سوائل الجسم.. اللعاب

Saliva-1
سوائل الجسم: اللعاب||||||||

اللعاب (ٍSaliva) عبارة عن سائل سميك وشفاف، يتواجد باستمرار في فم البشر والفقاريات الأخرى. يتكون اللعاب من الماء والمخاط وبعض البروتينات والأملاح المعدنية. بينما يتحرك اللعاب في تجويف الفم، فإنه يلتقط بقايا الطعام والخلايا البكتيرية وخلايا كرات الدم البيضاء. يستطيع الجسم إفراز لترٍ إلى لترين من اللعاب في فم الإنسان. تعمل ثلاثة أزواج رئيسية من الغدد اللعابية (ٍSalivary Glands) -وبعض الغدد الصغيرة المنتشرة في الأنسجة السطحية للخدّ والشفتين واللسان وأعلى الفم- على إخراج كل تلك الكمية من اللعاب. يتم إفراز كميات صغيرة من اللعاب باستمرار في الفم، ولكن يزيد تدفق وإنتاج اللعاب عند وجود الطعام في الفم. في هذه المقالة سنتعرف أكثر على هذه السوائل التي نفرزها ومدى أهميتها للإنسان.[1]

مقدمة

قد يكون مفاجئًا بعض معرفة أنه قد تم استخدام اللعاب في تشخيص بعض الأمراض لأكثر من 2000 عامًا.

قديمًا، اعتقد الأطباء الصينيون أن اللعاب والدم مترافقان في الجسم وأنهما من نفس الأصل، كما يعتقد الأطباء الآن أن التغيرات في اللعاب لها دلالات صحية، ويتم استخدام كلٍّ من سُمك ورائحة اللعاب وكذلك إحساس المريض بالالتهاب اللعابي كأعراض لحالات مرضية معينة في الجسم.[2]

مكونات اللعاب

يتكون اللعاب من الماء وذلك بنسبة 99%، بينما تُقسّم الواحد بالمائة المتبقية على عناصر أيونية مثل الصوديوم والبوتاسيوم والكلوريد والبيكربونات والكالسيوم والماغنسيوم والفلورايد وما إلى ذلك. يحتوي اللعاب أيضًا على الأحماض الأمينية مثل البرولين (Proline)، الهيستاتين (Histatins)، السيستاتين (cystatin)، كما يحتوي على إنزيمات مثل الكاليكريين (Kallikrein)، والأميلز (Amylase). ويتواجد في اللعاب بعض الخلايا الطلائية (Epithelial tissues)، وعدد من الخلايا الالتهابية (inflammatory cells)، وبعض الكائنات الحية الدقيقة.[3]  

تتراوح درجة الحموضة الطبيعية للعاب من 6.2 إلى 7.6. يقوم كلًٌّ من الطعام والشراب بتغيير درجة حموضة اللعاب، فعلى سبيل المثال، تُحلل البكتيريا الموجودة في فمك الكربوهيدرات التي تستهلكها، وتخرج بعض الأحماض مثل حمض اللاكتيك وحمض البيوتيريك (butyric acid)، وهذا يقلل من مستوى الرقم الهيدروجيني للعاب ويجعله حامضيًا قليلًا. أيضًا، قد يلعب العمر دورًا، حيث يميل لعاب البالغين إلى أن يكون حمضيًا أكثر من لعاب الأطفال.[4]

الغدد اللعابية

يتكوين اللعاب بواسطة الغدد اللعابية التي تنتشر داخل تجويف الفم وحوله، وتقوم تلك الغدد بإفراز إفرازاتها عبر قنوات مجوفة، حيث تلعب تلك الإفرازات دورًا مهمًا في العمليات الفسيولوجية للفم. يمكن تصنيف الغدد اللعابية على أنها غدد أساسية وغدد ثانوية. تشمل الغدد اللعابية الأساسية، التي تقع خارج تجويف الفم: الغدة اللعابية النكفية (parotid salivary gland) وهي تعتبر أكبر الغدد اللعابية وتقع أمام الأذنين، والغدة اللعابية تحت الفك السفلي (submandibular salivary gland) ومن مسماها فهي تقع تحت الفك السفلي مباشرة، والغدة اللعابية تحت اللسان (sublingual salivary gland)، والتي تعتبر أصغر الغدد اللعابية الرئيسية، وتقع في أسفل الفم وأسفل جانبي اللسان.[3]

يوجد العديد من الغدد اللعابية الثانوية وتُصنَّف بناءً على موقعها في تجويف الفم مثل الغدد الشفوية، والغدد اللسانية، وتوضح الصورة أماكن بعض الغدد الثانوية وتصنيفاتها.[3]

عملية تكوين اللعاب

يحدث تكوين اللعاب على مرحلتين، في المرحلة الأولى يتكون اللعاب بواسطة خلايا عُنيبية (acinar cells). تُنتج تلك الخلايا- سواء كانت خلايا مصلية (serous) أو مخاطية (mucous)- إفرازًا لعابيًا عن طريق إفراز بروتين ريباسي (ribosomal protein) في الشبكة الإندوبلازمية الخشنة (endoplasmic reticulum). يتم تخزين الإفرازات كحبيبات ثم يتم إطلاقها لاحقًا في التجويف من خلال عملية الإفراز الخلوي أو بواسطة آلية حويصلية. تتضمن عملية إفراز الخلايا اندماج حبيبات الإفراز مع الغشاء مما يسمح بإطلاقها في التجويف. تتضمن آلية الحويصلة نقل حويصلات مليئة بالإفرازات (شبكة جولجي-golgi) إلى غشاء البلازما. يتم امتصاص الماء من مجرى الدم بواسطة الخلايا في مجرى الدم. تُنتج الخلايا المصلية لعابًا شديد اللمعان ويتكون من حبيبات زيموجين (zymogen granules) ويحتوي على المزيد من البروتينات، بينما تنتج الخلايا المخاطية لعابًا سميكًا ولزجًا يحتوي على عديدات السكاريد المخاطية (mucopolysaccharides) والميوسين (mucin). تُعتبر الغدة النكفية غدة مصلية بحتة، بينما تحتوي الغدد تحت اللسان على إفرازات مخاطية. الغدة تحت الفك وغيرها من الغدد اللعابية الثانوية لها خصائص مصلية ومخاطية، مما يؤدي إلى لعاب مختلط.

في المرحلة الثانية، تحدث بعض التغييرات للّعاب أثناء مروره عبر القناة اللعابية إلى تجويف الفم، كما يتم أيضًا إفراز الليزوزيمات (lysozymes) واللاكتوفيرين (lactoferrin)، كما يتم امتصاص بعض أيونات الصوديوم والكلوريد، في حين يتم إفراز أيونات البوتاسيوم والبيكربونات، مما يجعل اللعاب منخفض التوتر.[3]

فوائد اللعاب

تتعدد فوائد اللعاب وأهمية اللعاب للإنسان ومنها:

  1. المساعدة في بلع الطعام: عند المضغ، يختلط اللعاب مع الطعام في الفم حيث يساعد المخاط -وهو مادة لزجة- على تكوين طبقة زلقة مما يسهل من عملية البلع.
  2. يعمل كمذيب: للشعور بمذاق أي مادة، يجب أن تكون في حالة الذوبان لتحفيز مستقبلات التذوق الموجودة في تجويف الفم، ولذا يعمل اللعاب كمذيب وبالتالي يساعد في إدارك حاسة التذوق.
  3. تنظيف الفم: تدفق اللعاب المستمر في الفم يبقيه نظيفًا وخاليًا من جزيئات الطعام؛ فهو يساعد على التخلص من الخلايا الطلائية والأجسام الغريبة، كما أن الليزوزيم (lysozyme) الموجود في اللعاب يساعد في قتل بعض البكتيريا، والدليل على أهمية هذا أنه أثناء الحمى يتناقص إفراز اللعاب.
  4. المساعدة في الكلام: يساعد اللعاب على ترطيب الفم، وهو بذلك يساعدنا على الكلام بأريحية أفضل، ولملاحظة ذلك فإننا نميل أن نشرب قليلًا من الماء عند التحدث لفترة طويلة، وهو ما يقوم به اللعاب في المقام الأول.
  5. حماية الأسنان: يحتوي اللعاب على أيونات البيكربونات، الفوسفات وعلى بروتينات، كل تلك المواد تساعد في الحفاظ على درجة الحموضة للعاب ضمن الحدود الطبيعية، وذلك لأن انخفاض الرقم الهيدروجيني يُمهد لتسوس الأسنان في حين أن الزيادة في الرقم الهيدروجيني تكون مسؤولة عن تكوّن طبقة الجير.[5]

هل يُعد مقدار إفراز اللعاب في الفم مؤشرًا لحالات مرضيّة؟

نعم؛ للّعاب دلائل مرضية يستخدمها الأطباء، نسرد بعضها:

  1. القليل من اللعاب في الفم: يمكن أن تؤثر بعض الأمراض والأدوية على مقدار اللعاب في الفم، فإذا لم يكن هناك ما يكفي من اللعاب قد يصبح الفم جافًا فيما يعرف بجفاف الفم (xerostomia)، والذي يسبب مشاكل كبيرة للشخص المصاب. يستخدم الأطباء هذه الحالة لتشخيص بعض الأمراض المُسببة لها مثل: مرض نقص المناعة الإيدز (AIDS) ومرض باركنسون (Parkinson) والسكر (diabetes).
  2. الكثير من اللعاب: الإفراط في إفراز اللعاب ليس شيئًا يدعو للقلق إلا إذا استمر لفترة طويلة. من الطبيعي أن يفرز الجسم كمية أكبر أو أقل من اللعاب حسب ما تأكله أو تشربه، ويقوم الجسم بالتخلص من اللعاب الزائد عن طريق البلع، يعتبر هذا دليلًا على إفراط إحدى الغدد الدرقية في النشاط، وهذا طبيعي عند أكل بعض المأكولات الحارة.[6]

من الجدير بالذكر أن الإنسان يمكن أن ينتقل إليه العديد من الأمراض بانتقال اللعاب بينه وبين شخص آخر عن طريق تبادل المشروبات أو الطعام أو بأي وسيلة أخرى.[7]

المصادر

  1. Saliva | biochemistry [Internet]. Encyclopedia Britannica. [cited 2019 Jul 25]. Available from: https://www.britannica.com/science/saliva
  2. A review of saliva: Normal composition, flow, and function – Journal of Prosthetic Dentistry [Internet]. [cited 2019 Jul 25]. Available from: https://www.thejpd.org/article/S0022-3913(01)54032-9/fulltext
  3. Punj A. Secretions of Human Salivary Gland. Salivary Glands – New Approaches in Diagnostics and Treatment [Internet]. 2018 Nov 5 [cited 2019 Jul 25]; Available from: https://www.intechopen.com/books/salivary-glands-new-approaches-in-diagnostics-and-treatment/secretions-of-human-salivary-gland
  4.  pH of Saliva [Internet]. Healthline. [cited 2019 Jul 25]. Available from: https://www.healthline.com/health/ph-of-saliva
  5. Functions of Saliva | Human Physiology [Internet]. Biology Discussion. 2016 [cited 2019 Jul 26]. Available from: http://www.biologydiscussion.com/human-physiology/digestive-system/functions-of-saliva-human-physiology/62576
  6. Functions of Saliva | Human Physiology [Internet]. Biology Discussion. 2016 [cited 2019 Jul 26]. Available from: http://www.biologydiscussion.com/human-physiology/digestive-system/functions-of-saliva-human-physiology/62576
  7. Does Saliva Have Health Risks? 3 Ways Germs Can Spread [Internet]. Health Essentials from Cleveland Clinic. 2016 [cited 2019 Jul 26]. Available from: https://health.clevelandclinic.org/does-saliva-have-health-risks-3-ways-germs-can-spread/

إعداد: محمد شريف
مراجعة علميّة: نهى محمد
تدقيق لغوي: هاجر زكريا
تحرير: نسمة محمود

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي