رُسم هذا العمل في أوائل حياة بيكاسو المهنية في الفترة التي تعرف بالفترة الزرقاء. في هذه الفترة، كان يعاني بيكاسو من الفقر، وكان يكافح ليحافظ على حياته المهنية كفنان. فكلما نظر إلى الحياة حوله في مدينتيّ برشلونة وباريس، رأى الكثير من البشر، الذين يعتبروا من المنبوذين في المجتمع، ويعانون من الحزن والفقر. ووفقًا لذلك، أصبح هؤلاء الأشخاص هم الفئة المستهدفة لفنه، فأصبحت لوحاته مليئة بالألوان الزرقاء، والخضراء، والرمادية؛ لإظهار حالة الحزن الشديد في لوحاته.
تظهر هذه المرأة المُبينة في اللوحة منحنيةً فوق منضدة كي الملابس، والمكواة المستخدمة هي مكواة قديمة الطراز تتطلب تسخينًا مستمرًّا من موقدٍ قريب، ويوجد أيضًا كأسُ مياه، وبجانبه قطعة قماش تُستخدم في رش المياه.
إن هذه المرأة شديدة النحافة، وتظهر منحنية فوق المنضدة لتضع ضغطًا على المكواة. وكانت لوحات النساء وهم يقومون بالكي شائعةً في ذلك الوقت؛ لأنّ الكثير من الفنانين أصبحوا مهتمين بتصوير الطبقة العاملة. لكن في هذه اللوحة، تمثل المرأة رمزًا وليس مشهدًا، فبيكاسو يعرض لنا صورة لشخصية واحدة، وتركز على المهمة التي تقوم بها مقابل خلفية تكاد تكون غير موجودة.
كان كي الملابس وغسلها من الوظائف الشائعة التي كانت النساء تشغلها في أواخر القرن التاسع عشر وحتى بداية القرن العشرين، وتُعتبر هذه الوظيفة من الوظائف التي تتطلب مجهودًا بدنيًّا كبيرًا؛ لأنها كانت تُؤدَّى في غرفةٍ مزدحمةٍ وساخنة، بالإضافة إلى أنها منخفضة الأجر.
أمضى بيكاسو سنواته الأولى كرسام في رسم الفقراء، ومنهم الأطفال الجوعى، والعازفين المتجولين، وعائلات السيرك. تُعطي هذه اللوحات نبذةً عن الفقر في العالم منذ أكثر من مائة عام. لكن ربما شعر بيكاسو -في ذك الوقت وكفنان فقير- أنه كان يصور عالمه الخاص، وربما أيضًا وجد في داخل معاناته وتحمله للشدائد ما هو ملهم بالنسبة إليه، وهذا ما يؤكده صديقه (خايمي سابارتيس- Jaime Sabartés) عندما كتب: «يؤمن بيكاسو بأن الفن ينبع من الحزن والألم».
يزعم مؤرخو الفن أن بيكاسو كان مهتمًا بالمعاناة الرومانسية (Romantic agony) لوضع المرأة في المجمتع الذي يقدم نقدًا للمجتمع، لأنه يؤمن بأن وضع المرأة في المجتمع الذي واجهته بدون شكوى قد رفع من شأنها. ويقارن موضوع المرأة التي تكوي الملابس بلوحات (إل غريكو) عن الشهداء بما لديهم من أجساد ووجوه ممدودة، ومعالم واضحة، التي رآها بيكاسو لأول مرة، وهو في الرابعة عشر من عمره، في زيارةٍ مع والده إلى متحف «ديل برادو» في مدريد.