الأجهزة الطبية القابلة للزراعة يجب أن تكون دائمًا ذكية وصغيرة الحجم. فجهاز تنظيم ضربات القلب- Pacemaker وغيره من الأجهزة الفعالة التي تحتوي على (معالج- Processor) لا يزيد حجمها عن 1 سم مكعب، ويجب أن يتم زراعتها بعملية جراحية. يقول دافيد بلاو- David Blaauw أستاذ الهندسة الكهربية وعلوم الحاسب بجامعة (ميتشيجن-Mitchigan): «غالبًا ما تكون الأجهزة الإلكترونية الأخرى القابلة للزراعة غير فعالةٍ نظرًا لافتقادها الذكاء الحاسوبي والقدرة على بث الإشارات بشكلٍ فعال.»
ويضيف: «إن الصعوبة لا تكمن في تقليص حجم المعالج؛ بل في تقليص حجم الراديو»، حيث قام بلاو وزملاؤه من المهندسين (دافيد وينتسلوف- David Wentzloff) و(ياو شي- Yao Shi) في الأسبوع الماضي أثناء (المؤتمر الدولي للدوائر الكهربية الصلبة- International Solid-State Circuits Conference) الذي تنظمه (جمعية مهندسي الكهرباء والإلكترونيات- IEEE)، بعرض نموذج بدائي لراديو يمكن زراعته ويبلغ حجمه (10) سم مكعب ويستطيع إرسال إشارات قوية يصل مداها إلى (50) سم (متضمنًا 3 سم من أنسجة الجسم التي تمر الإشارة خلالها).
ولكي تحصل على إشارةٍ قويةٍ من راديو ضئيل الحجم تحتاج إلى شيئين أساسيّين: أولهما تصميم جيد للهوائي- antenna فإذا كنت تقوم بتصميم هوائي راديو أرضي فإنك تستطيع أن تجعله كبيرًا قدر المستطاع لكي يرسل إشارات بعيدة المدى. ويقول ياو شي أنهم استطاعوا التغلّب على مشكلة الحجم عن طريق تصميم هوائي صغير للبث من داخل الجسم بالإضافة إلى هوائي خارجي للاستقبال، ويتم توصيلها بأسلوبٍ يجعل المستقبِل يلتقط الإشارة الضعيفة من داخل الجسم. وإذا أخذنا في الاعتبار حجم الهوائي الذي يبلغ 1 مليمتر فقط فستصبح النسبة كبيرة جدًا بالنسبة لـ50 سم، وهذا المدى بعيد بما فيه الكفاية ليوصل الإشارة إلى تليفون محمول قريب من الشخص.
وثانيهما هو مصدر الطاقة، فالقوة الاحتياطية للراديو تبلغ حوالي (15) نانو وات ولكن إرسال إشارةٍ يحتاج إلى اندفاعٍ سريع من الطاقة. ولقد اضطرت مجموعة جامعة ميتشيجن لجعل تصميمهم يعمل على بطارية صغيرة جدًا لا تستطيع أن تصدر تيارًا قويًا مرةً واحدةً، ولذا فقد قاموا بدمج (مكثِّف- Capacitor) يقوم بسحب البطارية على مدار الوقت ليقوم بتوفير الطاقة اللازمة للإندفاع السريع للطاقة، حيث يقول بلاو: «إنه يقوم بنقل هذه الطاقة سريعًا إلى الهوائي» وهذا الإرسال المتقطع يعني أن (الإشارات- bits) تنتشر أكثر من تلك القادمة من الراديو العادي. ويمكن إعادة شحن البطارية عن طريق خلية ضوئية حساسة للأشعة تحت الحمراء المحيطة والتي تمر خلال الجسم.
تمركزت كثيرٌ من الأعمال المؤخرة بخصوص الأجهزة الطبية القابلة للزراعة أو القابلة للحقن حول استخدام مواد جديدة تتميز بكونها مرنة ولينة، هذه المواد الجديدة تتميز بقدرتها على الانزلاق خلال حقنة رفيعة لتزرع داخل الجسم دون الحاجة للقيام بعملية خطيرة ثم متابعة الأكسجين والجلوكوز وغيرها ودون الحاجة لمتابعة تقدم المرض في حالة الأورام، ففي يونيو على سبيل المثال؛ قام الباحثون في جامعة هارفارد بحقن شبكة من (الأسلاك النانوية- nanowires) شديدة المرونة في أدمغة الفئران لقياس نشاطها الكهربائي، وأثناء (معرض الإلكترونيات للمستهلكين- CES) في يناير من هذا الشهر قامت شركة صغيرة من سان فرانسيسكو تدعى (برفيوزا- Perfusa) بعرض أجهزة استشعار للأكسجين قائمة على أساس (الهلامات المائية- hydrogel).
وينصب تركيز بلاو على تصغير حجم الأنظمة الحاسوبية الموجودة حتى تصبح صغيرة بما فيه الكفاية لتخرج من خلال إبرة الحقنة، ولا نحتاج الى أن تكون هذه الأنظمة مرنة، فالحجم الضئيل يمنع الأنظمة الصلبة من تدمير الأنسجة، وهذا الراديو واحد من المكونات الصغيرة التي اخترعها فريق جامعة ميتشيجن ليتم تبادلها داخل وخارج الأنظمة البشرية لاستخدامها في تطبيقات عدّة.
إنه الآن جاهز ليتم دمجه مع مكونات أخرى شديدة الصغر لعمل جهاز موحد قابل للحقن، ويتعاون مهندسو جامعة ميتشيجن مع باحثين من مدرسة الطب في نفس الجامعة ليحصلوا على نتائج أول اختبار تطبيقي. لقد استخدموا الإصدار القديم ذو المدى الأقصر من الراديو في جهاز يقوم بإرسال معلومات عن الضغط داخل الورم، وقد تستطيع الأجهزة المستقبلية التي تستخدم الراديو أن تقوم بنقل البيانات حول درجة الحرارة، الرؤية، (درجة الحموضة -PH) وغيرها من القياسات.
إعداد: Mustafa Nabil
مراجعة: Matalgah Hamzeh
تصميم: Ayman Samy
المصدر: من هنا
#الباحثون_المصريون