دورة حياة النجوم
تُعتبر النجوم من أكثر الأشياء الفلكية المتعارف عليها، حيث تمثل معظم البنية الأساسية للمجرات في الكون الفسيح، وبمعرفة العمر، التوزيع، والتكوين الخاص بالنجم، يمكن تتبع تاريخ وتطور المجرات وبالتالي معرفة أصل الكون، علاوة على ذلك النجوم مسئولة عن صناعة وتوزيع العناصر الثقيلة مثل الكربون، النيتروجين، والأكسجين، وخصائص تلك العناصر مرتبطة بخصائص الأجسام التي تتجمع حول النجوم، وبناء على ذلك، دراسة بداية أطوار حياة النجوم هى نواة دراسة علم الفلك.
تنشأ النجوم من السُحب الغبارية الباردة المنتشرة في جميع أنحاء معظم المجرات والتي تسمى (السديم – Nebula) وهى سحابة تتكون من غبار تكون نتيجة نجوم إنفجرت بسبب إختلال العمليات بها أو تقدم عمر النجم و إنتهاء عمره، و هى من الكتل الأساسية في هذا الكون، هذا الغاز وجزيئات الغبار تُعرف معاً باسم (الوسط النجمي- Interstellar Medium) ، بشكل تقريبي 99 بالمئة من مكونات هذا الوسط هى من غازي الهيدروجين والهيليوم، وتتشكل النجوم عندما تخضع أجزاء من الوسط النجمي للإنهيار على نفسها نتيجة للجاذبية، فمع الوقت تتجاذب ذرات الهيدروجين الموجودة في السديم بسبب (قوى الجاذبية – (Gravitational forces ويبدأ السديم في الانهيار وتتمزق السحب إلى أجزاء وعقد أصغر وكلًا منها تبدأ في التداخل على نفسها.
وطبقًا لـ (قانون حفظ الزخم – Conservation of Momentum) تبدأ بالدوران، وكلما تتجمع جزيئات المادة النجمية معًا بشكل أسرع وأقوى، ترتفع درجة حرارتها نتيجة رد الفعل العكسي للذرات حيث تقاوم قوى الجاذبية الشديدة، وفي تلك اللحظة ينشأ بما يسمى (Protostar) ويحيط به قرص نجمي مكون من مواد أخرى، البعض منها مايزال في طور الدوران والانكماش على نفسه بحيث يزيد من مادة النجم، والباقي يبقى كما هو مكونًا كواكب، مذنبات أو يبقى غبار كما هو، واعتمادًا على كتلة النجم، عمر هذا الطور يكون قصيرًا بالنسبة للعمر العام للنجم، فمثلًا للنجوم التي تبلغ كتلتها واحد كتلة شمسية مثل الشمس يستمر هذا الطور لمدة مليون عام.
بعد ذلك تصل درجة الحرارة إلى 15 مليون درجة ثم يحدث إندماج نووي داخل مركز النجم حيث تتحول البروتونات الموجودة بذرات الهيدروجين خلال عدة مراحل إلى ذرات هيليوم، فيتحول إلى طور جديد يسمى (Main Sequence Star) هذا التفاعل طارد للحرارة فيعطى طاقة أكثر مما يحتاجه قلب هذا النجم، فيطلق كميات هائلة من الحرارة على هيئة أشعة جاما وتأخذ وقت طويل للخروج من قلب النجم، ويتوهج النجم بشكل ملحوظ جدًا، ثم يتقلص قليلًا، وأخيرًا يصبح مستقرًا، ويستمر توهجه لمليارات السنين، وتعتبر النجوم المتوسطة نسبيًا مثل الشمس حاليًا في هذا الطور ومقدر أنها في هذا الطور من 10 – 15 مليار سنة، فالنجوم الكبيرة تكون فترة حياتها قصيرة.
ومع إستمرار توهج النجم (Main Sequence) بالإندماج النووي، يبدأ الهيدروجين في النفاذ وبالتالي يتوقف التفاعل النووي ويصبح مركز النجم غير مستقر ثم يبدأ في الإنكماش على نفسه، ويتكون معظمٍ غلافه الخارجي غالبًا الهيدروجين حيث يبدأ في التمدد، ثم يبرد ويتوهج أكثر من الطور السابق لكن باللون الأحمر، هذا النجم الآن وصل لطور ( العملاق الأحمر – Red Giant)، اللون الأحمر نتيجة أنه أبرد من الطور السابق له، وعلاق بسبب تمدد غلافه الخارجي نحو الخارج، وفي مركز العملاق الأحمر يتحول الهيليوم إلى كربون، فكل النجوم تتطور بنفس الطريقة لتصل للعملاق الأحمر، لكن مقدار كتلة النجم يحدد أي مسار لدورة حياته سوف يسلك من المسارات الآتية.
بالنسبة للنجوم ذات الكتل المنخفضة، بعدما يتحول الهيليوم إلى كربون ثم ينفذ، ينهار المركز مرة أخري، وتُزاح الطبقات الخارجية للنجم في شكل غلاف غازي، ويسمى هذا بـ( السديم الكوكبي – Planetary Nebula)، ويبقى المركز كما هو بنسبة 80% من النجم الأصلي الذي لم يعد يملك (الضغط التجاذبي – Gravitational Pressure) لدمج الكربون فيسمى ( القزم الأبيض – White Dwarf)، ثم يبرد ويخفت تمامًا، ويصبح ميتًا ويدعى (القزم الأسود – Black Dwarf).
أما للنجوم ذات الكتلة الكبيرة 10 أضعاف أو أكثر من كتلة الشمس، تسلك الأطوار مثل النجوم منخفضة الكتلة تولد في السديم ثم طور الـ( Protostar) وحتى الـ(Main Sequence)، ومع ذلك تختلف دورة حياتها من بعد طور العملاق الأحمر، حيث ترتفع درجة حرارة مركزها نتيجة تكون ذرات الكربون من إندماج ذرات الهيليوم، وتستمر الجاذبية بسحب وتجميع ذرات الكربون وبزيادة درجات الحرارة والإندماج يتكون أكسجين، نيتروجين وفي النهاية الحديد.
وعندما يزداد الحديد بداخل المركز، يقل الإندماج نتيجة ثبات أنوية الحديد أكثر من باقي العناصر، وبالتالي يتطلب طاقة أكثر لشطر نواة ذرة الحديد، مع إنتاج عناصر أثقل خلال الإندماج النووي، حيث يحتاج إلى طاقة مدخلة أكثر من المُطلقة، وبما أن لم يعد هناك طاقة ناتجة من المركز، يبدأ النجم في الإنهيار على نفسه تحت تأثير جاذبيته، خلال ثواني وترتفع درجة حرارةالمركز إلى 100 مليار درجة، وتُسحق ذرات الحديد، فتتغلب قوى التنافر بين النواة على قوى الجاذبية، وينتفض المركز من قلب النجم في موجة تصادمية نراها كإنفجار (المستعر الأعظم – Supernova)، لو كانت كتلة المتبقي من الإنفجار حوالي 1.3 إلى 3 أضعاف كتلة الشمس، سوف يصبح (نجم نيتروني – Neutron Star) وهو نجم عالي الكثافة، أما إذا كان 3 أضعاف كتلة الشمس بعد الانفجار سيسلك مسارًا مختلفًا ، فقوى الجاذبية سوف تتغلب على القوى النووية التي تربط البروتونات والنيترونات داخل النواة، وينكمش المركز بقوة جاذبيته ثم يتحول إلى (ثقب أسود – Black Hole) والذي يجذب أي مادة وطاقة تمر بجانبه.
إعداد: أمير علاء عياد
مراجعة علمية: Ahmed Mohamed
تدقيق: Mohammed Sherif
تحرير: ندى المليجي
المصادر/
حقوق الصورة: NASA and the Night Sky Network
الرابط/ http://sc.egyres.com/gq533