لعنة الفراعنة.. وهم أم حقيقة؟

movies5

||

بدأ الاهتمامُ بالحضارةِ المِصريةِ القديمة بعد نتائج الحفريات والرحلات التي نُشِرَت في القرنين السابع عشر والثامن عشر، وازداد هذا الاهتمام بعدما تَمكَّن (فرانسوا شامبليون)، استنادًا إلى أعمال (توماس يونغ)، من ترجمة اللغة المصرية على حجر رشيد، حيث نُشِرَت النتائج في عام 1824م.

أفلام المومياء

تشتهر أفلام المومياوات بأمرين هما: الثروات الهائلة، ولعنةٌ تقود الباحثين عن الكنوز إلى موتٍ مأساوي. بدأت الأفلام المتعلقة بالمومياء عام 1899م، ذلك من خلالِ فيلمٍ يتناول مقبرةَ (كليوباترا)، ولكن الفيلم فُقِدَ. وفي عام 1911 م، أصدرت شركة ( (Thanhouserفيلمًا يحكي  قصةَ مومياء أميرة مصرية تم إحياؤها عن طريق الكهرباء، لكن مثل هذه الأفلام المُبكِّرة كانت تتعامل مع المومياء كنوعٍ من (الزومبي). أما فيلم المومياء الذي صدر في عام 1932 م، فقد حقق نجاحًا كبيرًا، ولذلك تم إنتاجه طوال أربعينيات القرن الماضي (1940- 1944)، كما استمر أيضًا في الستينيات من خلالِ سلسلة أفلامٍ مثل: قبر المومياء، كفن المومياء، وفيلم المومياء الذي أُنتِجَ عام 1999 م، فقد كان نسخةً جديدة منها. وفي عام 2001 م، تم إنتاج فيلم (عودة المومياء (The Mummy Returns ، ثم سلسلة الملك العقرب ( 2002 – 2012)، فيلم آلهة مصر عام 2016، ثم  فيلم المومياء يونيو 2017 م.

يمكنك إيجاد سلسلة الأفلام المتعلقة بالمومياء من خلال وضع الاسم في هذا الموقع:

http://sc.egyres.com/DGyzz

لعنة توت عنخ آمون

(لعنة الفراعنة)

كان هوارد كارتر مكتشف مقبرة الملك (توت عنخ آمون) قد حدد المقبرة في مطلع نوفمبر   1922 م، لكنه كان بحاجةٍ للانتظار حتى وصول الكفيل والداعم المالي اللورد (كارنافون) وابنته السيدة (إيفيلين) من إنجلترا 26 نوفمبر 1922 م لافتتاح المقبرة، وعندما حضروا قام كارتر بإحداث ثُقبٍ صغيرٍ للنظر إلى الكنوز المخبأة داخل المقبرة منذ ثلاثة آلاف عام، وفي غضونِ شهرٍ من اكتشاف المقبرة، كان الموقع جاذبًا للزوار من جميعِ أنحاء العالم.

 

تُوفِّيَ اللورد (كارنافون) في القاهرة في 5 أبريل 1923 م، أي بعد أقل من 6 أشهر من افتتاح المقبرة، ليبدأ بذلك انتشار خرافة لعنة الفراعنة، ففي مارس 1923 م، أَرسَلَت الروائية وكاتبة القصة القصيرة (ماري كوريليMarie Corelli ) (1855- 1924) خطابًا إلى مجلة (عالم نيويورك- New York World)، تُحذِّر فيه من عواقبَ وخيمةٍ لأيِّ شخصٍ يُزعج مقبرةً قديمة مثل مقبرة ( توت عنخ آمون)، واعتمدت الكاتبة على كتابٍ غامضٍ لدعم اِدعائها، وهي الروائية التي أصبحت من المشاهير منذ روايتها الأولى (A romance of two worlds)  في عام 1886م، وكان يُقرأ لها على نطاقٍ واسع، استخدم الإعلام هذا الخطاب لدعم  الادعاء بأن (كارنافون) مات بواسطة اللعنة، وقد أعطت شهرة (كوريلي) الوزن لمثل هذا الادعاء، إلا إنها لم تكن السلطة الوحيدة حول الموضوع الذي ذكرته وسائل الإعلام في الولايات المتحدة، حيث نشرت صحيفة (The Austin American) مقالًا في التاسع من أبريل 1923 م بعنوان: (هل قُتِل مُكتشف الفرعون بلعنة قديمة؟ -(Pharaoh Discover killed by old curse? ، وهو مقالٌ يُلمِّح إلى رسالة كوريلي، كما ذكرت صحيفة (The Argus) الأسترالية أن وفاة (كارنافون) ناجمةٌ عن التأثير الضار للفرعون الميت.  هكذا ازدهرت لعنة المومياء في مقالاتٍ افتتاحية في جميعِ أنحاء العالم، وكانت هذه الأوراق تُبَاعُ بأرقامٍ قياسية.

يقول عالم المصريات (ديفيد سيلفرمان- (David Silverman أن النقوش من الممكن أن تُفسَّر من قِبَلِ الجمهور على أنها لعنات، وخاصة بعد (إعادة ترجمتها) بواسطة الصحافة. فعلى سبيل المثال، نصٌّ يقول: «أنا الوحيد الذي يمنع الرمال من حجب الغرفة السرية» تحوَّلت في الصحافة إلى: «سوف أقتل كل هؤلاء الذين دخلوا الضريح المقدس للملك الذي  يعيش للأبد»!  سُرعان ما انتشرت مثل تلك التحريفات لتصبح اللعنات في جميع النقوش، ولأن قِلة من الناس هم من يستطيعون قراءة النصوص، وبالتالي يكون بإمكانهم التحقق من النص الأصلي، أصبح الصحفيون آمنين، فقد نشروا صورةً فتوغرافية للمزار الكبير في غرفة الدفن مع ترجمةٍ للنقش المصاحب: «إن الذين يدخلون هذا القبر المُقدس سيزورهم الموت بجناحيه».

* إن الشكل المحفور للآلهة المجنحة التي كانت بالمقبرة من شأنه أن يعزز بلا شك هذا التهديد (المُترجم).

في الواقع، فإن مثل هذه التعاويذ تأتي من كتاب الموتى: وهو عبارةٌ عن مجموعةٍ من الأدعية والتعاويذ لضمان الحياة الأبدية. من ناحيةٍ أُخرى، أوردت الصحف أحداثًا غامضةً أحاطت بموت كارنافون، ومن ذلك اِدعاء ابنه أن كلبة كارنافون كانت تعوي (في إنجلترا) عندما مات ثم سقطت ميتة، وأن كل شخص توفَّى وكان له ارتباطٌ بمقبرة (الملك توت عنخ آمون) فقد قُتِلَ بواسطة اللعنة.
قُتِل بعد شهرٍ بقليل (يوليو 1923م) من اكتشاف المقبرة الأمير المصري (باي(Bey-  بواسطة زوجته في لندن، ونسبت وفاته هو أيضًا إلى اللعنة! تُوفِّيَ الأخُ غير الشقيق لكارنافون في شهر سبتمبر من نفس العام، وعلى الرغم من كبر سنه وصحته السيئة، أصبح هو أيضًا ضحيةَ اللعنة!

تُوفِّيَ كارنافون بتسمم الدم، والذي أُصِيبَ به نتيجةَ تلوُّث جرحه المفتوح بعد الحلاقة. على الرغم من أن ابنه قدَّمَ تقريرًا مُفصَّلا عن وفاة كلبة العواء، إلا إنه لم يكن بالقرب من الكلبة عندما تُوفِّيَت ولكنه كان في الهند.

أما الوفيات الأخرى التي ارتبطت باللعنة منذ ذلك الحين كانت لأسبابٍ طبيعية ومنطقية، فقد عاش معظم الذين شاركوا في افتتاح المقبرة لسنوات عديدة بعد حياةٍ ناجحة ومثمرة، ومنهم على سبيل المثال ابنة كارنافون (إيفيلين) التي عاشت حتى عام 1980م،  وعالم المصريات (بيرس إي نوبري- Percy E. Newberry) -الذي قام بفهرسة محتويات المقبرة- عاش  حتى عام 1949 م،  كارتر نفسه الذي كان أول من فتح المقبرة، وأول من دخلها، والذي من المفترض أن يكون المرشح الرئيسي لأي  لعنة عاش حتى 1939 م، أي بعد حوالي 20 عامًا من افتتاح المقبرة.

لم يذكر كارتر أبدًا اللعنة في تقاريره عن أعمال الحفر، وعلى الرغم من أنه كان يعتبر اللعنةَ هراء، إلا إنه لم يفعل شيئًا لمنعِ الصحافة من تطوير القصة التي نُسجِتَ حولها، يعود ذلك إلى تأثير خرافة لعنة الفراعنة في أبعاد الناس عن مقبرة (توت عنخ آمون)، كما أن الأشخاص الذين استولوا على قطعٍ أثرية في الماضي من مصر أخذوا يرسلونها أو يتبرعون بها للمؤسسات لأنهم يخشون اللعنة. تَمكَّن كارتر من العمل على محتويات مقبرة (توت عنخ آمون) لعقدٍ من الزمان بدون تدخلاتٍ من الجمهور أو الصحافة بفضل لعنة المومياء.

لا يوجد أي أساسٍ لوجود اللعنة، فقد نُشِرَت من قِبل وسائل الإعلام، وبما أن وسائل الإعلام لا تزال تعمل بشكلٍ جيد في نشرها، فمن المرجح أن تستمر لقرونٍ قادمة.

على الرغم من الدور الكبير الذي لعبته وسائل الإعلام في نشر الخرافة، وخاصةً بعد اكتشاف مقبرة الفرعون (توت عنخ آمون)، إلا أن خرافة اللعنة تعود إلى ما قبل اكتشاف المقبرة بمائة عام، فقد أجرت عالمة المصريات (دومينيك  مونتسراتDominic Montserrat) بحثًا شاملًا، وانتهى بأن موضوع اللعنة بدأ مع تعرِّي مومياء (غير ملفوفة بالكتان) في لندن في القرن التاسع عشر، ليُنزَع الخيط بواسطة مؤلفة صغيرة غير معروفة، وذلك  في كتابٍ لها  باسم: «مفقود في الهرم أو لعنة المومياء».

يمكنك الاطلاع على هذا الكتاب من خلال الرابط التالي:

http://sc.egyres.com/9ynWo

من ناحيةٍ أخرى، فقد أظهرت الدراسات المخبرية أن بعض المومياوات القديمة تحمل عفنًا أو فطرياتٍ مثل: (Aspergillus niger) و(Aspergillus flavus)، الأمر الذي يمكنه أن يسبب احتقانًا أو نزيفًا في الرئتين، كما أن البكتيريا المهاجمة للرئة مثل:Pseudomonas) ) و(Staphylococcus) موجودة على جدران المقابر أيضًا، مما يجعلها مكانًا خطيرًا.

المصادر/

http://sc.egyres.com/PmkC7

http://sc.egyres.com/BRLcy

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي