هل الموارد الاقتصادية مصدر قوة للدول؟

لماذا تقسّم الدول إلى دول غنيّة وأخرى فقيرة؟ لماذا تهيمن الدول الغنيّة بقوتها وتسيطر على الدول الفقيرة؟ الإجابة عن هذه الأسئلة تكمن ببساطة في القوة الاقتصاديّة، فقوة الاقتصاد تعني قوة الدول سياسياً وتحديد مركزها بين الدول، وهذا كان على مرّ الأزمان والعصور. فما هي مصادر القوة الاقتصادية للدول؟

تمتلك أي دولة، مهما كان حجمها أو موقعها الجغرافي، مصدراً أو عدة مصادر تستخدمها في الإنتاج، لتوفير احتياجات أفرادها وتلبية رغباتهم من سلع وخدمات، تُسمَّى هذه المصادر «بالموارد الاقتصادية» (Economic Resources) أو «عناصر الإنتاج» (Factors of Production)، التي تختلف من بلدٍ لآخر، ومن قارةٍ لأخرى، ولكنها تُقسَّم إلى أربعة أنواع. فما المقصود بالموارد الاقتصادية؟ وما أنواعها؟

تعريف الموارد الاقتصادية

الموارد الاقتصادية أو عناصر الإنتاج عي عبارة عن جميع المدخلات التي تتوفر في الاقتصاد، التي يحتاج إليها المنتجون لإنتاج السلع والخدمات. ويمكن اعتبارها بأنها حجر الأساس في الاقتصاد، فبدونها لا نستطيع توفير السلع والخدمات التي تلبّي احتياجات ورغبات المواطنين. وتشمل جميع الثروات الطبيعية والبشرية والتكنولوجية التي تُمكِّن الاقتصاد من العمل والإنتاج. (1)

أنواع الموارد الاقتصادية

بشكلٍ عام، هناك أربعة أنواعٍ رئيّسة من الموارد الاقتصاديّة، وتُعرف بعناصر الإنتاج الأربعة، وهي الموارد الطبيعية أو الأرض، والعمالة، ورأس المال، والريادة، وتتوفر في جميع الدول، ولكن مدى توفّرها في الاقتصاد يختلف من دولة لأخرى.

عناصر الإنتاج

الموارد الطبيعية أو الأرض (Land)

وتشمل جميع الثروات الطبيعية التي تمتلكها الدولة، من أراضٍ زراعية، ومعادنَ نفسيةٍ، ونفطٍ، وغازٍ طبيعيٍّ، ومياهٍ، ومناجمَ، وغابات، وأنهار، وبحار، التي توفر الخامات الأساسية والمواد الأولية اللازمة للإنتاج. وتختلف هذه الثروات من دولة لأخرى، فهناك دولٌ تمتلك أراضٍ زراعيةٍ خصبة ولا تمتلك معادن نفيسة، وهناك دولٌ تمتلك آبار نفط ولكنها غير زراعية، فهذه الثروات لا علاقة لها بالبشر بل هي هبة طبيعية. ولكن جميع الدول تمتلك أرضاً مهما كانت ثرواتها الطبيعة الكامنة فيها، وتستطيع استخدامها في الإنتاج وتوفير السلع والخدمات التي يحتاج إليها الأفراد. بعض هذه العناصر يتجدد مثل الغابات والمياه، وبعضها الآخر ناضب، مثل النفط والغاز الطبيعي.

العمالة (Labor)

وهي القوة البشرية المحركة للاقتصاد، أي العنصر البشري الذي يتوفر في الاقتصاد، الذي يُستخدم لإنتاج السلع والخدمات. وتشمل جميع العمالة التي تتوفر في الاقتصاد بمختلف أنواعها، سواء كانت عمالة تستخدم قوتها العضليّة في العمل مثل عمال المصانع والبناء، وقد تسمى أيضاً بالعمالة غير المدربة، وقد تكون عمالةً عقلية ماهرة ومدربة مثل المبرمجين والأطباء والمهندسين، أو التي تستخدم مهارتها العمليِّة في العمل كالحرفيين من نجّارين وحدّادين. ويطلق عليها أيضاً اسم رأس المال البشري (Human Capital).

وتعتبر العمالة بكلا نوعيها، مهمة جداً للاقتصاد، فهي بمثابة المحرك الأساسي له، ولا غنى عنها لأيِّ اقتصاد.

رأس المال (Capital)

ويشمل جميع المباني والأدوات والآلات والمعدات المادية وأجهزة الحاسوب وبرمجياتها التي يستخدمها الموظفون في إنتاج السلع والخدمات. ولكنها لا تشمل النقود، فالنقود هي وسيلة شراء المباني والمعدات والآلات. وبالرغم من ذلك، فإن مصطلح رأس المال المالي (Financial Capital) يُستخدم للإشارة إلى النقود كأحد أشكال التمويل الرأسمال بالإضافة إلى الأصول المالية كالأسهم والسندات، التي لا تعتبر في حدّ ذاتها رأسمال، لأنها لا تُستخدم في الإنتاج مباشرة، بل تُعتبر وسيلة غير مباشرة لشراء الأصول الرأسمالية الإنتاجية التي تستخدم في إنتاج السلع والخدمات. (2)

الريادة (Entrepreneurship)

تأسيس أي مشروع لا يتطلب فقط أرضًا للمشروع مع عمالة ورأس مال، بلّ يحتاج إلى شخصٍ رياديٍّ يفكر ويخطط ويحدد قيمة المشروع النقدية ويوفر المال اللازم للمشروع، ويتحمل مخاطرة تأسيسه ومن ثم يقوم بإدارته حتى يصل لمرحلة إنتاج السلعة أو تقديم الخدمة وتحقيق الهدف من المشروع. هذا الشخص هو الرياديّ (Entrepreneur)، الشخص المسؤول عن توفير النقود اللازمة للمشروع وتحديد التوليفة المناسبة لنِسَبِ المزج من عناصر الإنتاج السابقة (الأرض والعمالة ورأس المال) بما يضمن تأسيس المشروع وعمله وتحقيقه لأهدافه. ويعتبر من أهم عناصر الإنتاج التي يتوقف عليها نجاح المشروع.(3)

وبالإضافة إلى هذه العناصر الاقتصادية الأربعة فإن للتكنولوجيا التي تستخدم في الإنتاج دورٌ مهم لا يمكن إغفاله عند اتخاذ أي قرارٍ إنتاجيّ، لذلك، فبالرغم من أن التكنولوجيا لا تعتبر من عناصر الإنتاج فإن لها دورٌ محوري لتحديد نوعية العمالة اللازمة للإنتاج، وطبيعة الآلات والمعدات الخاصة به، فالتطورات المستمرة في التكنولوجيا أثَّرت بشكلٍ كبيرٍ على حجم إنتاج المشاريع كماً ونوعاً، وأصبحت الدول تتسابق على تطوير التكنولوجيا المستخدمة في الإنتاج حتى تستطيع توفير السلع والكميات بالكمّ والجودة التي ترضي أذواق الأفراد.

خاتمة

قد تختلف الموارد الطبيعة من دولة لأخرى إلا أنّ عناصر الإنتاج هي دائماً أربعة؛ أرضٌ وعمالةٌ ورأسُ مالٍ وريادة. أما بخصوص قوة الدول فإنها لا تتحدد بمقدار ما تملكه من هِبات وموارد طبيعية ولا دخل للدولة بها، إنما تتحد في كيفية إدارتها والاستفادة منها بما يحقق أهداف الدولة الاقتصادية.

فهناك الكثير من الدول التي تمتلك مساحات زراعية شاسعة تعاني من الجوع لعدم قدرتها على استغلال هذا المورد، وهناك دولٌ أخرى تمتلك معادن نفيسة يعيش سكانها تحت خط الفقر. وهناك نماذج من دول مساحتها صغيرة ولا تمتلك موارد طبيعية استطاع العنصر البشري فيها ابتكار أفكار وتأسيس مشاريع جعلتها من أقوى الدول. فالعبرة إذن بحُسن استغلال الموارد الطبيعية بما يضمن مصلحة الاقتصاد.

وعليه فإن قوة الدولة تنبع من قوتها الاقتصادية، التي تنبثق من كيفية استغلال الموارد الاقتصاد، الموارد الاقتصاد هي مصدر قوة الدولة إذا اُستغِلَّت بحكمة.

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي