وُصِف مرض ويلسون لأول مرة بواسطة عالم المخ والأعصاب البريطاني صامويل ألكساندر كينير ويلسون (Samuel Alexander Kinnear Wilson) عام 1912. وقد عُرف الجين المسئول عن حدوثه عام 1993م مما صنع ثورة علمية حول فسلجة النحاس في الكائنات المختلفة.[1]
ما هو داء ويلسون؟
مرض ويلسون أو ما يعرف بداء اختزان النحاس أو متلازمة التنكس الكبدي العدسي (Wilson disease) هو مرض وراثي صبغي جسدي متنحي نادر، يتميز بوجود خلل في عملية استقلاب النحاس، وبالتالي تراكمه في الجسم، وذلك لوجود طفرة جينية في جين (ATP7B).
المرض صفة وراثية متنحية، حيث أن الطفرة يجب أن تحدث في نسختين من الجين في كل خلية، ولذا يجب أن يحمل والدا المصاب كلاهما نسخة متحولة من الجين، فنسخة واحدة فقط من أحدهما لا تكفي لإظهار أعراض وعلامات المرض.[3،2]
انتشار المرض
واحد من كل 10000 إلى 30000 يولد مصابًا، وترتفع هذه النسبة في الصين والغرب طبقا لإحصائيات منظمة الصحة العالمية (WHO) عام 2013. [4]
النحاس – Copper
يقدر محتوى الجسم الطبيعي من النحاس بما بين 50 إلى 100 ملجم، ومتوسط الاحتياج اليومي له يساوي من 2 إلى 5 ملجم، وهذا يعتمد على مُعدل ما يتناوله الإنسان من البازلاء واللحوم والشيكولاتة والأطعمة الأخرى التي تحتوي على النحاس.
يُعتبر النحاس مكونًا مهمًا للعديد من الإنزيمات المؤكسدة والهيدروكسيلية، ويلعب دورًا مهمًا في تكوين الأعصاب والعظام والكولاجين والميلانين (الذي يعطي للجلد لونه).
في العادة، يمتص النحاس من الأمعاء ويتخلص الجسم من الزائد عن حاجته منه في العصارة الصفراوية بعد مروره في خلايا الكبد. [6.5]
فقدان وظيفة الإنزيم الناقل للنحاس (ATP-ase) ينتج عنه خلل في إفراز النحاس في العصارة الصفراوية وبالتالي تراكمه في الكبد والدماغ والأعضاء الأخرى، مما قد يؤدي إلى: الإجهاد التأكسدي وتغيرات في تعبير الجينات وتثبيط البروتينات وخلل في وظيفة المايتوكوندريا. ما ينتج عنه أعراض كبدية ونفسية عصبية وكلوية وعضلية هيكلية. [5،2]
تظهر أعراض وعلامات مرض ويلسون ما بين سن السادسة والخامسة والأربعين، في معظم الأحيان فإنها تبدأ في الظهور خلال فترة المراهقة. [7]
تظهر الأعراض الكبديَّة في البداية على 40% من الحالات. بنسبة تتراوح بين 40% إلى 50% تكون الأعراض الأولية أعراضًا عصبية، و10% فقط هم من تظهر عليهم الاضطرابات النفسية كأولى أعراض المرض. [2]
أعراض المرض
يصاب المرء بداء ويلسون منذ الولادة، ولكن الأعراض لا تظهر إلا عندما يترسب النحاس في الدماغ والكبد والأعضاء الأخرى، ويعتمد ظهورها على العضو الذي حظي بأكبر قدر من الأثر السمي للنحاس، وأعراضه تشمل:
أعراض كبدية
يترسب النحاس في الكبد مما يُسبّب:
- الإرهاق وفقدان الشهية وألم في البطن
- اصفرار الجلد وبياض العين (اليرقان)
- تضخم الكبد والطحال
- ارتفاع الإنزيمات الكبدية
- ترسب الدهون في الكبد
- التهاب كبدي حاد
- تليف الكبد
- فشل كبدي
أعراض عصبية
يترسب النحاس في الدماغ -في الخلايا النجمية- مما يؤدي إلى خلل في الحائل الدموي الدماغي وتلف متزايد للخلايا العصبية ينتج عنه:
- رعشات وحركات لاإرادية وتيبس العضلات
- سيلان اللعاب وعسر الكلام والبلع
- خلل التوتر العضلي وعدم تناسق الحركة
- صداع نصفي
- أرق
- تشنجات
اضطرابات نفسية
- اكتئاب
- تغير في السلوكيات العصبية
- تغيرات في الشخصية
- الذهان
حلقة كايزر فليشر – Kayser-Fleischer Rings
حلقة بنية مذهبة اللون حول قرنية العين نتيجة ترسب النحاس بها وهي علامة مميزة لداء ويلسون. [5،3]
المضاعفات
إذا لم يعالج مرض ويلسون قد يؤدي إلى:
- تليف الكبد: بينما تحاول خلايا الكبد إصلاح الضرر الناتج عن النحاس المتراكم به تتشكل بعض الندب، مما يجعل أداء وظيفته أكثر صعوبة.
- فشل وظائف الكبد: قد يحصل فجأة دون سابق إنذار أو على المدى الطويل ويحتاج إلى سنوات.
- اضطرابات عصبية مثل الرعشات، وحركات غير إرادية وصعوبة في الكلام والمشي، وجميعها –في العادة- تتحسن مع العلاج الملائم.
- مشاكل في الكلى: قد يدمر داء ويلسون الكلى ويؤدي إلى تكون الحصوات والبيلة البروتينية (مرور كمية غير الطبيعية من البروتينات في البول).
- اضطرابات نفسية من تغيرات في الشخصية، واكتئاب، واضطراب ثنائي القطب، وذهان.
- مشكلات في الدم: انحلال الدم مما يؤدي إلى الأنيميا واليرقان.
- الوفاة. [5]
علاج داء ويلسون
يبقى تشخيص داء ويلسون تحديًا يواجه الأطباء اليوم، ولكن المطمئن في الأمر أنه مرض قابل للعلاج عند استخدام الدواء المناسب، وفي الحالات المتقدمة يمكن إيقافه مع تحسن ملحوظ للأعراض.
يهدف العلاج إلى إزالة النحاس الزائد ومنعه من التراكم مجددًا. بطبيعة الحال فإن علاج داء ويلسون يستمر مدى الحياة ولا بد منه، فأي تأخر قد يسبب تلفًا لا رجعة فيه.
الأدوية الاستخلابية – Chelation therapy drugs
هي الأفضل على الإطلاق في علاج التسمم بالنحاس مثل (penicillamine) و(trientine)، فهما يعملان على التخلص من النحاس الزائد عن طريق الارتباط به وإخراجه في البول.
الزنك – Zinc
يعمل الزنك على تقليل امتصاص النحاس من الأمعاء، مما يمنع تراكمه في الجسم، ومن مميزاته خلوُّه من الأعراض الجانبية.
زراعة كبد جديد
المريض الذي أصيب بالتهاب كبدي أو فشل في وظائف الكبد قد يحتاج علاجه إلى زراعة كبد جديد.
إيقاف العلاج قد يؤدي إلى الوفاة خلال ثلاثة أشهر، وعدم الالتزام بالجرعات المحددة قد يؤدي إلى عدم إيقاف تقدم المرض.[3]
العلاج الخلوي والجيني
بالرغم من الاستجابة الجيدة لهذه الأدوية إلا أن البحث عن استراتيجيات جديدة للقضاء على داء ويلسون قد لاحت في الأفق، مثل (العلاج الجيني-Gene therapy) و(العلاج الخلوي- Cell therapy)، وما زالت الأبحاث والتجارب جارية.
يهدف العلاج الجيني إلى تصحيح الخلل في خلايا الكبد الأصلية من خلال توفير نسخ صحية من جين ATP7B عن طريق إدخال الجينات المعدلة وراثيًا بواسطة ناقلات قادرة على الاندماج مع الخلايا للأبد.
يستهدف العلاج الخلوي –كما العلاج الجيني- الكبد لتعديل النقص في بروتين ATP7B وذلك عن طريق زرع خلايا كبد سليمة قادرة على إفراز النحاس في العصارة الصفراوية. يبدو أن العلاج الخلوي لداء ويلسون أمر ممكن لأن الخلايا الكبدية المزروعة بإمكانها أن تندمج بين الخلايا الكبدية لتؤدي الوظيفة المفقودة وهي نقل النحاس إلى العصارة الصفراوية.[8]
إعداد: نهى محمود
مراجعة علمية: مرثد محمد
تدقيق لغوي: محمد غنيم
تحرير: سامح منصور
المصادر:
- A History of Wilson Disease – ScienceDirect [Internet]. [cited 2019 Apr 16]. Available from: https://www.sciencedirect.com/science/article/pii/B978012810532000001X
2. Peter Hedera. Wilson’s disease: A master of disguise. 2019 Feb 13;6.
3. Home [Internet]. [cited 2019 Apr 16]. Available from: https://www.wilsonsdisease.org/
4. Epidemiology, diagnosis, and treatment of Wilson’s disease [Internet]. [cited 2019 Apr 16]. Available from: https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC5735277/#bib18
5. Wilson’s disease – Symptoms and causes – Mayo Clinic [Internet]. [cited 2019 Apr 16]. Available from: https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/wilsons-disease/symptoms-causes/syc-20353251
6. Wilson Disease: Practice Essentials, Background, Etiology [Internet]. [cited 2019 Apr 16]. Available from: https://emedicine.medscape.com/article/183456-overview
7. Reference GH. Wilson disease [Internet]. Genetics Home Reference. [cited 2019 Apr 16]. Available from: https://ghr.nlm.nih.gov/condition/wilson-disease
8. Ranucci G, Polishchuck R, Iorio R. Wilson’s disease: Prospective developments towards new therapies. World J Gastroenterol [Internet]. 2017 Aug 14 [cited 2019 Apr 16];23(30):5451–6. Available from: https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC5558108/