سبب إدانة الكيمياء في الإصابة بالاكتئاب

635958432169798639-1581737784_depression1111151

|

«الاكتئاب هو خلل كيميائي» واحدة من أشهر الجمل التي انتشرت حول أشهر الأمراض النفسية مؤخرًا، ولكن هل هذه حقيقة فعلًا؟! قبل أن نخوض في هذا الحوار دعونا أولًا نعرف أن كل تعبيراتنا الشعورية سواء فرح، خوف أو ضحك لها ترتيب، ولها توابع ونواتج كيميائية تحدث داخل أجسامنا، ولكن حدوث هذه التوابع ليس هو السبب في هذه المشاعر، بل العكس تمامًا. حدث فعلٌ ما فتجاوبنا معه شعوريًا فحدثت تلك التتابعات فظهرت علينا الاستجابة، فمثلًا عندما نضحك تزداد داخل أجسامنا مادة كيميائية تدعى (الإندورفين- endorphin) تلك المادة لا تسبب الضحك ولكنها نتيجة له، بهذا المبدء ببساطة يمكننا أن ننظر إلى الاكتئاب، ولكنه كمرض فله تعقيدات أكثر من هذا المثال وله توابع ونواتج أكثر سنحاول معًا أن نتعلم قليلًا عن كيفية تأثير تلك المواد الكيميائية علينا، وعن مايحدث لنا أثناء الاكتئاب، فهيا بنا…

الكورتيزول والاكتئاب

واحد من الهرومونات التي تفرَز بواسطة الجسم في حالات التوتر والخوف هو (الكورتيزول-cortisol) كشكل من أشكال استعداد الجسم لمواجهة المخاطر، ولكن أيضًا وجد أن نسبة هذا الهرمون فى أجسامنا تعتمد بشكل ما على طريقة تفكيرنا وتفعالنا الشعوري مع المواقف، فمع زيادة توترنا ستزيد نسبته، وتواجد الكورتيزول يزيد من شعورنا بالتوتر. إذن فهو كنقاش بين طرفين، عندما يعلو صوت أحد الطرفين يعلو صوت الطرف الاخر ردًا عليه وهكذا. بعض الأبحاث وجدت علاقة بين تواجد كمية هذا الهرمون ومرض الاكتئاب لان له تأثيرات على أحجام بعض المناطق في أدمغتنا، فهيا نتعرف على كيفية تأثير هذا الهرمون على أدمغتنا..

الكورتيزول وتغيير حجوم أدمغتنا

يؤثر الكورتيزول على ثلاث مناطق من المخ بشكل أساسي، وهم (قرن آمون أو الحصيْن-hippocampus)، (القشرة الجبهية- prefrontal cortex) و (اللوزة الدماغية- amygdala).
أولًا: قرن آمون: هي منطقة من الدماغ مسؤولة عن حفظ الذكريات وتنظيم إنتاج هرمون الكورتيزول، وتحدث المشكلة عند التعرض المستمر لهذا الهرمون مما يؤثر على منطقة داخل الحصين تدعى (النلفيف المسنن-dentate  gyrus)
وهذه المنطقة هي المسؤولة بشكل ما عن تكوين التوصيلات العصبية الجديدة داخل المخ، فيقل عملها؛ وبالتالي ظهور مشاكل في الذاكرة مما يؤدي إلى تقلص حجم الحصين بشكل عام.
ثانيًا: القشرة الجبهية: يقل حجمها نتيجة التعرض للكورتيزول بشكل مستمر، وهي أصلًا المسؤولة عن اتخاذ القرارات.
ثالثًا: اللوزة الدماغية: وهي المسؤولة عن الاستجابات الشعورية، وعند تعرضها للكورتيزول بشكل مستمر يتضخم حجمها مما يزيد من عملها، ولذالك أحيانًا يقُال أن مريض الاكتئاب في مرحلة استثارة شديدة سواء إيجابًا أو سلبًا، لأن تلك المنطقة تحفز إنتاج الهرمونات بكميات أكثر من اللازم لأن حجمها أكبر من الطبيعي.
هكذا رأينا كيف يؤثر الكورتيزول على أدمغتنا وكيف أن بعض التغيرات غير الكيميائية قد حفزت نشوء وزيادة الاكتئاب بوجه عام، والآن ننتقل إلى أحد أشهر الهرمونات داخل أجسامنا لنرى علاقته بالاكتئاب، فهيا بنا…

هل حقًّا السيروتونين هو السبب؟؟

هناك العديد من الباحثين الذين يعتقدون بأن نقص مستويات هرمون (السيروتونين-serotonin) في أجسامنا هو واحد من المسببات الرئيسية لحدوث الاكتئاب، ويتمثل نقص هذا الهرمون في نقص قدرة المخ على تصنيعه، أو نقص المواد الأولية التي يُصنع منها، أو حتى نقص المستقبلات التي يعمل عليها هذا الهرمون؛ مما يؤدي -في نظر هؤلاء الباحثون- إلى الاكتئاب، وأيضًا قد يؤدي إلى بعض الاضطرابات النفسية مثل: القلق الحاد أو نوبات الذعر.
وهناك نظرية أخرى حول كيفية ارتباط السيروتونين بالاكتئاب تفترض أنه المسؤول عن تكوين الخلايا الجديدة والموصلات العصبية داخل أدمغتنا، وبالتالى فإن الخلل في هذه الوظيفة -كما أوضحنا سابقًا- سيؤدى بدوره إلى الاكتئاب.
ولكن لأننا حتى الآن غير قادرين على قياس مستوى أي مادة كيميائية داخل أدمغتنا الحية، على الرغم من سهولة قياس نسبة هذه المواد فى الدم، والذى أوضح نقص نسبة السيروتونين، ولكن يعتقد الباحثون أن هذه النسب غير معبرة كفاية عن النسب الحقيقية داخل المخ، وبالتالى ستظل كل هذه الأبحاث محض نظريات حتى نستطيع التأكد. ولذلك هناك جانب أخر من العلماء ممن يعتقدون أن ليس للسيروتونين أي دور في حدوث الاكتئاب وحتى إن كان له دور فعال في علاجه، حتى إنهم شبهوا الأمر بأنه كنسب حدوث الصداع إلى عدم تناول الأسبرين.

أخيرًا  

كانت هذه بعض أسباب الاكتئاب وبعض الحقائق عما يحدث فى أجسام مرضى الاكتئاب، ولكن حتى يومنا هذا وحتى لحظة كتابتى لهذه الحروف  لايوجد دليل واحد مؤكد نسطيع أن نقول أنه السبب المؤكد والوحيد في الاكتئاب فهناك العديد من المحفزات لحدوث هذا المرض وهناك العديد من النظريات التي تم اختبارها، والتي يجري اختبارها الآن لنصل إلى الحقائق حول هذا المرض الذي ينتشر بسرعة مخيفة جدًا، معظمنا إن لم يكن كلنا قد عرفنا أشخاصًا أصُيبوا بهذا المرض، فهم الآن حولنا في كل مكان وهذا لا يعيبهم فى أي شيء لإنهم لايختلفون كثيرًا عن مرضى الانفلونزا مثلًا غير أن هذا الأخير معروف السبب والهوية بالكمال أما الأولى فلا فواجب علينا أن نتعلم قليلًا عنهم عن مرضهم حتى نستطيع أن نساعدهم ولو بالقليل.

ولمزيد من المعلومات عن هذا المرض يمكنك قراءة سلسة الاكتئاب من هنا1 ومن هنا2

 

إعداد: Mina Raafat

مراجعة علمية: Amira Esmail

مراجعة لُغَويَّة: Israa Adel

المصادر: http://sc.egyres.com/BSfsK
           http://sc.egyres.com/meZaW
           http://sc.egyres.com/LaBHy
           http://sc.egyres.com/QXykr
           http://sc.egyres.com/foC59
           http://sc.egyres.com/bOCyE

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي