فيروس كورونا.. كل ما تريد معرفته عنه

فيروس-كورونا.
فيروس كورونا.. كل ما تريد معرفته عنه

يُسارع خُبراء الصحة حول العالم لفهم وإجراء التدابيرِ اللازمةِ للحدِّ من انتشار فيروس كورونا الذي ظهر في مدينة ووهان-Wuhan في الصين في شهر ديسمبر لعام 2019.

لكن مهلًا، ماذا نعرف حتى الآن عن هذا الفيروس؟ وكيف ينتقل من شخصٍ لآخر؟ وما هي أعراضُ المرض؟ نتعرف إلى المزيد في مقالنا.

حقيقةً نحن لا نعرف الكثير، هذا الفيروس جديد، جديدٌ حتى إنه لا اسم له حتى الآن، فالاسمُ الرسمي المستخدم هو novel corona virus، أو فيروس كورونا الجديد.

ما هو فيروس كورونا؟

ينتمى ذلك الفيروس إلى مجموعة الفيروسات التاجية، وهي مجموعةٌ كبيرة من الفيروسات اُشتقَّ اسمُها من الكلمة اللاتينية corona، التي تعني التاج، نسبةً إلى المظهر الميكروسكوبي لهذه العائلة من الفيروسات الذي يحتوي على نتوءاتٍ كبيرة تُعطيه شكلًا مثل التاج.

تُصنَّف عدوى فيروس كورونا بأنها عدوى حيوانية المنشأ zoonotic، حيث إن فيروسات كورونا في الأصل تُصيبُ الحيوانات، لكنها من آنٍ لآخر قد تصيب الإنسان، وغالبًا ما يحدث ذلك بسببِ حدوثِ تطوُّرٍ في التركيبِ الجيني للفيروس، مما يكسبه القدرة على مهاجمة البشر، أي إنها تنتقل بين الحيوانات ومن ثم تنتقل إلى الإنسان.

لكن هناك بعضُ الأفراد من هذه العائلة تصيبُ البشرَ بالأساس، ففي عام 1960 تم التعرف إلى أول فردٍ قادرٍ على مهاجمة البشر في هذه العائلة HUMAN CORONA VIRUS HCoV. بعد ذلك، استطاع العلماء تحديدَ أربعة أنواعٍ مشهورةٍ قادرة على ذلك: (229E, NL63, OC43,HKU1).

تُسبب هذه الفيروسات عدوى الجهاز التنفسي، مثل نزلات البرد. ووفقًا لمركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها Centre of Disease Control and Prevention – CDC، فإنها تُصيب أغلب الأفراد في فتراتٍ ما من حياتهم، لكن الأعراض عادةً ما تكون متوسطةً، ويُمكن أن تتفاقم في حالاتٍ قليلة إلى الالتهاب الرئوي والتهاب الشُعب الهوائية.
ليسَ من النادرِ إذًا أن تعاني من نزلةِ البرد الشهيرة في فصول الشتاء، ويكون السبب هو إصابتك بواحدٍ من هذه الفيروسات الأربعة، بل قد تكون الإصابة بأحدهم فى بدايات فصل الشتاء ثم بآخرٍ في نهايته، حيث إن الأجسام المناعية التي تكونها أجسامنا ضد فيروسات الكورونا لا تبقى طويلًا في الجسم، كما أنها غالبًا ما تكونُ متخصصةً ضدَّ نوعٍ واحدٍ، فلا تصلح مع الأنواع الأخرى.

لا يمكن عزل فيروسات الكورونا بسهولة معمليًّا؛ مما يجعل تقدير حجم إصابات البشر الفعلية غير دقيق. لكن هذا لم يكن مُهمًّا، فمعظم حالات الإصابة بالكورونا تكون بسيطةً، ونادرًا ما تسبب مضاعفاتٍ أو مشاكل.

كان هذا هو الحال حتى العام 2002 حين تغيرت أوراق اللعب كليًّا مع ظهور فردٍ جديدٍ قادرٍ على مهاجمة البشر بشراسة مُسبِّبًا التهابًا رئويًّا حادًّا أو ما أُطلِقَ عليه متلازمة التنفس الحادة Severe Acute Respiratory Syndrome  أو SARS CORONA CIRUS كما اُتفِقَ على تسميته لاحقًا.

