رابط مفقود بين اضّطرابات انهيار النجوم «الهايبرنوفا»، وانفجارات أشعة جاما.

رابط

حواسيب فائقة تُحاكي عشرة أجزاء من الثانية لانهيار نجم ضخم إلى نجم نيتروني لإثبات أنّ تلك الأحداث الكارثية الهائلة- والتي غالبًا ما تُسمّى «الهايبرنوفا-Hypernova»- تولّد مجالات مغناطيسية قوية جدًا تفجر النجم، ومطلقةً ومضات من أشعة جاما تكون مرئية في أنحاء الكون.

نتائج المُحاكاة؛ والتي نُشرت في الثلاثين من نوفمبر الماضي في مجلة nature العلمية؛ تُبيّن أنّ النجم المنهار الدوّار ومجاله المغناطيسي يدوران بشكل متسارع أكبر وأكبر، مما يجعله مثل الدينامو فيولد مجالًا قويًا أقوى بمليون مرة من مجال الأرض المغناطيسي.

إنّ الحقل المغناطيسي هذا كافٍ لتجميع وتسريع الغاز على طول محور دوران النجم، والتي تخلق نفّاثتين تنتج في اتجاهين متعاكسين حزمًا من أشعة جاما عالية الطاقة.

المولدات الكهربية الأولية تولد التيار على شكل خطوط تدور حول المجال المغناطيسي، أما في المولدات النجمية فإنّها تولد التيارات الكهربائية كمجالات مغناطيسية تتحرك عبر الفضاء، في حين أنّ التيارات بدورها تعزز المجال المغناطيسي، مما يؤدي لرد فعل يُنتج مجالات مغناطيسية عنيفة ووحشية.

«الدينامو هو طريقة لأخذ التراكيب المغناطيسية الصغيرة داخل نجم ضخم وتحويلها لتراكيب مغناطيسية أكبر وأكبر، لازمةً لإنتاج انفجار هايبرنوفا ضخم بالإضافة لانفجارات أشعة جاما الطويلة» قالها فيليب موستا بجامعة كاليفورنيا في بيركلي والكاتب الأول للورقة. كما أضاف أيضًا «تلك بداية العملية، وأنّ الناس يعتقدون في نجاح العملية، أما الآن فنحن نراها حقًا».

إنّ مفتاح هذا النجاح يكمن في المحاكاة الحاسوبية لأدقّ التفاصيل أكثر من أي وقتٍ مضى، على الرغم من أنها تحتاج إلى 130000 نواة كمبيوتر تعمل بالتوالي على مدى أسبوعين، وهي واحدة من أقوى الحواسيب الفائقة في العالم والتي تقع في «المركز الوطني لتطبيقات الحوسبة الفائقة-National Center for Supercomputing Applications» في جامعة إلينوي في أوربانا شامبين.

الهايبر نوفا يُنتج العناصر الثقيلة:

علماء الفيزياء الفلكية- مثل موستا- يحاولون تطوير نموذجهم حول ما الذي يحدث للنجوم عند وصولها لنهاية حياتها، آملين في أنْ تتضح الظواهر الكونية الغريبة مثل انفجارات أشعة جاما والهايبر نوفا والتي تضيء بشكلٍ ألمع من متوسط انفجار سوبر نوفا عادي، ولفهم كيفية تكوّن العناصر الثقيلة جدًا والموجود في الطبيعة.

«الآن أصبح لدينا نموذج أوّلي يسمح لنا بطرح سؤال مهم، كيف صُنعت العناصر الثقيلة في هذه الانفجارات العنيفة؟» قاله البروفيسور إليوت كواتايرت أستاذ علم الفلك بجامعة كاليفورنيا في بيركلي، والذي لم يشارك في الدراسة. كما أضاف أيضًا «المعضلة هنا هو أنّ فريق فيليب بدأ من مجال مغناطيسي ضعيف نسبيًّا وأظهر تطوره إلى مجال مغناطيسي متماسك قويٍّ جدًا وعلى نطاق واسع وهو نوع عادة ما يفترض ليكون هنا، وهو عمل نماذج من انفجارات أشعة جاما».

ألمع الأحداث في الكون:

انفجارات أشعة جاما قصيرة وعالية الطاقة، حيث أطول الانفجارات تستغرق حوالي مئة ثانية، يصاحبها أطوال موجية بعيدًا جدًا عن نطاق الأشعة المرئية وفوق البنفسجية، والتي لم تُكتشف إلا في عام 1967 عن طريق الأقمار الصناعية التي تكشف عن التجارب النووية، ومعظمها يقع على بُعد مليارات السنين الضوئية في المجرات البعيدة، ولذلك في الواقع يمكننا أنْ نراها ونصِفها أنّها ألمع الأحداث في الكون.

الاكتشافات في الخمسين سنة الماضية قادت الفلكيين لافتراض أنّ الانفجارات والومضات التي تُنتج أثناء الانفجارات النادرة والعنيفة للنجوم العملاقة، حوالي خمسة وعشرون مرة لكتلة الشمس أو أكبر، لكن مازال يجري البحث والعمل على معرفة كيف يولِّد انفجار الهايبر نوفا حزمًا مُركّزة من أشعة جاما، وتُصنّف عادةً هذه الانفجارات النجمية كانفجار من النوع Ic.

ويُعتقد أنّ الحزم النفّاثة عُقدت مع بعضها بواسطة مجالات مغناطيسية قوية جدًا وهي اللازمة لحدوث تلك الانفجارات كما قال موستا، ولكن واحدة من الروابط المفقودة هي أنه كيف لنجم ذو مجال مغناطيسيّ عادي مثل الذي للشمس، أنْ يتضخم إلى كوادريليون المرات؟

إنّ أحد الاحتمالات هو أنّ الطاقة المختزنة في دوران النجم المنهار يمكن أن تتحول إلى طاقة مغناطيسية، هذه المجالات المغناطيسية القوية قد تكون بالغة الأهمية للمساعدة في تعجيل الجسيمات المشحونة إلى سرعة وطاقة تجعلها قادرة على توليد أشعة جاما.

«نتوقع أنّ جزءًا صغيرًا من النجوم تدور بسرعة كافية قبل الانهيار لشرح نبضات النجوم النابضة في جزء من الثانية» قالها كريستان أوت أستاذ الفيزياء الفلكية النظرية في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا. كما أضاف أيضًا «ولكن إذا كان النجم يدور بهذه السرعة الكبيرة، إذًا فهناك الكثير من الطاقة في دورانه، لكن المشكلة في ذلك هو كيفية استخراجها وإطلاقها في الانفجار».

خلق المجالات المغناطيسية فائقة القوة:

انهيار نواة النجم في صورة سوبرنوفا يحدث بسبب توقف الانصهار النووي للهيدروجين بسبب نفاذ الوقود النووي (الهيدروجين)، فيبدأ النجم في صهر الهيليوم ثم الكربون والأوكسجين، حتى يصل في النهاية ليصهر هذه العناصر إلى الحديد يتوقف الانصهار النووي كليًا، ولا يقدر قلب النجم على حفظ التوازن ومقاومة الجاذبية الهائلة الواقعة عليه من المواد المحيطة به.

وفي غضون ثانية واحدة، ينضغط النجم الداخلي إلى دائرة بقطر 1500 كيلومتر وينهار إلى نجم نيوتروني بقطر يتراوح بين 10 إلى 15 كيلومتر، محتويًا على كتلة تبلغ 1.4 كتلة شمسية، وهذا يخلق موجات صِدامية تتحرك للخارج مؤثرةً على الطبقات الخارجية للنجم، وكلما انهار قلب النجم أكثر زادت سرعة دورانه.

وقد وضّح العلماء كيف أنّ النجوم الضخمة والدوّارة تولِّد مجالات مغناطيسية بعد انهيارها بعملية تُسمّى «Magnetorotational instability»، وتُبين أنّ طبقات النجم تدور بسرعات مختلفة، مسببًا اضطرابًا يُشكّل مجالات مغناطيسية متداخلة في تدفق مغناطيسي بعرض كيلومتر، مثل الشعلات الموجودة على سطح الشمس، ولكن هل يمكن لهذه العملية أنْ تُولِّد مجالات مغناطيسية بشكلٍ أكبر من المطلوب لبدء الانفجار؟

«ما قمنا به هو أول محاكاة شاملة عالية الدقة للغاية، وكما تُظهر المحاكاة الآلية تشكُل (النجوم المغناطيسية-Magnetars)- وهي نجوم نيترونية ذات مجالٍ مغناطيسي قويّ- والتي قد تكون سببًا في انفجارات سوبر نوفا قوية» قاله الدكتور موستا.

ولقد وجد موستا وزملاؤه مفتاح هذه العملية في النجم النيتروني الدوّار- وهو منطقة قد تصل حوالي 15 إلى 35 كيلومتر من النجم- حيث الطبقات المختلفة تدور بسرعاتٍ مختلفة تمامًا عن بعضها، مسببًا اضطرابًا كبيرًا بما يكفي لخلق مولّد.

ويعمل الدكتور موستا على محاكاة تشمل أكثر من 10 مللي ثانية من تطور النجم بعد الانهيار، أو ما بعد الارتداد، وذلك لفهم أفضل لكيفية انهيار المادة وتفاعلها مع المجالات المغناطيسية الدوارة.

إعداد: Mohammed Abkareno

مراجعة: إسراء حسن

تصميم: Ahmaad M. Hanafi

المصدر: http://goo.gl/UrTF6y

#الباحثون_المصريون

 

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي