شدوا الأحزمة في نوفمبر القادم، أول سباق سيارات نانوية في العالم !

نانوي

بالتأكيد لم تتمكن من قبل من مشاهدة سباق كهذا. في الحقيقة، ولا أحد أيضاً، فالسيارات المشاركة فيه لا ترى بالعين المجردة.

في نوفمبر القادم، سيجتمع سائقو السيارات النانونية للمرة الأولى بمدينة تولوز بفرنسا للمشاركة في سباق السيارات الأول من نوعه، سباق السيارات النانونية، وسيختبر هذا السباق قدرة الآلات فائقة الصغر جزيئية الحجم على تمهيد الطريق نحو أجهزة مستقبلية قد تتمكن من اكتشاف الأمراض من داخل أجسامنا، أو تساعد في بناء أجهزة حاسوب أكثر فعالية.

خمسة فرق من فرنسا والولايات المتحدة وألمانيا والنمسا واليابان. لكل منها سيارته النانوية الخاصة، بعض منهم قام بتكوينها بالشكل المعتاد، أربع عجلات ومحاور مع الهيكل والمحرك الصغير. البعض الآخر لديه أجزاء مصممة خصيصًا للبيئة النانونية. وعلى أية حال، فإن أكبر سيارة لا تتخطى بضعة نانومترات طولاً، بالكاد بعرض خيط من الحمض النووي (DNA).

تم بناء أول سيارة نانونية في العام (2005) بواسطة جيمس تور (James Tour) بمعمل جامعة رايس (Rice University) في هيوستن بولاية تكساس، وكان طولها من ثلاث لأربع نانومترات، وهي عبارة عن كريات بوكي (Bucky Ball) ترتبط مع بعضها عن طريق محاور وهيكل، وقد تم تكوينها عن طريق سلسلة من التفاعلات الكيميائية التي أنتجت ملايين الملايين منها في المرة الواحدة. يقول تور: ” لم يكن هناك من يعلم كيف بالإمكان بناء شيء كهذا، كيف بإمكاننا تكوين عجلات تستطيع الدوران بشكل حقيقي، كانت تلك معضلة لا بد من حلها “.

منذ ذلك الحين، تم بناء أشكال أكثر من هذه المتحركات الصغيرة. في دريسدن بألمانيا، قام فريق من معهد ليبينز للأبحاث المعدنية (Leibniz Institute for Solid State and Metals Research) ببناء صاروخ نانوني مغطى بالبلاتين، والذي يتم إطلاقه عبر بيئة من فوق أكسيد الهيدروجين لينطلق بسرعة تبلغ مائتي ضعف طوله في الثانية الواحدة. كما أعلن معمل تور العام الماضي عن بناء غواصة نانونية ذات محركات جزيئية تعمل عن طريق الضوء فوق البنفسجي.

إن الذي يقود مُطوّري تلك المتحركات هو السعي نحو فهم كيفية استغلالها للوصول إلى ما نحتاجه منها تحت ظروف مختلفة، ويعتقد مهندس الطب الحيوي، هنري هس (Henry Hess) من جامعة كولومبيا في نيويورك أن هذا السباق سيحثّ العلم للتقدم بشكل أسرع، تماماً كما تقوم به مسابقة الروبوتات التابعة لوكالة المشاريع البحثية الدفاعية المتقدمة(داربا (DARPA))، أو جوائز إكس (X-Prizes)، وهي منظمة غير ربحية مقرّها الأساسي في كاليفورنيا تقوم بتصميم وإقامة مسابقات مفتوحة بهدف الحث على التطوير والإبداع التكنولوجي.

هِس متحمس جداً بخصوص التطبيقات الطبية المحتملة للناقلات النانونية التي بإمكانها مثلاً الكشف عن الباثوجين داخل الخلايا ومن ثم بالإمكان تحميلها على حساسات على سبيل المثال أو على مصانع نانوية تنتج جزيئات مفيدة يمكن شحنها إلى أي نقطة، بالضبط كشاحنات التوصيل في المدن، يُشبّه تور تلك التكنولوجيا بخلايا الدم الحمراء أثناء توزيعها للأكسجين حول الجسم، أو بالنمل الذي يعمل بشكل جماعي على مدار الليل لتكوين كومة من غذاءه، كما يرى في المستقبل تلك السيارات النانونية تحمل الترانزستورات والمكونات المعدنية الصغيرة جدًا لتقوم ببناء أجزاء الحواسب الآلية من الصفر.

يقول تور: ” إنها البداية فقط، سباق السيارات النانونية هذا يُعدّ بمثابة لعبة أطفال مقارنة بما سيحدث من تطورات خلال القرن القادم. سيتذكر الناس هذا السباق ويضحكون، بالضبط كما نتذكر نحن الآن الشكل الأول من الأوتومبيل”.

في نوفمبر الماضي، تقابلت الفرق في تولوز لتقديم سياراتهم والاتفاق على شروط المسابقة التي جاءت كالآتي: سيضع المتسابقون سياراتهم على سطح من كريستالات الذهب محفوظ في الفراغ في درجة حرارة تبلغ (-268) درجة مئوية، على أرضية السباق خطان للبداية والنهاية بالإضافة لعقبات تتكون من ذرات منفردة للذهب. سيصمم كل فريق سائق للسيارة ستكمن أهميته في تحديد مكان السيارة على السطح وفي إرشادها ما بين خطي البداية والنهاية.

ربما يبدو السباق سهلًا جراء هذا الوصف، لكنه ليس كذلك على الإطلاق، فبعض الفرق تقضي شهوراً وسنوات لإعداد سياراتهم، ولعل أحد التحديات المفاجئة للمتابع هي مجرد نقل السيارات من المعامل إلى تولوز ومن ثم وضعها على أرضية السباق، فأحد الفرق المشاركة ( فريق أوهايو بوبكات) كانت فكرته الأولية هي نقل السيارات كمسحوق ومن ثم تبخيرها عند سطح الذهب بحيث يلتصق قليل من السيارات بأرضية السباق. يرى سو هلا (Saw Hla)، الباحث من جامعة أوهايو، أن أرضية السباق ضخمة، ولذلك فإن تحديد موقع السيارة يشبه محاولة تحديد سيارتين أو ثلاث على خريطة الولايات المتحدة كاملة.

بمجرد أن يتمكن هلا وفريقه من تحديد مكان سيارتهم سيكون عليهم إيجاد طريق من البداية إلى النهاية، وسيتم ذلك عن طريق ميكروسكوب المسح النفقي، وهو آلة بإمكانها التصوير ثلاثي الأبعاد للأجسام ذات الأحجام الذرية بالإضافة لإمكانية التفاعل معها وهو مزود بأربعة دبابيس يمكن إستخدامها لإمداد السيارات بالكهرباء اللازمة لها، ما يسمح لها بالتحرك في الاتجاه المناسب، مع الأخذ بالاعتبار أن التحريك اليدوي للسيارة ممنوع، ما إن تتحرك السيارات، فالأمور ستكون سلسة، ومتوسط سرعة السيارة حوالي عشرة نانو- ميل بالساعة أو ما يقارب عشرة أضعاف طول السيارة بالثانية الواحدة وهو ما يعادل حوالي (170) كم بالساعة لسياراتنا المعتادة وسيكون لدى كل فريق يومان وليلتان لمحاولة الفوز في السباق.

يعتقد هس أن هذا السباق والجو التنافسي سيساعد الفرق على تطوير سياراتها، ” كما تساعد سباقات الفورميلا وان على تطوير صناعة السيارات، نفس القضية بالإمكان تكرارها هُنا”.

الفرق المشاركة:

  • Nanocar Team, US/Austria.
  • Nanomobile Club, France.
  • Nano-Vehicle MANA-NIMS, Japan.
  • Ohio Bobcat Nanowagon Team.
  • Nano-Windmill Company, Germany.

ترجمة: محمد دخيل.

مراجعة وتدقيق: المهندس ميشيل بكني

تصميم: Bothaina Mahmoud

المصدر:

The world’s tiniest race by Aviva Rutkin.

New Scientist WEEKLY 23 January 2016.

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي