الكوكب القزم المختبئ، سيريس
الكوكب القزم سيريس، مختبئ ضمن حزام الكويكبات بقطر يقارب الـ 950 كم، ويوجد على سطحه جبل بارتفاع 5 كيلومترات، تم اكتشاف الكوكب القزم في الأول من يناير/كانون الثاني عام 1801 بواسطة الإيطالي «جوزيبي بيازي -Giuseppe Piazzi»، حيث اكتشفه تبعًا لتنبؤاته المبنية على الحسابات الرياضية، وهو بذلك أول كويكب وأول كوكب قزم يتم اكتشافه، يدور حول نفسه مرةً كل 9 ساعات و4 دقائق ونصف الدقيقة.
تم تسمية الكوكب على اسم إله الزراعة عند الرومان، حيث أطلق عليه مكتشفه بيازي هذا الاسم تيمنًا بإله الحصاد والزرع الروماني، وفي المقابل، في عام 1803 تم تسمية العنصر الكيميائي «سيريوم-Cerium» تيمّنًا بالكوكب القزم نفسه، حيث يعتبر هذا العنصر واحدًا من أكثر المعادن ندرة على الأرض، حيث أنه يظهر كناتج انشطار البلوتونيوم والثوريوم واليورانيوم.
تكمن غرابة سيريس في عدم امتلاكه لكويكباتٍ صغيرةٍ تدور بمقربة منه، على عادة معظم الأجرام السماوية، فحتى فيستا، الجرم الكبير الآخر في حزام الكويكبات، تدور حوله بعض الكويكبات الصغيرة جدًا أو على مقربة منه، هذه الكويكبات يعتقد أنها نتجت من انفجار مدوّي منذ زمن بعيد. وسيريس كفيستا، كلاهما يسكن حزام الكويكبات منذ زمن بعيد، وكلاهما يمتلك الكثير من الفوهات، إذن لماذا لا تتجمع الكويكبات حول سيريس؟ قد تكمن إجابة هذا السؤال في التكوين المختلف لكلا الكوكبين.
شيء آخر يظهر مختلفًا في كلا الكوكبين، هو وجود النيازك، ففيستا يمتلك الكثير منها، أما سيريس فتنعدم عنده النيازك، حيث أنه من المعروف أن 6 بالمائة من النيازك الساقطة على الأرض من فيستا، أما سيريس فلا يشارك البتة. وهذا النقص العجيب يجعل الأمر أصعب في معرفة مما يتكون الكوكب القزم من الداخل.
وآخر ما توصل إليه العلماء من ناحية التكوين الداخلي للكوكب، أنه عبارة عن جسم متمايز من الداخل، يتكون من لب صخري صلب مغلف بوشاح من الثلج يبلغ سمكه ما يقارب الـ 100 كم مكونًا 23% – 28% من كتلة الكوكب و 50% من حجمه، يتكون من 200 مليون كم مكعب من الماء، وحسب تلك الكمية فإنها ستكون أكبر من الكمية الماء الموجودة على الأرض بالكامل. كما أشارت بعض الدراسات لوجود مواد طيارة في داخله أيضًا، مما سيزيد من أهميته ككوكب قزم قريب منّا.
هناك إشارات تدل على وجود غلاف جوي ضعيف مكوّن من بخار الماء الصاعد من تبخر الثلج على السطح.
في عام 2014، أعلن العلماء أنهم قد التقطوا علامات على وجود بخار ماء بالقرب من الكوكب القزم، وهذا الاكتشاف، الذي كان كالمفاجئة، أرجعه العلماء لتبخر بعض أجزاء الكوكب الثلجية عندما تسخن أثناء مرور الكوكب بالقرب من الشمس.
كيف وأين تكون سيريس؟
من المعروف أن سيريس كان في الأصل كوكبًا أوليًا، تكون نحو 4.5 مليار سنة مضت في حزام الكويكبات، على الرغم من أن الكواكب الأولية المماثلة لقت إحدى المصيرين، إما اتحدت مع أقرانها لتكوين الكواكب الأرضية، أو تم طردها خارج المجموعة الشمسية بواسطة المشتري، وقد نقول أن سيريس قد نجا من كليهما.
نظرية أخرى تقترح أن سيريس تكون في حزام كايبر حيث البرودة والظلام، ثم هاجر بطريقة ما إلى مكانه الحالي في حزام الكويكبات، ووجود أملاح الأمونيا في إحدى الفوهات تدعم نظرية تكونه خارج المجموعة الشمسية.
إذا ذكر سيريس ذكرت البقع المضيئة خاصته، فهو منذ اكتشاف تلك البقع وقد أصبح الكوكب مشهور حتى قبل وصول مركبة ناسا الفضائية Dawn له، ويبقى السر في ماهية تلك البقع التي لها قدرة كبيرة على الانعكاس، أهي ثلج أم ملح أم شيء آخر، أو ربما آثار زوار سبق، أنت حقًا لا تعرف.
ولكن العلماء يعرفون، أو قل يعملون على ذلك، في عام 2015 ألقت النتائج المنشورة في مجلة Nature الضوء على ماهية تلك البقع، بعد أن تعرفت مركبة Dawn على أكثر من 130 بقعة أخرى مرتبطين بآثار التصادمات الأولية في قديم الزمان بالكوكب، داخل تلك الفوهات الناتجة عن التصادم، يظهر ملح كبريتات الماغنيسيوم، وتقول النظرية أن تلك الأملاح خرجت من أرض الكوكب عند اصطدام الكويكبات بالسطح، وعندما تسامى الثلج الذي على السطح في الفضاء، تبقت تلك الأملاح.
بالرغم من أنه معروف أن سيريس من الصعب أن يأوي حياة، حتى وإن كانت للميكروبات الغير أرضية، كالمريخ والأقمار-تيتان ويوروبا وإنسيلادوس-، إلا أن هناك دليل، أن وشاح سيريس الثلجي كان يومًا محيطًا تحت السطح، وقد قاد هذا التصور إلى تصورٍ آخر يدل على وجود حياة على ذاك الكوكب قديمًا، وربما قد أتت الكائنات الميكروبية التي بدأت الحياة على الأرض منه، من يعلم؟
إعداد وتصميم: Abdallah Saad
مراحعة علمية: Mostafa Ahmed Ali
تدقيق: Ahmaad M.Hanafi
تحرير: Mohammed Sherif
مصادر:-
http://sc.egyres.com/h4DWu
http://sc.egyres.com/yoQSa
http://sc.egyres.com/XJiEa
http://sc.egyres.com/G6Ggr