ظاهرة دوبلر وتمدد الكون

doppler

||

تأثير دوبلر

هل لاحظت عندما تمر سيارة الإسعاف بالقرب منك، تُصدر صافرة الإنذار بنغمة عالية ومميزة، وعندما تبتعد عنك تلاحظ تغير في درجات الصوت، حيث يصبح الصوت أقل وضوحًا مع إزدياد المسافة بينك وبين السيارة، هذ ما يسمى (إزاحة دوبلر- Doppler Shift) ويظهر تأثير تلك الظاهرة مع أي موجات سواء كانت موجات الصوت أو الضوء أو الراديو.

لنعرف ما هو تأثير دوبلر، سنتحدث عن الصوت على سبيل المثال، فهو عبارة عن موجات في شكل مجموعة من التضاغطات والتخلخلات، وكل موجة صوتية لها ما يسمى بـ(التردد -frequency ) وهو عدد الإهتزازات أو الذبذبات التي تحدثها الموجة، ولها (طول موجي – Wave length) وهو المسافة التي تفصل بين الوحدات الموجية المتماثلة المتشابهة، أي انه المسافة الفاصلة بين الأطوار المتشابهة مثل قمة مع قمة أو قاع مع قاع، والعلاقة بين طول الموجة وترددها علاقة عكسية، فإذا كان لموجتين نفس السرعة تكون الموجة الأقصر ذات ترددًا أكبر.

تلك الموجات تتمثل في منحنى يسمى ( منحنى الجيب – Sine Wave) وهى تصف دالة متعلقة بالزمن، الدالة دورية بمعنى أنها تعيد نفسها و تنطبق على كل الموجات الصوتية و الضوئية، فمثلًا يزداد التيار الكهربائي المتردد تدريجيًا حتى يصل إلى قمة ثم ينخفض تدريجيًا حتى يعود إلى الصفر ويستمر في الهبوط حتى يصل إلى قاع ، ثم يزداد التيار حتى يصل إلى الصفر ثانيًا وبذلك تكون الدورة قد اكتملت، نسمي التيار عند القمة والقاع بـ(سعة الموجة – Amplitude)، تستطيع الأذن البشرية التعرف على الموجة الجيبية في صورة الصوت حيث أن الموجة الجيبية ما هى إلا تمثيل لتردد معين كما موضح بالشكل.

ولكي نفهم معنى إزاحة دوبلر، فلنفترض أن هناك سيارة إطفاء حريق ساكنة ، منتظرة أن يستقلها رجال الإطفاء، وقد بدأت بتشغيل صافرة الإنذار، فإن الشخص الواقف على مسافة بيمين الصورة، سيدرك تردد صوت الصافرة بنفس التردد الأصلي المنبعث منها، وبالمثل إذا وقف شخص أيضًا على يسار السيارة سيسمع نفس النغمة الخاصة بالصفارة كما هو موضح في الصورة، أما هذه الدوائر فهى تعبر عن الموجات الصوتية المنبعثة من صافرة الإنذار وطولها الموجي “ل1” بتردد حوالي 400 هرتز.

فلنفترض الآن أن السيارة ستتحرك نحو المراقب الساكن جهة اليمين بسرعة ثابتة V، الموقف الآن سيتغير، حيث أن المراقب الثابت لن يسمع نفس النغمة الصادرة عن صافرة الإنذار بتردد 400 هرتز، والذي سيصل كما هو لأي شخص جالس فوق السيارة ولن يتغير بغض النظر عن حركة السيارة، وبالنسبة للموجات الجيبية الصادرة في اتجاه حركة السيارة، فستكون ذات نغمة عالية بطول موجي (ل2) أقل، نتيجة زيادة التردد على أذن الملاحظ الساكن في اليمين، بينما نلاحظ الموجات عكس اتجاه السيارة في اليسار، تتشتت بسبب إبتعاد صافرة الإنذار عن موجتها الصادرة عنها، فيجعل المراقب الواقف جهة اليسار يسمع نغمة أقل في التردد بطول موجي أعلى.

وكما في موجات الصوت، الضوء هو موجات كهرومغناطيسة، تُترجَم هذه الموجات كألوان تُشكل (الطيف المرئي – Colour Spectrum) الناتج عن تحليل الضوء بالمنشور الثلاثي إلى ألوان الطيف السبعة، واللون هو موجة منعكسة من الجسم بعد امتصاص باقي الألوان للضوء الساقط عليه، ويختلف كل لون من حيث التردد، والطول الموجي، فالأحمر هو أكبر الأطوال الموجية، والبنفسجي أو الأزرق أصغرهم، فتأثير دوبلر هو التغير في الطول الموجي للضوء أو الإشعاع بسبب الحركة النسبية للمصدر، حيث أعتقد دوبلر أن الموجات التى لها تردد عالي هى التي يقترب مصدرها نحو الملاحظ، وكلما ابتعد عن الملاحظ يقل تردد الموجة.

تأثير دوبلر للضوء على كوكب الأرض صغير جدًا لا يمكن ملاحظته، لكن عندما ندرس ضوء النجوم يصبح التأثير ملحوظ بشكل كبير، عند تحليل ضوء النجوم باستخدام المنشور الثلاثي نجد ألوان الطيف من الأحمر إلى البنفسجي، ففي حالة إقتراب النجم إلينا، سيظهر نمط الطيف الضوئي لضوء النجم مُزاحًا للأطوال الموجية القصيرة أو النهاية الزرقاء، هذه الإزاحة تسمى ( الإزاحة الزرقاء – Blue Shift) أو البنفسجية، أما في حالة إبتعاد النجم عنا سيظهر نمط الطيف مُزاحًا للأطوال الموجية العالية مثل الأحمر وتسمى (الإزاحة الحمراء – Red Shift) كما بالشكل.

وقد استخدم العالم (إدوين هابل – Edwin Hubble) تأثير دوبلر، لإكتشاف أن الكون يتمدد في الفضاء العظيم، حيث وجد هابل بعد سنوات من الأبحاث العلمية والملاحظات للأجرام السماوية من خلال التليسكوبات، أن الضوء القادم من المجرات البعيدة يكون مزاحًا تجاه النهاية الحمراء من الطيف الضوئي، هذا دليل على أن النجوم تتحرك بعيدًا عنا وعن بعضها، وتسمى هذه الظاهرة ( تمدد الكون – Expansion of the Universe)، وقد وجد العلماء بعد ذلك شيء مدهش، هو أن تحليل الضوء الصادر من المجرات البعيدة جدًا عن مجرتنا خلال الكون معظمه تقريبًا مزاحًا للنهاية الحمراء أكثر من المجرات القريبة لنا، فبالتالي المجرات كلما كانت بعيدة، كلما كانت أسرع في الإبتعاد عن مجرتنا.

كمية الإزاحة تعتمد على سرعة النجم النسبية، ولتحديد سرعة حركة النجوم، حسب هابل إنضغاط وتمدد الموجات الضوئية الصادرة عن النجوم عن طريق المعادلة الآتية:

V = C x (Wavelength shift) / (Wavelength)

حيث (v) تمثل السرعة النسبية للنجم ، (C) سرعة الضوء، والطول الموجي للخط المعلوم الذي تم حسابه في المعمل، وبعد تحليل عدد النجوم، وجد العلماء أن الشمس تدور حول مركز مجرتنا (درب التبانة – Milky Way) بسرعة حوالي 250 كم/ث، وباستخدام إزاحة دوبلر وجد العلماء أن النجوم القريبة من منتصف المجرة تدور بسرعة أعلى.

إعداد / أمير علاء عياد

مراجعة/ عبدالعزيز محمد

تحرير/ ندى المليجي

المصادر /

http://sc.egyres.com/5W4bD

http://sc.egyres.com/Naolh

http://sc.egyres.com/Dz9ES

 

حقوق الصورة:  NASA’s Imagine the Universe

 

 

 

 

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي