«جزء من رسالة الماجستير للباحثه/ سمر يسري فرماوي»
” أن الهدف الأول للنقد الفني هو تحقيق الفهم ، وذلك يتطلب طريقة نقدية للنظر إلى مواضيع الفن توفر لنا الحد الأقصى من التبصير في معانيها و مزاياها ، ومع أن العمل يقدم معلومات للمشاهد ، فأننا مهتمون بمعرفة كيف تنتمي هذه المعلومات إلى جودة العمل”، لذا سنستخدم لغة الجسد في مجال النقد الفني لارتباطه العميق والأساسي بالعنصر الآدمي ، كمدخل لكشف أعمق المعاني الإنسانية الكامنة في أوضاع وإيماءات الجسم الآدمي عبر تاريخ الفن ، وعلى ذلك سأقوم بقراءة اللوحة الأشهر على الإطلاق .. ” الموناليزا لليوناردو دافنشي ” اعتمادا على إيماءات لغة الجسد و الكشف عن الدلالات التعبيرية في أيقونة عصر النهضة لأنه يعد مثالاً غنيًّا بالتعبيرات الآدمية ، لما تحويه موضوعاته من بطوله مطلقه للإنسان كعنصر أساسي.
1. موضوع العمل :
بورتريه لسيدة إيطالية تدعى مادونا ليزا دي أنتونيو ماريا جيرارديني زوجة للتاجر الفلورنسي فرانشيسكو جوكوندو صديق دا فينشى والذي طلب منه رسم اللوحة لزوجته عام 1503.
2. وصف العمل :
رسم الفنان سيدة راقية المظهر تبدو في العقد الثالث من عمرها ، في تكوين متزن لبورتريه نصفي ، حيث تجلس السيدة ملتفته جانبا على مقعد وقد استندت بيدين متشابكتين فوق يد هذا المقعد ، وعلي وجهها ابتسامه رقيقه و نظرة مباشرة للمشاهد ، وفي خلفيتها منظرا طبيعيا لوادي يجري به نهر صغير .
3. الايماءات الجسدية :
الجسم في وضع التفاته جانبيه ، كذلك الرأس . – العين تنظر مباشرة في أتجاه المشاهد ، وقد ضاق الجفنان قليلا . – حاجبان خفيفان جدا مائلا قليلا لأسفل من الجانبين. – انف و جبهه بلا تعبير . – ابتسامة بسيطة تظهر علي الفم ، مع شفتان مشدودتان قليلا لأعلى و مضمومتان بشكل ملحوظ. – ذقن ثابته و رقبه ممتدةللأمام قليلا غير عموديه على الاكتاف. – الأكتاف مقوسة للأسفل بشكل كبير ، الصدر مفتوح ، والظهر في وضع قائم بفعل ظهر المقعد. – الكفان متعاكسان و مستندان فوق يد المقعد . – اليد اليسرى اسفل اليمنى بحيث تقبض على نهاية طرف يد المقعد ، أما اليد اليمنى فهيمتفرقة الاصابع وتعلو فوق اليد اليسرى بشكل جانبي مائل
4. التأويل :
رسم الفنان بورتريه شخصي لزوجة صديقة التاجر الايطالي ، ولكنه أضاف للعمل من مهاراته مع جعله يتعدى مجرد التصوير الشخصي لسيدة ، بداية من التكوين الهرمي المتزن بحيث يشكل الذراعان قاعدة هذا الهرم ، و الكتفان ساقين متساويين ينتهيان برأس الهرم و هو الرأس ، بالإضافة لالتفاته جانبيه تكسب العمل عمقا ، و هو الوضع الجديد الذي لم يستخدم من قبل ، فكانت الاجسام ترسم بشكل جانبي او في شكل مواجهه . أخلف هذا التكوين المتزن المريح بمنظر طبيعي ممتد نحو العمق ، و قد قدم نموذجا جديدا لمزج خلفيتان معا ، حيث نلاحظ اختلاف الخلفية يمين الموناليزا عن يسارها ، و لكنه أستطاع خلق بعد جديد منهما و اتقن مزجهما شكليا و لونيا ، مستخدما فرشاته برقه و نعومه ليخلق ظلالا شاعريه حيه ، تظهر الموناليزا فوقها و كأنها سيدة الطبيعة بردائها الداكن كثير الثنايات . عبر الفنان بشكل رائع عن سيده جميله هادئة ناعمة ، تكاد تشعر بملمس جسدها من حيوية التعبير و الظلال الناعمة ، وهى النموذج المثالي للمرأة .
5. الإيماءة و المعنى و الدلالات التعبيرية:
الإيماءة | الدلالات التعبيرية |
ابتسامة بسيطة تظهر علي الفم ، مع شفتان مشدودتان قليلا لأعلى و مضمومتان بشكل ملحوظ | سعادة مصطنعة وتكتم |
حاجبان مائلان للأسفل و منعقدان من المنتصف | حزن |
الأكتاف مقوسة للأسفل بشكل كبير ، والظهر في وضع قائم بفعل ظهر المقعد | أحساس بالتضاؤل والحزن |
امتداد الرأس للأمام | غضب وضيق |
مقدمة رأس و انف بلا تعبير | لا مبالاة وعدم اهتمام |
اليد اليسرى القابضة على المقعد بحدة | انفعال وغضب |
التفاف الزراعين لغلق الجسم | عدم ارتياح |
6. المعني:
نستخلص من الدلالات التعبيرية أن الموناليزا امرأة تعيسة تشعر بعدم ارتياح وتحمل بعض من مشاعر الغضب وعدم الاهتمام بالموقف رغم محاولات إخفاءها إلا أن تلك المشاعر تسللت عبر جسدها بشكل لا إرادي وكشفت عنه لغة جسدها. وقد قدم الفنان معالجته الإبداعية لتلك الشخصية بين التضاد التعبيري في الابتسامة الغامضة والمحيرة ولغة جسدها الغاضب التعيس يمكننا الكشف عنه من خلال قراءة إيماءات الجسد وما حمله الفنان من معاني مغايرة تكشف عن موقفة التشكيلي من الشخصية وما يقدمه من رسالة ضمنية تخللت محتواه الإبداعي لتلك اللوحة. فالفنان لم يرد تصوير شخصية زوجة التاجر الثري بالشكل التقليدي الأرستقراطي ، بل اراد أن يحبس انفعالاتها في تلك اللحظة في عمله الفني ، أراد ان يعبر عن مزيج المشاعر التي ينبض بها جسدها ، فهي تجمع بين التظاهر بالسعادة لإخفاء حزنها و احساسها بعدم الارتياح و الشعور بالغضب و الاستياء . فهي لم تكون الموناليزا السعيدة صاحبة أشهر ابتسامة في التاريخ ، تلك الابتسامة الخافتة التي لم تعطي أي تأثير على الوجنتين أو العينين هي ليست مرادف للسعادة بل هي دليل التصنع و التظاهر بها ، يؤكد ذلك الحاجبان المائلان للأسفل نتيجة الحزن ،اما الجفنان المضغوطان مع الرأس المتقدمة للأمام فهما دليل للغضب و الاستياء ، ثم يكمل الكتفان انحدارهما الشديد للأسفل للتدليل علي للحزن وينتهى الجسد المصور بذراعين منغلقين بسبب عدم ارتياحه ، فتنقبض اليد اليسرى بأنامل غاضبة فوق يد المقعد و تلقي اليمنى فوقها مفتوحة الأصابع بشكل حاد .
نستخلص من الدلالات التعبيرية أن الموناليزا امرأة تعيسة تشعر بعدم ارتياح وتحمل بعض من مشاعر الغضب وعدم الاهتمام بالموقف رغم محاولات إخفاءها إلا أن تلك المشاعر تسللت عبر جسدها بشكل لا إرادي وكشفت عنه لغة جسدها. وقد قدم الفنان معالجته الإبداعية لتلك الشخصية بين التضاد التعبيري في الابتسامة الغامضة والمحيرة ولغة جسدها الغاضب التعيس يمكننا الكشف عنه من خلال قراءة إيماءات الجسد وما حمله الفنان من معاني مغايرة تكشف عن موقفة التشكيلي من الشخصية وما يقدمه من رسالة ضمنية تخللت محتواه الإبداعي لتلك اللوحة. فالفنان لم يرد تصوير شخصية زوجة التاجر الثري بالشكل التقليدي الأرستقراطي ، بل اراد أن يحبس انفعالاتها في تلك اللحظة في عمله الفني ، أراد ان يعبر عن مزيج المشاعر التي ينبض بها جسدها ، فهي تجمع بين التظاهر بالسعادة لإخفاء حزنها و احساسها بعدم الارتياح و الشعور بالغضب و الاستياء . فهي لم تكون الموناليزا السعيدة صاحبة أشهر ابتسامة في التاريخ ، تلك الابتسامة الخافتة التي لم تعطي أي تأثير على الوجنتين أو العينين هي ليست مرادف للسعادة بل هي دليل التصنع و التظاهر بها ، يؤكد ذلك الحاجبان المائلان للأسفل نتيجة الحزن ،اما الجفنان المضغوطان مع الرأس المتقدمة للأمام فهما دليل للغضب و الاستياء ، ثم يكمل الكتفان انحدارهما الشديد للأسفل للتدليل علي للحزن وينتهى الجسد المصور بذراعين منغلقين بسبب عدم ارتياحه ، فتنقبض اليد اليسرى بأنامل غاضبة فوق يد المقعد و تلقي اليمنى فوقها مفتوحة الأصابع بشكل حاد . رغم نعومة التصوير و حيوية الجسد ألا أنه محمل بكم من الانفعالات الحادة المشحونة ، وكأن الفنان اراد أن يصنع حالة من التضاد بين أسلوب التعبير و حالة الشخصية ، ليلفت الانتباه اليها ، فالخلفية الطبيعية الهادئة و الملابس الناعمة و ملمس الجسد الناعم الذي نكاد نلمسه بأناملنا هم أطار أنيق للانفعال الحقيقي ، كما أستخدم الألوان الضبابية الكئيبة بتدرجاتها ما بين البنى و الأخضر فقط ليتيح للعين التركيز علي الانفعال دون عناصر التشكيل
ليوناردو دافنشي Leonardo Da Vinci – موناليزا – ( 1503 – 1507 ) – زيت على خشب – متحف اللوفر – باريس – فرنسا
مصادر:
- ادموند فيلدمان ، بحث مشاكل النقد الفني – النقد الفني ( أبحاث في النقد الفني ) ، ترجمة زياد سالم حداد ، دار المناهل ، لبنان ، 1993
أعداد: samar y. faramawy
مراجعة و تصميم: دينا أبراهيم فوزي
مراجعة لغوية: Sarah Hassan
#الباحثون-المصريون