القلق وتطوُّر أمراض القلب
لم تُدرس العلاقة بين القلق وأمراض القلب بشكلٍ كامل؛ مثل العلاقة بين الاكتئاب وأمراض القلب، مع ذلك، تؤمن دكتورة (آنا ماكان) بروفيسور الطِّبِّ النفسيّ والعلوم السلوكيّة في كليّة الطِّبِّ بجامعة جونز هوبكنز، أنّ العلاقة قويّة.
تقول دكتورة ماكان: «من وجهة نظري، ومن تجربتي الإكلينيكيّة الشخصيّة، يمكن أنْ تلعب اضطرابات القلقِ دورًا رئيسًا في أمراض القلب».
«أنا أعتقد أنَّ إلقاء نظرةٍ دقيقةٍ على القلق من شأنهِ أنْ يكشف عن الطرق التي قد تؤثِّر بها بشَّدة على أمراض القلب سواءً باعتباره عاملًا مساهمًا، أو عائقًا في التعافي».
يمكن أن يكون ردُّ الفعل الطبيعيّ للنوبة القلبيّة المفاجئة مشابهًا لاضطِّراب ما بعد الصَّدمة:
- من المحتمل أن تُصدم من تجربتك الوشيكةِ على الموت، وتتردَّدُ للغاية للقيام بالأشياء التي اعتدت على القيام بها.
- قد تسترجع الحدث المُهدِّدَ للحياة مجددًا، وتتجنَّب النَّشاط أو المكان المرتبط بالنوبة القلبيّة.
- قد يعوّق تكرار الأفكار المقلقة قدرتكَ على النوم المنتظم.
- قد تكوِّن أفكارًا سلبيّةً للغاية حول ما ينتظرك، وتتسبَّب في نظرةٍ مستقبليّة كارثيّة شديدة القصر.
تأثير القلق على القلب
عندما يشعر شخص ما بالقلق، يتفاعل جسده بطرقٍ يمكن أن تشكِّل ضغطًا إضافيًا على القلب، قد تكون الأعراض الجسديّة للقلق مدمرةً خصوصًا بين الأشخاص المصابين بأمراض القلب.
قد يرتبط القلق باضطرابات القلب، وعوامل الخطر القلبيّة التالية:
- ضربات القلب السّريعة (عدم انتظام دقات القلب) -في الحالات الخطرة-، يمكن أن تتعارض مع عمل القلب الطبيعيّ، وتزيد من خطر الإصابة بالسكتة القلبيّة المفاجئة.
- زيادة ضغط الدم -إذا كان مزمنًا-، قد يؤدّي إلى أمراض الشّريان التاجيّ، وضعف عضلةِ القلب، وفشل عضلة القلب.
- انخفاض معدّل التغيّر في ضربات القلب -يمكن أن يؤدّي إلى ارتفاع معدّل الوفيّات بعد أزمة قلبيّة حادة-.
القلق والتّعافي من الأزمة القلبيّة
تعلم كيف يمكن للقلق أنْ يؤثّر في أمراض القلب.
تأتي اضطّرابات القلق مع درجةٍ عاليةٍ من الخوف والتوتُّر، عندما يمنع هذا الخوف والتوتر مريض الأزمة القلبيّة أو أمراضِ القلب من اتِّباع نصيحة وخطّة علاج طبيب القلب، قد يكون له تأثيرٌ كبيرٌ على التعافي. يمكن أن يتداخل القلق مع التالي:
- الالتزام بأنظمة التمارين الموصوفة.
- تناول الأدوية الموصوفة.
- اتباع نظامٍ غذائيّ صحيّ.
- الحصول على قسطٍ كافٍ من النَّوم الجيّد.
- إعادة الاتّصال مع الأصدقاء والعائلة.
- استئناف العمل والمسؤوليّات العائليّة بثقة.
أنواع مختلفة من اضطّرابات القلق
تقع اضطرابات القلق في عدَّة فئات، فيما يلي بعضٌ منها:
- اضطّراب الهلع -يمكن أن يرتبط بأمراض القلب أو يظنُّونه خطًأ أزمةً قلبيّة، تترافقُ غالبًا مشاعر الهياجِ الشّديد والخوف مع الدُّوار، وألمٍ في الصّدر، وشعورٍ بعدم الرّاحة في المعدة، وضيقٍ في التَّنفُّس، وسرعةٍ في ضربات القلب.
- اضطّراب ما بعد الصَّدمة (PTSD) -حالةٌ تكون تابعةً لصدمة أو حادثة مروِّعة أو حدث مفاجئٍ يهدِّدُ الحياة، مثل: جريمةٍ عنيفة، حادثٌ كبيرٌ أو أزمة قلبيّة. غالبًا ما يعاني المصاب باضطّراب ما بعد الصّدمة من صعوبة في التّعامل مع أيّ شيء مرتبطٍ بالحادث الذي تسبَّب في حالته، ويعاني من مشاعرِ القلق والانفصال عن الواقع.
- اضطّراب الوسواس القهري -الأشخاص المصابون باضطّراب الوسواس القهريّ سوف يقومون بإدارة الأفكار غير المعقولة والمخاوف عن طريق تنفيذ نفس الأفعال مرارًا وتكرارًا-. على سبيل المثال، شخصٌ مهووس بأعراض أمراض القلب والأوعية الدموية التي قام الطّبيب بفحصها وإيضاحها من قبل، قد يبحث عنها بشكلٍ قهريّ أو يجد أعراضًا أخرى جديدةً لساعات متتالية.
تمييزُ نوبة الهلع عن الأزمة القلبيّة
تتشارك نوبات الهلع والأزمات القلبيّة في أعراض متشابهةٍ -إنْ لم تكن متطابقة-،مع أيّ شخصٍ يعاني من ألمٍ مفاجئٍ وحادٍ في الصّدر -سواءً أكان يُعالج من اضطّراب القلق أو لا- يجب أنْ يذهب إلى غرفة الطَّوارئ.
سيقوم الطّبيب بتحليل دم المريض بحثًا عن إنزيماتٍ خاصّة بعضلة القلب، فإذا لم يُعثر على أيّ منها فعادةً لا تكون أزمةً قلبيّة.
سيعرف طبيب القلب بمشاكل القلق والاكتئاب كيفيّة فصلِ أعراض نوبة الهلع عن أعراض الأزمة القلبيّة، وسيكون قادرًا على إرسال المريض للعلاج من اضطّراب الهلع أو أيّ نوعٍ آخر من القلق.
تشخيص وعلاج القلق
من المهم أن نفرِّق بين القلق الطبيعيّ، والنوع الأكثر حِدّة. هل يؤثّر القلق على حياتك العائليّة أو يمنعك من أن تكون منتجًا في حياتك المهنيّة؟ هل يمنعك من الانخراط في الأنشطة التي تُحبُّها؟ إذا كانت الإجابة نعم، فهذا النّوع من القلق هو الذي يتطلّب قدرًا من العلاج أو العناية الطبيّة.
اعتمادًا على مدى شدّة ونوع القلق يمكنُ أن يشتمِل العلاج على جلسات العلاج النفسيّ، الأدوية أو مزيج من الاثنين.
- يعدُّ العلاج المعرفيّ السلوكيّ (CBT) طريقةً شائعةً وفعّالةً، وتشملُ ثلاثة مكوناتٍ أساسيّة، هي:
- إدارة القلق -الهدف هو منع المريض من التركيز أكثر من اللّازم على الأمور المقلقة بشأن المستقبل، والتي من المستحيل السّيطرة عليها، كما يساعد المريض في إبقاء التركيز على الحاضر، قد تشمل إدارة القلق تمارين الاسترخاء، والتّركيز الحسيّ، وتقنيّات اليُوجا.
- إعادة الهيكلة المعرفيّة -يميلُ المصابون باضطّرابات القلق إلى التهويل في احتمال وقوع أحداثٍ كارثيّة أو مروِّعة-، تقدم إعادة الهيكلة المعرفية -من خلال علاقة المريض والمعالِجِ- سلسلةً من الخطوات المنطقيّة التي تهدف إلى إثبات أنّ الأحداث والمواقف المشوّهة ليست شيئًا صحيًّا.
- العلاج بالتعرّض -يهدف إلى تعريضِ المريض بشكلٍ تدريجيّ ومتكرِّرٍ للنّشاط أو البيئة التي تسبِّب القلق، وُيتَوَصَّلُ إلى النتيجة الناجحة عندما يتمكَّن الفرد من إدارة القلق بشكلٍ فعّال. من بين الأمثلة على ذلك، التغلُّب على الخوف من عبور جسرٍ أو السّفر بنجاح في رحلةٍ بالطائرة عبر البلاد، أو قضاء الوقت في مكان مرتبطٍ بحادث أو جريمة.
القلق عند النساء
النساء أكثر عرضةً بمرتين من الرجال للإصابةِ باضطّراب الهلع، واضطّراب القلق العام، والرُّهاب الاجتماعيّ، واضطّرابات القلق تُتَناول ككل. النساء أيضًا أكثر عرضة من الرجال للإصابة باضطّراب ما بعد الصّدمة على الرغم من أنّ الرجال أكثر عرضةً للمواقف الخطيرة والعنيفة.
قد يكون أحدُ الأسباب هو أنّ أكثر أنواع الصّدمات التي تتعرّض لها النساء -الصّدمة الجسديّة والاغتصاب- من المرجّح أن تؤدي إلى (اضطّراب ما بعد الصّدمة-PTSD) وهو أحد أنواع القلق العديدة التي يمكِن أنْ تضع ضغطًا على القلب.
دور الجينات في اضطّراب القلق
تقول الدكتورة ماكان:
«تمامًا مثل أزمةٍ قلبيّة كبيرة، الحرق هو شيءٌ مروِّع.»
حوالي 33% من المرضى الذين يعانون من حروقٍ شديدةٍ، لديهم اضطّراب ما بعد الصّدمة، والذي يجعلنا نتساءَل بشأن الـ 66% الذين لم يُصابوا به، نحن نعتقد أنّ الجينات جزءٌ كبيرٌ من السّبب في ذلك.
نحن نبحث حاليًا فيما إذا كان هذا الضّعف الجينيّ ينطبق على أمراضِ القلب.