بدأ الوباء من الصين تحديدًا من مقاطعة جواندونج  في نوفمبر 2002، ثم وصل إلى هونج كونج، لينتشر بعد ذلك في 37 دولة حول العالم، حيث أصابَ الوباءُ ما يقارب الـ8000 شخص، وأودى بحياة ما يقارب الـ800 شخص، بنسبةِ وفاةٍ تصل إلى 10%.

ظل المصدر مجهولًا، لكن أصابع الاتهام أشارت بقوة إلى الخفافيش كمصدرٍ مُحتملٍ بقوة للفيروس، ثم انتقل الفيروس منها إلى نوعٍ خاصٍّ من القطط الآسيوية يُسمَّى قطط الزباد CIVET CATS،  حيث أصبح بعد ذلك قادرًا على مهاجمة البشر.

بعد نحو 18 شهرًا، تم احتواء الوباء، وانسحب SARS CoV من المشهد مفسحًا المجالَ لعائلةٍ أخرى من الفيروسات المُسببة لالتهاب الجهاز التنفسي مثل فيروسات الأنفلونزا H5N1 & H1N1،  لكن هذا ليس موضوعنا الآن.

في شهر يونيو من عام 2012 عاد كورونا من جديد، لكن في مكانٍ مُختلفٍ هذه المرة.
في المملكةِ العربيةِ السعودية كان الطبيب وأستاذ الميكروبيولوجي المصري علي محمد زكي يعمل في مستشفًى خاصٍّ بمدينة جدة، ونجح في عزلِ فيروسٍ من رجلٍ تُوفِّيَ في أعقابِ ضيقٍ تنفسيٍّ حاد، وبمساعدة عالم ميكروبيولوجي شهير هو الدكتور رون فوشيه الذي يُشرف على مختبرٍ علميٍّ في هولندا توصَّلا إلى أن الفيروس المعزول جديدٌ من نوعه ولم تُسجَّل الإصابة به في البشر سابقًا، وأنه قد يكون مُنحدِرًا من إحدى فيروسات كورونا التي تصيب الخفافيش.

سُمِّيَ الفيروس الجديد بفيروس كورونا المُسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية Middle East Respiratory Syndrome Corona Virus أو MERS CoV.

انتشر الوباء بعد ذلك إلى أكثر من 27 دولة حول العالم، وحتى 30 سبتمبر 2019 فإن الإحصائيات أشارت إلى 2468 حالة إصابة و851 حالة وفاة، هذا يعني أن نسبة الوفاة تصل إلى 35 % من عدد الحالات.

من جديد أشارت أصابع الاتهام إلى الخفافيش لتشابه التركيب الجيني للفيروس مع التركيب الجيني لفيروس كورونا في الخفاش، إلا أنَّ عزل الفيروس أيضًا من الجِمال الموجودة في منطقة شبه الجزيرة العربية قد أعطى تصورًا بأن الفيروس انتقل بطريقةٍ ما من الخفافيش إلى الجِمال، ثم بعدها أصبح قادرًا على مهاجمة البشر. بعد ذلك، معظم حالات الإصابة حدثت بانتقال الفيروس مباشرةً من البشر إلى البشر، لكن يبدو أن هذا الانتقال لا يحدث بسهولة ويستلزم اتصالًا لصيقًا بحالةٍ مُصابة.

لم يكن الحال مع MERS  كما كان مع SARS، فالفيروس ما زال موجودًا حتى هذه اللحظة، وما زال يحصد أرواح العديدين ممن قادهم حظهم العاثر إليه، وما زال الطب عاجزًا حتى هذه اللحظة عن تقديم دواءٍ فَعَّالٍ لهذا الفيروس، ومعظم الحالات تُعالج بالطرق المساعدة، ومحاولة علاج الأعراض وتجنب المضاعفات.

اللاعب الجديد المنضم حديثًا والمُسمَّى Novel corona virus أو NCoV 2019 هو في الحقيقة سببُ كتابةِ هذا المقال، وحتى لحظة كتابة هذه السطور فإن الخفافيش هي المتهم الرئيس أيضًا، حيث يتشابه الفيروس بنسبةٍ كبيرة تصل إلى 96% مع إحدى فيروسات كورونا التي تصيب الخفافيش، وهناك تصورٌ بأن الثعابين قد تكون لعبت دورَ الوسيط.

ظهرت أولى الحالات في مدينة ووهان بمقاطعة هوبي الصينية Wuhan, Hubei وتحديدًا في سوقٍ للأغذية البحرية.
تشير الدراسات الجينية أن السوق كان الشرارةَ التي بدأت الوباء، الذي غالبًا ما بدأ بالانتقال من حيوانٍ واحدٍ مُصابٍ إلى بعضِ العاملين والمترددين على السوق، لكنه أصبح قادرًا على الانتقال بين البشر، حيث إن هناك حالات إصابة كثيرة لأشخاصٍ لم تكن لهم علاقة بسوق ووهان.

حتى 31 يناير 2020، بلغت حالات الإصابة 9776 حالة مؤكدة منها 9658 حالة في الصين. معظم الحالات خارج الصين كانت لأشخاصٍ مسافرين من ووهان أو كانوا على اتصالٍ مباشرٍ بشخصٍ مُسافرٍ منها.
أُولى الحالات المؤكدة للانتقال المباشر بين البشر كانت في جواندونج في الصين في 20 يناير. وبلغت حالات الوفاة 213 حالة مما يعطينا نسبة وفاة تصل إلى 2.2% من إجمالي عدد المصابين.

ولكن كيف ينتقل الفيروس من الحيوان إلى الإنسان؟

كما ذُكِرَ سابقًا أن بعض الفيروسات تستطيع الانتقال من الحيوان إلى الإنسان، ومن ضمنها فيروس الكورونا طبقًا لإحدى الدراسات التي نُشرت في مجلة علم الفيروسات الطبية، وأنّ إحدى التغييرات في بروتين الفيروس 2019-nCoV تُمكنه من التعرّف والارتباط بمستقبلات الخلايا، وتمثل تلك الخاصية خطوةً مُهمة في الانتقال إلى الإنسان.

كيفية الانتقال من شخصٍ إلى آخر

  • عن طريق الهواء والجزيئيات الفيروسية من السُعال أو العطس.
  • الاتصال الجسدي المُباشر عن طريق اللمس أو المُصافحة.
  • عن طريق الأسطح المُلوثة.

أعراض الإصابة بفيروس كورونا

تتراوح فترة حضانة المرض بين أسبوعين من بعد الإصابة بالفيروس وبدء ظهور الأعراض، ويُسبب المرض عدوى الجهاز التنفسيّ والحُمَّى والسُعال وصعوبةً في التنفس، وقد تتفاقم الأعراض لتُسبِّب فشلاً حادًّا في الأعضاء مثل الكلى أو الوفاة.
تتراوح حدة الأعراض من خفيفة إلى متوسطة إلى شديدة. تُمثِّل نسبة الحالات الخطرة رُبع إجماليّ الحالات، ووفقًا لمُنظمة الصحة العالمية فإن مُعدل الوفيات يُشكِّل 2.2% حيث إن مُعظم تلك الوفيات يزداد في كبار السن والأشخاص اللذين يُعانون من مشاكلَ صحيةٍ أخرى كارتفاع ضغط الدم والسكري والأمراض التنفسية وأمراض الكلى.

وحيث إن العدوى فيروسية، فإن المُضادات الحيوية ليس لها أي دورٍ فعَّالٍ في العلاج، ويقتصر على مُعالجة الأعراض وتجنب المُضاعفات فقط لا غير، مثل مساعدة المريض على التنفس الفعَّال، وتزويد الجسم بالسوائل، والحدِّ من الفشل الكلوي.

لا يُوجد لقاحٌ أوعلاجٌ لعدوى فيروس كورونا حتى الآن، ولكن معظم الأشخاص المصابين بالمرض يُشفون من تلقاء أنفسهم، حيث يُعالج كما تُعالج نزلات البرد.

بعض الخطوات لتقليل أعراض المرض

  • تناول أدوية للألم والحمى (لا تُعطِي الأسبرين للأطفال).
  • استخدم مرطب الغرفة أو قم بالاستحمام بماءٍ دافئ للمساعدة في تخفيف التهاب الحلق والسعال.
  • إذا كنت مريضًا بشكلٍ خفيف، فيجب عليك شرب الكثير من السوائل والراحة والبقاء في المنزل.
  • إذا كنت تشعر بالقلق حول الأعراض، يجب عليك مراجعة طبيب الرعاية الصحية الخاص بك.

الوقاية من الإصابة بالمرض

  • اغسل يديك بالماء والصابون لمدة 20 ثانية على الأقل.
  • تجنَّب لمس عينيك أو أنفك أو فمك بأيدٍ غيرِ مغسولة.
  • تجنب الاتصال اللصيق والقريب مع الأشخاص المصابين بالمرض.

إذا كنت تعاني من أعراضٍ مشابهة لأعراض المرض فيمكنك القيام بالآتي:

  • البقاء في المنزل طوال فترة المرض.
  • تجنب الاتصال القريب مع الآخرين.
  • غَطِّ فمك وأنفك بمنديلٍ ورقيٍّ عند السعال أو العطس، ثم تخلص منه واغسل يديك.
  • تنظيف وتطهير الممتلكات والأسطح.

يعتمد هذا التوجيه المؤقت على ما هو معروف حاليًا حول فيروس كورونا الجديد وانتقال العدوى التنفسية الفيروسية الأخرى، وسيقوم مركز السيطرة على الأمراض  CDC بتحديث هذا التوجيه المؤقت حسب الحاجة وعند توفر معلومات إضافية.

المصادر:

  1. Coronavirus – Wikipedia [Internet]. [cited 2020 Jan 28]. Available from: https://en.wikipedia.org/wiki/Coronavirus
  2. Boseley S, Devlin H, Belam M. What is the coronavirus and how worried should we be? The Guardian [Internet]. 2020 Jan 28 [cited 2020 Jan 28]; Available from: https://www.theguardian.com/science/2020/jan/27/what-is-coronavirus-symptoms-sars-china-wuhan
  3. Rabin RC. What Is the Coronavirus? Symptoms, Treatment and Risks. The New York Times [Internet]. 2020 Jan 21 [cited 2020 Jan 28]; Available from: https://www.nytimes.com/article/what-is-coronavirus.html
  4. Writer YS-S, ago JB-LSE-C 19 hours. More US cases of coronavirus, as death toll rises: Live updates on 2019-nCoV [Internet]. livescience.com. [cited 2020 Jan 28]. Available from: https://www.livescience.com/new-china-coronavirus-faq.html
  5. Coronavirus | About | Prevention and Treatment | CDC [Internet]. 2020 [cited 2020 Jan 26]. Available from: https://www.cdc.gov/coronavirus/about/prevention.html
  6. Coronavirus Symptoms, Causes, Treatments, Types [Internet]. [cited 2020 Jan 26]. Available from: https://www.webmd.com/lung/coronavirus#1
  7. Wuhan Coronavirus 101: What We Do — And Don’t — Know About A Newly Identified Disease [Internet]. NPR.org. [cited 2020 Jan 26]. Available from: https://www.npr.org/sections/goatsandsoda/2020/01/24/798661901/wuhan-coronavirus-101-what-we-do-and-dont-know-about-a-newly-identified-disease
  8. Frequently Asked Questions and Answers [Internet]. 2020 [cited 2020 Jan 26]. Available from: https://www.cdc.gov/coronavirus/2019-ncov/faq.html
  9. Preventing 2019-nCoV from Spreading to Others | CDC [Internet]. 2020 [cited 2020 Jan 26]. Available from: https://www.cdc.gov/coronavirus/2019-ncov/guidance-prevent-spread.html
  10. Wilke M. Deadly diseases: 5 recent outbreaks we should watch out for [Internet]. Health24. 2017 [cited 2020 Jan 26]. Available from: https://www.health24.com/Medical/infectious-diseases/News/deadly-diseases-5-recent-outbreaks-we-should-watch-out-for-20171031

ترجمة وإعداد: سارة عبد اللهآية علي محمدين

مراجعة علمية: د/ شريف الجارحي

تدقيق وتحرير: محمد الجوهري

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي