لا يحتوي كوكب الأرض على الصخور والتربة والمياه فقط، بل محاطٌ بطبقةٍ من الغازات تسمى الغلاف الجوي، توفر الظروف المناسبة للحياة على سطح الكوكب. هذا الغلاف الجوي يمتد إلى ما يقارب 480 كيلومترًا فوق سطح الأرض، ويتكون من مزيجٍ من الغازات بنسب مختلفة، حيث يحتل غازي النيتروجين والأكسجين ما يشكل نسبة 99% من الغلاف الجوي، أما غاز الأرجون فيكوِّن ما يقارب 0.93% من الغلاف الجوي، والنسبة الضئيلة المتبقية فهي تشمل باقي الغازات الأخرى مثل غاز ثاني أكسيد الكربون وبخار الماء وغيرهم. [1]
أهمية الغلاف الجوي
من دون الغلاف الجوي لما كانت ستقوم الحضارات وتزدهر الحياة، إذ يلعب الغلاف الجوي دورًا هامًا في توفير البيئة المناسبة للحياة، حيث يحافظ الغلاف الجوي على درجة حرارة الكوكب. فلو أخذنا جرمًا سماويًّا لا يحتوي على غلافٍ جوي كالقمر مثلًا، لوجدنا أن درجة الحرارة في الظل تختلف تمامًا عن درجة الحرارة في الضوء، حيث تتراوح درجة الحرارة على سطح القمر ما بين 121 درجة سيليزية في الضوء إلى 157- درجة سيليزية في الظل. [2]
كما أن الغلاف الجوي يعمل كحاجز للأشعة الكونية والأشعة فوق البنفسجية المنبعثة من الشمس التي قد تتسبب بأضرار جسيمة للجلد والعين. وأيضًا يقوم الغلاف الجوي بحماية الأرض من الحطام الفضائي كالنيازك والغبار الكوني، إذ يولد الاحتكاك مع جزيئات الهواء حرارةً كافية لإحراق تلك الجسيمات عند دخولها للغلاف الجوي قبل أن تصل إلى سطح الأرض. ويعمل أيضًا الغلاف الجوي على تكسير الأجسام الأكبر حجمًا لجسيماتٍ أصغر عند احتكاكها معه، فبدون الغلاف الجوي لكانت الأرض مليئة بالفوهات كسطح القمر. [2]
طبقات الغلاف الجوي
مكننا تقسيم الغلاف الجوي لطبقات إما عن طريق اختلاف درجات الحرارة مع الارتفاع عن سطح الأرض أو عن طريق تركيب الغلاف الجوي وما يحتويه من غازات. [3]
أولًا: طبقًا للتغير في درجات الحرارة مع الارتفاع
اعتقد العلماء في أوائل القرن العشرين أن درجات الحرارة تتناقص كلما ارتفعنا عن سطح الأرض. وفي عام 1902 دحض العالم الفرنسي ليون فيليب تيسيرينك دوبرت (Leon Philippe Teisserenc de Bort) هذا الاعتقاد بعد إجرائه عدة تجارب أثبتت العكس. واليوم يتم تقسيم الغلاف الجوي إلى أربع طبقات طبقًا لدرجات الحرارة، فأول طبقة تبدأ من سطح الأرض إلى ارتفاع يتراوح ما بين 8 كم و14.5 كم وتدعى بطبقة التروبوسفير، [4] في هذه الطبقة تقل درجة الحرارة مع الارتفاع بمقدار 6.5 درجة سيليزية لكل كيلومتر. وتعتبر طبقة التروبوسفير محور اهتمام علماء الطقس، إذ أنَّ منشأ جميع السحب والتقلبات الجوية ومولد العواصف المدمرة تكون ضمن طبقة التروبوسفير ولهذا السبب تدعى طبقة التروبوسفير أحيانًا بطبقة الطقس. [3]
تلي طبقة التروبوسفير طبقة الستراتوسفير ويفصل بينهما حد يدعى حد التروبوبوز، في هذا الحد يتوقف تناقص درجات الحرارة مع الارتفاع حتى ارتفاع 20 كم، إذ تتسم طبقة الستراتوسفير التي تمتد إلى ارتفاع 50 كم عن سطح الأرض بتزايد درجات الحرارة مع الارتفاع،[4] وهذا بسبب وجود طبقة الأوزون التي تعمل على امتصاص الأشعة فوق البنفسجية وتشتيها مما يؤدي على رفع درجة حرارة هذه الطبقة. [3]
تأتي طبقة الميزوسفير بعد طبقة الستراتوسفير ويفصل بينهما حد الستراتوبوز، تمتد هذه الطبقة إلى ارتفاع يقارب 85 كم عن سطح الأرض. [4] تتسم طبقة الميزوسفير بأنها أبرد طبقات الغلاف الجوي، إذ تصل درجات الحرارة إلى ما يقارب 120- درجة سيليزية. وتتميز هذه الطبقة بأنها الطبقة التي تحترق الشهب فيها. وعلى الرغم من أن الغلاف الجوي كان محل دراسة العلماء منذ زمن طويل، إلا أن طبقة الميزوسفير ما تزال غامضة للعلماء، إذ أن بالونات الجو لا تستطيع الوصول إلى طبقة الميزوسفير والأقمار الصناعية تدور في مدارات أعلى بكثير عن طبقة الميزوسفير. [5]
بعد الحد الفاصل الميزوبوز الذي يلي طبقة الميزوسفير، تأتي طبقة الثرموسفير. تمتد طبقة الثرموسفير حتى ارتفاع 600 كم وتتميز بتزايد درجات الحرارة مجددًا مع الارتفاع عن سطح الأرض حتى تصل درجة الحرارة إلى ما يقارب 1500 درجة سيليزية. [5] والسبب وراء ارتفاع درجات الحرارة هو امتصاص جزيئات الأكسجين والنيتروجين المتواجدة في هذه الطبقة لموجات الطاقة القصيرة المنبعثة من الشمس والتي تعمل على إثارة الجزيئات وإكسابها سرعات عالية جدًا، ولكن إن صعد رائد فضاء لهذه الطبقة وأخرج يده لن يحس بالحرارة العالية لأن جزيئات الهواء في هذه الطبقة قليلة جدًا وتفصل بينهم مسافات بعيدة جدًا فلن تصطدم إلّا عدة جزيئات بيد رائد الفضاء التي يكون مقدار تأثيرها ضئيل جدًا.[3] وكذلك تتميز طبقة الثرموسفير بتواجد الأقمار الصناعية وبمكان حدوث ظاهرة الشفق القطبي. [6]
آخر طبقات الغلاف الجوي هي طبقة الإكسوسفير، حيث تعتبر هذه الطبقة الحد الفاصل بين الغلاف الجوي والفضاء. تمتد هذه الطبقة إلى ارتفاع يقارب 10000 كم عندما لا تتواجد أي من العواصف الشمسية، ولكن عندما تكون هناك عاصفة شمسية يقل ارتفاع الإكسوسفير إلى 1000 كم فقط. وتعد جزيئات الهيدروجين هي الجزيئات المكونة لهذه الطبقة مع كميات ضئيلة جدًا من الغازات الأخرى. [5]
ثانيًا: طبقًا لتركيب الغلاف الجوي
يتم تصنيف الغلاف الجوي إلى طبقتين فقط إذا نظرنا إلى التركيب وهما طبقتي الهوموسفير والهيتروسفير. تبدأ طبقة الهوموسفير من سطح الأرض وتمتد إلى ارتفاع يقارب 80 كم، وتتميز هذه الطبقة بأنها خليط متجانس من الغازات المكونة للغلاف الجوي. وعلى النقيض من طبقة الهوموسفير تكون طبقة الهيتروسفير، إذ لا تكون الغازات متجانسة بل تكون على هيئة أربع طبقات طبقًا للوزن الجزيئي للغازات. تكون الطبقة السفلى مكونة بشكل كبير من غاز النيتروجين (N2)، تليها الطبقة المكونة من غاز الأكسجين (O) ثم تتبعها الطبقة المكونة من غاز الهيليوم (He)، وأخيرًا الطبقة المكونة من غاز الهيدروجين. وتمتد طبقة الهيتروسفير من ارتفاع 80 كم إلى ارتفاع 400 كم. [3]
إعداد: ريم أحمد
مراجعة: آية غانم
المصادر
[1] | T. Sharp، “Earth’s Atmosphere: Composition, Climate & Weather،” 13 October 2017. [متصل]. Available: https://www.space.com/17683-earth-atmosphere.html. |
[2] | M. Kazmeyer، “Importance of the Earth’s Atmosphere،” 13 March 2018. [متصل]. Available: https://sciencing.com/importance-earths-atmosphere-5070.html. |
[3] | Frederik K. Lutgens, Edward J. Tarbuck، The atmosphere an introduction to meteorology، New Jersy: Prentice-Hall, Inc، 1979. |
[4] | H. Zell، “Earth’s Atmospheric Layers،” 7 August 2017. [متصل]. Available: https://www.nasa.gov/mission_pages/sunearth/science/atmosphere-layers2.html. |
[5] | Melissa McDaniel, Erin Sprout, Diane Boudreau, Andrew Turgeon ، “atmosphere،” 7 October 2011. [متصل]. Available: https://www.nationalgeographic.org/encyclopedia/atmosphere/. |
[6] | UCAR، “Layers of Earth’s Atmosphere،” 2015. [متصل]. Available: https://scied.ucar.edu/atmosphere-layers. |