ملحوظة: هذا المقال ربما يحتوي على حرق لما يحتويه من ترشيحات، وربما لا، لا أعلم!
أشياء على المرء أن يفعلها على الأقل كل يوم: يستمع إلى أغنية، يقرأ قصيدة جميلة، يشاهد رسمًا رائعًا، وإن كان ذلك ممكنًا؛ يتفوه ببعض الكلمات المنطقية
جوته (Goethe) متحدثًا ببعض الكلمات المنطقية في روايته (سنوات تعلم فلهلم مايستر)
الحياة لسيت كما نتمنى، وإن لم تكن كذلك فلِمَ نحارب الأوهام إذن بسيوف خشبية؟! لكن السؤال هنا هو لماذا نشعر أحيانًا أننا نستحق أن نصل يومًا ما؛ فنستمر في المحاولة؟ لا أعلم، ربما هي أحلام المعتمدين عليك، أو نظرات من يحبك، أو ربما هو القدر، أو ربما حتى في أفضل الحالات .. رغبتك الشخصية، لكن الشيء الأكيد هنا أنك لا تكف عن المحاولة، مهما كلفك الأمر ..
- (جري الوحوش) (1987) .. فيلم مصري، إخراج (علي عبد الخالق)
لو فرضنا إن نعم ربنا اللي ملهاش عدد بتساوي 24 قيراط، هتلاقي كل إنسان واخد الاربعة وعشرين قيراط بتوعه كاملين، بس واخدهم مشكِّلين
هل كان (سعيد) مخطئًا عندما حاول أن يتحدى القدر، أم على صواب عندما قرر عدم الاستسلام؟ وهل كان (عبد القوي) رجلًا متفتحًا عندما قرر أن يفعل أي شيء لضمان سعادته، أم ساذجًا لنفس السبب؟
«- يعني انت مثلا تقدر تبيع عين من عينيك بخمسين ألف جنيه؟
– ابقى قَفَا لو مابعتهاش».
يطرح هذا العمل سؤالًا ليس سهلًا، ولكن بطريقة بسيطة، وعند مشاهدته لأول مرة، ومهما كان عمرك، تجد نفسك محاصرًا بأسئلة لا تكف عن مصارعة بعضها في رأسك، وربما أهمها هو ماذا لو أعمانا ما نريد، فبتنا على استعداد أن نسلك كل الطرق لنصل، كل الطرق، مهما كان نبلها أو دنائتها؟
ولكن بعيدًا عن النصائح المعلبة، ماذا لو اخترت أن تكون سِلْميًا، وتَحمِل أعبائك على أكتافك وتنطلق وحدك، مقررا ألا تُحَمِّل أحد عبء اختياراتك؟ في هذه الحالة سيُعتبر نجاحك انتصارًا شخصيًا، ولكن السؤال هنا، ماذا لو تداعى كل شيء من حولك، هل سيتداعى عليك أنت فقط، أم سيتأذى كل من حولك أيضًا؟
- إلى البرية (Into The Wild) (2007) .. فيلم أمريكي، إخراج شون بن (Sean Penn)
نحن من صنعنا تمثال الروتين، ونحن من يتوجب عليهم تحطيمه. هذا الفيلم نسبيّ للغاية، حسنًا كل الأعمال الفنية، بل الحياتية عمومًا، نسبية للغاية، لكن هذا الفيلم، وعندما نراه نحن خاصة أبناء المدينة، سننقسم على رأيين، هل ما فعله كريس (Chris) هنا يسمى هروبًا وتحميل من يحبوه فوق طاقتهم، أم جرأة وبحث عن انتصار شخصي؟
لقد قرأت في مكان أنه لا يهم أن تكون قويًا في حياتك، المهم هو أن تشعر بالقوة
وهنا يجب أن أخبرك أن مقولة «البقاء للأقوى» خاطئة تمامًا بمعناها السطحي، اذكر لي مخلوقًا سجله التاريخ أقوى من الديناصور! البقاء ليس للأقوى جسمانيًا، البقاء للأذكى والأكثر تحملًا، وهذه الأشياء تعتبر من صفات القوى أيضًا لو تعلم. يتعلق الأمر هنا بقراراتك، هي من تجعل لحياتك معنى، ولكن هل فعلا كما يقولون «الكنز في الرحلة»؟
- لا شيء يعجبني (2003) .. قصيدة عربية من ديوان (لا تعتذر عما فعلت) لـ (محمود درويش)
لماذا نتوقف ونحن في منتصف الطريق؟ هل هو اختفاء السبب أم انطفاء الشغف، أم أن هذا لم يكن طريقك من الأساس وقد أُجبرت عليه جبرًا؟
ويقول جنديٌّ:
أنا أيضًا، أنا لا شيء يعجبني
أحاصرُ دائما شبحًا يحاصرني
مقطع في غاية الكابوسية، أنت لا تعلم حقًا إن كنتَ من يتولى مقاليد الأمور هنا، أم إن هذا ما تتوهم أنك عليه، فتشعر أنك بخير ما دمتَ على الجانب الأكثر أمانًا، ولكن ماذا لو بقيتَ على هذا الجانب للأبد، فوجدت نفسك قد تحولتَ إلى مسخٍ جامدٍ يوجد الكثير منه، تشك إذا رأيته أن هناك روحًا تسري فيه من الأساس؟ ماذا ستفعل حينها؟
- واحد من تلك الحجارة (Einer dieser Steine) (2013) .. أغنية ألمانية لزيدو (Sido)
هل لا زلت تذكر المكان الذي كنت أنتظرك فيه؟
فأنا لا زلت في نفس المكان، جنبًا إلى جنب مع الحجارة الأخرى
لقد كنتُ أتجمد من البرد، وبدون وطنٍ، كنتُ وحيدًا
قبل مجيئك كنتُ مجردَ واحدٍ من تلك الحجارة
ما الذي يفرِّق بيننا وبين الأموات؟ الروح، أليس كذلك. ولكن ماذا لو غابت الروح، أو صرتَ لا تشعر بها، كيف أستطيع أن أفرق بينك وبين سكان القبور؟ الفارق الوحيد بينك وبين الأموات حينها أمرٌ مرعب، وهو أنهم لا يملكون فرصةً ثانية، لكنك تملكها، هل تدرك خطورة الوضع هنا؟
ولكن ماذا لو حدثت المعجزة وقمتَ باستغلال تلك الفرصة، هل ستكون مستعدًا لفعل أي شيء حينها لتصل؟ أي شيء؟!
- المتسلل ليلا (Nightcrawler) (2014) .. فيلم أمريكي، إخراج دان جيلروي (Dan Gilroy)
هل أنت مظلومٌ فعلًا؟ أقصد هل بالفعل ما يعطلك هي العواقب التي تظهر أمامك، أم أنك لا تملك النية الصادقة حقًا للاستمرار؟
شعاري هو أنك إذا أردت أن تفوز باليانصيب، عليك أن تحصل على المال الكافي أولًا لشراء تذكرة
هناك أصوات في رأسك لا تستطيع إسكاتها، هناك ضِيْق في صدرك لا تعلم سببه، هناك حرب مُستَعِرَة بداخلك أنت لا تعلم عنها شيئًا.
ولكن إلى متى تلك الحرب؟
إلى متى؟!
- المؤمن (Believer) (2017) .. أغنية أمريكية لإيماجين دراغونز (Imagine Dragons)
نحن لا نصارع أحدًا سوى أنفسنا. كم هي متعبة حياتنا، غامضة، مريبة، نمقتها أكثر مما نعشقها، ولكن هل سألت نفسك ما الذي يجبرك على الاستمرار؟ لماذا لا تنفض الغبار عن نفسك وتحمل أمتعتك وتعود أدراجك حيث أتيت، حيث كهفك وقوقتعك، أمانك، حيث لا يؤرقك شيء سوى ماذا ستأكل اليوم؟ حسنًا، ربما هو الإيمان، الإيمان بأنك ستصل يومًا ما، الإيمان بأن كل شيء سيكون على ما يرام، لأنه لا بد أن يكون كذلك.
– أريد أن أتوقف
– نحن لا نستطيع
نحن نعيش، لكننا لا نحيا. نحن نصارع، لكننا لا نفوز. نحن الأغلبية في هذا العالم. نحن من نحكم هذا العالم. نحن المُهَمَّشون.
كتابة وإعداد: أحمد فهمي
مُراجعة: آلاء محمد