القلق عند المراهقين: كيف يمكنك المساعدة؟

anxious-teen-boy-1135x540

توضّح العديد من الدراسات زيادة في معدلات القلق عند المراهقين وطلاب الجامعات، وتصاحبه مشكلات نفسية أخرى منها: الاكتئاب والإدمان. وقد أبلَغ مؤخراً فريق من الباحثين في جامعة كاليفورنيا (UC Berkeley researchers) عن تضاعف عدد الذين يعانون من القلق في سن (١٨ – ٢٦) عاماً منذ عام ٢٠٠٨، كنتيجة جزئية للضغط المالي، واستخدام الأجهزة الرقمية المتزايد. يرى كل ٧ من ١٠ مراهقين هذه المشكلات النفسية شيئاً أساسياً بين زملائهم. وفي الواقع يشغل الاكتئاب والقلق اهتمام الشباب أكثر من التنمر.

في عام ٢٠١٩، أُجريت ١٦٠٠٠ دراسة عالمياً موضوعها القلق عند المراهقين؛ من ناحية أسبابه وكيفية علاجه بوصفه وباءً متنامياً. وعلى الرغم من ذلك، يتم تجاهل أسس التنمية الإيجابية التي يمكنها غالباً الحد من القلق عند المراهقين وتجنبه. ويعلم الباحثون بالفعل ما يفعله الآباء والمعلمون والموجّهون لبناء قوة إيجابية داخلية في الشباب لحمايتهم من القلق والضغوطات العديدة التي يسببها النموّ في مجتمع رقميّ شديد التنافسية.
من منظور البحث العلمي، تؤكد البيانات أن بذور التنمية الصحية تُزرع عن طريق علاقات الشباب بالبالغين المهتمين بهم. إنّ التركيز على هذه العلاقات هو الطريقة المُثلى لتعزيز صحة المراهقين العقلية. حتى بعد أن يتمّ المراهقون علاجهم من القلق، يستطيع البالغون دعمهم للتغلب على ضغوطات فترة المراهقة.

٦ طرق للحد من القلق عند المراهقين

إن سبب القلق عند المراهقين لم يحدد بدقة، فقد يوجد العديد من الأسباب؛ منها تراكم أحداث صغيرة مُجهِدة، أو أن يكون الميل للقلق من طبيعة الشخصية نفسها، أو التعرض لإساءة المعاملة، أو الصدمة. ويمكن أن تزيد المخدرات أو الكحول من شدّة القلق.
يشعر الآباء والبالغون غالباً بالعجز عندما يتألم الأطفال، ومع ذلك يستطيعون إحداث فرق هائل في حياتهم ومواجهة القلق إذا تسلّحوا بفهم نقاط البحث التطويري التالي:

١- يحتاج المراهقون للعلاقات الوثيقة خلال فترة المراهقة

العلاقة الوثيقة هي رابطة عاطفية عميقة ومؤازِرة تربط بين شخصين. تبدأ بعلاقة الأم بطفلها خلال الطفولة؛ فتُظهر له أهميته واستحقاقه للحب، وتستمر بالآباء أو البالغين المهتمين بهم خلال المراهقة.
أوضح علماء الأعصاب أنه عن طريق هذه العلاقات المتماسكة التأسيسية تتطور الشبكة العصبية للعقل الناضج. حتى عندما تُفقَد هذه العلاقات أو تُقطع، يستطيع البالغون المهتمون تجديدها بدعمهم. والأهم أن عقل المراهق يستمر في الاستفادة من الرابطة القوية بأبويه أو ببالغين آخرين أكثر من استفادته أثناء الطفولة لأسباب مختلفة، منها أنها تساعد الأطفال على الشعور بالكفاءة، بينما تعتبر علاجاً معروفاً للقلق والتوتر عند المراهقين.

٢- ينجز المراهقون أكثر عندما لا يُضطَرون أن يكونوا مثاليين

الرسائل المبهمة عن الأداء والمثالية تزيد القلق لدى المراهقين، وهي منتشرة في ثقافتنا اليوم. فيشعر المراهقون بالضغط عندما يقترح الآباء: “يمكنك القيام بما هو أفضل من ذلك”، وعندها لا بد أن يوضّحوا أيضاً: “ما الحد الكافي ليكونوا «أفضل»؟”، لأن المراهقين سيسألون أنفسهم: “هل أنا كافٍ؟” وسيصدق أكثرهم أنهم ليسوا كذلك. تُخفي جملة مثل: “أعرف أنك بذلت ما في وسعك” معاني أخرى، فينتظر الطفل: “لكن… كان يمكن أن تكون أفضل”. يمكن للوالدين قول جملة أكثر إيجابية مثل: “يخطئ الجميع؛ وهكذا نتعلم”. عندما يحصل الطفل على درجة أقل من المرجوة، يكون الموقف الإيجابي مثلاً: “أعلم أنك محبط. يجعلنا الشعور بالإحباط نحاول بجهد أكبر، أو نغيّر طريقة قيامنا بالأشياء. أنا أحبك، أيّاً كانت درجاتك”.

٣- ينجح المراهقون بالدعم غير الانتقادي

إن انتقاد الطفل بسبب اختلافه أو أفعاله أو مظهره يخبره بإحباطك مما هو عليه، ويشعره بأنه يستحق حباً أقل. عادة ً ما ينتقد الآباء والمعلمون المراهقين دون تفهّمهم، وهي طريقة سريعة لإظهار الرفض. لذا يجب عليهم التوقف عن انتقادهم، ومحاولة فهمهم لبناء علاقة متينة وداعمة معهم.

٤- لدى المراهقون مخاوف بشأن حياتهم ومستقبلهم.

إن المراهقة فترة يبحث فيها الأطفال عن هويّاتهم. وتترافق بتغيرات في الشبكة العصبية للدماغ. يمكن لهذه التغيرات أن تكون زناداً للقلق عندهم، فيبدؤون بالقلق بشأن اندماجهم في المجتمع. هذه المخاوف جزء طبيعي من النمو. ويمكن أن يساعد البالغون في الحد من هذا القلق بجعله طبيعياً؛ بالنقاش معهم عن مخاوفهم، ومشاركتهم قصص عن مخاوفهم هم أنفسهم. فعندما تتعلم العائلات التواصل في المحن، يصبح الأطفال أقل قلقاً وأكثر مرونة.

٥- يسعى المراهقون لإيجاد هدف ومعنى لحياتهم

تأتي القدرة على التأمل في تفكيرنا الخاص مع سن المراهقة، وهو ما يطلِق عليه علماء الأعصاب: ما وراء المعرفة -أو إدراك الإدراك- (metacognition)، حيث تزداد قدرة الأطفال ما وراء المعرفية. ويشير البحث إلى أنهم ينجزون بمستوى أعلى أيضًا.
عندما يدعو البالغون المراهقين للتأمل في أفكارهم ومشاعرهم، فهم يؤكدون بذلك على قيمة خبرات الصغار. وتؤكد أحدث البحوث في علم الأعصاب على أهمية مشاركة القصص. تُتاح الفرصة للمراهقين لرؤية العالم بطريقة جديدة مختلفة من خلال مناقشة الأفلام والكتب وقصص الحياة. هذا التوكيد والمشاركة يقلل القلق غالباً، ويحفّز الوعي بالذات.

٦- يحتاج المراهقون أن يشعروا بأنهم مفهومون

إن التعاطف أداة قوية لتقليل القلق عند المراهقين. فعندما يشعرون بأنهم مرئيون ومسموعون ومفهومون، يقل قلقهم بشأن أنفسهم، و بأن عليهم أن يكونوا مثاليين وملائمين.
بدلًا من الحديث عن الأحداث السطحية، اطلب منهم المشاركة في المحادثات العميقة، مثل: “كيف شعرت خلال تلك التجربة؟”، “بماذا شعرت جسدياً؟”، “بماذا يخبرك ذلك؟”.
الاستماع بهدف الفهم هو مفتاح التعاطف، وترتبط ثلاث مهارات بالاستماع الجيد، وهي:

  • احترم الشخص الآخر.
  • استمع أكثر مما تتحدث.
  • اسعَ دوماً للفهم.

 

المصدر

 

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي