سرّ التعافي من الانفصال.. كيف تداوي كسرة قلبك؟

سرّ التعافي من الانفصال.. كيف تداوي كسرة قلبك؟

من الطبيعيّ بالنسبة إلينا أن نحتاج إلى بعض الوقت للتأمل والتفكير في التفاصيل الرفيعة، بالأخصّ عندما نشعر وكأننا الشخص الذي تُخلِّص منه. يمكن أن يكون الانفصال بالتأكيد حدثًا مؤلمًا، وإخبار قصة الانفصال وإعادة سردها مرارًا وتكرارًا هو ردّ فعل طبيعيّ نسبيًّا إذا كان ما حدث مؤلمًا بالنسبة إليك.

ومع ذلك، إذا كنت تحكي القصة نفسها بعد أسبوعين أو ثلاثة أسابيع من الانفصال للأصدقاء أنفسهم، وتشعر بأنك “مكتئب” أكثر من كونك “حزين” فقط، وتعاني ألمًا عاطفيًّا يمنعك من الانخراط في روتينك المعتاد، فمن المحتمل أنّ ألمك يصنّف على أنه «ألم طويل المدى جدًّا».

لسوء الحظّ، لا يوجد رقم سحريّ لعدد الأسابيع التي تستغرقها للتغلب على ذلك الانفصال المؤلم، ولكن إذا وجدت أن أفكارك تعترض طريقك للمضيِّ قُدمًا، وتعِب أصدقاؤك من سماع شكواك، فتلكما علامتان تشيران إلى أنه حان الوقت لتجميع نفسك والمضيِّ قُدمًا.

كن منتبهًا -بوجه خاص- إذا كنت تعاني الأعراض التالية أم لا، وهي قد تكون من علامات الاكتئاب:

  • مزاجك مكتئب أغلب اليوم، تقريبًا كلّ يوم.
  • تقلّص ملحوظ في الاهتمام بأداء جميع الأنشطة –أو أغلبها– وفقدان المتعة بفعلها خلال اليوم، وتقريبًا كلّ يوم.
  • نقصان حادٌّ في الوزن رغم عدم اتّباعك حمية غذائية، أو زيادة ملحوظة في الوزن، بالإضافة إلى انفتاح الشهية أو فقدانها، تقريبًا كلَّ يوم.
  • تباطؤ الفكر وانخفاض الحركة الجسدية (يمكن ملاحظتها من قِبل الآخرين، وليس مجرد مشاعر داخلية من القلق أو التباطؤ عمدًا).
  • الإرهاق وفقدان الطاقة، تقريبًا كلّ يوم.
  • الشعور بعدم القيمة أو الذنب المفرط وغير الكافي كلَّ يوم تقريبًا.
  • ضعف القدرة على التفكير أو التركيز، أو التردد وعدم القدرة على الحسم، تقريبًا كل يوم.
  • أفكار متكررة عن الموت، أو التفكير في الانتحار دون خطة محددة، أو محاولة انتحار أو إعداد خطّة محددة للانتحار.

إذا كانت العلاقة مهمة فعلًا، واستمرّت مدة طويلة، فمن المحتمل أن تحزن حزنًا شديدًا على تلك الخسارة وهو شيء طبيعيّ. ولكن لا يمكنك ارتداء ملابس الحداد إلى الأبد.

عندما يمرّ أكثر من شهر أو شهرين، ولا تزال عالقاً في نمط التأثّر العاطفيّ، قد تحتاج إلى أن تضع في الحسبان طلب المساعدة المتخصصة. عندما يصبح اكتئابك وحزنك كالصخرة داخلك، ثقلك كثير ويجعلك غير قادر على العودة إلى حركة المدّ والجزر للروابط الاجتماعية، ولا تستطيع الاندفاع للأمام حتى بعد مرور أكثر من شهر، ففي الغالب أنت تحتاج إلى طلب رعاية متخصصة.

النَّشاط البدنيُّ هو طريقك لتخطِّي الانفصال

أفضل طريقة للتوقّف عن العيش في وجع القلب هي إجبار نفسك على المشاركة في الأنشطة التي تبقيك مشغولًا ولك دور في العالم. تُظهِر الأبحاث أنّ أحد أفضل علاجات المساعدة الذاتيّة للاكتئاب هو ممارسة الرياضة البدنيّة، حيث تُنتِج التمارين هرمونات السعادة “الإندورفين” و”السيروتونين”، ما يعزّز النظرة الإيجابية داخلك. أما عندما نسمح لأنفسنا بقضاء الكثير من الوقت داخل شرنقة من البطّانيات الناعمة نأكل الآيس كريم، تتوقف أدمغتنا عن العمل.

أضمن علاج للقصور الذاتيّ هو البدء في التحرُّك مرة أخرى، وسواء كنت تبدأ ببطءٍ في المشي بنزهة يوميّة في حيِّك أم في انضمامك إلى صالة رياضية أم في ممارستك رياضة جديدة، فتوجد الكثير من الفرص للوصول إلى أشخاص جُدد والبدء في التركيز على بناء علاقات جديدة، يمكن أن يؤدي ذلك إلى إخراج عقلك من روتين «ألم يخلق ألم» الذي يحدث عندما تسمح للأفكار السلبيّة بتوجيه سلوكك.

 دماغ الإنسان يبحث عن المتعة وليس الألم، ولكن عندما تقضي الكثير من الوقت تفكر في الانفصال، يصبح الدماغ أكثر معرفةً بالتفكير السلبيّ، ويبدأ في العثور على المتعة في الألم العصبي الذي تسببه لك نفسك؛ لأنه يصبح ما هو مألوف ومريح بالنسبة إليه.

إنّ إجبار نفسك على استكشاف أنشطة جديدة والتعرف إلى الأشخاص الجدد هو أفضل طريقة لتحفيز عقلك، وهو طريقة رائعة لمقابلة أشخاص جدد؛ ليساعدوك على نسيان ذلك الشخص الذي تحتاج إلى نسيانه «شريكك السابق».

حافظ على تركيزك على المستقبل، وليس الماضي

نحتاج جميعًا إلى شيء ما يُهدّئ عقولنا من مشكلة الانفصال، وعندما يكون الأمر بمنزلة مكافأة، فقد نستمتع به أكثر. إنّ القول المأثور بأن الوقت يشفي جميع الجروح هو حقيقة، لأن الدماغ يسمح لنا أن ننسى ما يُزعجنا مع مرور الوقت، والتجارب الجديدة تشغل مساحة أكبر في رؤوسنا. إنّ الانخراط في مشروع ممتع، أو الخروج من المدينة بضعة أيام، أو إضافة نوع جديد من التمارين في صالة الألعاب الرياضية أو استوديو “اليوغا” هي بالفعل خيارات وفرص إيجابيّة لتعزيز الشفاء.

التعامل مع الانفصال إذا كان الشريك أكثر من شريك بالنسبة إليك

إذا كان شريكك السابق جزءًا مُهمًّا من نظام الدعم الخاصّ بك فذلك ليس سهلًا أبدًا. من الصعب أن تفقد شخصًا يتولى العديد من أدوار الدعم الاجتماعي المختلفة في حياتك.

ومع ذلك، ستضطر إلى البحث عن أشخاص آخرين لملء هذه الحاجة، ولن يكون ذلك ممتعًا، ولكن هذا شيء ليس مستحيلًا، وسيمكنك القيام به بالتأكيد. وبدلًا من إرهاق أصدقائك بسرد قصة الانفصال لهم مرارًا وتكرارًا، تواصل معهم واطلب منهم مساعدتك في تخطّي الانفصال والمضيّ قُدمًا.

واسأل عما إذا كان أيّ شخص من أصدقائك موهوب في حلّ المشكلات أو يعرف شخصًا كذلك، واجعله يعطيك ذلك الحلّ السحري لمشكلاتك، سواء كانت متعلِّقة بالعمل أم مشكلات مع والدتك أو مع جارك أو أيًّا ما كنت تشكو به لشريكك السابق لمساعدتك في حله.

نادرًا ما يكون ترك شريكك أمرًا سهلًا، فقدان حبيبك وصديقك المقرب في آن واحد أمر قاسٍ للغاية، ولكن يجب أن تعلم أنّ، مع ذلك، تلك الأشياء تحدث، وما زال الناس على قيد الحياة، وذلك قد يعود عليك بالنفع من خلال تشجيعك لتصبح أكثر استقلالية، كما ستصبح واسع الحيلة.

الانغماس بعيدًا عن الوجع ليس دائمًا الحلّ الأمثل

عندما تتساءل عما إذا كنت تقضي الكثير من الوقت تتناول المثلَّجات وتشرب النبيذ، ففي الغالب أنت تعرف إجابة هذا السؤال. في العادة نملك جميعنا الإحساس باللحظة المناسبة التي تجعلنا ننهض من على الأريكة ونبدأ بالاستمرار في الحياة، ولكن واحدة من العلامات الواضحة التي تؤكد أنك تتجنّب الحياة لمدة طويلة عندما يسألك أصدقاؤك «متى ستخرج معنا مرة أخرى؟ أو متى سنراك بحالة طبيعية مرة أخرى؟ أو متى ستنسى حبيبتك السابقة وتبدأ برؤية أناسٍ أخرين؟».

وقد تعرف أيضًا أنه حان الوقت للعودة للعالم عندما تدرك أنّ إعطاءك الفرصة لتجربة «العلاج الذاتي» يجعلك تشعر بأنك أسوأ بدلاً من جعلك تشعر بتحسن. سواء فاتك قضاء الوقت مع أصدقائك، أم جعلك تزداد رطلًا أو اثنين، فعندما تشعر أنّ «العلاج الذاتي» يجعلك تشعر بأنك أسوأ مما قد كنت عليه سابقًا قبل هذه التجربة، إذن فأنت تعلم أنه حان الوقت لتتخطى ذلك كله. وإذا أدركت أنك لا تستطيع أن تتذكّر متى بدأت تختبئ في منزلك وتلتهم الوجبات السريعة وتتجرّع الكحول، فقد حان الوقت لتضع طاقتك في إعادة الاتصال مع شبكة الدعم الاجتماعيّ لديك.

النقطة الرئيسية هي أن تبقى على تواصل مع الآخرين؛ فعندما تقضي يومًا أو اثنين مختبئًا وتشعر بالأسف على نفسك، فليس ذلك بالأمر الجلل. ولكن إذا كنت تتّجه نحو الأسبوع الثالث من مشاهدة المسلسلات، ودوّامة شرب القهوة أو الكحوليات، فأنت تحتاج إلى أخذ موقف وإعادة شحن روتينك.

للأسف، لا يوجد «تاريخ انتهاء صلاحية» لكسرة القلب بعد الانفصال، ولكن عندما تصبح الأيام أسابيعًا من الحداد والاجترار، فتلك علامة على أنه يوجد شيء أكثر خطورة في حالتك. كلّنا نشعر بالحزن والضيق في بعض الأوقات، ولكن إذا كنت لا تستطيع العودة لوضعك الطبيعيّ بعد بضعة من الأسابيع، فقد تحتاج إلى طلب المشورة المتخصصة.

العلاقات الجديدة تُعيد إنعاشك.. ولكن تخيّرهم بعناية

قد تدفعنا الغريزة البدائية داخلنا للاندفاع بحماس إلى الدخول في علاقة جديدة، ولكن من المهم جدًّا أن تستعمل حُكمًا جيّدًا وتأخذ الحيطة والحذر حتى لا تتّخذ اختيارات يائسة ومؤذية في الشخص الذي من المحتمل أن يكون شريك حياتك الجديد.

تشير الأبحاث إلى أنه عندما يدخل الشخص علاقة جديدة سريعًا بعد الانفصال، فإنه يرى عادةً أن «الشيء العظيم التالي» أكثر جاذبية مما قد نراه في حالتنا الطبيعية. وهذا يعني أننا يجب أن نتوخّى الحذر خصوصًا في تلك الحالة، حتى لا نقع تحت تأثير «الجاذبية الخارجية» أكثر مما يجب. إنّ العلاقة الجديدة قد تجعلك أفضل، ولكن من المستبعد أن يكون الاندفاع السريع لعلاقة جديدة هو أنسب حلٍّ للانفصال الموجع.

فعندما تنتهي من علاقة سريعة بدأتْ فقط بسبب مشاعر الانتقام داخلك، فمن المحتمل أن تعود غاضبًا من شريك حياتك السابق تمامًا كما كنت قبل حصولك على شخص آخر لتقضي الوقت بصحبته. وسواء اخترت الدخول في علاقة سريعة من أجل التكيّف على الوضع الجديد أم لا، فإيجاد طريقة أقلّ احتمالًا لتدمير النفس قد تكون أفضل.

أما إذا كنت ما زلت تستخدم العلاقة الجديدة من أجل «تهدئة نفسك» بعد القليل من الأسابيع، فتلك إشارة لك تفيد بأنك تحتاج إلى التفكير بالقيام ببعض الاستكشافات لذاتك حتى تعرف ما الذي تفقده فعلًا في حياتك والذي دفعك لرمي خطّاف سنارتك بإهمال هكذا.

«أجِّل خطط المواعدة».. فقط انتظر حتى تكون مستعدًا.. ولكن ليس طويلًا

أن تكون غير مُلَزم بقيود زمنية «للعزوبية» قد يبدو ذلك منطقيًّا أكثر من تركها للصدفة، ولكن سيكون هناك شواذّ لكلّ قاعدة عن «كم يجب أن ننتظر قبل الدخول في علاقة جديّة مجددًا». لكنّ الشيء المهم الذي يجب أن تفعله هو أن تتفقّد ذاتك حول ما تشعر به حيال الرجوع في علاقة مرة أخرى.

لا يجب عليك أيضًا الانغماس في محاولات التنبؤ بالمستقبل، مثل قول «أنا إنسان محكوم عليه بالفشل، لن أجد أبدًا شخصًا يبقى معي»، أو إجراء مقارنات مستمرة في ذهنك نحو: كيف سيكون شريكك الجديد مشابهًا لشريكك السابق. لا أحد منا يريد الدخول في علاقة كالشريط المعاد، ولا نريد أن نشعر كما لو أننا في منافسة. بالأخصّ عندما تكون تلك المنافسة مع شريكك السابق.. إذن حتى وإن فزت في تلك المنافسة، فستكون قد فزت فقط على شيء من الماضي.

ستكون على استعداد للعودة إلى علاقة جديدة عندما تمنح نفسك الوقت للتواصل مرة أخرى مع هويتك الخاصّة، بدلًا من كونك «زوج ينقصه زوجه الآخر». عندما تريد أن تواعد من أجل «الرفقة»، بدلًا من «المواعدة بدافع اليأس»، عندها ستمنح العلاقة الجديدة المحتملة الأساس الصحيح. وإذا حاولت أن تلزم نفسك بتأجيل جبريّ للمواعدة، فقد تكون قد فوتَّ على نفسك بعضًا من التجارب الرائعة مع شركاء حياة محتملين.

 

شارك المقال:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي