كانت الحياة البرلمانية في مصر علامة علي الحضارة المصرية طوال تاريخها. ففي التاريخ الحديث؛ بدأت الحياه البرلمانية في وقت مبكر عام 1824م في حين أن الحياة البرلمانية التمثيلية لم تبدأ إلا في 1866 م.
البرلمان اليوم في مصر من مجلس واحد وهو مجلس النواب.
من المعروف أن مصر بدأت النظم الإدارية والتشريعية بشكل مبكر في التاريخ، كما عرضت طوال تاريخها الثقافات الإنسانية الهائلة والحضارات بالشكل الأكثر تقدما في الحكم والإدارة، فقد وضعت الحضارة الفرعونية حجر الأساس للحكم والإدارة، حيث كان يتم تعيين كبار الموظفين علي قمه الهرم في الدولة، وعندما وصلت الحكومة إلي أوج قوتها في عهد الأسرتين الثالثة والرابعة أصدرت العديد من التشريعات التي أجبرت الفلاحين علي العمل لساعات في حين كافح آخرون السخرة.
بعد غزو الإسكندر الأكبر لمصر في عام 330ق.م بدأت الحضارة الهلنستية حيث دمجت الحضارة المصرية واليونانية، وبعد وفاة الإسكندر الأكبر، حكم البطالمة الذين تمت الإطاحة بهم من قبل الرومان. وعلي الرغم من مرارة الحكم الروماني إلا أن احتفظ المصريون بالتقاليد والقواعد والمعايير الرومانية حتي انتشار المسيحية في النصف الأول من القرن الأول الميلادي وساهمت الكنيسة بشكل كبير في استدامة العادات والتقاليد المتأصلة.
في فترة الحكم الإسلامي وضعت أسس الحكم والتشريع من خلال القرآن والسنة، خصوصا فيما يتعلق بسورة (الشوري) وذلك لكونها من المبادئ الأساسية للشريعة الإسلامية، وبعد أن أصبحت القاهرة عاصمة للخلافة الفاطمية (969-1171) تطورت نظم الحكم والإدارة، وعلاوة علي ذلك أصبحت القاهرة عاصمة لمصر وللخلافة الإسلامية. أما في عهد الأيوبيين (1171-1250) فقد أصبحت القلعة في القاهرة مقرا ومركزا للسلطة، كما تنوعت المجالس التشريعية والقضائية؛ فقد كان هناك مجلسا للعدالة وآخر لتقديم الشكاوي، وتمثلت واجباتهم في وضع القوانين وعقد المعاهدات مع الدول الأجنبية. أما في عهد المماليك (1250-1517م) فقد بني الظاهر بيبرس محكمة للعدل في قلعة صلاح الدين الأيوبي لتصبح بذلك من المباني الحكومية، وقد تمثل اختصاص المحكمة في إنفاذ القوانين، والفصل في المنازعات، والمفاوضات مع الدول المجاورة. أما في العهد العثماني (1517-1805م) فقد شكلت المحاكم الإسلامية النظام القضائي المطبق، فقد كانت أحكام القضاة مبنية علي الفقه الإسلامي (الشريعة) أكثر من كونها مبنية علي المبادئ المدنية والجنائية المختصة بذلك. وقد استمر ذلك حتى نهاية القرن الثامن عشر. وهكذا كانت مصر مسرحا لتطورات سياسية واجتماعية حاسمة.
وضع الصراع العثماني المملوكي مصر علي شفا ثورة هائلة، الأمر الذي قاد علماء الأزهر في كتابة وثيقة تطالب عدم زيادة الضرائب إلا بموافقة ممثلي الشعب من العلماء وكبار الشخصيات.
كان ظهور الأحزاب السياسية في مصر في القرن التاسع عشر انعكاسا للتفاعلات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، فضلا عن بعض الظروف التاريخية والوطنية والسياسية، وقد ساعد كل ذلك علي إنشاء وتطوير المؤسسات الحديثة للإدارة الحكومية في المجتمع مثل: البرلمان والأحزاب السياسية والنقابات ..إلخ. وقد مر هذا الظهور بتدرج وفي مراحل متتالية حيث تشكلت أولا جمعيات سرية تبعتها مجموعات سياسية.
كان الحزب الوطني أول حزب يتم تشكيله وذلك في عام 1907م من قبل مصطفي كامل باشا، وفي خلال أقل من عشر سنوات كانت هناك مجموعة كبيرة ومتنوعة من الأحزاب لكل منها طابعها الخاص من حيث التنظيم والقوة والقاعدة الشعبية والمنابر، كما كانت هناك أحزاب وطنية وأحزاب يسيطر عليها القصر الملكي وأخري شكلت من قبل سلطات الاحتلال البريطاني، كما تشكلت أحزاب عقائدية تعبر عن بعض الأيديولوجيات. فمن عام 1907م إلي 1920م كانت الأحزاب المصرية قد تشكلت بالفعل إلا أنها كانت مقيدة بسبب الاحتلال البريطاني والتبعية المصرية للإمبراطورية العثمانية. (يتبع)