تاريخ الحياة النيابية في مصر القديمة والحديثة (الجزء الثاني)

1-4
بموجب دستور1923م

بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى عام 1919م اندلعت في مصر ثورة طالبت بالحرية والاستقلال والديمقراطية، ونتج عن ذلك إصدار تصريح 28 فبراير 1922م  الذي نص علي جعل مصر دولة مستقلة (مع بعض التحفظات) وإنهاء الحماية البريطانية،  وبناء علي هذا الوضع الجديد صدر دستور مصري جديد في أبريل 1923م من قبل اللجنة التشريعية المكونة من 30 عضوا والتي ضمت ممثلين عن الأحزاب السياسية وقادة الحركة الوطنية، وقد عمل بهذا الدستور في الفترة (1923-1935م) إلا أنه استبدل في عام 1930م  لمده 5 سنوات (1930-1935 م)،  وقد اعتمد النظام التمثيلي في البرلمان علي أساس الفصل بين السلطات والتعاون فيما بينها. وكانت السلطة التشريعية تتكون من مجلسي النواب والشيوخ.

شهدت مصر في الفترة من 1923-1952م  تجربة ثرية في الممارسة الديمقراطية إلا أنه كان هناك العديد من العيوب منها: الاحتلال البريطاني،  والتدخل الأجنبي في شئون مصر، وتدخل القصر الملكي في الحياة السياسية.

الهيئات البرلمانية المصرية

المجلس العالي

في عام 1805م  طالب علماء الازهر وبتأييد من جميع فئات الشعب بتعيين محمد علي واليا علي مصر، وذلك قبل ان يرسل السلطان العثماني الوالي المعين من قبله. تعهد محمد علي بولائه للشعب علي أساس أن الأمة هي مصدر السلطات، كما تعهد بإقامة العدل وتنفيذ الأحكام التشريعية وذلك بعد تشاوره مع القوي الوطنية.

عمل محمد علي باشا  فور توليه السلطة علي ثورة إدارية شاملة بغية إنشاء مؤسسات حديثة بما في ذلك مجلس نيابي، ففي عام 1824م  انشأ المجلس العالي وقد مُثل في البداية جميع أطياف الشعب، فقد تكون أولا من 24 عضوا ثم 48 عضوا وذلك بعد إضافة 24 من شيوخ جامعة الأزهر واثنين من التجار يختارهما كبير تجار العاصمة، ومحاسبين، واثنين من  الأعيان في كل مديرية يختارهم الأهالي،  وفي يناير 1825م أصدر المجلس العالي النظام الأساسي للحكم، كما نص علي بحث ومناقشة كل ما يقترحه محمد علي، كما ذكر مواعيد واجراءات الجلسة.

مجلس المشورة

في عام 1829م  أنشا محمد علي مجلس المشورة الذي تكون من كبار الموظفين والعلماء برئاسة إبراهيم باشا ابن محمد علي، وكان مجلس المشورة أشبه ما يكون بالجمعية العامة، وقد تكون من 156 عضوا: 33 من كبار الموظفين، 24 عضوا من مأموري الأقاليم، 99 عضوا من كبار الأعيان المنتخبين من الشعب،  كان مجلس الشورى ينعقد لاستشارته في مجالات التعليم والإدارة والأشغال العمومية، وفي عام 1833م أصدر المجلس قانونا خاص بإكمال نظامه وتنظيم العمل داخله. في عام 1837 اصدر محمد علي القانون الأساسي والذي هدف إلي إعادة تنظيم الإدارة الحكومية، وظل هذا القانون اساس الإدارة في مصر طوال عهد محمد علي، وحصر هذا القانون السلطات الإدارية في 7 دواوين (وزارات).

شهد عام 1866م  خطوة مهمة في تطور الحياة النيابية في مصر وذلك بإنشاء مجلس شوري النواب في عهد الخديوي إسماعيل حيث أخذت لائحة تأسيسه ونظامه الكثير من اللوائح البرلمانية التي كان معمولا بها في أوروبا.

تشكل مجلس شوري النواب من 75 عضوا منتخبا من قبل الأعيان في القاهرة والإسكندرية ودمياط وعمد البلاد ومشايخها في باقي المديريات الذين أصبحوا بدورهم منتخبين لأول مره بالإضافة الي رئيس المجلس الذي كان يعين بأمر من الخديوي وكانت مدة هذا المجلس ثلاث سنوات ينعقد خلال كل سنة منها لمدة شهرين، وقد عقدت 9 جلسات في 3 فصول تشريعية (من 25 نوفمبر1866- 6 يوليو1879م).

مع مرور الوقت بدأت تلوح في الأفق تيارات المعارضة والتي انبثقت بتأثير من المفكرين والكتاب فضلاعن الصحف والتي طالبت بضرورة انشاء مجلس نيابي يمثل الكفاءات الوطنية ومنح المجلس مزيد من الصلاحيات. وفي عام 1878م أنشأ أول مجلس للوزراء وتم إعادة تأسيس البرلمان، ولكن كانت الشؤون المالية خارج صلاحياته.

في يونيه 1879م أعيد تشكيل مجلس النواب من قبل الخديوي وأصبح يتكون من 120 عضوا ممثلين عن مصر والسودان، وكانت من صلاحياته مساءلة الوزراء، كما أعطي مزيد من النفوذ في مراقبة الشؤون المالية ولكن الخديوي توفيق الذي تُوج في 26 يونيو 1879م ألغي هذا المجلس الذي استمر انعقاده حتي يوليو 1789م.

مجلس النواب المصري

شهد عام 1881م  اندلاع الثورة العرابية التي كان من مطالبها تشكيل مجلس للنواب، وبالفعل تم افتتاح المجلس الجديد الذي سُمي مجلس النواب المصري في 26 ديسمبر عام 1881م، وقدمت الحكومة مشروع القانون الأساسي وصدر الأمر العالي به في 7 فبراير 1882م  وجعل هذا القانون الوزارة مسئولة أمام المجلس النيابي المنتخب من الشعب والذي كان له أيضا سلطة التشريع، وأصبحت مدة مجلس النواب المصري خمس سنوات كل دورة ثلاثة أشهر، ولم يستمر الحال طويلا حيث قامت بريطانيا بإلغاء القانون الأساسي وقد شكل ذلك انتكاسة حقيقية للحياة النيابية في مصر، وأصدرت في عام 1883م  ما سمي بالقانون النظامي والذي تضمن تكوين البرلمان المصري من مجلسين هما: مجلس شورى القوانين والجمعية العمومية، مجلس شوري القوانين كانت مدته 6 سنوات ويتألف من 30 عضوا: 14 من الأعضاء المعينين بما في ذلك رئيس المجلس واثنين من نائبيه و16 عضوا منتخبا بما فيهم رئيس مجلس النواب ومن ناحية أخري تكونت الجمعية العمومية من 83 عضوا: 46 عضوا منتخبا والباقون يتم تعيينهم بحكم مناصبهم.

الجمعية التشريعية

في عام 1913م تم إلغاء مجلس شورى القوانين والجمعية العمومية وإنشاء الجمعية التشريعية التي تكونت من 83 عضوا: 66 عضوا منتخبا و17 عضوا معينا وقد نص القانون النظامي الصادر في يوليو 1913م علي أن تكون مدة الجمعية التشريعية 6 سنوات واستمرت الجمعية التشريعية من 22 يناير 1914حتي 17 يونيو 1914، وذلك عندما اندلعت الحرب العالمية الأولي وتم إعلان الأحكام العرفية في مصر، وفي وقت لاحق أعلنت بريطانيا أن مصر محمية بريطانية، وتم تأجيل دورة الجمعية التشريعية إلي أجل غير مسمي إلي أن تم حلها في ابريل 1923 م.

 

رابط الجزء الأول من هنا

رابط الجزء الثالث من هنا

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي