سلسلة الذرة ومُكوناتها – الحلقة الثالثة
الإلكترون
تحدثنا فيما سبق بإيجاز عن الإلكترون، وقلنا أنه جسيم صغير للغاية يدور في مسارات وهمية حول الذرة، لا يكاد يُرى حتى بالميكروسكوب الإلكتروني، ظهرت الإلكترونات بعد الإنفجار الكوني العظيم عندما انتشرت الفوتونات والبوزونات في كل مكان، فنتج انشطار الفوتون إلى إلكترون وإلكترون صغير مضاد يسمى البوزيترونات، حيث يمكنك أن تفكر فى الإلكترون أنه سالب نصف شحنة الفوتون، هذه الإلكترونات والبوزيترونات (الإلكترونات الأصغر) تتحد ثانية مُكونة الفوتونات، ولكن بعض البوزيترونات تُفقد وتنتشر تائهة في كل مكان وتبقى إلكتروناتها بمفردها.
الإلكترونات لا تحب أن تبقى منفردة، لذلك فهي تتحد مع البروتونات الموجودة في نفس موضعها، وهذا كان أول ميلاد لذرات الهيدروجين؛ الهيدروجين تكون من بروتون وإلكترون، ولكن لا سيما أن بدأت النجوم في تكوين ذرات أكثر تعقيدًا مثل الأكسجين والكربون والكبريت والحديد.
الإلكترون هو أخف أجزاء الذرة، جسيم سالب الشحنة كتلته تُقدر بـ 9.109 * 10-31Kg أي 1/1840 من كتلة البروتون، وعلى ذلك فإن الإلكترون يُعتبر مهمل الكتلة بالمقارنة بكتلة البروتون والنيوترون، لذا فإن كتلة الإلكترون لا تدخل في حسابات العدد الكتلي للذرة.
تدور الإلكترونات حول الذرة في أماكن محددة تُسمى مستويات الطاقة. هذه المستويات هي الطريقة الوحيدة التي تمتلكها الذرة لكي تبقى متماسكة، وكل مدار يحتوى على عدد ثابت ومحدد من الإلكترونات، أول مدار (أقربهم للنواة) يمتلأ بإلكترونين فقط، وإذا كان هناك أكثر من اثنين فحينها يتكون مستوى طاقة جديد – أبعد عن المركز – لتنتقل إليه الإلكترونات الإضافية.
في معظم الأحيان يُمكن أن تنفذ الذرة من الإلكترونات عندما يكون مستوى طاقتها الأخير غير مكتمل بالإلكترونات، على سبيل المثال، ذرة الأكسجين التي تحتوي على 8 إلكترونات، تملأ مستوى طاقتها الأول بإلكترونين وال6 الباقية توضع في المستوى الثاني الذي يمتلأ بثمانية إلكترونات، لذلك فهي ترتبط بسهولة مع الذرات الأخرى بروابط كيميائية لتحصل على الإلكترونين المتبقيين لكي يكتمل مستوى طاقتها الأخير بإلكترونات.
هناك ذرات أخرى تفضل منح إلكتروناتها للّذرات الأخرى على أن تشاركها لكى تحصل على الإستقرار الذري مثل ذرة الصوديوم التي تحتوي على إلكترون واحد في مدارها الأخير فتميل إلى فقده لكي تقترب من التركيب الإلكتروني المستقر (أقرب غاز خامل).
تعمل قوى الجذب بين النواة والإلكترون على التغلب على قوى التنافر بين الإلكترونات وبعضها البعض لكي لا تنطلق الإلكترونات بعيدًا عن الذرة، الإلكترونات الموجودة في المدارات الأقرب للنواة تُمْسَك بها بإحكام، أما الإلكترونات الموجودة في المدارات الأخيرة تكون بمنأى عن الإلكترونات المتداخلة بحيث تكون أقلهم تَمَسُّكًا من قِبَل النواة، تواجد الإلكترونات حول النواة يُسبب سحابة من الشحنات السالبة حول النواة وهذه الشحنات تشغل حجم الذرة بالكامل؛ التنظيم البنائي الهيكلى للإلكترونات في الذرة يُسمى بالتركيب الإلكتروني للذرة، التركيب الإلكترونى للذرة لا يُحدد حجم الذرة فقط بل الطبيعة الكيميائية للذرة أيضًا، فعلى سبيل المثال، تصنيف العناصر في الجدول الدوري يعتمد على تركيبهم الإلكتروني.
هناك طريقتين لتصنيف الإلكترونات، الإلكترون هو (فرميون-Fermion) ( أي عضو من أجزاء الذرة له عزم زاوي فردي يساوي نصف عدد صحيح– أي متغير مقسومًا على 2 مثل 1/2 او 3/2 – وقد تم تسميته بواسطة إحصائيات فيرمي ديراك التي تصف سلوكه ). تتميز الفرميونات بقيم نصف عددية صحيحة لحركتها المغزلية (الدورانية)، حيث أن دورة الإلكترون هذه تتوافق مع العزم الزاوي الجوهري للجسيم، مفهوم الحركة المغزلية تجسد في المعادلة الموجية للإلكترون التي صيغت بواسطة بول ديراك؛ أشارت المعادلة الموجية لديراك لوجود المادة المضادة المناظرة للإلكترون ألا وهي البوزيترون، يُمكن تصنيف الإلكترون أيضًا كـالـ (ليبتون- lepton) والليبتون هو جسيم ذري فرعي يتفاعل فقط بواسطة القوى الكهرومغناطيسية والقوى الضعيفة وقوى الجاذبية، ولا يستجيب للقوى القوية ذات المدى القصير التي تتفاعل بين الكواركات والتي تربط بين النيوترونات والبروتونات في النواة الذرية.
في المقال القادم سنكمل حديثنا عن جزء آخر من مكونات الذرة.
إعداد | Amira Esmail |
مراجعة علمية | Esraa Adel |
المصادر: