دراسة جديدة: تلوث الهواء يؤثر على الذكاء وبشكل أسوأ لدى الرجال

fig-27-10-2018_21-50-36
تلوث الهواء

تزداد صعوبة التنفس في المدن والقرى المُلوثة شيئًا فشيئًا، تمتلئ الشوارع بعوادم السيارات والجزيئات الدقيقة المُنبعثة منها، أدخنة المصانع ومولدات الكهرباء تسود الأرجاء وتغطي السماء، وفي بعض الأيام الحارة تحديدًا كمنتصف الصيف تزداد وتيرة تحول هذه الجزيئات المُلوثة إلى مركب الأوزون.

وهذا الهواء المُلوث بما يحمله من ضباب وأوزون وسُخام يمكنه إيذاءك بأكثر من مجرد الشعور بالاختناق وصعوبة في التنفس، إن تلوث الهواء يمكنه أن يرهق ويؤذي مخك.

طبقًا لدراسة جديدة، فإن التعرض بشكل مزمن للهواء المُلوث يمكن أن يؤدي إلى تأثيراتٍ حادة على الإدراك، وهذه التأثيرات تزداد سوءًا يومًا بعد يوم. بالإضافة إلى أن زيادة هذه التأثيرات يمكنها أن تكون الدافع الكافي لتطور أمراض تنكسيّة خطيرة (بالإنجليزيّة: Degenerative diseases)، مثل: الخرف وألزهايمر.

 نحن نعلم بالفعل أن التعرض للهواء السيء يُقصّر العمر، وهو ضار على الأطفال ويؤذي جسمهم النامي كما يؤذي مخهم، ولكن الجديد في هذه الدراسة هي أن هذا التأثير لا ينتهي بالتوقف عن التعرض لمثل هذه المُلوّثات، ولكن يزداد سوءًا مع تقدم العمر ويتضح بشكل أقوى خصيصًا على الرجال ذوي التعليم المحدود.

كما أكد الباحثون على أن هذه النتائج تشير إلى صعوبة في إمكانية التعامل مع أمراض المخ المميتة، والتي سوف تزيد من صعوبة الاعتناء بكبار السن في المجتمع بشكل عام.

هواء ملوث مدى الحياة

في هذه الدراسة المُشار إليها، فحص فريق البحث بيانات استبيان محليّ أُقيم في 162 مقاطعة في الصين منذ عام 2010 وحتى 2014،ثم  قارن فريق البحث نتائج هذا الاستبيان مع بيانات جودة الهواء الرسمية للدولة.

وباستخدام بيانات سنوات عديدة أخرى، استطاع الباحثون رؤية كيف أثَّرت الفترات المليئة بالهواء المُلوَّث على درجات الاختبار اللفظي والرياضيات.

واستطاع الباحثون أيضًا ملاحظة كيف يمكن للعيش في المناطق الملوثة أن يؤثر على درجات الاختبارات بمرور الوقت وكيف كان التأثير التراكمي لها ملحوظًا.

وعلى الرغم من أن التأثير كان مُلفتًا، إلا أن تأثير مُلوّثات الهواء كان لها تأثير أقوى على الاختبارات اللفظية، وكان أكثر خطورة على الرجال تحديدًا.

وفسّر الباحثون هذه الظاهرة لحقيقة أن تلوث الهواء يؤثر بشكل أكبر على مراكز المخ المتعلقة بالتكلم والتي هي أكثر تطورًا عند النساء عن مثيلتها في الرجال؛ ولذلك فإن تأثيرها على الرجال أقوى.

وعلى هذا الأساس، يعتقد الباحثون أن تحسن جودة الهواء، وجعله يتناسب مع معايير (وكالة حماية البيئة الامريكية – US EPA) لتلوث الهواء؛ يمكنه أن يحسن من نتائج الاختبارات بشكل ملحوظ.

ولمعرفة كم يمكن للناس تحقيق نتائج أفضل، فقد علَّق الباحثون بأن التقديرات تشير إلى أن تحسين جودة الهواء فقط يمكنه زيادة درجات شخص من 50% إلى 58% في اختبار الرياضيات وإلى 63% في الاختبار اللفظي.

الصين مثلها كمثل دول نامية كثيرة لديها عدد كبير من المدن التي لديها مشاكل خطيرة في جودة الهواء؛ ففي الدراسة، قد ذكر الباحثون أن 98% من المدن التي تحتوي على أكثر من 100 الف نسمة، ويترواح دخل الفرد بها ما بين المنخفض والمتوسط؛ فشلت هذه المدن في تحقيق إرشادات جودة الهواء لمنظمة الصحة العالمية.

نعلم جميعًا أن هناك العديد من الأسباب تدفعنا إلى القلق من تلوث الهواء، بداية من زيادة احتمالية الإصابة بأمراض الرئة والقلب وصولًا لتأثيره على تغيّرات المناخ. ولكن عندما يأتي الحديث عن التأثيرات السلبية لتلوث الهواء، فلا يمكن لنا أن نتجاهل مدى تأثيره على قدرتنا على التفكير.

تمت الترجمة من Science Alert

ترجمة: أيمن النحراوي
مراجعة علميّة/تحرير: نسمة محمود
تَدقيقٌ لُغَوِيّ: محمود خليفة

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي