الكسوف الشمسي الأخير

Last-Total-Solar-Eclipse

|

ينتظر سكان الأرض -وتحديدًا سكان القارة الأمريكية الشمالية- ظاهرة فلكية جديدة يوم الحادي والعشرين من آب أغسطس وهي الكسوف الشمسي الأخير، وأثناء هذا الكسوف الشمسي، سيحول مراقبو السماء أغلب انتباههم إلى الشمس. لكن يجب علينا ألا ننسى القمر، فهو يتقدم ببطئ بعيدًا عن الأرض وذلك يعني أن تلك الأحداث السماوية لن تستمر بالحدوث إلى الأبد.

في الشهر المقبل، سيمشط الكسوف الشمسي الكلي المنطقة القارية الأمريكية، بدءًا من ولاية “أوريغون” حتى ولاية كارولينا الجنوبية على طول امتداد من الأرض حوالي 70 ميلًا (113 كيلومترًا) عرضًا. وسيحدث ذلك الكسوف فقط عندما يمر قرص القمر بين الأرض والشمس، فيحجب ضوء الشمس الساطع، صابًا ظلًا طويلًا على الكوكب.

قال ريتشارد فوندراك (Richard Vondrak) -عالم القمر في مركز غودارد لرحلات الفضاء التابع لناسا في ماريلاند- في بيان:

“إن الكسوف الكلي عبارة عن رقصة بثلاثة شركاء، القمر والشمس والأرض، ويحدث فقط عندما تسببها محاذاة رائعة للقمر والشمس في السماء.”

يحدث الكسوف الشمسي الكلي عندما يكون للشمس والقمر نفس الحجم، لكن كيف  يحدث هذا؟ إن حجم الشمس أكبر بـ400 مرة من حجم القمر، لكن في المقابل، فإن القمر أقرب لنا بـ400 مرة من الشمس، وهو ما يجعلهما متساويان في الحجم عند النظر لهما من سمائنا.

لكن ثمة ما يحدث، فالقمر يتحرك بعيدًا عن الأرض ببطء بمقدار 1 – 1/2 إنش (4 سنتيمترات) لكل سنة وفقًا لبيان من ناسا، وكنتيجة لذلك، فإن الكسوف الشمسي الكلي سينقطع عن الوجود في المستقبل القريب جدًا؛ لأن حجم القمر في سمائنا سيكون صغيرًا جدًا لتغطية الشمس بالكامل. فقد قال (فوندراك) أيضًا في البيان:

“ومع مرور الوقت، فإن العدد والتكرار للكسوف الكلي سوف ينخفض، وبعد 600 مليون سنة من الآن، ستختبر الأرض الجمال والدراما للكسوف الشمسي الكلي، لآخر مرة إلى الأبد.”

يحدث كسوف الشمس الكلي خلال محاذاة الأرض والقمر والشمس. Credit: NASA

لكن إلى الآن، فإن الكسوف الشمسي الكلي قابل للرؤية من مكانٍ ما على سطح الأرض بمعدل مرة كل 18 شهرًا، ومع ذلك، وطبقَا للفيديو الذي نشرته وكالة ناسا عن دور القمر في الكسوف الشمسي، فإن رؤية الكسوف من مكانٍ محدد يعتبرُ أمرٌ نادر؛ لأن الظل الداخلي للقمر صغيرٌ نسبيًا مما يحد من المساحة الإجمالية المرئية للكسوف.

وقال مسئولو الوكالة أيضًا في الفيديو:

“يجب عليك أن تكون في الجانب المشمس من الكوكب لرؤية الكسوف، وأن تكون في مسار ظل القمر. لذلك، فإنه إذا وقعت منطقتك في المسار لعام واحد، فاعتبر نفسك سعيد الحظ؛ لأن تلك النقطة من الأرض ستشهد كسوفًا كليًا بمتوسط مرة كل 375 عام.”

لكن توجد هنا ملحوظة، وهي أن كسوف الشمس الجزئي -والذي يحجب القمر فيه جزءًا من الشمس فقط- يكون مرئيًا في مساحة أكبر بكثير من الكسوف الكلي، لكن ما الذي يسبب كلاهما؟ تكمن الإجابة في وجود جزءان لظل القمر، يطلق عليهما اسمي (منطقة الظل-The Umbra) و(منطقة شبه الظل-Penumbra) وهما ما يحددان نوع الكسوف الذي يراه المراقب على الأرض. فمنطقة الظل، أو الجانب المظلم لظل القمر الداخلي، هو الجزء الذي يحجب الشمس بشكل كامل من القمر. أما منطقة شبه الظل، فهو الذي يخفي جزء فقط من الشمس.

تُظهر معظم خرائط الكسوف دائرة تمثل منطقة الظل، لكن برغم ذلك –وطبقًا للفيديو- فإن الشكل الحقيقي لمنطقة الظل هو أقرب لشكل مضلع غير منتظم مع حواف منحنية قليلًا، وهو ما تحدده ملامح سطح القمر.

وطبقًا للفيديو أيضًا، وباستخدام البيانات من متتبع الاستطلاع القمري لوكالة ناسا (LRO)، فإن علماء الوكالة استطاعوا رسم خريطة لتفاصيل غير مسبوقة للسطح القمري، والتي تظهر فيها الجبال والوديان المؤثرة على عبور أشعة الشمس، والشكل اللاحق لظل القمر أثناء الكسوف الشمسي الكلي.

وتسمح للعلماء هذه الخرائط الطبوغرافية بجانب بيانات ارتفاع الأرض، بتحديد المناطق المحددة بالضبط على الأرض التي تقع في مسار كسوف اليوم 21 القادم من شهر أغسطس.

قالت إيرني رايت -مفكرة ومتصورة بمركز ” غودارد” التابع لناسا- في بيان الوكالة:

“ومع هذا التصور الجديد، سنستطيع تركيز ظل (منطقة الظل) بمزيد من الدقة من خلال حساب تأثير الارتفاعات في مناطق مختلفة على سطح الأرض، إضافة إلى مجرى أشعة الضوء خلال الوديان القمرية على طول حافة القمر الغير منتظمة.”

ساعدت أيضًا بيانات الـ(LRO) العلماء بتنبؤ أفضل لمعرفة وقت ومكان الرؤية للمراقبين للنقاط الغير منتظمة للضوء المرئي حول حافة القمر أثناء الكسوف الشمسي الكلي، وهذه الظاهرة تحدث بسبب أن الأشعة الأخيرة لضوء الشمس تتدفق خلال الوديان الجبلية الوعرة للقمر، والتي تحدث لعدة ثواني فقط قبل وبعد لحظة تمام الكسوف.

لذا وعندما تنظر إلى أعلى للكسوف الشمسي القادم (الـ21 من أغسطس) –سواء كان كليًا أم جزئيًا- تأكد أن يأخذك الإعجاب من القمر كما تعجبك الشمس حينها.

 

إعداد وترجمة: دينا الخطيب

مراجعة وتدقيق: إسراء عادل

المصادر: https://goo.gl/QtHPLu

 

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي