كانت الحياة العلمية، والثقافية في الأندلس قبل تأسيس الخلافة الأموية في قرطبة عام (316هـ/929م) على يد (عبد الرحمن الثالث-الناصر) تعتبر فرعًا من فروع الحضارة العربية الإسلامية في المشرق، ولم يكن لها طابع حضاري مستقل بذاته ، أما بعد تأسيس هذه الخلافة التي كانت مدينة قرطبة هي عاصمتها الكبرى أضحت للأندلس حضارة كبيرة مميزة، وخاصة بعدما أصبح الثقل السياسي، والحضاري للخلافة متمثلًا في مدينة قرطبة؛ حيث ظهر لهذه المدينة نوع من القوة السياسية، والحضارية التي ساوت في قوتها، وهيبتها عاصمة الحضارة العربية الإسلامية في المشرق مدينة (بغداد) والتي كانت في ذلك الوقت حاضرة الخفاء العباسيين .
صورة تخيلية لعبد الرحمن الثالث
فلم يكن يطمح الأندلسيون في تلك الفترة إلى خلق نوع جديد من الحضارة يختلف عن حضارة المشرق، ولكن كانت لهم الرغبة في تقليد حضارة المشرق، والتفوق عليها؛ لإثبات قدراتهم السياسية، والحضارية أمام حضارة بغداد .
ولكن لزم أن نتجنب الوقوع في الخطأ باعتبار أن فترة الخلافة الأموية في الأندلس قد شهدت كل الإنجازات الحضارية، والثقافية عندما كانت قرطبة عاصمة هذه الخلافة ، فعلى سبيل المثال تأكيدًا على تلافي هذا الخطأ أن الجامع الكبير في قرطبة قد تم الانتهاء من أغلب منشآته في عصر الإمارة الأموية، وهو الفترة الزمنية السابقة لعصر الخلافة في قرطبة. أضف إلى ذلك أن العصر الذهبي للشعر الأندلسي تمثل في الفترة الزمنية اللاحقة لعصر الخلافة ،والتي عُرف اصطلاحًا (عصر دول الطوائف).
قاعة الصلاة في الجامع الكبير في قرطبة
زد على ذلك فإن معظم المعالم الأندلسية الشهيرة التي تمثل فيها الفن الإسلامي الأندلسي مثل (الخيرالدا) -هي منارة جامع المرابطين في إشبيلية- وقصر الحمراء الذي بناه سلاطين مدينة غرناطة في القرن الثالث عشر الميلادي / السابع الهجري كانت جميعها بعد فترة ليست بقليلة من عصر الخلافة في قرطبة ،وبالمثل ؛ فإن أكبر الانجازات أهمية في الثقافة العربية الأندلسية لم تشهدها فترة الخلافة الأموية ،والتي كانت قصيرة نسبيًا مقارنة بتاريخ الأندلس الكبير فلم تستمر هذه الفترة التي كانت فيها قرطبة عاصمة للخلافة الأموية أكثر من قرن واحد .
قصر الحمراء
الخيرالدا
يُتبع ,,,
#الباحثون_المصريون
تجدون النص الأصلي للدراسة على الرابط التالي :
http://unesdoc.unesco.org/images/0009/000903/090316eo.pdf
