فيروس كورونا المُستجد والاستشعار عن بعد

فيروس كورونا والاستشعار عن بعد

لعل ما يشغل العالم والأخبار الآن هو مستجدّات انتشار فيروس كورونا، وفي هذا المقال سنستعرض دور الاستشعار عن بعد في التصدي لانتشار هذا الفيروس.

الطائرات بدون طيار وفيروس كورونا

يُعتبر عام 2020 عامًا فارقًا لمعظم الصينيين، خصوصًا مع تفشي فيروس كورونا بشكلٍ مفاجئ في مدينة ووهان بالصين، ولذلك، تكاتفت جميع المدن لمحاربة تفشي هذا الفيروس. [1]

أطلقت شركة (MMC) حلولًا سريعة للوقاية، وذلك عن طريق استخدام الطائرات بدون طيار، واستخدمت فريقَ خدمةٍ يضم أكثر من 200 شخص، مع نشر أكثر من 100 طائرة بدون طيار في العديد من المدن مثل (شنغهاي- Shanghai) و(جوانغتشو- Guangzhou) و(تشاوتشينغ- Zhaoqin) و(فوشان-Foshan) ومناطق أخرى، لتقليل خطر انتشار الفيروس. [1]

فيروس كورونا والاستشعارعن بعد
طائرة بدون طيار خاصة بالشركة
المصدر(https://www.prnewswire.com/in/news-releases/mmc-s-drones-used-in-the-battle-against-the-new-coronavirus-outbreak-893955024.html)

تُستخدم هذه الطائرات في العمليات الآتية:

المراقبة الجويّة

الطائرات بدون طيار قادرة على القيام بدوريّات دون انقطاع بزاوية 360 درجة لمراقبة حالة الأرض من خلال كاميرات تكبير، وحين يُعثر على التجمعات وأولئك الذين لا يرتدون الأقنعة في الأماكن العامة، فإنهم يُفرَّقون من خلال مكبرات الصوت الموجودة على متن الطائرة. [1]

فيروس كورونا والاستشعارعن بعد
طائرة بدون طيار اثناء خروجها لأحد المهمات
المصدر(https://www.prnewswire.com/in/news-releases/mmc-s-drones-used-in-the-battle-against-the-new-coronavirus-outbreak-893955024.html)

 

تتم المراقبة بشكل يومي في الشوارع، حيث تغطي مساحة أكبر من استخدام مكبرات الصوت التقليدية.

رش المطهرات

تُستخدم تلك الطائرات لرش المطهرات في الأماكن العامة. وبالمقارنة بالطريقة التقليديّة، فإنَّ استخدام الطائرات بدون طيار يتجنّب الاتصال المباشر، خاصةً في تلك الأماكن التي تتطلب التطهير الدوري. [1]

الاستشعار الحراري الجوّي

تستشعر الطائرة بدون طيار المزودة بكاميرا حرارية تلقائيًّا كل شخص من خلال الأشعة تحت الحمراء عالية الدقة، التي تُستخدم على نطاقٍ واسع في المناطق المزدحمة للمساعدة في إدارة المواقع والإخلاء. [1]

التحكم بالمرور

تعمل فرق شركة (MMC) مع شرطة المرور منذ 1 فبراير 2020 على الطرق السريعة، وتفُض أماكن الازدحام، مع تغطيةٍ أكبر من الكاميرات الثابتة.

فيروس كورونا والاستشعارعن بعد
طائرة بدون طيار أثناء مهمتها
المصدر(https://www.prnewswire.com/in/news-releases/mmc-s-drones-used-in-the-battle-against-the-new-coronavirus-outbreak-893955024.html)

الجغرافيا وفيروس كورونا

تُعتبر الجغرافيا جزءًا أساسيًا في مكافحة تفشي فيروس كورونا، حيث إنَّ الجغرافيا فريدة من نوعها في سد الفجوة بين العلوم الاجتماعيّة والعلوم الطبيعيّة، كما أنَّ هناك فرعين رئيسييّن للجغرافيا هما (الجغرافيا البشرية-Human Geography) و(الجغرافيا الطبيعية-Physical Geography).

فيروس كورونا والاستشعار عن بعد
عملية تحديد أماكن الإصابة عالميًا
المصدر
(Johns Hopkins University website)

الجغرافيا البشريّة تهتم بالجوانب المكانيّة للوجود الإنساني، بينما  يدرس الجغرافيون الفيزيائيون أنماط المناخ والغطاء النباتي والتربة والمياه، ويستخدم الجغرافيون العديد من الأدوات والتقنيّات والتي تشمل أنظمة المعلومات الجغرافية (GIS) والاستشعار عن بُعد وأنظمة تحديد المواقع العالميّة (GPS) ورسم الخرائط عبر الإنترنت مثل جوجل إيرث. [2]

من الممكن ألٌّا يلاحظ البعض دور الجغرافيا في مكافحة فيروس سارس والمُشابه لكورونا المُستجد، حيث إنَّ نظم المعلومات الجغرافيّة (GIS) تنظّم وتعرض وتحلّل البيانات المكانيّة والجغرافيّة، ومن المُحتمل أنك لا تدرك أن خرائط جوجل تندرج في نطاق (GISscience).

أشار أحد مواقع الويب الخاصة بالجمعية الجغرافيّة الملكيّة إلى بعض الأبحاث المثيرة للاهتمام التي تشمل جوانب الجغرافيا البشريّة وفيروس كورونا، كما نُشرت دراسة في عام 2011 بعنوان (سياسة إدارة الأمراض المُعديّة في عصر السفر الجوي) بمعهد الجغرافيين البريطانيين، وبالرغم من تركيز هذه الدراسة على فيروس إيبولا، إلا أنَّها ترتبط في الوقت الحالي بمشكلة فيروس كورونا. [2]

رسم خرائط الأوبئة

منذ أوائل العقد الأول من القرن العشرين، تحسّنت بشكلٍ ملحوظ الطرقُ الحسابيّة ورسم الخرائط، مما يوفر تنبُّؤات مكانية أكثر دقة، وتنبّؤات حول كيفية انتشار الأوبئة، وقد تكون هذه التوقعات مفيدةً في حالة انتشار فيروس كورونا أو فيروسات أخرى. [3]

لقد انتشرت أنفلونزا الطيور منذ نحو سبع سنوات في الصين، وباستخدام هذه البيانات، تمكّن الباحثون من تحديد مدى انتشار الفيروس والتنبُّؤ بالمكان الذي من المحتمل أن ينتقل إليه، وفي هذه الحالة، ساعدت عملية تعريف الفيروس وكيفية انتشاره على إظهار العوامل التي من المحتمل أن تؤدي إلى انتشاره. [3]

فيروس كورونا والاستشعارعن بعد
خرائط الأوبئة
(https://currents.plos.org/outbreaks/files/2013/06/Corona_Pilgrims_KSA.png)

في حين أنَّ هذه الدراسة مكَّنت من تقييم العوامل التي أدت إلى انتشار أنفلونزا الطيور، إلا أنَّ الجهود الأحدث تحاول التنبُّؤ في الوقت الحقيقي بانتشار الأوبئة. [3]

يسلّط الضوء على العوامل الرئيسيَّة التي يجب قياسها بسرعة بما في ذلك تنقُّل السكان، ومدى حساسية السكان والبيئة، ومدى انتشار مسبّبات الأمراض، والكثافة السكانية في منطقة معينة، وقدرة الرعاية الصحية في المنطقة المتضرّرة، فيمكن قياس هذه العوامل في بعض الحالات مثل الكثافة السكانية قبل أي تفشي، ولكن من الصعب تحديد عوامل أخرى. [3]

أدوات لرسم خرائط الأوبئة والتنبُّؤ بها

تُستخدم أداتان إحصائيتان للتنبُّؤ بالانتشار المُحتمل للفيروس هما (ProMED) و(HealthMap). أدرجت نماذج إحصائية واختبارها مع وباء الإيبولا في أفريقيا من (2013-2016)، لإثبات أنه من الممكن التنبُّؤ مُسبقًا بالتفشي المُحتمل للأوبئة بين 1-4 أسابيع قبل تفشي المرض.

يمكن ذلك من خلال تقدير العوامل الأساسية لفيروس أو مرض معين، وتقدير الكثافة السكانيّة، ثم تقدير مكان معين إذا كان من المُحتمل أن ينتشر نوع معين من الفيروس هناك في وقت معين، على غرار دراسات أخرى ولكن هذه المرة للسيطرة على نوع معين من الفيروسات.

يحظى التنبُّؤ بانتشار الفيروسات ورسم خرائط الأوبئة المُحتملة باهتمام كبير في المجتمع الطبي، حيث إن هنالك وعيًا أكبر بأنَّ أسلوب حياتنا الحديث في السفر والكثافة السكانيّة العالية في العديد من المناطق يجعل البشر معرَّضين بشكل خاص للأوبئة.

قد تساعد التقنيات الجديدة لدمج أدوات الرعاية الصحيّة مع أدوات التنبُّؤ باستخدام مجموعة متنوعة من أساليب النمذجة والتعلُم الآلي على تخفيف آثار الفيروسات المستقبلية.

ويشير انتشار فيروس كورونا مؤخرًا إلى أننا لسنا عند النقطة التي يمكننا فيها منع تفشي المرض، ولكن يمكننا أن نفهم بشكل أفضل المكان الذي من المُحتمل أن تحدث فيه. [3]

ما بعد انتشار فيروس كورونا المُستجد

عادةً يرتبط انتشار الفيروس بأفكار سلبية ولكن رُصدت نقطة إيجابية تُحسب للفيروس، هي انخفاض ثاني أكسيد النيتروجين في الصين.

اكتشفت أقمار رصد التلوث في وكالة ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية انخفاضًا كبيرًا في ثاني أكسيد النيتروجين (NO2) في الصين، وهناك أدلة على أن التغيير مرتبط جزئيًا على الأقل بالركود الاقتصادي بعد انتشار فيروس كورونا المُستجد.

فيروس كورونا والاستشعارعن بعد
مستويات ثاني اكسيد النيتروجين بووهان الصين
المصدر(https://earthobservatory.nasa.gov/images/146362/airborne-nitrogen-dioxide-plummets-over-china)

توضّح الخرائط تركيزات ثاني أكسيد النيتروجين، وهو غاز ضار ينبعث من السيارات ومحطات الطاقة والمنشآت الصناعيّة.

انخفاض غاز ثاني أكسيد النيتروجين في العديد من البلدان خلال الأزمة الاقتصاديّة عام 2008، ولكن الانخفاض كان تدريجيًّا، ولاحظ العلماء أيضًا انخفاضًا ملحوظًا حول بكين خلال دورة الألعاب الأولمبية لعام 2008، وارتفعت مستويات التلوث مرة أخرى بمجرد انتهاء الألعاب الأولمبية. [4]

 

المصادر:-

1- MMC’s drones used in the battle against the coronavirus outbreak [Internet]. Earth Imaging Journal: Remote Sensing, Satellite Images, Satellite Imagery. 2020 [cited 2020 Mar 7]. Available from: https://eijournal.com/news/business-2/mmcs-drones-used-in-the-battle-against-the-coronavirus-outbreak

 

2- Why Geography Is A Key Part Of Fighting The COVID-19 Coronavirus Outbreak [Internet]. [cited 2020 Mar 7]. Available from: https://www.forbes.com/sites/marshallshepherd/2020/03/05/why-the-discipline-of-geography-is-a-key-part-of-the-coronavirus-fight/#3f28468c4f21

 

3- Mapping Epidemics [Internet]. GIS Lounge. 2020 [cited 2020 Mar 7]. Available from: https://www.gislounge.com/mapping-epidemics/

 

4- Airborne Nitrogen Dioxide Plummets Over China [Internet]. 2020 [cited 2020 Mar 7]. Available from: https://earthobservatory.nasa.gov/images/146362/airborne-nitrogen-dioxide-plummets-over-china

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي