستراليّة (CSIRO) هو الحصول على لوحةٍ شفّافةٍ، وصورةٍ ثلاثيّة الأبعاد مدمجةٍ في الأوراق، واستخدام البلاستيك. كانت الأوراق الجديدة أيضًا أكثر متانةً وأكثر صداقةً للبيئة وأقلّ عرضةً لحمل الأوساخ والأمراض.

ثم حُلّت المشكلات الفنّيّة في غضون 10 سنواتٍ، لكنّ الطّبيعة المحافظة للصّناعة المصرفيّة أخّرت إصدار هذه الأوراق النّقديّة حتّى الذّكرى المئويّة الثّانية عام 1988، وتأسّست شركة سكيورانسي الدّوليّة المالكة المحدودة (Securency International Pty Ltd) في عام 1996 كمشروعٍ مشتركٍ بين بنك الاحتياطيّ الأستراليّ (RBA) وإينوفيا فيلمز (Innovia Films) لتسويق التّكنولوجيا.
وبحلول عام 1998، كانت جميع الأوراق النّقديّة الأستراليّة الصّادرة بلاستيكيّةً. وفي عام 2009 كانت شركة سكيورانسي تُصدِّر إلى 25 دولةً، مع تداول أكثر من ثلاثة مليارات ورقة بوليمر.[2]

مميزات وعيوب

المزايا

مقاومة المياه: البوليمر مقاومٌ للماء، وبالتّالي؛ فإنّ الأوراق النّقديّة ستعاني من الرّطوبة العالية بشكلٍ أقلّ.

أقلّ عرضةً للتّلوّث: إنّ سطح الأوراق النّقديّة من البوليمر أملسٌ للغاية، وبالتّالي فإنّ الأوراق النّقديّة أقلّ عرضةً لجمع الأتربة، علاوةً على ذلك، إذا أصبحت الأوراق النّقديّة متّسخةً، فمن السّهل نسبيًّا تنظيفها.

العمر الطّويل: يمكن للأوراق النّقديّة المصنوعة من البوليمر أيضًا أن تتحمّل درجات الحرارة القصوى.

صعوبة التّزوير: وهذا من خلال الهيكل ثلاثيّ الأبعاد للبوليمر. ويمكن تزويد الأوراق النّقديّة المصنوعة من البوليمر بميزات أمانٍ عالية التّقنيّة، حيث تتطلّب تقنيّةً محدّدةً ومكلّفةً لكنّها فعّالةٌ أثبتت قدرتها على تقليل أعداد التّزوير بشكلٍ ملحوظٍ.

القابليّة لإعادة التّدوير: الأوراق النّقديّة البوليمريّة قابلةٌ لإعادة التّدوير؛ فكلّ ما هو مطلوبٌ هو نقل أوراق البوليمر المقطّعة إلى منصّاتٍ نقّالةٍ ذات درجات حرارةٍ عاليةٍ، ويمكن بعد ذلك تحويل ألواح البوليمر المعاد تدويرها إلى عناصر بلاستيكيّةٍ جديدةٍ، مثل صناديق السّماد وأواني الزّهور.

عيوب

صعوبة الطّيّ: من الصّعب نسبيًّا طيّ الأوراق النّقديّة المصنوعة من البوليمر، فمحاولة طيّها بالقوّة سيسبّب تجعّدها.

الانزلاق: كما ذكرنا فإنّ سطح الأوراق النّقديّة المصنوعة من البوليمر أملس للغاية. نعم للنّعومة مزايا، ولكن يمكن أن تكون أيضًا عيبًا، فهي تجعل الأوراق النّقديّة زلقةً نسبيًّا وبالتّالي أقلّ راحةً في الإمساك بها والعدّ والتّداول.

اللّزوجة: يمكن أن تصبح الأوراق النّقديّة المصنوعة من البوليمر لزجةً عندما تكون مبلّلةً. هذا سببٌ أيضًا في أنّ الأوراق النّقديّة أقلّ راحةً نسبيًّا في الاحتفاظ بها والعدّ والتّداول. علاوةً على ذلك؛ يمكن أن تكون النّقطتان الأخيرتان مشكلةً بالنّسبة لآلات الفرز في البنوك المركزيّة.

خطر التّلاشي: هناك خطرٌ أن تتلاشى ألوان الأوراق النّقديّة المصنوعة من البوليمر، فلقد حدث ذلك في نيجيريا، وربّما يكون هذا عيبًا متعلّقًا بالمناخ.

استخدام الدّهون الحيوانيّة: تُستخدم الدّهون الحيوانيّة في صناعة الأوراق النّقديّة للبوليمر. وقد أثار استخدام الدّهون الحيوانيّة ضجّةً في المملكة المتّحدة، فعارضت المجموعات النّباتيّة والدّينيّة هذا. ومع ذلك، فإنّ البديل -التّحوّل إلى زيت النّخيل- قد رُفض من قبل بنك إنجلترا، حيث يُعرف إنتاج زيت النّخيل بكونه غير صديقٍ للبيئة.

إنّ التّأثير البيئيّ لدورة حياة الأوراق النّقديّة الّتي تبلغ قيمتها 3 مليارات يورو الّتي أُنتجت في عام 2003 يعادل التّأثير البيئيّ لقيادة سيارةٍ حول العالم 9235 مرّةً، وفقًا لدراسةٍ أجراها بنك كندا في عام 2016.

ماذا يحدث للأوراق النقدية البوليمرية التالفة وغير الصالحة؟

تعود كلّ ورقةٍ نقديّةٍ لإجراء فحصٍ إلى البنك أو مركز النّقد بين الحين والآخر، وتختلف الفترة المحدّدة (أسابيع، شهور) باختلاف الدّولة والفئة. وعندما تتمزّق الورقة النّقديّة أو تتلف، تُصنّف على أنّها غير صالحةٍ وتُدمّر من خلال تمزيقها إلى قطعٍ صغيرةٍ، وبالتّالي لا يمكن استعادتها.
يمكن بعد ذلك إعادة تدوير هذه القطع، عن طريق تسخين مزيج قطع البوليمر، وركائز البوليمر والأحبار. وبتبريد هذا المزيج تُصنع منصّات البوليمر المعاد تدويرها، وهي تشكّل الأساس لجميع أنواع منتجات البوليمر. لكن لن تُعاد معالجة الأوراق النّقديّة للبوليمر إلى أوراقٍ نقديّةٍ جديدةٍ، لأنّ مزيج البوليمر والأحبار في البوليمر المعاد تدويره لا يفي بالمعايير العالية.

ومع ذلك، فإنّ بعض البلدان لديها أوراقٌ نقديّةٌ مختلطةٌ من القطن والبوليمر (تسمّى الأوراق النّقديّة الهجينة). وتظلّ الأوراق النّقديّة القطنيّة أثناء التّحوّل إلى البوليمر، بمثابة غطاءٍ قانونيٍّ لفترةٍ انتقاليّةٍ.[3]

طرح الأوراق البلاستيكية في السوق المصري

ستطرح الأوراق البلاستيكيّة فئة الـ10 جنيهاتٍ قريبًا في الأسواق المصريّة وفقًا لتصريحات البنك المركزيّ المصريّ، حيث انتهى البنك من تجهيز المطبعة الجديدة بالعاصمة الإداريّة. وستُتداول هذه الأوراق النّقديّة البلاستيكيّة جنبًا إلى جنبٍ مع النّقود الورقيّة، مع قيام البنك بقياس ردود الفعل على النّقود الجديدة بعنايةٍ قبل طباعة الأوراق النّقديّة البلاستيكيّة من فئة الـ20.

إنّ طباعة العملات البلاستيكيّة قد تكون أكثر تكلفةً من طباعة الأوراق النّقديّة، ولكن بالنّظر إلى الأعمار الافتراضيّة للعملتين، فقد تكون العملات البلاستيكيّة بشكلٍ عامٍّ أكثر جدوى من النّاحية الاقتصاديّة.[4]

ختامًا

الأوراق البلاستيكيّة صديقةٌ للبيئة، وستأخذ محلّ النّقود الورقيّة تدريجيًّا. للأوراق البلاستيكيّة مميّزاتٌ وعيوبٌ، لكن بالمقارنة بالنّقود الورقيّة على المدى الطّويل، يكون العائد في صفّ العملات البلاستيكيّة. أمّا الفارق الوحيد بين العملتين هو الجودة وليس القيمة الماليّة، ولن يؤثّر إصدارها على قيمة العملة، فقط إحلالٌ واستبدالٌ.

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي