دراسة: اكتشاف قبورًا لمسلمين بجنوب فرنسا يحل لغزًا تاريخيًا

022716_0413_1

|

بعد مرور أكثر من 1300 عام، اكتشاف قبور المسلمين في العصور الوسطي المبكرة بجنوب فرنسا

( الجزء الأول )


انتظرت الدراسات الأثرية والتاريخية الخاصة بالتاريخ الإسلامي حتى يوم الرابع والعشرين من فبراير للعام 2016م ليظهر للعالم حقيقة تاريخية طالما شَكَّك فيها الأوربيون، وهي المتعلقة بالتواجد الإسلامي في جنوب فرنسا في مطلع القرن الثاني الهجري / الثامن الميلادي من خلال دراسة أُجرِيَت في موقع يسمى (نيم-NIMES).

قبور المسلمين الأثرية التي عثر عليها بجنوب فرنسا
القبور الأثرية المعثور عليها

قام ستةٌ من علماء الآثار والأنثروبولوجيا والجينوم بدراسة مُجمَّعة لمنطقة نيم الواقعة جنوب فرنسا وجاءت نتيجة هذه الدراسة بحثًا بعنوان: «قبور مسلمي العصور الوسطى المبكرة في فرنسا: أولى الدلائل الأثرية والأنثروبولوجية والجينية.»

وتَشكَّلت الدراسة من:

  • مقدمة
  • المواد والطرق المستعملة في الحفريات.
  • التحليل الأنثروبولوجي.
  • التحليل الجيني الوراثي.
  • النتائج والمناقشات.

وسنقوم بترجمة الدراسة بشكل تسلسلي حتى نواكب الحدث الأثري والتاريخي المميز.

مقدمة:

كان التوسع الإسلامي السريع خلال العصور الوسطى المبكرة قد أدى إلى تغييرات سياسية وثقافية كُبرى في عالم البحر المتوسط، وعلى الرغم من وجود المسلمين في وقتٍ سابق في شبه الجزيرة الأيبيرية بشكل وثَّقته المصادر النصية المكتوبة سواء التاريخية أو الأثرية، فقد تم أيضًا توثيق الوجود الإسلامي في المنطقة الواقعة شمال جبال البرانس – اصطلح تسميتها عن المؤرخين المسلمين باسم البرتات – من خلال المصادر النصية ذاتها، وتأتي هذه الدراسة لتوثِّق أو كشهادة أثرية وأنثروبولوجية وجينية لاستقرار المسلمين في جنوب فرنسا وذلك من خلال تحليل متعدد التخصصات لثلاثة قبور تم اكشتافها في منطقة (نيم- Nimes)، وتناقش الدراسة التساؤلات الآتية: النقاش حول مراسم الدفن عند المسلمين تبعًا للشريعة الإسلامية وتوثيق الوجود العربي الإسلامي الذي مارس هذه القاليد الدينية في نيم، ثم النقاش حول التواريخ التي تم استخلاصها بناءً على الإشعاعات التي تمت على الهياكل العظمية البشرية التي وُجِدَت في القبور الثلاثة والتي تعود للفترة ما بين القرنين السابع والتاسع الميلادي.

إن المصادر التاريخية توثِّق الوجود الإسلامي في تلك المنطقة التي اصطلح تسميتها في النصف الأول من القرن 8 م ببلاد الغال، وأخيرًا الدراسة الجينية الوراثية التي أُجريت على الرفات البشري والتي تؤكد بالأدلة أنها تعود لثلاثة أشخاص ينتمون إلى بلاد شمال أفريقيا، وبالنظر إلى كل هذه المعطيات فإننا نقترح أن هذه الهياكل العظمية التي دُفِنَت في منطقة نيم تخص البربر، ذلك العنصر الذي شارك الجيش الأموي الإسلامي في مراحل التوسع في شمال أفريقيا، إن هذا الاكتشاف ليس فقط يُناقش الوجود الأنثربولوجي والجيني المتعلق بالوجود الإسلامي في أراضي القوط الغربيين في مقاطعة سبتمانيا، ولكنه يُسلِّط الضوء على العلاقة المُعقدة التي جمعت بين هاتين الطائفتين خلال هذه الفترة المبكرة.

أدى التوسع السريع للإمبراطورية العربية إلى تشكيل واحدة من الإمبراطوريات الأكثر أهمية في تاريخ العالم، امتدت -هذه الإمبراطورية- من نهر الهندوس شرقًا إلى حدود المحيط الأطلسي غربًا، ويُعتبر هذا التوسع العربي تغييرًا في السياسة الدينية الكُبرى خلال العصور الوسطى المبكرة في منطقة البحر المتوسط، وفي الجزء الغربي من البحر المتوسط توسعت الشعوب العربية بشكل أسرع في جميع أنحاء شمال أفريقيا وضمت إلى حركتها العديد من عناصر البربر في سلك الجيوش الفاتحة وقد اعتمدت عليهم بشكل كبير في تحقيق الكثير من الانتصارات في تلك البقاع الواقعة غرب أوربا.

خرائط التمدد الإسلامي حتى ولاية سبتمانيا في المنطقة الشمال الغربي من الأندلس
خرائط التمدد الإسلامي حتى ولاية سبتمانيا في المنطقة الشمال الغربي من الأندلس

قام الجيش الأموي بغزو شبه الجزيرة الأيبيرية عبر شمال إفريقيا في عام 711م واحتل مملكة القوط الغربيين والتي امتدت في تلك المنطقة ما بين القرنين 5-8 م، وظهر فيما بعد بما سُمي «ممالك جنوب فرنسا»، وأدَّى هذا الوصول الأموي إلى تحول ثقافي وجوهري في العلاقات بين المجتمعات الأوربية الغربية التي ظهرت كنتيجة لانهيار الامبراطورية الرومانية الغربية، وقد تم توثيق هذا الغزو العربي والإسلامي لأسبانيا والبرتغال في المصادر التاريخية المكتوبة والمصادر الأثرية التي تتبعت تاريخ الأندلس فيما بين القرنين 8-15م.

ومن خلال نصوص أوراق الجنيزة المشهورة، برزت لدينا المعطيات الأثرية التي تدل على ممارسات الدفن الغريبة التي تتوافق مع الشريعة الإسلامية، وهي بشكل هام ممارسات محددة ولها شكل معين (مثل وضع الميت على جانبه الأيمن وتوجيهه إلى مدينة مكة)، ومن خلال هذا الشكل لطريقة الدفن يتضح أن تشكيل المقابر التي تم اكتشافها كانت على الطراز الإسلامي التي يظل معمولًا به حتى يومنا هذا.

يُتَّبَع…

مصدر البحث:

http://sc.egyres.com/6TAvK

إعداد: Omar Bakr
مراجعة لغوية: Mohamed Sayed Elgohary

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي