عقلك يعمل كشارلوك هولمز أكثر مما تتصور

عقلك_يعمل_كشارلوك_هولمز_أكثر_مما_تتصور

عقلك يعمل كشارلوك هولمز أكثر مما تتصور

عقلك يعمل كشارلوك هولمز أكثر مما تتصور

يستخدم المحقق شارلوك هولمز، بمسلسل «Sherlock» على «BBC»، تقنية تُسمى بـ«قصر الذاكرة»  فهرس في غاية النظام لكافة الذكريات التي امتلكها خلال حياته. ورغم أننا البسطاء لا نستطيع أن نواكب قدرة هولمز على استرجاع الذكريات، إلا أننا حين نخزنها ونسترجعها، فمن الواضح أن نشاط أدمغتنا يشبه نشاط دماغه بشكل كبير، وفقًا لدراسة جديدة؛ النتائج التي وصلت إليها الدراسة قد تساعدنا في اكتشاف أولى علامات التحذير من فقدان الذاكرة بسبب أمراض كالزهايمر.

وجدت الأبحاث السابقة أنه حين يستقبل الناس حدثًا ما للمرة الأولى، وحين يُطلب منه تذكره في وقت لاحق، تنشط نفس مناطق المخ المستعملة مسبقًا. ولكن هل تُسجل نفس تلك الذكرى بنفس الطريقة لدى كل الأفراد؟ ذلك السؤال محل جدال.

ومع من سنجد الإجابة؟ يبدو أن العلماء وجدوا ضالتهم في شارلوك هولمز. فقد قامت مجموعة بقيادة جانيس تشن (Janice Chen)، باحثة في مرحلة ما بعد الدكتوراة بقسم علم النفس بجامعة برنستون (Princeton University)، ويوان تشانج ليونج (Yuan Chang Leong)، متخرج من قسم علم النفس بجامعة ستانفورد (Stanford University) في بالو آلتو (Palo Alto) بكاليفورنيا، بإدخال 22 مشارك بجهاز التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (functional magnetic resonance imaging (FMRI – machine، والذي يقيس مجرى الدم في المخ لقياس مدى نشاطه. ثم أشهدوهم جزءًا من حلقة لـ Sherlockتبلغ نحو 48 دقيقة (نحو النصف الأول من حلقة المسلسل الأولى «A Study in Pink» لإرضاء المعجبين). وبعدها مباشرةً، سألت« تشن» المتطوعين أن يخبرونها بأكبر قدر يتذكرونه من الحلقة.

تقول تشن: «أن أول ما ذُهلنا به كانت مدى جودة ذاكرة الجميع». فقد توقعت أن معظم المشاركين سيحكون لها لنحو 10 دقائق فقط عن الحلقة، إلا أن متوسط الوقت الذي قضاه المشاركون في الحكي كانت أكثر من 20 دقيقة، يصفون فيها الحلقة، ونوع قبعة شارلوك، وألوان شقته، والعلاقات فيما بين الشخصيات.

حين قارن الباحثون نشاط مخ المشاهدين أثناء مشاهدة «Sherlock» بنشاطها أثناء تذكر أحداث المسلسل، كانت أنماط المخ النشطة متشابهة للغاية، إلى درجة أن الباحثين استطاعوا أن يحددوا بدقة أي مشهد كان المشاركون يصفونه في أي وقت فقط من خلال رؤية نتائج جهاز الـ FMRI. تقول تشن: «بأن ذلك يتعدى مجرد بيان أي جزء من المخ كان نشطًا أثناء مشهد سينمائي ما»، وتضيف بـ«أننا نبين أن هناك إطار مستقل في المخ لكل مشهد، تمامًا كبصمة الإصبع».

في الخطوة التالية، قام الباحثون بجمع كل أنشطة أمخاخ المشاركين أثناء مرحلة استقبال المشهد في إطار واحد متوسط. ثم قارنوا تلك النتيجة مع نتائج كل فرد مشارك الخارجة من جهاز الـ FMRI أثناء مرحلة الاستدعاء. إذا كان نشاط مخ كل فرد مختلف متفرد عن الغير، فمن المؤكد أن أطر استرجاع الذكرى لن تتوافق مع الإطار المجمع لذكريات المشاركين أثناء مشاهدة الحلقة. إلا أن الباحثين وجدوا بأن نشاط استرجاع كل مشارك للذكرى يقارب بشكل كبير الإطار المجمع لذكريات المشاركين، ما يقترح أنه حين يختبر البشر تجارب متشابهة، فإن أدمغتهم تعمل بشكل شديد الشبه ببعضهم البعض، وقد نشر الباحثون الدراسة في مجلة Nature» «Neuroscience.

ورغم أن البشر يشتركون في نفس الهندسة العصبية للمخ، إلا أن أغلب العلماء اعتقدوا أنه حين يتعلق الأمر بالمخ، فكبرى التشابهات ستقبع في «النظام الأدنى» من مناطق المخ، كقرن آمون في الدماغ (Hippocampus)، المخيخ (Cerebellum)، واللَوزة (Amygdala) – بمعنى أخر، مكونات من المخ يشترك فيها المخ مع أغلب الفقاريات. أما مناطق «النظام الأعلى» بداخل قشرة دماغ الإنسان المعقدة، فكانوا يعتقدون بأنها تتضمن نشاطًا أكثر فردية وتميزًا من فرد لأخر. ومن المثير للاهتمام أن الإطار المجمع محل الدراسة كان في النظام الأعلى فقط، أي مناطق الدماغ القشرية، المتضمنة للـ (Posterior medial cortex) والـ (Medial prefrontal cortex).

قد تؤدي تلك الأبحاث إلى أن يعيد العلماء النظر في مدى تميز وفردية ذكرياتنا. تقول تشن: «نحن نشعر أن ذكرياتنا مميزة، ولكن هناك قاسم مشترك كبير بيننا فيما نراه ونتذكره عن العالم، حتى على مستويات أطر نشاط المخ التي نقيسها بالميلليمترات».

كما تضيف بأن العلماء العاملين على أمراض الذاكرة المتعلقة بتدهور الحالة العصبية للمخ، كالزهايمر، قد يتمكنون من تحديد علامات تنبيهية مبكرة لفقدان الذاكرة، أو تطوير صورة أوضح وأكثر دقة لفقدان الذاكرة.

يقول (مايكل راج-Michael Rugg) -عالم الأعصاب المعرفية بجامعة تكساس في دالاس (Dallas)-: «بأنه مقتنع بأن ذلك الاكتشاف يبين أن ذاكراتنا تشترك في نفس البنية التنظيمية. أما كون ذلك يعود إما بسبب الذكريات التي تتكون بطرق متشابهة على المستوى العصبي العميق، وإما لأن الناس يستخدمون وسائل متشابهة لاسترجاع الأحداث، فذلك سؤال يحتاج للمزيد من التحقيق، ولكن في كلتي الحالتين، فهو من المدهش كيف تتشابه أطر أدمغتنا أثناء التذكر».

يضيف راج: «هناك تقليل من شأننا هنا»، فـ «نحن نعتقد بأن أدمغتنا وذكرياتنا متفردة بذاتها متميزة، ولكن يبدو أنه في أمخاخنا، لسنا بتلك الفردية التي تخيلناها».

المصدر:

http://sc.egyres.com/Q3bag
http://sc.egyres.com/Jy41N

ترجمة وتصميم: هشام كامل

مراجعة: Israa Adel

تحرير: يُمنى أكرم

#الباحثون_المصريون

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي