في عصر التطور التكنولوجي الهائل الذي نعيشه الآن تتطور كاميرات التصوير والمعدات السمعية بشكل ملفت للنظر يوميًا : جودة أعلى، مِجسات متطورة، قدرة أفضل على القيام بوظائفها، ولكن مهما بلغ التطور ذروته فلن تستطع تلك التقنيات التغلب على نظيرتها البيولوجية فى جسم الإنسان.
خطا مهندسو الحوسبة الصناعية (Neuromorphic engineers) بجهودهم في محاكاة الأنظمة البيولوجية في جسم الإنسان خطوات واسعة في السنوات الأخيرة وبالأخص في مجال الرؤية، حيث طور الباحثون آلات رؤية عالية الجودة لديها القدرة على التقاط صور حركية -على سبيل المثال- وبدلًا من التقاط صور للأجسام في أماكنها الثابتة لديها القدرة على استشعار وتسجيل التغييرات الحادثة في المشهد وتسمى هذه التقنية ( المعالجة الفورية للحدث ) -event – based sampling كل ذلك يشكل إنجاز هائل مع قدرتها على العمل بطاقة أقل وبجودة وآلية عرض – resolution عالية.
وكمثال على تطبيق لهذه التقنيات المتطورة ( شبكية العين الصناعية ) والتى ابتكرها طوبي ديلبروك – Tobi Delbrück من معهد الحوسبة الصناعية في زيورخ، حيث تم استخدامها في روبوت كانت وظيفته حارس مرمي – robotic soccer goalie- هذا النموذج تم صناعته في 2007 بقدرة استجابة ( ردة فعل ) تبلغ 3 مللي ثانية.
أوضحت مجموعة اخرى من الباحثين مؤخرًا في مؤتمر الموصلات الصلبة العالمي- Solid-State Circuits – لجمعية مهندسي الكهرباء والإلكترونيات ieee – في سان فرانسيسكو، إمكانية استخدام هذه التقنية أيضًا في مجال السمع ! وصرحت ليو – Shi-Chii Liu – باحثة في معهد زيورخ بابتكار 3 أنواع مختلفة بأنظمة متطورة وأحجام مختلفة والتي تستهلك طاقة ضئيلة مقدارها ( 55 مايكرو وات ) تعمل بكفاءة لمحاكاة وظيفة السمع لدى البشر.
يستخدم نظام الحوسبة الصناعية السمعية – The neuromorphic auditory system – كلا الُاذنين بحيث تكون لكل واحدة منهما القدرة على العمل بصورة مستقلة عن الأُخرى.
ويساعد الاختلاف في توقيت وصول الموجات الصوتية إلى كلا الاُذنين على تحديد منشأ الصوت، وتقول ليو تتكون كل أُذن صناعية من 64 قناة تعمل كل واحدة على استقبال ترددات صوتية مختلفة من نطاقات مختلفة انخفاضًا وارتفاعًا، وتحاكي هذه القنوات وظيفة خلايا القوقعة البشرية والتي تؤدي نفس وظيفة استقبال الترددات الصوتية المختلفة والتي تصل إلى الألف.
وفي تجربة حيث قامت ليو بتوصيل القوقعة الصناعية بحاسوبها المحمول وأوضحت ما تقوم القوقعة بتسجيله عن طريق رسم توضيحي – منحنى – يمثل العلاقة بين التردد والزمن، وفي التجربة حينما كان الجو هادئ تمامًا بدون أي صوت لم يسجل المنحنى أي نشاط وعندما تحدث شخص ما في الميكروفون بدأ خط المنحنى يسجل ارتفاعًا في مدى (100 – 200 ) هرتز، بينما القنوات الأخرى والذي يتراوح مداها من 20 هرتز إلي 20 كيلو هرتز لم تسجل شيء.
وأضافت ليو أن فريقها بالتعاون مع فريق ديل بروك – Delbruck- يعملون على دمج تقنية القوقعة وشبكية العين الصناعية معًا، وبهما سيتمكن الروبوت -robot- المحاكي للبشر من العمل بكفاءة، وبطاقة أقل باستخدام تقنيات متطورة لتوفير الطاقة – low- power smarts، وبذلك سترتفع مقدرته على محاكاة الأفعال البشرية. خطوات واسعة في تطوير الحواس المختلفة لدى الآلة وقدرتها على الوعي بما يحدث حولها بتسجيله وسماعه والتفاعل معه، وهذا بدوره يُظهر بوضوح التعاون بين الحواس البشرية لكي تُمكن الإنسان من أداء وظائفه بكفاءة، فعندما تتحدث لشخص ما في مطعم تملأه الضوضاء لن تستطيع سماع كل كلمة تُقال ولكن عقلك سيعمل على تجميع الكلمات البسيطة ليفهم مضمون الكلام بمساعدة حركة الشفاه.
ويعمل الباحثون على دمج تلك المجسات الذكية الموفرة للطاقة مع معالجات متطورة تعمل بخوارزميات فعالة لابتكار ذكاء اصطناعي متطور يعمل بكفاءة على مساعدة الآلة في التعرف على ما يدور حولها من خلال تصوير المشاهد; حيث أن بعض الإصدارات المتطورة سيكون لديها القدرة على توليد جُمل دقيقة تصف المشهد وذلك بمساعدة الشبكات العصبية.
نصل من ذلك إلى أن دمج هندسة الحوسبة الصناعية مع التعلم العميق المستمر سوف يمكننا من صناعة حواسيب لديها قدرة عالية على محاكاة التصرفات البشرية بشكل أفضل مما سبق.
أتساءل إذا ما كان هذا التطور سوف يساعد من فقدوا القدرة على السمع أو الرؤية بكفاءة يومًا ما ؟
تقول ليو “ التقنية بتصميماتها الحالية ما زالت خلف أسوار التجربة، حيث بالرغم من أن التقنية تعمل بكفاءة نظريًا إلى أن ما زالت أمامها الكثير من التحديات فهي تتضمن اختلافات كبيرة عن سماعات الآذن التي نعرفها مما سيرفع من التكلفة لتنفيذها ولكن ستظل التكلفة غير كافية للجهود المبذولة “ .
ترجمة: Mahmoud Rageh
مراجعة: FaTma IsmAil
تصميم: Wael Yassir
المصادر: http://sc.egyres.com/bqdTl
#الباحثون_المصريون