فرضية «غايا» واستمرارية الحياة على سطح الأرض

earth-405096_1920

|

يعتقد العلماء بأنهم استطاعوا التوصل إلى أسباب بقاء كوكب الأرض مستقرًّا بما يكفي لتطور الحياة واستمراريتها على مدى مليارات السنين، وذلك من خلال حل لغز فرضية غايا.

ما هي فرضية غايا؟

تفترض فرضية غايا أنّ نظام الحياة على الأرض بين الكائنات الحية وبيئتها اللأحيائية ينظم نفسه ذاتيًا مما يجعلها في حالة صالحة للسكن، وذلك على الرغم من التأثيرات المزعزعة للاستقرار مثل أشعة الشمس المستمرة، وتغيير النشاط البركاني والتكتوني، بالاضافة إلى آثار النيازك الضخمة.[4]  وقد صاغ الكيميائي «جيمس لوفلوك» هذه الفرضية وشارك في تطويرها عالم الأحياء المجهرية «لين مارغوليس» في سبعينيات القرن الماضي. وقد أطلق لوفلوك على هذه الفرضية اسم غايا، نسبة إلى الأرض الأم غايا في الميثولوجيا اليونانية وذلك بناءً على اقتراح من العالم «ويليم دولدينج».[1][2]

قدم لوفلوك نظريته عام 1972، والتي تفترض بأن الأرض تنفعل وتتفاعل وكأنها كائن حي ذاتي التنظيم، وبنى نظريته على أساس أن الحياة اكتسبت في مرحلة مبكرة من تطورها القدرة على التحكم في النظام البيئي بالكامل بما يتناسب مع احتياجاتها، وبأن هذه القدرة قد استمرت ومازالت تُستخدم بشكل نشط حتى الآن.[4]

كيف نشأ التنظيم الذاتى للأرض؟ وما أهميتة لاستمرارية الحياة على الأرض؟

إنّ الإجابة عن هذه الأسئلة مهمٌّ، حيث إن هذه الاكتشافات تساعد على فهم كيفية استمرارية الكائنات الحية والحياة بشكل عام على سطح كوكب الأرض، كما تساعد على احتمالية اكتشاف وجود حياة في مكان آخر من هذا الكون اللامتناهي، بالإضافة إلى أنها توضح الآليات الهامة لتوليد الاستقرار والاستمرار لنظام الحياة.[4]

حل اللغز

يعتقد العلماء بأنهم قد حلَّوا لغزًا طويل الأمد حول سبب بقاء الظروف على الأرض مستقرة بما يكفي لتطور الحياة على مدى مليارات السنين، وقال البرفيسور «تيم لينتون» من جامعة إكستر:

«يمكننا الآن أن نوضح ماهية آليات استقرار كوكب الأرض على مدى 3.5 مليار سنة من الحياة».[4]

وقد أدى لغز عمل فرضية غايا إلى تقسيم الخبراء لعقود، حيث أثارت هذه الفرضية جدلًا شديدًا، وانتقدها عدد من العلماء كما أُخذ عليها صعوبة اختبارها. لقد عارضت هذه الفرضية نظرية «دارون» التطورية معارضة واضحة، والتي تعد مقبولة من قطاع عريض من العلماء المهتمين بالتطور؛ ولذلك لم يستطع العلماء المهتمين والدارسين الرئيسيين لنظرية داروين تخيل فكرة الاختيار لتحقيق الاستقرار العالمي على مستوى الأفراد أو الأنواع التي تشكل المحيط الحيوي للكوكب بدلًا من التركيز على التكاثر التفاضلي (الاختيار الطبيعي) لتلك الأفراد أو الأنواع.[2]

تفترض معظم الدراسات التي تعتمد على فرضية غايا أن التنظيم الذاتي العالمي للحياة يجب أن ينشأ من خلال شكل من أشكال الانتقاء الطبيعي، وذلك يثير العديد من المشكلات، حيث أن المشكلة الأساسية لفرضية غايا هي أن التطور عبر الانتقاء الطبيعي لا يمكن أن يفسر كيف أن الكوكب بأكمله كان له خصائص استقرار على مدار فترات زمنية جيولوجية مختلفة.[4]

لكنّ فريقًا يقوده علماء من جامعة «إكستر» قد اقترحوا حلًا، وهو أن الاستقرار قد يأتي من «الاختيار المتسلسل» حيث تميل الحالات التي تؤدي فيها الحياة إلى زعزعة استقرار البيئة إلى أن تكون قصيرة الأجل، وتؤدي إلى مزيد من التغير حتى يظهر الوضع المستقر والذي يميل إلى الاستمرار. وبذلك يمكننا القول بأن الاستقرار هو خاصية عامة للأنظمة الديناميكية من حيث التنظيم الذاتي للنظام، كما يمكن أن يؤدي الاختيار المتسلسل للتشكيلات المستقرة الى تعزيز استمرارية الحياة.[4]

وبمجرد حدوث ذلك، يكون لدى النظام مزيد من الوقت لاكتساب مزيد من الصفات التي تساعد على استقراره وصيانته – وهي عملية تعرف باسم «الاختيار من خلال البقاء على قيد الحياة فقط».[4] يقول البروفيسور ديف ويلكسنسون من جامعة لينكولن، والذي شارك أيضًا في الدراسة:

«لقد شاركت في محاولة معرفة كيفية عمل فرضية غايا لأكثر من 20 عامًا، وفي النهاية يبدو أن سلسلة من الأفكار الواعدة تجتمع فيه هذه الدراسة الأخيرة والمقدمة من جامعة إكستر، مما يساعد على تقديم التفاهم الذي كنا نبحث عنه».[3]

وقال الدكتور «جيمس دايك» من جامعة ساوثهامبتون وهو أيضًا من المشاركين في الدراسة:

«بالإضافة إلى دور فرضية غايا الهام في تقدير احتمالات وجود الحياة في أماكن أخرى من الكون، فإن الأليات التي تقدمها الدراسة تعتبر حاسمة لفهم كيفية عمل كوكبنا الأم وكيفية فهم أحداث تغير المناخ والانقراض».[3]

يعتبر دراسة التغيرات العالمية وايجاد حلول جذرية لكل ما يواجه كوكب الأرض من كوارث وتغيرات هو التركيز الرئيس لمعهد الأنظمة الجديد التابع لجامعة إكستر، والذي يديره البروفيسور لينتون والذي أضاف:

«يمكننا تعلم بعض الدروس من غايا حول كيفية خلق مستقبل مستقر ومستمر لحوالي 9 إلى 11 مليار شخص في هذا القرن».[3]

 

 

إعداد: منار حمدي مصطفى علي
مراجعة: أحمد فكري
تدقيق:
Wael Yassir

 

 

المصادر:

  1. https://www.sciencedirect.com/science/article/pii/0004698172900765?via%3Dihub
  2. https://www.sciencedirect.com/science/article/pii/S0022519317300723
  3. https://www.sciencedaily.com/releases/2018/07/180702111234.htm
  4. https://www.cell.com/trends/ecology-evolution/fulltext/S0169-5347(18)30118-6?_returnURL=https%3A%2F%2Flinkinghub.elsevier.com%2Fretrieve%2Fpii%2FS0169534718301186%3Fshowall%3Dtrue
شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي