إذا كنت تعتقد أن الطاقة المتجددة بنسبة (100%) لن تحدث أبدًا؛ فكر مرة أخرى، فقد اعتمدت عدة بلدان خطط طموحة للحصول على احتياجاتهم من الطاقة من مصادر الطاقة المتجددة، ولا تقوم هذه البلدان بتسريع إنشاءات الطاقة المتجددة فحسب، بل إنها تعمل أيضًا على دمج الطاقة المتجددة في البنية التحتية الموجودة لديها حاليًا لتصل إلى مزيج طاقة متجددة بنسبة (100%).
ترتاد العديد من البلدان مجال الطاقة المتجددة، فتحصل آيسلندا على (85%) من الكهرباء في البلاد من حرارة الأرض، وإمدادات الكهرباء في البلاد متجددة بنسبة (100%) وتعتمد على الطاقة الحرارية الأرضية والطاقة الكهرومائية، وفي النرويج حوالي (98%) من مصادر طاقتها متجددة وتستخدم الطاقة الكهرومائية والطاقة الحرارية الأرضية وطاقة الرياح لتحقيق هدفها.
وتعتمد البرتغال على الطاقة الكهرمائية لتوليد الكهرباء بنسبة تتراوح من (38%- 58%)، وتساهم طاقة الرياح بالخمس، والكتلة الحيوية (5%)، والطاقة الشمسية حوالي (1%)، ولدى اسكتلندا فرصة لتصبح (100%) متجددة الطاقة بحلول عام (2020).
وتستخدم الباراغواي الطاقة الكهرمائية عن طريق سد إيتايبو (Itaipu dam) -الواقع على الحدود بين البرازيل والباراغواي- لتوفير (90%) من الكهرباء داخلها بالإضافة إلى (19%) من طاقة البرازيل، وقد استغرق بناء السد (30) عامًا بتكلفة (20) مليار دولار، ويُساعد الآن في التخلص من (67.5) مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا، وتستخدم الدنمارك لتلبية احتياجاتها من الطاقة (30%) من مصدر الرياح و(15%) من مصدر الكتلة الحيوية.
وفي دراسة حديثة تعرف باسم «مشروع الحلول»، خَلُصَ أستاذ جامعة ستانفورد مارك جاكوبسون إلى أن الولايات المتحدة قادرة على تلبية احتياجاتها من الطاقة المتجددة بنسبة (100%) بحلول عام (2050) من خلال الطاقة الشمسية المُركزَّة بمساحات واسعة، والطاقة الكهروضوئية على نطاق أسطح المباني، وطاقة الرياح البرية والبحرية، والمد والجزر، والطاقة الكهرمائية التقليدية، وطاقة الموجة الحرارية الأرضية، وتبقى الدراسة لتحقيق هدفها، وينبغي بذل جهود واعية للحصول على كل الطاقة الكهربائية الجديدة عن طريق أشعة الشمس والمياه والرياح بحلول عام (2020)، وعلى الولايات المتحدة استبدال (80%) من طاقتها الحالية إلى مصادر متجددة بحلول عام (2030) لتصل إلى (100%) من الطاقة المتجددة بحلول عام (2050)، وسيكون مزيج الموارد المتجددة مختلفًا حسب الولاية، ففي كاليفورنيا وتكساس وماساتشوستس، سيكون على النحو التالي:
هذا وقامت العديد من الوكالات مثل وكالة الطاقة الدولية، وجامعة ستانفورد، والأمم المتحدة، ومعهد روكي ماونتن، وجوجل وغيرها بتحليل إمكانية الانتقال إلى الطاقة النظيفة، مع مراعاة الحواجز والمتطلبات، وتوافر الموارد في السوق والتكاليف، وقد توصلت جميعها إلى نفس النتيجة: وهي أن التحول العالمي إلى الطاقة النظيفة بنسبة (100%) ممكن من الناحيتين التقنية والاقتصادية؛ الحواجز الوحيدة الموجودة هي المجتمع والسياسة.
ما هي العوائق الرئيسية لتحقيق (100%) من الطاقة المتجددة وكيف يمكننا التغلب عليها؟
لكي تصبح طاقة دولة قابلة للتجدد بنسبة (100%)؛ فإنها ستواجه مشاكلًا معينة، تحديات فنية واقتصادية وسياسية.
- تشمل التحديات الفنية بناءَ شبكة ذكية بالفعل ودمج التخزين وشبكة كهربائية مُصغَّرة بداخلها، ويجب تطوير استجابة تلقائية للطلب لإدارة استهلاك الطاقة الكبير خلال ذروة الطلب على الكهرباء، وخاصة في المباني، وقد شهد العقد الماضي التطور الهائل في الإلكترونيات الذكية منخفضة التكلفة، مما سيمكن من إدارة الطاقة اللازمة.
- توفر القيود الاقتصادية أيضًا تحديًا كبيرًا، حيث أن هنالك حاجةٌ إلى استثمارات كبيرة لتنفيذ الطاقة المتجددة على نطاق واسع، يتطلب ذلك استثمارًا كبيرًا في تخزين الشبكة ونقلها لإعادة توزيع الطاقة وللتخفيف من التقطع، ومن بين وسائل التخزين المتاحة اليوم ؛ تعتبر الطاقة الكهرومائية ذات التخزين الضخم أكثر فعالية من حيث التكلفة، كما يمكن تشجيع المحركات الكهربائية منخفضة التكلفة لأنها توفر إمكانية التخزين الكبير عبر معمارية من الشاحنات إلى الشبكة.
- تشمل التحديات السياسية إنشاء إطار تنظيمي ووضع المعايير وتقديم الحوافز للاقتصاديات لتمكينها من إحداث تحول جذري في استخدامها للطاقة إلى مصادر الطاقة المتجددة، ويجب أن تكون هناك إرادة سياسية لتحقيق هذا الهدف الصعب، وينبغي على القادة السياسيين أن يجتمعوا معًا لرسم مسار منطقيٍّ اقتصاديًا، وينبغي استهداف الطاقة المتجددة في أكثر المواقع فاعلية، كما هو الحال في المناطق التي لا توجد بها بنية تحتية شبكية واسعة النطاق، وينبغي إنشاء شبكات متناهية الصغر، واستخدام تخزينات الطاقة، ويجب أن نتحرك تدريجيًا نحو (100%) متجددة وأن نسمح بالتقدم التقني وتخفيض التكلفة على طول الطريق الذي ستتحركه السوق العالمية.
كيفية الوصول إلى (100%) من الطاقة المتجددة بحلول عام (2050)؟
أنتجت إيكوفيس “ECOFYS”، وهي شركة استشارية رائدة في مجال الطاقة، تقريرًا عن كيف تُلبي (100%) من احتياجات الطاقة العالمية من الطاقة المتجددة بحلول عام (2050)، ووفقًا للتقرير؛ يمكن تلبية نصف الهدف من خلال زيادة كفاءة الطاقة لتقليل الطاقة المطلوبة، والنصف الآخر من خلال إنتاج الكهرباء عن طريق التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة.
اقترحت إيكوفيس بعض النقاط التي يمكن اتباعها لتحقيق الهدف.
• يجب الحفاظ على الطاقة في كل مرحلة من مراحل تصميم المنتج.
• ينبغي إدخال سعر انبعاثات الكربون كضريبة على الطاقة.
• ينبغي إدخال معايير صارمة لكفاءة الطاقة لجميع المباني الجديدة.
• يجب إدخال معايير الحد الأدنى من كفاءة الطاقة في جميع أنحاء العالم للمنتجات التي تستهلك الطاقة، بما في ذلك المباني.
• ينبغي تزويد البلدان النامية ببدائل عن حرقهم للكتل الحيوية غير الفعالة، مثل الشوايات الشمسية، ومشعل الطاقة الشمسية، والمواقد المُحسَّنة لحرق الكتلات الحيوية، وأجهزة التحليل الصغيرة للغازات الحيوية.
• يجب تشجيع المجتمعات والشركات والأفراد على زيادة الكفاءة ويجب أن يكونوا مدركين لاستهلاكهم للطاقة.
• يجب أن تستثمر البلدان بشكل كبير في وسائل النقل العام.
• يجب إنشاء المباني الجديدة باستخدام التقنيات الحالية التي لن تتطلب طاقة تقليدية للتدفئة أو التبريد ولكن ستحققها من خلال أشعة الشمس، طاقة الهواء ومضخات الحرارة، ويتوقع إيكوفيس أن جميع المباني الجديدة ستحقق هذه المعايير بحلول عام (2030).
ويرى إيكوفيس أنه لتحقيق الهدف؛ يجب تحويل ما يصل إلى (3%) من الناتج المحلي الإجمالي العالمي إلى الاستثمار في الطاقة المتجددة، واستثمارات في مواد وكفاءة الطاقة والبنية التحتية اللازمة، وسوف تنخفض هذه التكلفة تدريجيًا في المستقبل كما ستخفض الدول استهلاكاتها للمال من خلال تقليل استخدام الوقود الأحفوي، ويخلُص التقرير إلى أنه بحلول عام (2050) ومن خلال الإجراء والتغييرات اللازمة؛ سيمكننا توفير ما يقرب من (4) تريليونات يورو (5.7 تريليون دولار) سنويًا على خفض تكاليف الوقود وكفاءة توفير الطاقة.
وسوف يتم استبدال هذه الاستثمارات العالية المقدمة من خلال الادخار بحلول عام (2040) أو في وقت أقرب بكثير، بالاعتبار في الحسبان عوامل عدة مثل تكلفة تغير المناخ، وتأثير حرق الوقود الحفري على الصحة العامة، وإذا نُفِّذَتْ؛ فإن هذه الخطة لديها القدرة على الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري المرتبطة بالطاقة بنسبة (80%) أقل من مستويات عام (1990) بحلول عام (2050)، وسوف تساعدنا على تجنب الحد من خطر الاحتباس العالمي بمقدار (2 درجة مئوية).
في الوقت الحاضر وعندما نتحدث عن بلد يحقق هدفًا متجددًا بنسبة (100%)، فمن الممكن جدًا بالنسبة للبلد الذي يتمتع بموارد متجددة وفيرة والتي يمكن استخدامها بطريقة فعالة وموثوقة من حيث التكلفة، مثل آيسلندا التي استفادت من ظروفها المحلية لتصبح متجددة بنسبة (100%)، ولكن بالنسبة للبلدان التي لا تنعم بموارد طبيعية وفيرة؛ فمن المُستحسن أن تعمل تلك الدول على معالجة مشكلة الاحتباس الحراري بدلًا من التركيز على تحقيق نسبة (100%) من الطاقة المتجددة، ويجب أن تهدف إلى إنشاء أدنى نظام لانبعاثات الكربون، وفي أثناء هذه العملية، وإذا تمكنوا بالفعل من الوصول إلى (100%) من الطاقة المتجددة فسيكون هذا أفضل حل لبيئة أنظف.
ترجمة: أحمد عبد المقصود
مراجعة علمية: محمد رضا
المصدر
http://www.altenergy.org/renewables/wholly-renewable.html