المادة المضادة في مصيدة الباحثين في سيرن.

12-1

في عام (1931) افترض الفيزيائي بول ديراك (Paul Dirac 1902-1984 ) بأن لكل جسيم من المادة نظير من المادة المضادة (Antimatter Counterpart)، ولكن بعد الإنفجار العظيم بوقت قصير، اختفت معظم الماده المضادة، تاركة خلفها قسط ضئيلاً من المادة التي تشكل الكون الذي نعيش فيه اليوم. فما الذي حدث وقلب التوازن بين المادة والمادة المضادة؟ يعتبر هذا السؤال من أكثر المواضيع الشائكة في الفيزياء اليوم.

إن المشكلة الرئيسية في التعامل مع المادة المضادة هو كيفية تخزينها، فمن الصعب إحضارها إلى الأرض. ولدراستها، يجب أن يجد علماء الفيزياء حلاً لهذه المشكلة أولاً، ولأن المادة المضادة تختفي على شكل وميض من الطاقة عندما تتفاعل مع المادة العادية، فطرق التخزين التقليدية لن تنفع معها.

تصنيع الهيدروجين المُضاد (Antihydrogen).

إن أبسط ذرات المادة هي ذرات الهيدروجين، حيث تملك كل ذرة بروتون وإلكترون واحد فقط، لذلك عمل العلماء على إيجاد الهيدروجين المُضاد، الذي يتكون من بوزيترون، أي إلكترون مُضاد (Positron)، وهو مُوجب الشُحنة، يدور حول مضاد بروتون سالب الشحنة.

وبالفعل وفي عام (1995)، أعلن العلماء في مركز الأبحاث سيرن (CERN) بأنهم نجحوا في خلق أول ذرات الهيدروجين المُضاد. وكانت طاقتها عالية جداً فقد انطلقت بما يقارب سرعة الضوء لتقطع مسافة (10) أمتار ثم تفاعلت مع المادة العادية وتلاشت بعد حوالي (40) مليار جزء من الثانية.

في ذلك الوقت كان تصنيع الهيدروجين المُضاد إنجازاً علمياً كبيراً، وكانت الذرات في غاية السرعة ودرجة حرارتها مرتفعة جداً فلم يكن من السهل دراستها، وكان على العلماء ابتكار تقنية جديدة للاحتفاظ بها، فعملوا على تطوير طرق للإمساك بالهيدروجين المُضاد وتهدئة سرعته، واستطاعوا في أواخر التسعينات تطوير مُباطئ البروتونات المُضادة (Antiprotons Decelerator) الذي يُخفض سرعة وطاقة البروتونات المُضادة في تجارب المادة المضادة، حيث يعمل المجالان الكهربائي والمغناطيسي على الحفاظ على المسافة بين البروتونات المُضادة والبروزيترونات في فراغ شبه مثالي، بعيدًا عن المادة التقليدية.

عندما مستوى الطاقة الكافي، استخدم الباحثون فرق جهد كهربائي لتوجيه مضادات البروتونات إلى سحابة من البوزيترونات مُعلقة في الفراغ، ليشكل مكونا المادة المُضادة المشحونان (بروتون مُضاد وبوزيترون) ذرة هيدروجين مُضاد ذي طاقة مُنخفضة، ولكن بما أن ذرات الهيدروجين لا تملك شحنة كهربائية، فإن المجال الكهربائي لن يستطيع حفظها في مكان محدد، لذلك، وكبديل استخدم العلماء مغنطيسان فائقا التوصيل لتوليد مجال مغناطيسي قوي يمكنه التأثير علي مضاد الهيدروجين، فإذا كانت ذرات مضاد الهيدروجين تملك طاقة قليلة فبإمكانها البقاء في هذا المجال لفترة كبيرة.

إن الطريقة الوحيدة للتحقق من الإمساك بالمادة المُضادة هي تدميرها بتركها تتفاعل مع المادة الاعتيادية، فعندما يتم إيقاف المجال المغناطيسي، سيفر الهيدروجين المُضاد من مكان التخزين ويتدمر في أطرافه.

تخزين المادة المُضادة في سيرن (CERN).

في شهر حزيران / يونيو عام (2011)، أعلنت فريق علماء ألفا في مرز الأبحاث سيرن بأنهم نجحوا في حفظ المادة المُضادة لأكثر من (16) دقيقة، وهو زمن كبير مقارنة بعمر هذه الذرات الطبيعي، وكافي للبدء في دراسة خواصها بالتفصيل.

بالمقارنة الدقيقة بين الهيدروجين ومضاد الهيدروجين، فإن عدة فرق من الباحثين ستتمكن من دراسة مضاد الهيدروجين بصورة أدق لتحديد فيما إذا كانت الألوان الطيفية خاصته مطابقة للألوان الطيفية الخاصة بالهيدروجين، في حين ستحاول مجموعة أيجيس (AEGIS) قياس تسارع الجاذبية بالنسبة إلى ذرات الهيدروجين المُضاد.

إعداد: Mina Khaled

مراجعة: المهندس ميشيل نقولا بكني

تصميم: Ayman Samy

المصدر: http://goo.gl/Ubcp4X

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي