قام ريك أوسترلوه (Rick Osterloh) المسؤول بقسم الأجهزة بـشركة «جوجل» بعرض التقنية الحديثة لدى الشركة، وهي تقنية «معالجة الفيديو باستخدام التقنيات الحاسوبية – computational processing for video». التقنية التي ستتواجد بهواتف جوجل الجديدة: «پيكسل 6» و«پيكسل 6 برو» بفضل المعالج الجديد الخاص بهواتف جوجل.
بطبيعة الحال، يشارك أوسترلوه أخباره بتشوق وفخر؛ فالرقاقة أو معالج الـ«تنسور» هي أول «منظومة على رقاقة – System on a chip» صُممت بجوجل. «الأمر الذي أخذ في تطويره حوالي 5 سنوات» على حد قول أوسترلوه.
ولكن قد بَيّن مِن قبلُ سوندار بيتشاي (Sundar Pichai) الرئيس التنفيذي لشركة جوجل عبر تصريح له يقول فيه:
«استغرق اﻷمر 4 سنوات لتصنيع الرقاقة «تنسور» بعد عقدين من خبرات جوجل في مجال الحوسبة.»
تُعرف شركة جوجل بتمكنها وخبراتها في مجال صناعة البرمجيات (Software)، وبتلك الخبرات تمكنت جوجل من تطوير مجال «معالجة الصور بالتقنيات الحاسوبية – computational photography».
ومن هذه التقنيات: وضع الرؤية الليلية لالتقاط الصور ذات الإضاءة المنخفضة (Night Sight mode for low light shots)، والتقنية التي أدهشت العالم في مجال محادثات الذكاء الاصطناعي (conversational AI Duplex) وقدرتها على محاكاة الكلام البشريّ بأدق التفاصيل مثل محاكاة التمتمات التي تملأ الكلام. ومن خلال معالج الـ«تنسور» تنْقل جوجل براعتها وخبراتها في مجال الذكاء الاصطناعي بهواتفها الذكية.
يقول أوسترلوه: «يمكنك أن تمسك مشروبًا غازيًا بيدٍ واحدة، بينما يمكنك القيام بحركات الأصابع (gesturing) باليد الأخرى، مُكمّلًا كلامه بنبرةٍ ذاتِ طابعٍ تسويقيٍّ تملؤه بعض الثقة:
«سنُحدِث نقلةً نوعيةً في مجال الحواسيب، وسنضع في اعتبارنا إحداث تحوّلٍ جذريّ.»
في إشارةٍ منه لمعالج الـ«تنسور»، يبين أوسترلوه مدى قوة المعالج وإمكانياته التي تفتقدها الرقائق السابقة، معالجات سناب دراجون (Snapdragon) التي كانت تستخدمها شركة جوجل غالبًا في هواتفها السابقة.
ومن ضمن تلك الأشياء، القدرة على تشغيل العديد من المهام (المدعّمة بالذكاء الاصطناعي) المكثَّفة في وقتٍ واحدٍ، دون مشاكل ارتفاع درجة حرارة الهاتف، أو الحاجة إلى طاقةٍ كهربائيةٍ كافيةٍ لمعالجة الفيديو باستخدام التقنيات الحاسوبية عند تصوير الفيديو.
ويَكمن السبب الرئيسي وراء اهتمام جوجل بالإعلان عن المعالجِ قبل إطلاق «بيكسل 6» في الخريف هي أهمية معالج الـ«تنسور».
لم تشارك الشركة بكافة التفاصيل عن المعالج أو بإعلان تفاصيل محددة عن هاتفها الذكي الذي يمثل أهم مشاريع جوجل الحالية وهو «فلاجشيب – Flagship».
يقول أوسترلوه: «هناك الكثير من الأشياء الجديدة لدينا، وأردنا أن نتأكد من أن الناس لديهم خلفية عن الهاتف الجديد، وهذا التحول الكبير هو الذي دعانا أن نعلن عنه من الآن.» وهناك فائدةٌ إضافية، وهي «عندما تتسرب المعلومات، تصبح المعلومات حصريةً في هذه الأيام» على حد قوله.
رقاقةٌ بتصميمٍ جديدٍ مدمجٍ بالذكاء الاصطناعي
بفضل تلك المعلومات المسربة، كانت هناك شائعاتٌ لفترة حول جهود جوجل لصناعة معالجها الخاص لهواتفها الذكية تحت اسم المشروع الرمزي «وايت شابل – Whitechapel». وعلى الرغم من غياب أي مناقشات للشركة عن تلك الأسماء المختلفة لمشاريعها، إلا أن من الواضح عمل شركة جوجل على «تنسور» منذ فترة طويلة.
ومن الواضح، أيضًا، أن اسم معالج الـ«تنسور» سُمّي على اسم مكتبة «تنسور فلو – Tensorflow»، وهي منصةٌ لتعلم الآلة «مفتوحة المصدر» وِفقًا لكلام أوسترلوه موضحًا دور الذكاء الاصطناعي بهذا المعالج.
وعلى الرغم من أن جوجل ليست على استعدادٍ لنشر كافة التفاصيل فيما يخص معالج الـ«تنسور»، إلا إنها أوضحت أن الـ«منظومة على رقاقة – SoC» الخاصة بجوجل هي في الحقيقة «رقاقة إيه آر إم – ARM chip»، وهي وحدة المعالجة الخاصة بمعالج الـ«التنسور» (Tensor Processing Unit).
صُممت رقاقة الهاتف بالشراكة مع باحثي الذكاء الاصطناعي لدى جوجل، كما يستند معالج الـ«تنسور» على الإصدارات الرئيسية لدى مركز البيانات لدى الشركة.
إنها ليست مصممةً لتسريع مهام تعلُّم الآلة على هاتفك، فقط؛ حيث يقول أوسترلوه:
«لقد قُمنا بإعادة تصميم «معالج الصور – image signal processor» خاصةً أنه يمكن إدخال بعض عناصر الذكاء الاصطناعي في نقاطٍ معينة.»
يُذكر أن جوجل أعادت هندسةَ بِنيةِ الذاكرة (memory architecture) لتسهيل اتصالها بذاكرة الوصول العشوائي (RAM) ليسهّل عملية معالجة البيانات أثناء معالجة الصور.
وانتقل أوسترلوه في حديثه عن عمل الشركة بدمج خوارزميات «معالجة الصور» بالأجهزة أو العتاد (Hardware)، وأشار أن ذلك يعطي أفضليةً للشركة للقيام بالعديد من الأشياء دون ذكر أي تفاصيلٍ تخص أفضليات معالج الـ«تنسور» عن الـ«منظومة على رقاقة» التقليدية.
ويرى أوسترلوه أن من الوارد أن يشك بعض النقاد في قدرات الشركة، حيث إنها أول رقاقة (معالج) هاتف لـجوجل، ولكنه استدرك قائلا: «أعتقد أن الناس يعرفون جيدًا قدرات جوجل.»
ومن الطبيعي أن نتساءل عن إمكانيات الشركة في أمورٍ عدة مثل كفاءة الطاقة، والتحكم بالحرارة. أوضح أوسترلوه بأن جوجل طورت معالج «تنسور» الذي يستطيع القيام ببعض المهام بكفاءة أكبر واستهلاكِ طاقةٍ أقل عن المعالِجات السابقة دون تخطّي الحد الآمن للحرارة.
وكبقية معالجات الشركة، يُبين أوسترلوه:
«يتكون المعالج الرئيسي من عدة معالجات مختلفة بحيث يُمكن للنظام أن يختار العنصر المناسب لأداء المهمة، وهذا من شأنه تعزيز كفاءة الطاقة.»
وعلى الرغم من وجود نقصٍ على المستوى العالمي بشأن رقائق الذاكرة في الوقت الراهن، يثق أوسترلوه بإمكانيات جوجل في تلبية الطلبات موضّحًا بأن الجميع متأثرٌ بسبب هذا النقص – أي رقائق الذاكرة- مكمّلًا قائلًا:
«الشيء الإيجابي وراء هذه المشكلة هو أنها تحت سيطرتنا، فنحن المصنعون والمسؤولون عن خدماتنا. لذا فأعتقد أننا بخير.»
الهدف وراء معالج «تنسور»
فالسؤال هو: ما الذي يميّز معالج «التنسور» عن بقية معالِجات الهواتف الأخرى؛ والإجابة هي حرص جوجل على إخفاء أغلب التفاصيل لحين موعد نزول الهاتف «بيكسل 6» في الخريف. ولكننا نستطيع القول بأن هناك تغييرٌ جذريٌ في أمرين: التصوير الفوتوغرافي، والتعرف على الصوت (ومعالجته).
استعرض أوسترلوه -في الاجتماع- بعض المقتطفات (فيديوهات قصيرة) الخاصة بمعالجات «تسنور» على هواتف «بيكسل 6» و«بيكسل 6 برو». وبهذا الاستعراض، أطلعنا على شكل هواتف جوجل المرتقبة.
فالجهاز يُعطي مظهرًا جديدًا مميزًا مع وجود خيارات الألوان البراقة. وتمتد الكاميرا الخلفيةُ البارزةُ أفقيًّا بعرض الهاتف. فتصميم الكاميرا بشكلٍ خاصٍّ يعدّ تصميمًا مقصودًا وهادفًا وفقًا لملاحظات أوسترلوه مشيرًا إلى شهرة الشركة باهتمامها بالتصوير الفوتوغرافي، «وهذا ما أردنا أن نُظهره» على حد قوله.
وبيد أنّ جوجل تقوم بتطوير هذه الكاميرات، إلا إنّ معالج الـ«تنسور» وراء بعض تحسينات الصور الفوتوغرافية وليست بسبب ارتفاع جودة عتاد الهاتف. فتطوير الرقاقات السابقة واجه العديد من العقبات لتحسين جودة الصور على هواتفها.
يقول أوسترلوه: «جوجل لا تبني هذا الأشياء لغرض تعلم الآلة، أو الذكاء الاصطناعي، وبالتأكيد ليست مصممة لغرض توجهات جوجل المستقبلية.»
فالسؤال هو ما هي اتجاهات جوجل في المرحلة المقبلة؟ جوجل تمتلك رؤية مستقبلية تدور حول عالم الحواسيب (Computing). هذه الرؤية التي كان يفتخر بها أوسترلوه وزملاءه. فرؤيتهم المستقبلية أنهم يرون أن بإمكان جميع الأجهزة والمستشعرات أن تتصل بـجوجل (أحيانًا مساعد جوجل) أو بـالإنترنت في العموم. ولكن يري أوسترلوه أن أهمّ جهازٍ بالنسبة لأغلب الناس هو الهاتف الذكي.
عندما تطمح جوجل لامتلاك معالجٍ متطورٍ مختلفٍ عن المعالجات الحالية، فعليها ابتكار شيءٍ مختلف. يقول أوسترلوه:
«نتحمل ما يواجهنا من مصاعب وتحديات مثل القيود الهندسية والتقنية.»
تحسينات في معالجة الصور والفيديوهات
بفضل معالج «التنسور»، بإمكان هاتف الـ«بيكسل 6» أن يقوم بأشياءٍ مثل القيام بالتقاط الصور بشكلٍ متزامنٍ عن طريق مستشعرَين من ضمنهم المستشعر الرئيسي الذي يقوم بعملية التسجيل بتعرّضٍ طبيعيٍّ للضوء وبعدسةٍ عريضةِ الزاوية، تلتقط الصور بشكل أسرع.
يوضح أوسترلوه أن النظامَ يدير العديد من نماذج تعلم الآلة (machine learning models) بشكلٍ فوري وهذا من شأنه التعرف على المشاهد التصويرية مثل التعرف على إذا ما كانت الصورة تحتوي على وجهٍ أو إذا كان الهاتف يهتز أو يتحرك. فيستطيع هاتف «بيكسل 6» أن يجمع جميع هذه المعلومات ويستخدمها في معالجة الصور بشكل أكثرِ وضوحًا حتى إذا قمت بتصوير كلبٍ صغيرٍ ذي حماسٍ مفعم أو طفلٍ صغير.
يستطيع معالج «التنسور» أيضًا القيام بمهامٍ مكثفةٍ على أجهزة جوجل عند التقاط الفيديو. يبيّن أوسترلوه بأن الشركة كانت غير قادرة على تطبيق العديد من خوارزميات «تعلُّم الآلة» على الفيديوهات بسبب ثِقلها على معالجات الهواتف السابقة.
ولكن معالج الـ«تنسور» أحدث طفرةً كبيرةً وبإمكانه القيام بهذه المَهمات؛ فمثلًا، يمكنه تطبيق نموذج اتش دي آر نت (HDRnet) على الفيديو، الذي من شأنه تطوير الجودة بشكل كبير. ويظهر ذلك في بعض الأماكن الصعبة مثل وضعية الكاميرا عندما تتجه نحو الشمس.
استعرض أوسترلوه هذه القدرات على هاتف «بيكسل6» على عدد من الصور والفيديوهات حيث قام بالتقاط صورٍ لطفلٍ نشطٍ يتحرك وقام بتصوير فيديو تجاه الشمس بالمخيم. والنتيجة هي فرقٌ ملحوظٌ وواضح. للأسف ليس بالإمكان إظهار هذه النتائج بسبب شروط جوجل المتحكمة بما الذي يمكن إظهاره.
تحسينات في تسجيل الصوت والكلام
وأوضح أوسترلوه، أيضًا، -ولكن هذه المرة كانت في الغالب استعراضًا كلاميًّا- كيفية عمل الأوامر الصوتية على هاتف «بيكسل 6» بـ«جوجل كيبورد (GBoard)». فيمكنك على الهاتف المرتقب الضغط على زر الميكروفون على لوحة المفاتيح (الكيبورد)، ثم تقوم بإصدار الأوامر واستخدام الكلمات الخاصة مثل «أرسل» أو «إزالة» لاتخاذ المهام. يمكنك، أيضًا، تعديل الأخطاء الكلامية أثناء إصدار الأوامر الصوتية عن طريق لوحة المفاتيح الافتراضية.
تلك المزايا تعمل عن طريق «واجهة برمجة التطبيقات (API)» الخاصة بالكلام بواسطة الأجهزة. وأظهر النظام قدرته على التمييز بين دلائل الكلمة المختلفة حسب سياق الجملة.
وأخبر أوسترلوه عن نوع من الخوارزميات يمكنه التعرف على الكلمات الخاصّة التي تُصدر الأوامر للنظام ويمكنه، أيضًا، التعرف على نبرة صوتك قبل قيامك بإرسال الأوامر الصوتية الخاصة بك.
وأخيرًا، استعرض أوسترلوه الكثير من النقاط مثل: خاصية الترجمة الفورية، والفيديو المباشر، وأيضًا، تصميم الواجهة «ماتيريال (Material)» المتواجدة في أندرويد إصدار (12).
فبفضل معالج الـ«تنسور»، توجد خاصية الترجمة الفورية على الأندرويد، وهي خاصية يمكنها ترجمة أي مقطع صوتي يعمل بالجهاز بشكل فوري عن النظام الصوتي بالهاتف، بالإضافة إلى الترجمة الفورية للمحادثات الجارية. لذا، في المرة القادمة عندما تفكر في مشاهدة حوارات تيد (TED Talk)، أو مسلسلك العالمي المفضل، فلا تحمل هم الترجمة، سيهتم معالج الـ«تنسور» بالأمر إذا غابت ترجمة الفيديو.
نظرة إلى واجهة «ماتيريال يو» (Material You)
أحدثت واجهة جوجل «ماتريال يو – Material You» -التي كشفت عنها جوجل لأول مرة في هذه السنة- إحدى أكبر الطفرات، ربما منذ بداية تاريخ الأندوريد وفقًا لكلام أوسترلوه.
استعرض أوسترلوه كيفية استخدام الواجهة والتعامل معها، فقد قام بتغيير صورة الخلفية (Wallpaper) بهاتف الـ«بيكسل 6» من اللون الوردي الباهت إلى مشهدٍ لشكلٍ منغمر بالمياه، فأظهرت تناغمها مع أيقونات النظام، وتناغمها، أيضًا، مع أيقونات التطبيق. فبمجرد تغيير صورة الخلفية، انعكست على الأيقونات.
ولكن إذا لم تعجبك تلك الانعكاسات، وتفضل إبقاء الأيقونات الأصلية دون التأثر بصورة الخلفية، فعليك تجنب تغيير الصورة وإبقاؤها كما هي.
قد عرفنا ملامح هواتف جوجل الجديدة: «بيكسل 6» و«بيكسل 6 برو» المقرر نزولها في الخريف بغض النظر عن التفاصيل التي تخفيها جوجل عنا. ولا نعرف حتى الآن إذا كانت تخطط الشركة لمشاركة معالجها الـ«تنسور» مع الشركات الأخرى أم لا، وهل تشارك التفاصيل الخاصة بنواة المعالج وسرعته (CPU) ووحدة معالجة الرسوميّات (GPU)، وباقي المكونات؟
وبهذا، حققت جوجل حلمها الطويل بتطوير معالجها «تنسور». وينهي أوسترلوه حديثه قائلًا:
«هذا ما نستطيع أن نطلق عيه حقا: هاتف جوجل. وهذا ما طمحنا إليه بعد التجهيز لعدة سنوات.»