محاولة حل اللغز التاريخي: ما هو المرض الذي أدى لوفاة صلاح الدين الأيوبي؟

saladin-20180302

وفاة صلاح الدين،جلوكمان،المؤتمر السنوي للطب التاريخي،||||

قام الخبراء بتسليط الضوء على سبب وفاة سلطان القرن 6هـ/12م صلاح الدين الأيوبي للكشف عن المرض الذي أدى لوفاته عن عمر يناهز الـ 56 عامًا.

في المؤتمر السنوي للطب التاريخي والعيادي في الولايات المتحدة الأميريكية وهو مؤتمر يجمع الأكاديميين من مختلف أنحاء العالم يهدف إلى دراسة وتعليم تاريخ الطب وتثقيف المتدربين على مبادئ التشخيص؛ اجتمع الأطباء لدراسة سبب وفاة بعض الشخصيات التاريخية المشهورة على مدار التاريخ أمثال داروين ولينين وروزفلت ولينكولن، وفي هذا العام تم تسليط الضوء على سبب وفاة السلطان صلاح الدين الأيوبي أحد أهم شخصيات تاريخ العصور الوسطى.

تمثال يجسد ملامح صلاح الدين
تمثال يجسد ملامح صلاح الدين

يقول الدكتور توم أسبريدج -أستاذ تاريخ العصور الوسطى بجامعة ماري كوين في لندن- «صلاح الدين شخصية بارزة لعبت دورًا كبيرًا ومحوريًا في تاريخ أوروبا والشرق الأوسط وهو أحد أهم القادة المسلمون في عصر الحروب الصليبية في العصور الوسطى، ولد بتكريت عام 1137 أو 1138م في أسرة مقاتلة وصاحب عمه القائد العسكري الكبير شيركوه في حملاتهم في مصر والشام، وبعد وفاة الأخير تقلد صلاح الدين الوزارة من قِبَل الخليفة الفاطمي وقام بقيادة الجيوش العربية والإسلامية في مصر والشام حتى قضى على الدولة الفاطمية في مصر، وفي عام 1193م توفى صلاح الدين بعد حُمّى استمرت لمدة أسبوعين عن عمر يناهز الـ 55 أو الـ 56 وحاول أتباعه انقاذه ولكن دون جدوى، فما سبب وفاة صلاح الدين؟

صورة تخيلية لصلاح الدين
صورة تخيلية لصلاح الدين

صرح الدكتور ستيفن جلوكمان -أستاذ الطب في جامعة بنسلفانيا:

«أنّه من الصعب الجزم بالمرض الذي فتك بصلاح الدين؛ لأن المعلومات التاريخية المتعلقة بذلك قليلة وكل احتمال لمرض هو احتمال مشكوك فيه لعدم وجود أدلة كافية لتأكيده، وأنّ كل ما دُون عن مدة مرضه أنها كانت لمدة أسبوعين توفى بعدها صلاح الدين.»

وهنا تحير الأطباء في تفسير الأعراض التي تعرض لها السلطان، هل كان لأمراض مثل الجدري أو السل أو الملاريا أو التيفويد؟ يضيف جلوكمان:

«إنّ ممارسة الطب ودراسة تاريخه على مدار القرون يتطلب قدرًا كبيرًا من التفكير والخيال، إنّ التساؤل عما حدث لصلاح الدين لغز مثير.»

تصف الروايات التاريخية الأعراض التي عانى منها السلطان الأيوبي قبل وفاته فكانت:

«اشتكى صلاح الدين من فقد الشهية والضعف وعسر الهضم، وعلى الرغم من الطقس كان يومئذ باردًا ورطبًا إلا أنه تجنب ارتداء سترة محشوة كان يرتديها دائمًا في الأماكن العامة، وبدا وكأنه رجل يستيقظ من حلم، وفي المساء ازداد تلهفه وقبل منتصف الليل بقليل تعرض لحُمّى شديدة…وفي اليوم التالي كانت حُمّته أسوأ ولكنه بعدها بدأ في التحسن عندما تمّ علاجها -أي الحُمّى- بطريقة غير معروفة وبدأ في الحديث مع رفاقه، ولكن مع الوقت زاد مرضه وأصبح أكثر خطورة بالإضافة إلى الصداع المستمر والمتزايد حتى يأس رفاقه والحاضرون في إنقاذ حياته.»

يُفسر جلوكمان أنّه بناء على هذه الأدلة المتوفرة عن الأعراض التي تعرَّض لها السلطان؛ فإنّ مرض التيفويد هو أقرب الأمراض قبولًا لتفسير هذه الأعراض، فقد كان هذا المرض في تلك الفترة مميت في خلال أسبوعين على الأكثر، ولكن على الجانب الآخر يرفض د. ماكوباك هذا الافتراض مدللًا على أن صلاح الدين لم يعاني من آلام في البطن، ولم تذكر الروايات التاريخية أي شكوى منه من بطنه، وأنّ آلام البطن هي أكبر أعراض مرض التيفويد، وربما كان الرد على اعتراض ماكوباك أنّ السجلات الترايخية لمْ يكن يدونها أطباء على الأغلب بل كانت تدون بعد انتهاء الحدث وليس في وقت وقوعه.

قبر صلاح الدين في دمشق
قبر صلاح الدين في دمشق

يواصل جلوكمان اِحتمالية أنْ يكون التيفويد هو سبب وفاة السلطان الأيوبي هو الأقرب حدوثًا مبررًا أنّه أقرب الأمراض انتشارًا في هذا الوقت نتيجة تناول الناس لطعامًا ملوثًا أو شرب مياه ملوثة ببكتريا السالمونيلا التيفية، وهذا السبب قد يكون مناسبًا لهذه الفترة التاريخية، في حين استبعد جلوكمان العديد من الأمراض التي كانت شائعة في تلك الفترة مثل الجدري أو الطاعون؛ لأن مثل هذه الأمراض قاتلة بشكل أسرع من الفترة التي عانى فيها صلاح الدين من مرضه، واستبعد أيضًا مرض السُل؛ لأن الروايات التاريخية لمْ تُدون لنا أي مشاكل في التنفس قد يكون تعرض لها صلاح الدين، بالإضافة أنه لا يمكن أنْ يكون المرض هو الملاريا؛ لأن لم يرد أي ذكر لشكوى السلطان من قشعريرة وهي أهم أعرض الملاريا.

وخلال بحثه يحاول جلوكمان توحيد المعلومات التاريخية وتوثيقها، تلك المتعلقة بأعراض المرض الذي عانى منه صلاح الدين، بجانب دراسة تفاصيل حياة السلطان الشخصية ودراسة البيئة التي عاش فيها، مدللًا على أنْ وسائل العلاج التي تعرض لها السلطان الأيوبي سواء كانت الحجامة أو الحقن رغم أنّها كانت مشهورة وشائعة في العصور الوسطى كأدوات للعلاج والتطبيب، إلا أنّها لمْ تكن كفيلة للقضاء على مرض التيفويد -كما يقترح- لأنه يحتاج إلى مضادات حيوية قوية كتلك التي تستخدم في أيامنا المعاصرة.

إعداد: عمر بكر
تدقيق: محمود الدعوشي
تحرير: زياد ىالشامي

المصادر:

http://sc.egyres.com/6UueE

http://sc.egyres.com/Kogbr

http://sc.egyres.com/EDqod

http://sc.egyres.com/hhH3Z

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي