القلق عند الأطفال

1

تزايد ضربات القلب، التنفس السريع، التعرق، توتر العضلات، الغثيان، الخوف.. كل ذلك من أعراض القلق المعروفة، ويصاحب ذلك رد الفعل «القتال أو الهروب أو التجمد» الناتج عن تهديدات حقيقية أو متخيلة، مثل كلب مزمجر أو تجربة اجتماعية جديدة. قد يكون الأطفال القلقون متشبثين بأهلهم أو يندهشون بسهولة، أو يبكون أو يعانون من نوبات غضب، أو ينامون بشكل سيء، أو يعانون من الصداع أو آلام في المعدة.

لكن القلق ليس سيئًا بالكامل، حيث يمكن أن يحفزنا أو يساعدنا على تجنب الخطر. تقول د. منى بوتر -المديرة الطبية لبرنامج إتقان القلق وخدمات العيادات الخارجية للأطفال والمراهقين في ماكلين-: «تحدث المشكلة عندما يخرج القلق عن السيطرة ويتخذ قرارات لم تعد مفيدة لنا، وربما حتى شلّتها». عند هذه النقطة قد يصبح القلق الطبيعي اضطراب قلق. [1]

تم اعتبار دور القلق مركزيًا في فهم النطاق الكامل لعلم النفس المرضي للأطفال. للقلق  أهمية إكلينيكية ليس فقط كمجموعة مميزة من الاضطرابات ولكن أيضًا لأن له تأثيرًا على المهام الوظيفية الأخرى للفرد. بالإضافة إلى ذلك، يؤثر القلق على اضطرابات أخرى بشكل غير مباشر، حيث يُحتمل أن تتغير العديد من عمليات التفكير والاستجابات السلوكية والفسيولوجية بشكل كبير تحت تأثير القلق. ورغم أهمية دراسة القلق وآثاره إلا أنه تم اعتبار القلق عند الأطفال والمراهقين في الماضي كنوع من المخاوف والفوبيا. [3]

أنواع القلق

يتميز القلق عند الأطفال بأشكال كثيرة، أشهرها:

قلق الانفصال

يظهر قلق الانفصال عند الأطفال عندما يترك الوالدان الطفل أو يغيبان عن ناظريه. على سبيل المثال: ظهور الضيق والتوتر الشديد على الطفل عند تركه في أول يوم في الروضة أو المدرسة. ويظهر قلق الانفصال عمومًا عندما يُفصل بين الطفل والوالدين في أي مناسبة. يعيق ذلك الطفل عن الذهاب إلى الكثير من الأنشطة المهمة لنمو الشخصية مثل المدرسة أو الرحلات أو اللعب مع أقرانه، ويصبح الطفل قلقًا في هذه المجالات من أن شيئًا سيئًا سيحدث له أو للمقربين إليه عندما يبتعد عنهم.

القلق الاجتماعي

يتمثل هذا النوع من القلق في خوف الطفل الشديد من المواقف الاجتماعية، كالتحدث مع أحد الأقران أو الاستجابة لمناداة اسمه في الصف أو المواقف الاجتماعية في العموم. يؤثر ذلك على تطور شخصية الطفل من ناحية تكوين العلاقات مع أقرانه والمحافظة على تلك العلاقات. ينبع ذلك القلق من خوف الطفل من أن يتعرض للإهانة أو الإذلال أمام الناس، مما يجعله قلقًا ومتوترًا وخجولًا وأحيانا منطويًا على ذاته. [2]

الرهاب أو «الفوبيا»

هو الخوف الشديد وغير المنطقي من شيء معين أو موقف ما، مثل الطيران أو الحيوانات أو العواصف أو المرتفعات أو الظلام.. إلخ. يتجنب الأطفال الذين يعانون من الرهاب هذه المواقف معتقدين بأنها قد تسبب لهم الأذى، رغم أنها قد تبدو لغير المعانين من الرهاب عادية وغير مؤذية. تتمثل أعراض الرهاب على الطفل بالبكاء الشديد ونوبات الغضب وأحيانًا القيء، ولا يعتقد الطفل أن هذا الخوف غير منطقي وغير مبرر.

أسباب القلق

1- العوامل الوراثية: مثل الجينات ودورها في توارث الأمراض النفسية كالقلق.

2- العوامل النفسية: مثل آليات المواجهة، حيث يختلف كل شخص عن الآخر في كيفية التعامل مع المشكلات اليومية والمواقف، وقد تؤدي آليات المواجهة الخاطئة إلى القلق.

3- العوامل البيئية: مثل طُرق التربية الخاطئة والطفولة المضطربة. [1]

طرق العلاج

من الواضح أن عددًا من أسباب القلق العام في الطفولة يمكن منعها أو إدارتها من خلال المعالجة المعقولة. هناك أشياء عملية يمكن للوالدين القيام بها، فبالنسبة للمخاوف غير المنطقية التي ليست شديدة بما يكفي ليتم تسميتها بالرهاب فإن التفسيرات البسيطة والطمأنينة ستساعد العديد من الأطفال في التغلب عليها تدريجيًا.

القلق أو الخوف الذي يتسبب في الضيق المستمر للطفل أو المراهق غالبًا ما يحتاج إلى مشاركة الطفل في الأحداث اليومية لمعالجته مثل الخروج مع العائلة أو الأصدقاء أو إقامة علاقات أو هوايات.

ولكن بعض أنواع القلق يلزمها طرق علاج متخصصة ومنها:

1- الأطباء النفسيون للأطفال والمراهقين: هؤلاء أطباء مدربون خصيصًا للمساعدة في علاج القلق عند الأطفال. يعمل الأطباء النفسيون للأطفال في مجموعة من الأماكن، بما في ذلك المستشفيات والإدارات وعيادات توجيه الطفل ومراكز الاستشارات الأسرية.

2- الأخصائيون النفسيون: يستخدمون الأساليب النفسية التي يمكنها أن تكون مفيدة بشكل خاص مع الرهاب، وغالبًا ما تعمل مجموعتان من المحترفين معًا.

3- يمكن لعلماء النفس التربوي وموظفي الرعاية التعليمية مساعدة الطفل في حالة إذا ما كانت المدرسة من أسباب القلق.

4- في بعض الحالات يصبح الأخصائيون الاجتماعيون أيضًا من الجهات المعنية بالعلاج، لا سيما إذا كانت مخاوف الطفل تتعلق على وجه التحديد بحياتهم المنزلية. قد يلتقي الأخصائي الاجتماعي بجميع أفراد الأسرة للمساعدة في حل أي صعوبات تواجه الأسرة. أحد أشكال هذه المساعدة هو العلاج الأسري والذي يساهم في التغلب على مشكلات الأسرة، مما يساهم في علاج مشكلة القلق عند الطفل.

يمكن لهؤلاء الخبراء مساعدة الآباء والأطفال على تعلم تطبيق العلاج السلوكي المعرفي (CBT)، وهو علاج فعال للغاية يعالج الأفكار والسلوكيات المقلقة. يمكن أيضًا مناقشة تقنيات اليقظة والأدوية المضادة للقلق أو مضادات الاكتئاب. غالبًا ما يعمل استخدام مجموعة من الأساليب بشكل أفضل.[4]

يمكن للوالدين المساعدة في علاج القلق عند الطفل بإحدى هذه الطرق:

1- إضفاء الطابع الشخصي: اطلب من طفلك تسمية القلق، ويمكن لطفلك رسم صور القلق أيضًا. بعد ذلك، ساعد طفلك على إدراك القلق عندما يظهر مثل: «هل يخبرك بوبو الأرجواني ذو الأسنان الشائكة أنه لا أحد يريد أن يلعب معك؟». يمكن أن يساعد وصف القلق وأبعاده على تعلم طفلك أن يكون المتحكم في قلقه.

2- معاينة المواقف المثيرة للقلق: ضع في اعتبارك الذهاب مبكرًا إلى المكان الذي قد يعاني الطفل من القلق فيه، على سبيل المثال: الذهاب اليوم إلى المخيم الذي يفترض أن يذهب إليه الطفل في الأسبوع القادم لمقابلة المسؤولين والاستشاريين هناك.

3- نموذج الثقة: الأطفال مثل عدادات جيجر عاطفية، يسجلون القلق الذي يشع من الآباء. حاول أن تكون منتبهًا لما تمثله من خلال الكلمات ولغة الجسد، واعمل على تخفيف ردود الفعل المفرطة عند اللزوم.

4- اتركهم يرون عالمهم: يمكننا مساعدة الطفل في اكتشاف العالم من حوله.

5- السماح بالضيق: يؤدي تجنب المواقف المؤلمة إلى تخفيف القلق مؤقتًا فقط لتظهر في مكان آخر. بدلًا من ذلك، جرب أدوات لتحمل الضيق: قد يرش أحد الأطفال على وجهه بالماء البارد وقد يقوم طفل آخر بصعود وهبوط الدرج لأعلى وأسفل مرارًا وتكرارًا للتخلص من طاقة القلق، أو شد العضلات وإرخائها، أو إلهاء النفس من خلال النظر حول المكان للعثور على كل لون في القوس قزح.

6- تدريب الطفل على التعرض للقلق: يساعد التعرض التدريجي في إعادة توصيل الدماغ القلق، ويظهر للطفل أنه يستطيع النجاة من لحظات القلق. لنفترض أن طفلك قلق بشأن التحدث في الأماكن العامة، ويخفض رأسه ويتلوى إذا تحدث إليه أحد. اختر مطعمًا لطيفًا لقضاء موعد أسبوعي ممتع، ثم درب طفلك على تولي مسؤولية طلب الأطعمة التي يحبها في خطوات صغيرة. في البداية قد يهمس بالطلب وستنقله إلى النادلة، بعد ذلك قد يطلب فقط شرابه أو الحلوى، وأخيرًا وجبة كاملة مع نمو الثقة وزيادة الكفاءة في التعامل مع القلق.[1]

شارك المقال:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي