زلزال كريت 365

Untitled-1
زالزال كريت 365|زالزال كريت 365|زالزال كريت 365|زالزال كريت 365|زالزال كريت 365|زالزال كريت 365

تشير أدلة كثيرة إلى أنَّ زلزالًا شديدًا حدث بالقرب من الساحل الغربي لجزيرة كريت في 21 يوليو عام 365 ميلادي وتسبّب في حدوث تسونامي ضخم، كان مسؤولًا عن دمار واسع النطاق في جميع أنحاء شرق البحر الأبيض المتوسط​​، خصوصًا في الجزر اليونانية وصقلية وليبيا وقبرص وفلسطين ومصر، وعلى الرغم من عدم وجود أدوات قياس في ذلك الوقت، يُقدّر العلماء الآن أنَّ الزلزال كان في الواقع هزتين متعاقبتين، يُعتقد أنَّ أكبرها بلغت قوته 8.0 درجات.

زالزال كريت 365
صورة توضح بؤرة زالزال كريت (المصدر:-https://www.researchgate.net/figure/Approximate-epicenter-of-the-great-365-AD-tsunamigenic-earthquake_fig1_287521888)

من المعتقد أنَّ التأثيرات الكارثية مجتمعة للزلزال والتسونامي كانت بمثابة أحد أسباب انحدار الإمبراطورية الرومانية والمساهمة في تقسيمها اللاحق بين الإمبراطوريتين الرومانية الشرقية والغربية (البيزنطية) في 395 بعد الميلاد.

سبب حدوث زلزال كريت

شكّل تصادم الألواح التكتونية الرئيسية في منطقة غرب البحر المتوسط ​​نشاطًا واسعًا للزلزال والبراكين، حيث يتألف الجزء الشمالي من الصفيحة الأفريقية من الغلاف الصخري المحيطي لشرق المتوسط.

زالزال كريت 365
خريطة توضح مكان قوس هيلين الناتج من تقابل اللوح الافريقى مع ايجة المصدر(http://www.drgeorgepc.com/Tsunami365ADeEastMedSea.html)

شكل تصادم منطقة شرق البحر المتوسط ​​ذات الكثافة الأخف وزنًا مع الغلاف الصخري القاري عالي الكثافة في أوراسيا (جزء منه صفيحة بحر إيجة) منطقة مقوسة منصهرة على طول حدودها.

وهكذا فإنَّ التصادم والتقارب للوح الإفريقي أسفل صفيحة بحر إيجة الجنوبية قد شكَّل (القوس الهيليني-Hellenic arc)، والتي تعتبرمنطقة نشطة زلزاليًا، وتمتد على طول (جزر كيثيرا وأنتيكيثيرا- Kythera &Antikythera islands) إلى جنوب كريت، ثم شرقًا نحو جزيرة رودس وغرب تركيا.

زالزال كريت 365
أحد الشواهد على زلزال كريت بليبيا المصدر( http://www.drgeorgepc.com/Tsunami365ADeEastMedSea.html)

وبالتوازي مع القوس الهيليني، يوجد (القوس البركاني – Volcanic Arcs)، والذي يشمل براكين ميتانا وميلوس وسانتورين وكولومبو ونيسيروس.

تأثير زلزال كريت على مصر

لسوء الحظ أنَّ السجل التاريخي لزلزال عام 365 ميلادي على مصر ودلتا النيل غير واضح، حيث أنَّ الوصف الوحيد المعروف هو الوصف الذي ذكره المؤرخ الروماني (آميانوس مارسيلينوس-Ammianus Marcellinus) ويقتصر على وصف الأحداث في الأسكندرية.

 يشير السجل التاريخي إلى أنَّ مصر( الأسكندرية على وجه التحديد) قد تأثرت بحوالي 25 زلزالًا مدمّرًا، حيث نشأت تسعة من هذه الزلازل من مصادر قريبة من المدينة، و14 من المواقع البعيدة على طول شرق البحر الأبيض المتوسط والباقي من مصادر غير محددة .

تُشير الدراسات الأثرية إلى أنَّ ميناء الأسكندرية  قد غُمر جزئيًا، ربما بسبب الانزلاق والهبوط الناتج عن الزلازل المحلية، حيث أن الأسكندرية ودلتا النيل قد تأثرتا بزلازل البحر الأحمر، كما تتراوح الزلازل على طول ساحل مصر من صغير إلى متوسط الشدة، كما يمكن للزلازل المحلية أن تصل قوتها إلى 6.7 ريختر

تسبّبت الزلازل بالقرب من مصر ودلتا النيل في دمار واسع النطاق في الماضي، وبالنظر إلى الطبيعة الطينية للرواسب في المنطقة، نجد أنَّ عادةً ما تزداد الحركات الأرضية وتسبب انزلاقًا على طول طبقتين تحت الأرض تحتويان على كميات كبيرة من الطين، وهكذا انزلق العديد من الآثارالفرعونية والإغريقية في البحر.

تأثير زالزال كريت على الأسكندرية

عانت المدينة من خسائر كبيرة في الماضي بسبب الزلازل ولكن غير واضح الى أى مدى وصلت هذه الخسائر ويمكن تفسير ذلك إلى موقعها على الطبقات الرسوبية من دلتا النيل.

أشارالمؤرخ (مارسيلينوس) إلى أنَّ زلزال عام 365 ميلادي شُعِر به بقوة في الأسكندرية، لكنه لم يقدّم معلومات واضحة عن أي ضرر ناتج عن ذلك، كما ذكر تأثير تسونامي على المدينة، والجدير بالذكر أنه لا يوجد أي ذكر في سجلاته أو أي سجل تاريخي آخر عن أي ضرر ناتج لحق بمنارة الأسكندرية الشهيرة.

تأثير تسونامي زالزال كريت على مصر

أثّر تسونامي عام 365 ميلادي بشدة على جميع المناطق الساحلية لدلتا النيل والتى تمتد لمسافة 240 كم من الأسكندرية مرورًا بأبوقير إلى بور سعيد.

زالزال كريت 365
المناطق المصرية التي تم غمرها قديما بتسونامي كريت المصدر(http://www.drgeorgepc.com/Tsunami365ADeEastMedSea.html)

تأثير تسونامي زالزال كريت على الإسكندرية

تنص تسجيلات (كيدرينوس- Kedrinos)على أنَّ القوارب في ميناء الأسكندرية قُذفت على اليابسة، وربما تكون روايته مستمدة من (مارسيلينوس)، الذي ذكر أيضًا أنه عندما ركض الناس لرؤية المشهد، عادت الموجة وأغرقت 5000 شخصًا.

وفقًا لهذا الرواية، كانت موجة التسونامي مرتفعة جدًا في الأسكندرية، حيث وصلت إلى المبانِ العالية، والحدائق وغمرت المياه المنازل.

يشير السجل التاريخي إلى أنَّ الأسكندرية قد تأثرت بالعديد من الزلازل وموجات التسونامي في آخر ثلاثة آلاف سنة، ومع ذلك تشير المصادر الأثرية إلى تدمير الأسكندرية من قبل تسونامي عام 365 ميلادي وتمت الإشارة له باسم يوم الرعب.

ذكر (مارسيلينوس) أنَّ جزءًا كبيرًا من دلتا النيل قد غمرته مياه البحر، ولكن وصفه غامض بشأن المدة التي مرت بعد وقوع الزلزال ووصول أول موجة تسونامي وما إذا كان الدمار قد حدث بداية من هذه الموجة أو من موجات أكبر لاحقة لها.

ذكر (مارسيلينوس) في وصفه: “في الحادي والعشرين من يوليو (365 م) قبل قليل من شروق الشمس، كان هناك زلزال قوي، سبقه برق متواصل، وكما انحسر البحرعن الأرض وانكشفت الأعماق بحيث ترك العديد من الكائنات البحرية ملتصقة بالطين، كما ظهرت أعماق وديانها و تلالها التي كانت مستلقية تحت مياه لا حدود لها، فهى الآن تشاهد أشعة الشمس.

ارتفعت الأمواج و اندفعت موجة تسونامي وحملت السفن فوق اليابسة، وهبط الكثير منها فوق المباني، وضربت الجزر والسواحل، حيث هدمت المدن والمنازل التي واجهتها، وبعد أن هدأت الأمواج الضخمة، كشفت عن غرق آلاف الرجال، كما ابتلعت الأمواج السفن، وشوهدت السفن تغرق وجثث أولئك الذين لقوا حتفهم على متن حطام سفينة تطفو على ظهورهم ووجوههم.

كانت السفن الأخرى ذات الحجم الكبير مدفوعة على الشاطئ بسبب عنف الرياح، وألقيت على أسطح المنازل، وبعضهم تم نقلهم على بعد أميال داخل البلاد”.

تم غمر منطقة (إبتاستاديون-Eptastadion) بالكامل، وهو الجسر المبني لربط المدينة بجزيرة فاروس حيث تقع المنارة الشهيرة، كما أن ارتفاعه فوق مستوى سطح البحر غير معروف ولكن يبدو أن موجات تسونامي تفوقت عليه تمامًا.

زالزال كريت 365
الاسكندرية القديمة المصدر(http://www.drgeorgepc.com/Tsunami365ADeEastMedSea.html)

على الرغم من عدم ذكر الأتي في النصوص القديمة إلا أنه يمكن استنتاج أن تسونامي قد غمر الآبار والخزانات وروافد النيل التي زودت الأسكندرية بإمدادات المياه العذبة وذلك بسبب انخفاض التضاريس الطبوغرافية والعديد من القنوات والأنهار الفرعية لنهر النيل.

يمكن أيضًا استنتاج أن نقص المياه العذبة ساهم على الأرجح في حدوث المزيد من الوفيات بسبب الأوبئة في الأسابيع والأشهر التالية بعد حدوث تسونامي، بالإضافة إلى ذلك، فإن غمر المياه المالحة جعل الأراضي الزراعية عديمة الفائدة لسنوات .

تم تقدير أقصى ارتفاع لكارثة تسونامي في الإسكندرية بحوالي 12 مترًا.

ترجمة: محمد خميس بركي

مراجعة علمية: الحسين إبراهيم

مراجعة لغوية: رنا السعدني

تحرير: هدير جابر

المصادر:

1- Pararas-Carayannis G. THE EARTHQUAKE AND TSUNAMI OF JULY 21, 365 AD IN THE EASTERN MEDITERRANEAN SEA – Review of Impact on the Ancient World – Assessment of Recurrence and Future Impact. 2011 [cited 2020 Jan 25]; Available from: http://agris.fao.org/agris-search/search.do?recordID=AV20120101500

2-Shaw B, Ambraseys NN, England PC, Floyd MA, Gorman GJ, Higham TFG, et al. Eastern Mediterranean tectonics and tsunami hazard inferred from the AD 365 earthquake. Nature Geosci [Internet]. 2008 [cited 2020 Jan 25];1(4):268–76. Available from: http://www.nature.com/articles/ngeo151

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي