فيروس كورونا: العدوى والمكافحة

فيروس كورونا العدوى والمكافحة

لا يرغب خبراء الأمراض المعدية أن يشعر الناس بالذعر بسبب الفيروس التاجي الجديد (كوفيد-19)، لكنهم يشجعون الجميع على التعامل مع هذا الوباء بجديّة شديدة وبذل كل ما في وسعنا لمنع انتشار الفيروس.

ومع ارتفاع عدد الحالات، تم استشارة الخبراء الطبيين حول كيفية تصرف الفيروسات، ولماذا يكون الفيروس التاجي الجديد (كوفيد-19) معديًا للغاية وما إذا كان هذا الفيروس قد يختفي أثناء انتقالنا من الربيع إلى الصيف.

لماذا فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19) مُعدٍ جدًا وسريع الانتشار؟ وهل هناك شيء يجعله أكثر شراسة عن غيره من الفيروسات؟ أم أنه يتصرف بالطريقة التي تتصرف بها الفيروسات؟

وفقَا لما قاله الدكتور باستيولا، أستاذ مساعد الأمراض المعدية والوبائيات بجامعة كولورادو:

«ما يجعل الفيروس التاجي الجديد خطيرًا جدًا على البشر هو ببساطة أنه “جديد”، مما يعني أنه جديد على البشر، لذلك ليس لدينا أي طريقة لمحاربته.»

لذلك فالفيروس ليس قوي في حد ذاته أكثر من الفيروسات الأخرى، ولكن عندما يدخل الجسم فإنه ليس لدينا دفاعات موجودة مسبقًا ضده لأن أجسامنا لا تتعرف عليه على الفور على أنه دخيل خطير.
تخيل بلدة قديمة من القرون الوسطى محاطة بالأسوار، إذا كان هذا الفيروس مهاجمًا مقنعًا يصل إلى تلك الأسوار الواقية للبلدة، ولكن إذا كانت البوابات مفتوحة فلن يعرف الحراس على الفور أنه مريب، وهذا ما يحدث مع الفيروس التاجي الجديد، يبدو الأمر كما لو أن حراس خلايانا أبقوا البوابات مفتوحة وتركوا الفيروس التاجي الجديد دون التعرف على خطره على الفور، وهذا ما يجعل الفيروس يبدأ في الانتشار.

Coronavirus (Covid-19) — NEJMAnalysis Archives - Clinical Trials Arena

هل هناك علاج للفيروس التاجي الجديد؟

لا، نظرًا لأن هذا نوع من فيروسات كورونا أو الفيروسات التاجية جديد تمامًا والتي لم يراها البشر من قبل فلا يوجد علاج.
يختبر الخبراء حاليًا كل من الأدوية واللقاحات المضادة للفيروسات، ولكن من غير المحتمل أن يكون لدينا لقاح لمنع كوفيد-19 (COVID-19) لمدة عام على الأقل.

وقال الدكتور باستولا:

«نحتاج إلى التأكد من أن اللقاحات آمنة وفعالة.»

كما قال أيضًا:

«للقيام بكل هذه الفحوصات سنستغرق ما لا يقل عن عام. للوقاية، فإن العلاج بمجرد حدوث الأعراض هي أفضل طريقة للحد من الضرر الناجم عن هذا الفيروس.»

بدأت التجارب البشرية الأولى على لقاحات محتملة ضد فيروسات التاجية في سياتل(2)، وهي مصممة عادةً لمعرفة ما إذا كان اللقاح المحتمل آمنًا وما إذا كان يستدعي استجابة مناعيّة قوية.
الأمل الكبير الآخر هو الأدوية المضادة للفيروسات، حيث أنه لا يوجد حتى الآن لقاح للوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية، وهو الفيروس الذي يسبب الإيدز.

ولكن، كما يقول الدكتور تايلر، أستاذ المناعة والميكروبات:

«إن الأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية والإيدز يعيشون بشكل جيد الآن بفضل مجموعة من الأدوية.»

كما قال:

«لدينا أدوية رائعة مضادة للفيروسات غيرت ماهية المرض تمامًا.»

ونظرًا لعدم وجود علاجات معروفة لـ COVID-19، فإن الأطباء يجربون الأدوية الحالية المضادة للفيروسات المستخدمة الآن للأنفلونزا والإيدز.

 

هل سيتبدد هذا الفيروس ويختفي في الربيع، مثلما تفعل الأنفلونزا الموسمية؟

لسوء الحظ، ليس من الواضح ما إذا كان الفيروس التاجي الجديد سيتوقف عن الانتشار مع ارتفاع درجة حرارة الطقس هذا الربيع.

وقال الدكتور تايلر:

«خلاصة القول هي أننا لا نعرف ما إذا كان هذا الفيروس سيظهر اختفاء موسميًا.»

كما قال أيضًا:

«هناك بعض الدلائل على أن بعض الفيروسات التاجية ذات الصلة -سارس و MERS- يبدو أنها أظهرت نمطًا موسميًا وظهرت بعض الأدلة من الصين على أن حالات COVID-19 قد تتضاءل، لكننا لا نعرف ما سيحدث هنا أو متى سيحدث.»

كانت هناك حالات (COVID-19) في أمريكا الجنوبية وأستراليا، حيث يتحول الموسم من الصيف إلى الخريف، وحتى الآن، بتعقب عدد المرضى في نصف الكرة الجنوبي وعدد الأشخاص الذين أصيبوا بالمرض في الصين وأجزاء أخرى من آسيا وأوروبا والولايات المتحدة، فإنه من غير الواضح سبب انتقال الفيروس حول العالم بالشكل الذي هو عليه الآن، الوقت فقط سيحدد بالضبط كيف سيؤثر الطقس ودرجات الحرارة المرتفعة على سلوك هذا الفيروس التاجي الجديد.

علاوةً على ذلك، تتصرف الفيروسات المختلفة بشكل مختلف، عادة ما تسبب الأنفلونزا أو الأنفلونزا الموسمية أكبر ضرر خلال أشهر الشتاء، ويعتقد الخبراء أن هذا بسبب وجود عدد أكبر من الأشخاص يبقون داخل منازلهم خلال الأشهر الأكثر برودة وعلى اتصال وثيق مع بعضهم البعض، لكن الفيروسات الأخرى تتصرف بشكل مختلف.

هناك نوع آخر من الفيروسات يسمى الفيروس المعوي يتسبب في مرض جديد نادر يشبه شلل الأطفال يؤدي إلى مرض الأطفال والشباب ويسبب بعض حالات الشلل، ويسمى التهاب النخاع الرخو الحاد أو AFM، ينتشر الفيروس الذي يسبب (AFM) في أغسطس وسبتمبر وأظهر نمطًا محيرًا للعودة كل عامين.(3)

وقبل عقود، أصاب الفيروس الذي تسبب بشلل الأطفال الناس أكثر خلال الصيف، وكبار السن على قيد الحياة اليوم لا يزالون يتذكرون الصيف عندما كان الأطفال يغلقون حمامات السباحة والبحيرات بسبب مخاوف من انتشار شلل الأطفال.(4)

وقال الدكتور تايلر:

«يبدو أن الكثير من الفيروسات التي نتعرض لها، ولكن ليس جميعها، تظهر هذه الميول الموسمية.»

وأضاف:

«في بعض الأحيان يكون من السهل فهم السبب، وبما أن فيروس غرب النيل ينتقل عن طريق البعوض، فإن الفيروس يزداد سوءًا في الطقس الدافئ وتنخفض العدوى عندما يظهر الطقس البارد في الخريف.»(5)

ولكن بما أن COVID-19 ينتشر من إنسان إلى آخر، فليس من الواضح ما الذي سيحدث.

كما قال الدكتور تايلر:

«ليس هناك سحر يمكن أن يقول بالضبط ما هو النمط.»

هل يتعامل البشر مع فيروسات أكثر من الماضي؟

كما يقول الدكتور تايلور:

«إن الفيروسات كانت موجودة دائمًا وتتطور وتتغير باستمرار، لقد كانوا دائمًا شائعين، بقدر ما تستطيع العودة إلى التاريخ البشري المسجل، كان من الممكن أن تجد فيروسات وعدوى فيروسية.»

لكن بعض الفيروسات التي تسببت في ضرر كبير للبشر في العقود الأخيرة -بما في ذلك فيروس التاجية الجديد وسلفيه، سارس وميرس- قفزت من الحيوانات إلى البشر، وينطبق ذلك أيضًا على الفيروس الذي يسبب الإيدز.

ويقول أيضًا هذه الفيروسات كانت تتواجد في الحيوانات ولكن مع تغير السلوك البشري، سواء كانت عاداتنا الغذائية أو نمو المدن هي التي تدفعنا إلى الاتصال بأشياء لم نكن على اتصال بها من قبل، فإننا نتعرض لفيروسات جديدة.

ما الفرق بين العدوى الفيروسية والعدوى البكتيرية؟ ولماذا ليس لدينا أي أدوية لمكافحة هذا الفيروس التاجي الجديد؟

بما أن البكتيريا كائنات حية، فإن المضادات الحيوية تعمل على مكافحة الالتهابات والعدوى البكتيرية، وهناك العديد من المضادات الحيوية التي يمكنها محاربة أنواع مختلفة من البكتيريا، حيث يقول الدكتور إنهم بمثابة “رصاصة سحرية” من نوع ما.
ولكن للأسف، الأدوية المضادة للفيروسات لا تعمل بهذه الطريقة، كل فيروس مختلف عن الآخر، وتعمل الأدوية المضادة للفيروسات من خلال استهداف فيروسات محددة.

كما قال أيضًا:

«لدينا أدوية تساعد في مكافحة الإيدز، لكنها لا تساعد في علاج الهربس.»

وهذا أحد الأسباب التي تجعلنا نحصل على لقاحات الأنفلونزا سنويًا، حيث يتغير نوع فيروس الأنفلونزا الذي يظهر كل شتاء من عام لآخر، لذاك في كل عام، يتعين على خبراء الإنفلونزا إنشاء لقاح جديد بناءً على نوع الإنفلونزا التي يتوقعون أنها ستنتشر في تلك السنة، ولهذا لا تعمل المضادات الحيوية ضد الأمراض الفيروسية مثل COVID-19.

والخبراء من الأطباء يتسابقون الآن لتطوير لقاحات COVID-19، ويجرب مقدمو الخدمات الطبية في جميع أنحاء الولايات المتحدة والعالم الأدوية المضادة للفيروسات لمعرفة ما إذا كان أي منها سيساعد المرضى الذين لديهم فيروس كورونا الجديد.

ما هو الفرق بين الجراثيم والفيروسات... - إدارة الخدمات الصحية ...

كيف ينتشر هذا الفيروس؟

يقول الدكتور بستيولا:

«فيما يتعلق بانتقال الفيروس، فيبدو هذا الفيروس مشابهًا جدًا لسلالات فيروس كورونا الأخرى، حيث ينتقل من خلال القطرات أو الرذاذات المعدية، حيث إذا سعل شخص ما أو عطس، تسقط القطرات على الأسطح، وإذا لمس شخص ما تلك الأسطح، ثم لمس وجهه، فيمكنه الإصابة بالفيروس التاجي الجديد.»

ومن الممكن أيضًا أن يعطس أو يسعل شخص مباشرة تجاهك، على الرغم من أن القطيرات المعدية لا يمكنها الانتقال إلا بحد أقصى 6 أقدام قبل السقوط على الأرض.

ولهذا السبب يحث خبراء الصحة العامة الناس على الابتعاد عن بعضهم البعض والحفاظ على مسافة كافية بينهم.

تأثير الملاعب المغلقة والمكشوفة على انتقال فيروس كورونا

هل من الممكن الإصابة بهذا الفيروس التاجي مرتين؟

يقول الدكتور بستيولا:

«على الرغم من أن الخبراء من الأطباء لا يعرفون على وجه اليقين، إلا أنهم يعتقدون أنه بمجرد إصابتك بهذا الفيروس التاجي الجديد، فعلى الأرجح لن تصاب به مرة أخرى.»

مُضيفًا:

«حيث إذا تعرف الجهاز المناعي على هذه العدوى واستطاع أزالتها، فمن المعتقد أنك محمي من الإصابة بها مرة أخرى، ولكن هل الحماية 100٪؟ لا نعلم، ولكن بمجرد أن يحارب جسمك هذا النوع من الفيروسات، فأنت محمي جزئيًا على الأقل لأن جهاز المناعة الخاص بك سيتعرف عليه في المرة القادمة.»

هل تغير المناخ يعرّض البشر لمزيد من الفيروسات؟

وفقًا لما قاله الدكتور تيلور يمكن أن يؤثر تغير المناخ على أنواع معينة من العدوى الفيروسية، مثل فيروس غرب النيل(5) حيث تنتقل بعض الفيروسات إلى الأشخاص من خلال ناقلات مثل البعوض أو القراد.
وعندما يتغير المناخ مع ارتفاع درجات الحرارة أو زيادة هطول الأمطار، يمكن أن ينمو البعوض وبالتالي يمكن أن ترتفع معدلات الإصابة بالفيروسات التي يحملها.

كيف يمكنني تجنب الإصابة بهذا الفيروس التاجي؟

يقول الدكتور بستيولا:

«تبدو النصيحة بسيطة وقد سمعناها مرارًا وتكرارًا، حيث يتفق جميع الخبراء أنه من المهم جدًا غسل يديك كثيرًا (يعمل الماء والصابون بشكل أفضل) وعدم لمس وجهك بأيدي غير مغسولة. الأيدي الملوثة هي الطريقة الأولى التي ينتقل بها هذا الفيروس، حيث يمكنك الإصابة به من لمس سطح عليه الفيروس، ثم لمس وجهك.»

كيف يمكنني حماية عائلتي؟

يقول الدكتور بستيولا:

«إذا كنت مريضًا، فلا تسعل في الهواء، كُح في منديل ورق وتخلّص منه سريعًا أو باتجاه كوعك. بالإضافة إلى ذلك، إذا كان أحد أفراد الأسرة مريضًا في منزلك، فحاول عزله داخل المنزل.»

يجب أيضًا على الناس وضع خطة للحصول على مساحة من المنزل تحتوي على مساحة معزولة نسبيًا حتى يتمكنوا من عزل أنفسهم عن بقية الأسرة، كما قال الدكتور بستيولا -أيضًا-: يجب أن تكون هذه الغرفة والحمام الملحق مخصصة للمريض.»

كما قال أيضًا:

«إذا استطعت وضع قناع للوجه بشكل منتظم، يمكن للشخص المريض استخدامه لمنع السعال من الانتشار إلى مكان أبعد، ولذك للحد من انتشار العدوى.»

والأقنعة لا تحمي عامة الناس من الإصابة بالفيروس، لكنها يمكن أن تساعد الشخص المريض على حماية الآخرين.

إلى متى يمكن أن يستمر الفيروس التاجي على السطح؟

يقول الدكتور بستيولا:

«لا نعرف بالضبط المدة التي يمكن أن يستمر فيها الفيروس حي على الأسطح، حيث تشير بعض البيانات الأوليّة إلى أنه قد يستمر لعدة ساعات أو حتى بضعة أيام اعتمادًا على السطح، لكننا نحتاج إلى المزيد من البيانات.»

أظهرت دراسة أوليّة أن الفيروس التاجي يمكن أن يستمر لمدة تصل إلى ثلاثة أيام على أسطح معينة(6)، ولكن من غير الواضح ما إذا كانت الظروف في المختبر ستعكس الظروف في العالم الحقيقي، حيث يمكن للضوء والرطوبة ودرجة الحرارة وعوامل أخرى أن تؤثر على كيفية تصرف الفيروس .

ومن المهم التفكير في المكان الذي ينتشر ويتواجد فيه الفيروس بشكل أكبر مثل: أنف وفم وحنجرة الشخص المصاب، بدلاً من التركيز على المدة التي يمكن أن يستمر فيها الفيروس على السطح بالضبط.

عندما نفكر في انتقال العدوى من شخص لشخص فهذا يحدث فالمقام الأول عن طريق العطس أو السعال، حيث يمكن للرذاذ أو القطرات المتطايرة أن تعيش على الأسطح لفترة زمنية محدودة.

و ختاما قال تايلر:

«لكن معظم الخبراء يعتقدون أن مصدر العدوى الأساسي هو عن طريق شخص لشخص وليس عن طريق لمس الأسطح، لذلك فإن غسل اليدين بشكل متكرر وتجنب لمس الوجه هما أفضل الطرق لمنع انتشار الفيروس التاجي.»(1)

 

المصادر

1. McCrimmon KK, UCHealth. Viruses 101: Why the new coronavirus is so contagious [Internet]. UCHealth Today. 2020 [cited 2020 May 21]. Available from: https://www.uchealth.org/today/viruses-101-why-the-new-coronavirus-is-so-contagious-how-to-fight-it/

2. Kaiser Permanente launches first coronavirus vaccine trial | KPWHRI [Internet]. [cited 2020 May 21]. Available from: https://www.kpwashingtonresearch.org/news-and-events/recent-news/news-2020/kaiser-permanente-launches-coronavirus-vaccine-study-seattle

3. CDC. Acute Flaccid Myelitis: What You Need to Know [Internet]. Centers for Disease Control and Prevention. 2020 [cited 2020 May 21]. Available from: https://www.cdc.gov/acute-flaccid-myelitis/about-afm.html
4. What is Polio? [Internet]. 2019 [cited 2020 May 21]. Available from: https://www.cdc.gov/polio/what-is-polio/index.htm
5. West Nile virus | West Nile Virus | CDC [Internet]. 2020 [cited 2020 May 21]. Available from: https://www.cdc.gov/westnile/index.html
6. van Doremalen N, Bushmaker T, Morris D, Holbrook M, Gamble A, Williamson B, et al. Aerosol and surface stability of HCoV-19 (SARS-CoV-2) compared to SARS-CoV-1 [Internet]. Infectious Diseases (except HIV/AIDS); 2020 Mar [cited 2020 May 21]. Available from: http://medrxiv.org/lookup/doi/10.1101/2020.03.09.20033217

 

 

إعداد وترجمة: ديما محمد عبد الرحمن/ آية علي محمدين.
شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي