خريطة لجرائم القتل توضح أكثر الشوارع انحطاطًا في لندن في العصور الوسطى

murdermapweb
خريطة لجرائم القتل توضح أكثر الشوارع انحطاطًا في لندن في العصور الوسطى|خريطة إيسنر الرقمية

أظهرت أول خريطة رقميّة لعمليات القتل التي سجلها قاضي التحقيقات في لندن عام 1300م، أن شارعي شيتسايد (Cheapside) وكورنهيل (Cornhill) مثلًا أكثر الشوارع شهرةً وأكثر المناطق نشاطًا لعمليات القتل في لندن في العصور الوسطى، بينما كان يوم الأحد هو أكثر الأيام الذي تعرض فيه سكان لندن للموت العنيف خلال نفس الفترة من التاريخ الوسيط.

أكثر مشاهد القتل

أحدهم طُعن بيد مُحب بواسطة سكين قطع الأسماك، والآخر ضُرب حتى الموت بواسطة جلد ثعبان البحر، والثالث تعرض لإطلاق رصاص أثناء شجار للطلاب في الشارع، والرابع كان ضحية أحد الخاسرين في لعبة الطاولة خلال سهرة ليل متأخر، كانت هذه مجرد بعض أشكال الموت العنيف في مدينة لندن خلال القرن 14م كما جاءت في سجلات المسؤول عن توثيق حالات الموت الغير مفاجئ أو الموت غير الطبيعي في مدينة لندن خلال العصور الوسطى، سواء كانت تلك الحالات عبارة عن حادث أو حالة انتحار أو جريمة قتل .

خريطة إيسنر

خريطة إيسنر الرقميّة

عايَن البروفيسور مانويل إيسنر (Manuel Eisner) -عالم الجريمة في جامعة كامبريدج- جميع حالات القتل التي مازالت محفوظة في سجلات التحقيقات والتي تركزت حالات القتل فيها خلال 9 سنوات في الفترة من 1300 – 1340م، ووضعها على خريطة رقميّة للمدينة القديمة ليظهر ولأول مرة أكثر المناطق والنقاط الساخنة لحالات القتل العنيف في مدينة لندن في عصرها الوسيط، وبُناءً على العمل الذي قامت به المؤرّخة باربارا هاناوالت (Barbara Hannawalt) من حوالي 40 عامًا، أنتج إيسنر تحليلًا ل 142 جريمة قتل قد أُرتكبت داخل حدود المدينة ليس فقط للكشف عن مواقعها بل ولتحديد الأيام والأوقات والأساليب المفضلة في عمليات القتل. فيقول إيسنر:

«بعد عمل إخطار بهذه العمليات من القتل العنيف، سنقوم بالتحقيق وباستدعاء هيئة محلفين خاصة للتحقيق في هذه العمليات لتسجيلها والخروج ببعض النتائج»

وأضاف قائلًا :

«تلك الأحداث التي تم تسجليها من قبل سجلات المحققين وتحليلها تظهر أن الأسلحة التي اِستُخدِمت في تلك العمليات كانت سهل الوصول إليها عن أي وقت مضي من تاريخ المدينة، كان يستخدمها الشباب لحماية أنفسهم وشرفهم، وأن الصراعات في تلك الفترة قد خرجت عن السيطرة، إن سجلات التحقيق تعطي لنا صورة مُفصّلة حول كيفيّة ارتكاب جرائم القتل في إيقاعات الحياة في المدن الحضريّة في العصور الوسطى»

ويستأنف إيسنر حديثه، قائلًا:

«من خلال تحديد حالات القتل وتوثيقها رقميًَا؛ نأمل في إنشاء مرجعًا يمكن للجماهير الوصول إليه لاستكشاف هذه السجلات المهمة التي توصلنا إليها»

شارِعيّ شيبسايد وكورنهيل

تسمح خريطة إيسنر بتصفية عمليات القتل حسب السنة ونوع الأسلحة المُستخدمة ومسرح الجريمة التي وقعت فيها، وحدّث إيسنر اللغات لوصف كل حالة من هذه الحالات تسهيلًا على المتتبعين، وإذا كانت الخريطة توضّح أماكن وقوع هذه الجرائم في جميع أنحاء لندن، فإنها أظهرت منطقتين رئيستين لوقوع أكثر حالات القتل وقد كانا مركزين تجاريين لهما شهرة واسعة في تلك الفترة.
أولهما امتداد شارع شيبسايد من كنيسة القديسة ماري لي بو والمؤدي إلى كاتدرائية القديس بولس، بينما الأخرى كانت مثلث منطقة ( جريس تشيريش – شارع لومبارد (لانغبورن لاحقًا) – شارع كورنهيل ) وكان الأخير يمتد من سوق ليندهول ولمسافةٍ كبيرةٍ، ويمكن تتبع هذه المناطق تاريخيًا حيث يعود تاريخها للقرن 14 الميلادي.

تحليل خريطة القتل

ومن خلال تحليل هذه الجرائم، وقع حوالي 68% منها في شوارع لندن وأسواقها المزدحمة، بينما وقع 21% منها في مساكن خاصة، وعدد 6 حالات وقعت في مباني دينية والتي كانت أكثر خطورةً من بيوت الدعارة التي شهدت حالتان فقط من حالات القتل، وكما هو الحال اليوم، كانت حالات القتل أكثر حدوثًا خلال عطلة نهاية الأسبوع فقد وقعت حوالي ثلثها بنسبة 31% في يوم الأحد، ويفسر إيسنر ذلك، قائلًا:

«كان يوم الأحد هو أكثر الأيام لدى الناس عُرضة للانخراط والاختلاط في أنشطة اجتماعية مثل الشرب واللعب وغيره، والتي غالبًا ما كانت تؤدي إلى احتكاكات ومنازعات واعتداءات»

توقيت وقوع الجرائم

حدث حوالي 77% من الجرائم خلال الساعات الأولى من المساء والساعات الأولى من قلة التجول في المدينة، بينما كانت أكثر الأسلحة اِستخدامًا في هذه الجرائم هي الخناجر والسيوف والتي مثلت حوالي 68% من الأسلحة المُستَخدمة، بجانب بعض الأسلحة الأخرى كالعصيان السميكة التي صُممت للقتال والتي مثلت حوالي 19% من أدوات القتل.

نوع الجناة

يمثل الرجال الأغلبية العظمى بنسبة 92%؛ في حين كانت المرأة هي القاتلة في 4 حالات فقط، وفي ثلث حالات القتل كان المشتبه بهم أكثر من شخص، مع وجود حالات شملت أخوة مشتركين في الجريمة أو خدم يساعدون أسيادهم في ارتكابها.

معدل القتل في لندن في العصور الوسطى

تتراوح تقديرات عدد سكان لندن في القرن 14 ما بين حوالي 40000 إلى 100000 نسمة، وبافتراض أن عدد السكان كان حوالي 80000 نسمة فإن إيسنر يشير أن معدل القتل في لندن في العصور الوسطى زاد بحوالي من 15 – 20 مرةً عن معدلات القتل في أي مدينة بريطانية أُخرى تماثل لندن في الحجم أو عدد السكان، ويضيف قائلًا :

«في الواقع؛ إن الموت بسبب القتل هي عملية موت بطيئة شهدها القرن 14 م، فبالرغم من أن هناك 18% من الضحايا قد نجوا في الأسبوع الأول من عملية القتل، إلا أنهم بالتأكيد قد لاقوا حتفهم بعدها نتيجة العدوى أو نزيف الدم»

وأخيرًا، يُعد دراسة العنف عبر التاريخ ومحاولة الحد منه وتغيير عقل الشباب حول العنف من أهم مجالات البحث الرئيسية لدى البروفيسور إيسنر الذي درس جميع إتجاهات العنف التاريخية التي ترصد جرائم قتل منذ عام 1000م وما بعدها، يختتم إيسنر قائلًا :

«كان عدد جرائم القتل في لندن قبل العقود التي عُرفت بـ «الموت الأسود» أكثر من جرائم القتل التي وقعت في لندن خلال القرنين 18،19»

مصدر المقال

إعداد: عُمر بكر
تدقيق لغوي/تحرير: نسمة محمود

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي