عِلم الفلك، احد اقدم العلوم التي مارسها الإنسان على الإطلاق، نظر للسماء وتسائل عن ماهيتها، استخدم النجوم في تحديد موقعه والسفر عبر البحار والترحال، نظم أيامه والعام عن طريق القمر والشمس، قامت حضارات وسقطت حضارات تحت ظل السماء. إن رحلتنا مع النجوم عريقة ويقترن وجود البشر بوجود عِلم الفلك، لذلك دعونا نتعرف على هذه الرحلة الملحمية عبر الزمن في سلسلتنا التعريفية عن تاريخ عِلم الفلك: «رحلة الإنسانية بين النجوم».
الحضارة الفرعونية:
إحدى أقدم الحضارات على الإطلاق، وأعظمها أيضًا! برعت الحضارة المصرية في علومٍ كثيرة وقدمت للعالم الكثير خاصةً في عِلميّ الطب والكيمياء، لكن قدمت أيضًا الكثير من الإمور المُذهلة في عِلم الفلك وبرعت فيه لدرجة تُذهل العقول.
في الصحراء النوبية الحارقة في مِصر، في منطقة تُدعى (نبتة بلايا-Natta Playa) بأسوان، اكتشف العُلماء ما يُعتقد انه احد اقدم المُعدات الفلكية على الإطلاق، هي دائرة من الصخور يُعتقد انها كانت تُستخدم كأداة لمعرفة التقويم.
كان المصريون القُدامى على عِلمٍ تام بأن السنة تتكون من 365 يومٍ، وقسموها إلى 12 شهرًا، كُل شهرٍ 30 يومًا، وخمس أيام احتفالية كبيسة تُدعى: (Epagomenal Days).
كانت هذه النتيجة تفوِّت يومًا كُل اربعة أعوام، وفي محاولة منهم لتصحيح ذلك، طوروا تقويمٍ آخر يعتمد على نجم (الشعرى اليمانية-Sirius) يتكون من 365 يومٍ أيضًا. من الغريب أنه أيضًا احتفظوا بتقويمٍ ثالث يتكون من 360 يومٍ يتم استخدامه مع التقويمين الآخرين. كانت تتزامن هذه التقويمات كُل 1461 عامًا، وكانت تتم احتفلات كبيرة حينها احتفالًا بالعصر الجديد. استطاع المصريون عن طريق هذه التقويمات تقسيم العام لأربع فصول:
(فصل الفيضان -فصل الحصاد -فصل الزرِّع -فصل الري).
استخدم الفلكيون المصريون الساعات الشمسية لمعرفة الوقت، وقسموا اليوم لـ24 ساعة، لكن مُدة هذه الساعات لم تكُن مُحددة، فلم يكُن الليل 12 ساعة والنهار 12 ساعة. في الليل، قسموا السماء لـ36 مجموعةٍ نجميةٍ تُدعى: (Decans).
طور المصريون أيضًا نظام مجموعاتٍ نجمية، استخدمه الإغريقييون فيما بعد.
الهرم الأكبر بالجيزة، أحد أشهر المعالم في العالم، يواجه الشمال الحقيقي بإختلاف متوسطه حوالي 3 دقائق قوسية (Arcminute)*، وتوجد بعض النظيرات التي تعتقد أن الأهرامات الثلاثة الكبيرة يُمثلون كوكبة (الجبار-Orion).
بالطبع لن ننسى أن نذكر أنهم برعوا في الحسابات الفلكية لدرجة جعتلهم يبنوا معبد أبو سمبل الشهير بحيثُ تتعامد الشمس مرتين في العالم على وجه الملك رمسيس الثاني وهذه الحسابات كانت دقيقة حيث أنها فعالة حتى يومنا هذا!
يعتقد الفلكيون أن المصريون قد سجلوا إحدى أقدم المُلاحظات لنجمٍ مُتغير**، وهو نجم (رأس الغول-Demon Star)، هو نجمٍ مُتغير يتكون من نظام نجمي ثُنائي يبعُد عنا 93 سنةٍ ضوئية، وهو احد عيني رأس ميدوسا في كوكبة (حامل رأس الغول-Perseus).
كتب المصريون القُدامى تقاويم تُحدد الأيام السعيدة والأيام التعيسة، احد أفضل النسخ المحفوظة لهذه التقويمات هي (تقويم القاهرة-Cairo Calendar)، الذي كُتب في وقتٍ ما بين عامي 1163-1271 قبل الميلاد.
لاحظ العُلماء نمطٍ في التقويم يتكرر كُل 2.85 يومٍ، في العصر الحديث، يخفت نجم رأس الغول كُل 2.867 يومِ، بفارق 25 دقيقة عن توقيت المصريون القُدماء.
لكن لا يبقى هذا أكيدًا، فلا يوجد ذِكر مُباشر للنجم في التقويم، لذلك قد تكون صُدفةٍ عابرة.
*الـArcminute هي وحدة قياس للزوايا يستخدمها الفلكيون على الأرض.
*النجم المُتغير هو نجم تتغير شدة لمعانه مع الوقت.
إعداد: Ahmed M. Gawish
مُراجعة علمية: Mohamed S. El Brabary
تصميم: Ahmaad M. Hanafi
References
Ancient Egyptian chronology and the astronomical orientation of pyramids: Article :Nature [Internet]. [Cited 2016 Mars 23]. Available From: http://sc.egyres.com/RciwN
Egyptian Astronomy-History of Astronomy [Internet]. [Cited 2016 Mars 23]. Available From: http://sc.egyres.com/COkaU
.Ancient Egyptian Calendar Reveals Earliest Record of ‘Demon Star’ [Internet]. [Cited 2016 Mars 23]. Available From: http://sc.egyres.com/500e6