سلسلة حروب البشر مع الجيوش المجهرية (الموت الأسود)

Plague

الطاعون، الموت العظيم أو الموت الأسود…

كلمات لا تكاد تُذكر في أي بقعة على الأرض حتي يفر الناس منها فزعًا. لك أن تتخيل كيف يمر الوقت و أنت جالس في اِنتظار دورك، دورك في الموت أو فقدان أحب الناس إلى قلبك. كلمات اقترن إيقاعها بصورة ذلك الطبيب المُقنّع الذي يهرول محاولًا إنقاذ ما تبقى من الأرواح، أصوات الأطفال و صراخ الأمهات، العديد من الجُثث المكدسة فوق بعضها، رائحة الموت في كل مكان. أحداث قد تكون الأسوأ على مر التاريخ!!

لكن ما هو الطاعون؟

الطاعون هو مرض وبائي بكتيري فتاك، يحدث بسبب بكتيريا تسمى بـ «Yersinia pestis» والتي تنتقل عن طريق بعض الكائنات المصابة كالفئران والسناجب إلى الإنسان مباشرة، أو عن طريق بعض الحشرات الحاملة للمرض كالبراغيث التي تعيش على الحيوانات المصابة.

تنتشر العدوى بمثل هذا المرض في الدول الفقيرة أو تلك التي تعاني من انخفاض شديد في مستويات الصحة العامة وتكثُر بها الفئران.

لمحة تاريخية

كان أول اجتياح مسجل وموثق هو طاعون جستنيان- Plague of Justinian والذي ضرب الإمبراطورية البيزنطية عام 541 و 542 ميلاديًا، وسُمي نسبة إلى الإمبراطور جستنيان الأول الذي كان يحكم الامبراطورية آنذاك. يرجح أن هذا الوباء بدأ من صعيد مصر وانتقل إلى القسطنطينة عبر الصوامع الملوثة بالفئران والبراغيث الحاملة للمرض حيث كانت الأخيرة تستورد الحبوب من مصر. يُقدّر المؤرخ بروكوبيوس أعداد القتلى بحوالي 10 آلاف قتيل يوميًا، ولكن الرقم الحقيقي لا يزال مجهولًا حتى الأن.

ثاني اجتياح هو اجتياح الموت الأسود Black Death والذي انتشر بين العامين 1347 و 1352 في أوروبا، وتسبب في موت من 75 إلى 200 مليون شخص. وعُرِف هذا الاجتياح حينها بالموت العظيم أو الطاعون العظيم. بدأ الوباء في آسيا حيث تسبب في مقتل ثلث سكان الصين وانتقل إلى أوروبا حيث وجد التربة الخصبة للانتشار، و ذلك بسبب تضخم الأسعار ونقص الأغذية مثل القمح والشوفان ونقص الثروة الحيوانية تباعًا مما أدى إلى سوء التغذية وضعف المناعة وسهولة انتشار المرض.

الوباء والحرب البيولوجية

تراجع الوباء و تقدم مرات عديدة. و لكن أكثرهم لفتًا للانتباه هو ذلك الذي حدث عام 1346 أو ما يعرف بأول حرب بيولوجية في التاريخ، حيث تقدم التتار لحصار كافا (فيودوسيا حاليًا في أوكرانيا) واستخدموا جُثث من مات في صفوفهم بالطاعون كمقذوفات، تلا ذلك انتشار الوباء في المدينة وتراجع قوات الدفاع حتى استولى التتار على المدينة. في الواقع لم يعرف التتار ماهية السلاح الذي كانوا يستخدمونه فقد كانوا يظنون أن الرائحة النتنة للموتى هي التي تقتل أعدائهم. ومن المرجح أن هذه الهجمة كانت سبب انتشار الوباء في أوروبا عن طريق هرب التجار من المدينة إلى صقلية وجنوب أوروبا. [1]

لم تكن هذه الأخيرة من نوعها، حيث لجأت القوات الروسية لاستعمال جثث موتى الطاعون ضد السويد في إستونيا عام 1710. وفي الحرب العالمية الثانية ألقى سلاح الطيران الملكي التابع للقوات اليابانية قنابل خزفية مشحونة ببراغيث تحمل الطاعون الدملي على مدينة صينية كما أعترف أحد الجنرالات اليابانيون بإلقاء براغيث محملة بالطاعون أيضًاعلى مدينة أخرى مما تسبب في انتشار الوباء. [2]

الطاعون أنواعه و أعراضه  [[15,16]]

بشكل عام تظهر الأعراض بعد فترة حضانة 3-7 أيام، في البداية تكون الأعراض كأعراض البرد التقليدية من حرارة مرتفعة، رعشة، صداع، ضعف عام بالجسد.

هنالك ثلاثة أنواع من الطاعون:

  • الطاعون الدملي | Bubonic Plague

– النوع الأكثر انتشارًا

– يحدث دائمًا نتيجة لدغات الحشرات الحاملة للبكتيريا

–  تدخل البكتيريا بعدها إلى الجهاز الليمفاوي ومن ثم إلى أقرب عقدة ليمفاويّة حيث تتكاثر وتنتشر

– يتميز هذا النوع بوجود التهابات وانتفاخات بالغدد الليمفاويّة

إذا تُرِك هذا النوع دون علاج، فستنتقل البكتيريا إلى الدم مسببة نوع أخر وهو الطاعون التسممي، أو تذهب إلى الرئة مسببة الطاعون الرئوي.

    – الطاعون التسممي | Septicemic Plague

يحدث هذا النوع عند انتشار البكتيريا في مجرى الدم و يتميز ب

    – ارتفاع في درجة الحرارة المصحوبة برعشة

    – آلام في البطن، إسهال، قَيْء

    – نزيف من الفم والأنف

    – صدمة

    – غَنْغَرينَة في الأطراف خاصة بأصابع اليد والقدم

 

  • الطاعون الرئوي | Pneumonic Plague

هذا النوع هو الأقل انتشارًا لكن الأكثر خطورة، نظرًا لاانتقال العدوى عن طريق الجهاز التنفسي. يتميز هذا النوع ب

    – السعال المصحوب بالبصاق الدموي (بلغم مصحوب بدماء)

    – صعوبة في التنفس

     – ضعف عام

عند ترك هذا النوع دون تدخل سريع، يحدث فشل في الجهاز التنفسي في خلال يومين من الإصابة مما يؤدي إلى الوفاة.

العلاج

إذا تُرِك هذا المرض دون علاج سيفتك بالمصاب في خلال أيام قليلة. يجب على أي شخص تظهر عليه الأعراض أن يذهب فورًا إلى أقرب مركز طبي، حيث يتم عزل المريض عدة أيام لتجنب انتشار المرض. يتم العلاج باستخدام بعض المضادات الحيوية القوية و التي تختلف حسب نوع الإصابة. كما يقوم المختصون بالكشف على كل من أقترب من المُصاب  للتأكد من سلامتهم، خوفًا من انتشار وتفشي الوباء.

————————-

إعداد:

Mahmoud Ahmed

Muhammad sadeq

مراجعة: Ahmed Abd Elkareem

تصميم: Mohamed Elsafi

المصدر:

#الباحثون_المصريون

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي