خلايا محمولة لإنتاج الوقود الحيويّ من العرق البشريّ

يمكن-لخلايا-الوقود-الحيوي-المرنة-تشغيل-إلكترونيات-يمكن-ارتداؤها.-في-الدراسة-،-استخدمه-الباحثون-لتشغيل-مصابيح-LED-وراديو-Bluetooth.
خلايا محمولة لإنتاج الوقود الحيويّ من العرق البشريّ|||

تمكّن باحثون في المركز القوميّ الفرنسيّ للبحث العلميّ (CNRS) من جامعة جرينوبل ألب الفرنسيّة مع باحثين من جامعة كاليفورنيا – سان دييجو من تطوير جهاز جديد فريد من نوعه حيث أنّه مرن للغاية وقابل للتمدّد وقادر على إنتاج الطاقة الكهربائيّة بعد أن يتمّ ارتدائه على البشرة عن طريق تحويل المركّبات الموجودة في العرق البشريّ إلى وقود حيويّ. خلايا إنتاج الوقود الحيويّ المطوّرة قادرة بالفعل على إضاءة مصباح الصمام الثنائي الباعث للضوء (LED) بشكلٍ مستمرّ.

هذا البحث المنشور في الخامس والعشرين من سبتمبر 2019 بمجلّة المواد الوظيفيّة المتقدّمة (Advanced Functional Materials) يفتح سبلًا جديدة لتطوير الإلكترونيّات القابلة للارتداء والمدعومة بأجهزة بيولوجيّة مستقلّة وصديقة للبيئة.

ما هو الوقود الحيويّ؟

هو الوقود المشتقّ من الكتلة الحيويّة؛ سواء كانت مادّة نباتيّة، أو طحالب، أو نفايات حيوانيّة. ونظرًا لأنّ هذه المواد الأوليّة يمكن الحصول عليها بشكلٍ دائم على عكس الوقود الأحفوريّ: مثل البترول، والفحم، والغاز الطبيعيّ؛ لذا يعتبر الوقود الحيويّ أحد مصادر الطاقة المتجدّدة. كما يعدّ بديلًا أقلّ تكلفة، وأفضل بيئيّا من أنواع الوقود الأحفوريّ الأخرى، لاسيّما والعالم يشهد ارتفاعًا في أسعار النفط، ومخاوف هائلة من تبعات ظاهرة الاحتباس الحراريّ التي تعتبر بعض مصادر الوقود غير الآمنة على البيئة أحد أهمّ أسبابها. 

أنواع الوقود الحيويّ

  1.  الوقود الصلب كالخشب والعشب ونفايات المحاصيل الزراعيّة: ويمكن عن طريق حرقها إنتاج الحرارة التي تُستغل بدورها لتوليد الطاقة الكهربائيّة.
  2.  الإيثانول (الكحول الإيثيلي): وهو الوقود الحيويّ السائل الأكثر إنتاجًا، والذي يمكن الحصول عليه عن طريق تخمير النشا أو السكر، وتعدّ البرازيل والولايات المتّحدة الأمريكيّة أكثر بلدان العالم إنتاجا له، وفي الولايات المتّحدة يتمّ استخراجه بشكل رئيسيّ من حبوب الذرة، وعادةً ما يتمّ خلطه مع البنزين (بحيث تكون نسبة الإيثانول في الخليط 10%) لإنتاج وقود يسمّى «الجازوهول». وفي البرازيل يستخرج الإيثانول بشكلٍ رئيسيّ من قصب السكر.
  3.  وقود الديزل الحيويّ: ثاني أنواع الوقود الحيويّ السائل الأكثر شيوعًا، ويصنّع بشكلٍ رئيسيّ من نباتات زيتيّة (مثل: فول الصويا، وزيت النخيل) وبدرجة أقلّ من مصادر زيتيّة أخرى (مثل: الدهون المتخلّفة عن عمليّة الطهي في المطاعم)، وقد لاقى قبولًا واسعًا في أوروبا ويستخدم في تشغيل محرّكات الديزل، وعادةً ما يتمّ خلطه مع وقود الديزل النفطيّ بنسبٍ متفاوتة. كما كان استخدام الطحالب والبكتيريا الزرقاء لإنتاج الجيل الثالث من وقود الديزل الحيويّ اكتشافًا واعدًا، إلّا أنّه مكلّف من الناحية الاقتصاديّة.
  4. 4)   أنواع غازيّة من الوقود الحيويّ: مثل غاز الميثان، والغاز الحيويّ الذي ينتج من تحلّل الكتلة الحيويّة في غياب الأكسجين، والميثانول، والبيوتانول، وثنائي ميثيل الإيثر.[1]

كيفيّة إنتاج الوقود الحيويّ من العرق

تعاون العلماء في المركز القوميّ للبحث العلميّ (CNRS) بجامعة جرينوبل ألب الفرنسيّة والذين تخصّصوا في الكيمياء الحيويّة مع فريق أمريكيّ من جامعة كاليفورنيا في سان دييجو يضمّ خبراء في الآلات النانويّة، وأجهزة الاستشعار الحيويّة، والإلكترونيّات النانويّة، وقاموا معًا بتطوير مادّة موصّلة مرنة تتكوّن من أنابيب الكربون النانويّة، والبوليمرات المتشابكة، والإنزيمات المرتبطة بموصّلات مطّاطيّة يتمّ طباعتها مباشرةً على المادة من خلال طباعة الشاشة.

دراسة المقاومة الميكانيكية والكهربائية لخلايا الوقود الحيوي وهي تتمدد بمقدار 20 ٪ في اتجاهات ثنائية الأبعاد – مصدر الصورة: https://phys.org/news/2019-09-stretchable-flexible-biofuel-cell.html

تنتج خليّة الوقود الحيويّ التي تتّبع التشوهات في الجلد الطاقة الكهربائيّة من خلال تقليل الأكسجين وأكسدة اللاكتات الموجودة في العرق، وبمجرّد تطبيقها على الذراع، فإنّها تستخدم رافعًا للجهد لتضيء مصباح الصمام الثنائيّ الباعث للضوء (مصباح LED) بصورة مستمرّة.

تستمرّ الاستخدامات المحتملة للأجهزة الإلكترونيّة القابلة للارتداء في الزيادة، لاسيّما فيما يتعلق بالرصد الطبيّ والرياضيّ، فمثل هذه الأجهزة تتطلّب تطوير مصدر طاقة موثوق وفعّال يمكن دمجه في جسم الإنسان بسهولة، ولطالما كان استخدام الوقود الحيويّ المتوفّر في السوائل العضويّة البشريّة -مثل العرق- وسيلة واعدة.[2]

وتعدّ خلايا إنتاج الوقود الحيويّ من البشرة والتي يزعم أنّها تفوق في الطاقة التي تولّدها أي خلايا وقود حيويّ أخرى قابلة للارتداء بنحو 10 أضعاف لمساحة السطح نفسها طفرة كبرى في هذا المجال، والذي يكافح من أجل تصنيع أجهزة قويّة بما يكفي، وقابلة للتمدّد.

ويجب أن تكون خلايا الوقود الحيويّ مرنة، وقابلة للتمدّد لكي تتوافق مع الأجهزة القابلة للارتداء؛ لذا قرّر المهندسون استخدام بنية (القنطرة والجزيرة) التي طوّرها الفريق البحثيّ (xu’s) والتي تكون فيها كلّ خليّة مكوّنة من صفوف من عدّة نقاط متّصلة معًا بواسطة هيكل زنبركيّ الشكل، بحيث تشكّل نصف النقاط أنود الخليّة (المصعد)، بينما يشكّل النصف الآخر كاثود الخليّة (المهبط)، ويمكّن الهيكل المكوّن من يايات (زنبرك) الخليّة من التمدد والتعليق دون تشويه أجزائها ويجعلها مرنة.

بنية خلايا الوقود الحيويّ بطريقة الجزيرة والقنطرة – مصدر الصورة: https://www.theengineer.co.uk/biofuel-cells-sweat/

ويعتمد أساس صناعة هيكل القنطرة والجزيرة على الطباعة الحجريّة، وهي خلايا مصنوعة من الذهب. ثمّ استخدم الباحثون طباعة الشاشة لتثبيت طبقات من مواد الوقود الحيويّ على نقاط الأنود والكاثود (مصعد ومهبط الخليّة)، وكان التحدّي الأكبر الذي واجهه الباحثون هو زيادة كثافة طاقة خلايا إنتاج الوقود الحيويّ.

ولزيادة كثافة الطاقة المتولّدة، طبع المهندسون هيكل الأنابيب النانويّة للكربون ثلاثيّ الأبعاد أعلى مصاعد ومهابط الخلايا، بحيث يسمح هذا الهيكل للمهندسين بتحميل كلّ نقطة مصعد بمزيد من الإنزيمات التي تتفاعل مع حمض اللاكتيك وأكسيد الفضّة عند نقاط المهبط، وبالإضافة إلى ذلك تسمح الأنابيب النانويّة بانتقال أسهل للإلكترون ممّا يحسّن أداء خلايا الوقود الحيويّ.

أجري البحث بقيادة الأستاذ (جوزيف وانج) الذي يدير مركز أبحاث أجهزة الاستشعار القابلة للارتداء بجامعة كاليفورنيا فرع سان دييجو بالتعاون مع أستاذ الهندسة الكهربائيّة والمدير المساعد للمركز (باتريك ميرسير)، وأستاذ الهندسة النانويّة (شين شو) وكلاهما من كلّيّة جاكوبس للهندسة بجامعة كاليفورنيا في سان دييجو.

تمّ توصيل خليّة الوقود الحيويّ بلوحة دوائر مصنّعة خصّيصًا من قبل فريق (ميرسير) البحثيّ، وتتكوّن اللوحة من محوّل تيّار مستمرّ يعمل على تنظيم الطاقة المتولّدة من خلايا الوقود الحيويّ التي تتذبذب مع تغيّر كمّية العرق التي يفرزها المستخدم، ويحوّلها إلى طاقة ثابتة بجهد ثابت.

أجرى الباحثون التجارب بواسطة أربعة أفراد تمّ تجهيزهم بمزيج ألواح خلايا الوقود الحيويّ، ثمّ سمحوا لهم بممارسة التمارين الرياضيّة على الدراجات الثابتة، فتمكّن الأفراد من إضاءة مصابيح الليد الزرقاء لمدّة 4 دقائق متواصلة.[3]

إنّ إنتاج تلك الخلايا بسيط وغير مكلّف نسبيًّا؛ حيث تتمثّل التكلفة الأوّليّة في إنتاج الإنزيمات التي تحوّل المركّبات الموجودة في العرق إلى وقودٍ حيويّ. ويسعى الباحثون الآن إلى تضخيم الجهد الذي توفّره خليّة الوقود الحيويّ من أجل تشغيل الأجهزة المحمولة الأكبر حجمًا.

 المصادر:

  1. biofuel | Definition, Types, & Pros and Cons | Britannica.com [Internet]. [cited 2019 Oct 19]. Available from: https://www.britannica.com/technology/biofuel
  2. A stretchable and flexible biofuel cell that runs on sweat [Internet]. [cited 2019 Oct 21]. Available from: https://phys.org/news/2019-09-stretchable-flexible-biofuel-cell.html
  3. Stretchable biofuel cells use sweat to power wearable devices The Engineer [Internet]. [cited 2019 Oct 19]. Available from: https://www.theengineer.co.uk/biofuel-cells-sweat/

إعداد: يارا فاروق
مراجعة علميّة: محمد رضا
تدقيق لغويّ: مريم سمير
تحرير: نسمة محمود

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي